ÓõæÑóÉõ ÇáúÞóÕóÕö ãóßøöíøóÉñ

æóåöíó ËóãóÇäò æóËóãóÇäõæäó ÂíóÉð

سورة القصص

وهي مكية كلها غير آية منها، وهي قوله: {إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ} [القصص: ٨٥] فانها نزلت عليه وهو بالجحفة، في وقت خروجه للّهجرة، هذا قول ابن عباس.

وروي عن الحسن وعطاء وعكرمة: أنها مكية كلها. وزعم مقاتل أن فيها من المدني

{ٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ} [القصص: ٥٢] إلى قوله {لاَ نَبْتَغِى ٱلْجَـٰهِلِينَ} [القصص: ٥٥]

وفيها آية ليست بمكية ولا مدنية، وهي قوله {إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ} [القصص: ٨٥] نزلت بالجحفة.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

انظر تفسير الآية:٦

٢

انظر تفسير الآية:٦

٣

انظر تفسير الآية:٦

٤

انظر تفسير الآية:٦

٥

انظر تفسير الآية:٦

٦

قوله تعالى: {طسم} قد سبق تفسيره الشعراء.

قوله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى ٱلاْرْضِ} أي: طغى وتجبر في ارض مصر

{وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً} أي: فرقا وأصنافا في خدمته

{يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ} وهم بنو إسرائيل، واستضعافه إياهم: استعبادهم

{إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ} بالقتل والعمل بالمعاصي

{يُذَبّحُ أَبْنَاءهُمْ} وقرأ أبو رزين والزهري وابن محيصن وابن ابي عبلة {يُذَبّحُ} بفتح الياء وسكون الذال خفيفة.

قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ} أي ننعم {عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ} وهم بنو إسرائيل

{وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} يقتدى بهم في الخير، وقال قتادة: ولاة وملوكا

{وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ} لملك فرعون بعد غرقه.

قوله تعالى: {وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا}

وقرأ حمزة والكسائي وخلف {وَيَرَى} بياء مفتوحة وإمالة الالف التي بعد الراء

{فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا} بالرفع ومعنى الآية: أنهم أخبروا أن هلاكهم على يدي رجل من بني إسرائيل، فكانوا على وجل منهم، فأراهم اللّه ما كانوا يحذرون.

٧

انظر تفسير الآية:٩

٨

انظر تفسير الآية:٩

٩

قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمّ مُوسَىٰ} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: أنه إلهام قاله ابن عباس.

والثاني: أن جبريل أتاها بذلك، قاله مقاتل.

والثالث: أنه كان رؤيا منام، حكاه الماوردي. قال مقاتل: واسم أم موسى يوخابذ.

قوله تعالى: {أَنْ أَرْضِعِيهِ}

قال المفسرون: كانت امرأة من القوابل مصافية لأم موسى، فلما وضعته تولت أمرها ثم خرجت، فرآها بعض العيون فجاؤوا ليدخلوا على أم موسى، فقالت أخته يا أماه هذا الحرس بالباب، فلفت موسى في خرقة ووضعته في التنور، وهو مسجر فدخلوا ثم خرجوا فقال لأخته: أين الصبي؟ قالت: لا أدري فسمعت بكاءه من التنور، فاطلعت وقد جعل اللّه عليه النار بردا وسلاما، فأرضعته بعد ولادته ثلاثة أشهر،

وقيل: أربعة أشهر، فلما خافت عليه صنعت له التابوت.

وفي قوله: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ} قولان.

احدهما: إذا خفت عليه القتل، قاله مقاتل.

والثاني: إذا خفت عليه أن يصيح أو يبكي، فيسمع صوته، قاله ابن السائب.

وفي قوله: {وَلاَ تَخَافِى} قولان.

احدهما: أن يغرق، قاله ابن السائب.

والثاني: أن يضيع، قاله مقاتل. وقال الأصمعي:

قلت لأعرابية: ما أفصحكٰ فقالت: أو بعد هذه الآية فصاحة، وهي قوله

{وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱليَمّ وَلاَ تَخَافِى وَلاَ تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَـٰعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ} جمع فيها بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.

قوله تعالى: {فَٱلْتَقَطَهُ ءالُ فِرْعَوْنَ} الالتقاط إصابة الشىء من غير طلب، والمراد بآل فرعون الذين تولوا أخذ التابوت من البحر. وفي الذين التقطوه ثلاثة أقوال.

احدها: جواري امرأة فرعون، قاله السدي.

والثاني: ابنة فرعون، قاله محمد بن قيس.

والثالث: أعوان فرعون قاله ابن إسحاق.

قوله تعالى: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً} أي ليصير بهم الأمر إلى ذلك، لا أنهم أخذوه لهذا، وهذه اللام تسمى لام العاقبة، وقد شرحناه في [يونس: ٨٨]. وللمفسرين في معنى الكلام قولان.

احدهما: ليكون لهم عدوا في دينهم وحزنا لما يصنعه بهم.

والثاني: عدو لرجالهم وحزنا على نسائهم، فقتل الرجال بالغرق، واستعبد النساء، وقالت امرأة فرعون، وهي آسية بنت مزاحم، وكانت من بني إسرائيل تزوجها فرعون:

{قُرَّةُ عَيْنٍ} قال الزجاج: رفع قرة عين على إضمار هو.

قال المفسرون: كان فرعون لا يولد له إلا البنات، فقالت: {عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا} فنصيب منه خيرا

{أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} فيه أربعة أقوال.

احدها: لا يشعرون أنه عدو لهم، قاله مجاهد.

والثاني: أن هلاكهم على يديه قاله قتادة.

والثالث: لا يشعر بنو إسرائيل أنا التقطناه، قاله محمد ابن قيس.

والرابع: لا يشعرون أني أفعل ما أريد لا ما يريدون، قاله محمد ابن إسحاق.

١٠

انظر تفسير الآية:١٣

١١

انظر تفسير الآية:١٣

١٢

انظر تفسير الآية:١٣

١٣

قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمّ مُوسَىٰ فَارِغاً} فيه أربعة أقوال.

احدها: فارغا من كل شىء إلا من ذكر موسى، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال مجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك.

والثاني: أصبح فؤادها فزعا، رواه الضحاك عن ابن عباس، وهي قراءة أبي رزين وأبي العالية والضحاك وقتادة وعاصم الجحدري فإنهم قرؤوا {فزعا} بزاي معجمة.

والثالث: فارغا من وحينا بنسيانه، قاله الحسن وابن زيد.

والرابع: فارغا من الحزن، لعلمها، أنه لم يقتل، قاله أبو عبيدة. قال ابن قتيبة: وهذا من أعجب التفسير، كيف يكون كذلك؟ واللّه يقول: {بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا} وهل يربط إلا على قلب الجازع المحزون.

قوله تعالى: إن كادت لتبدي به في هذه الهاء قولان.

احدهما: أنها ترجع إلى موسى، ومتى أرادت هذا فيه ثلاثة أقوال.

احدها: أنه حين فارقته، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: كادت تقول يا بنياه. قال قتادة وذلك من شدة وجدها:

والثاني: حين حملت لرضاعه ثم كادت تقول هو ابني، قاله السدي.

والثالث: أنه لما كبر وسمعت الناس يقولون: موسى بن فرعون، كادت تقول لا بل هو ابني، قاله ابن السائب. والقول الثاني: أنها ترجع إلى الوحي، والمعنى: إن كادت لتبدي بالوحي، حكاه ابن جرير.

قوله تعالى: {لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا} قال الزجاج: المعنى: لولا ربطنا على قلبها والربط إلهام الصبر وتشديد القلب وتقويته.

قوله تعالى: {لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} أي: من المصدقين بوعد اللّه.

{وَقَالَتْ لاخْتِهِ قُصّيهِ} قال ابن عباس: قصي أثره واطلبيه، هل تسمعين له ذكرا؟أي: أحي هو؟ أو قد أكلته الدواب، ونسيت الذي وعدها اللّه فيه. وقال وهب: إنما قالت لأخته: قصيه لأنها سمعت أن فرعون قد أصاب صبيا في تابوت، قال مقاتل: واسم أخته مريم. قال ابن قتيبة:

ومعنى قصيه: قصي أثره واتبعيه {فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ} أي: عن بعد منها عنه وإعراض لئلا يفطنوا، والمجانبة من هذا. وقرأ ابي ابن كعب، وأبو مجلز: عن جناب بفتح الجيم والنون وبألف بعدهما. وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران الجوني: {عَنْ جَانِبٍ} بفتح الجيم وكسر النون وبينهما ألف.

وقرأ قتادة، وأبو العالية، وعاصم الجحدري: عن جَنْب بفتح الجيم وإسكان النون من غير ألف.

قوله تعالى: {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} فيه قولان.

احدهما: وهم لا يشعرون أنه عدو لهم، قاله مجاهد.

والثاني: لا يشعرون أنها أخته، قاله السدي.

قوله تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ} وهي جمع مرضع {مِن قَبْلُ} أي: من قبل أن نرده على أمه، وهذا تحريم منع لا تحريم شرع.

قال المفسرون: بقي ثمانية أيام وليالهين، كلما أتي بمرضع لم يقبل ثديها، فأهمهم ذلك، واشتد عليهم، فقالت لهم أخته: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} فقالوا لها: نعم، من تلك؟ فقالت: أمي، قالوا: وهل لها لبن؟ قالت: لبن هارون. فلما جاءت قبل ثديها.

وقيل: إنها لما قالت {وَهُمْ لَهُ نَـٰصِحُونَ} قالوا: لعلك تعرفين أهله، قالت: لا، ولكني إنما

قلت: وهم للملك ناصحون.

قوله تعالى: {فَرَدَدْنَـٰهُ إِلَىٰ أُمّهِ} قد شرحناه في [طه ٤٠].

قوله تعالى: {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللّه} يرد ولدها {حَقّ} وهذا علم عيان ومشاهدة

{وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أن اللّه وعدها أن يرده إليها.

١٤

انظر تفسير الآية:١٧

١٥

انظر تفسير الآية:١٧

١٦

انظر تفسير الآية:١٧

١٧

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قد فسرنا هذه الآية في سورة [يوسف ٢٢] وكلام المفسرين في لفظ الآيتين متقارب، إلا أنهم فرقوا بين بلوغ الأشد وبين الاستواء. فأما بلوغ الأشد فقد سلف بيانه [الانعام:١٥٢].

وفي مدة الاستواء لهم قولان.

احدهما: أنه أربعون سنة، قاله مجاهد، وقتادة، وابن زيد.

والثاني: ستون سنة، ذكره ابن جرير.

قال المفسرون: مكث عند أمه حتى فطمته، ثم ردته إليهم فنشأ في حجر فرعون وامرأته واتخذاه ولدا.

قوله تعالى: {وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ} فيها قولان.

احدهما: أنها مصر.

والثاني: مدينة بالقرب من مصر.قال السدي: ركب فرعون يوما وليس عنده موسى، فلما جاء موسى ركب في أثره، فأدركه المقيل في تلك المدينة. وقال غيره: لما توهم فرعون في موسى أنه عدوه أمر باخراجه من مدينته، فلم يدخل إلا بعد أن كبر فدخلها يوما

{عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مّنْ أَهْلِهَا}. وفي ذلك الوقت أربعة أقوال.

احدها: أنه كان يوم عيد لهم، وكانوا قد اشتغلوا فيه بلهوهم، قاله علي عليه السلام.

والثاني: أنه دخل نصف النهار، رواه جماعة عن ابن عباس، وبه قال سعيد ابن جبير.

والثالث: بين المغرب والعشاء، قاله وهب بن منبه.

والرابع: أنهم لما أخرجوه لم يدخل عليهم حتى كبر، فدخل على حين غفلة عن ذكره، لأنه قد نسي أمره، قاله ابن زيد.

قوله تعالى: {هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ} أي: من أصحابه من بني إسرائيل

{وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوّهِ} أي: من أعدائه من القبط، والعدو يذكر للواحد وللجمع. قال الزجاج:وإنما قيل في الغائب: {هَـٰذَا} و{هَـٰذَا} على جهة الحكاية للحضرة والمعنى: أنه إذا نظر إليهما الناظر قال: هذا من شيعته، وهذا من عدوه،

قال المفسرون: وإن القبطي كان قد سخر الإسرائيلي أن يحمل حطبا إلى مطبخ فرعون،

{فَٱسْتَغَـٰثَهُ} أي: فاستنصره {فَوَكَزَهُ} قال الزجاج: الوكز: أن يضربه بجميع كفه، وقال ابن قتيبة: فوكزه أي: لكزه، يقال: وكزته ولكزته ولهزته إذا دفعته،

{فَقَضَىٰ عَلَيْهِ} أي: قتله، وكل شيء فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه. وللمفسرين فيما وكزه به قولان.

احدهما: كفه، قاله مجاهد.

والثاني: عصاه، قاله قتادة. فلما مات القبطي ندم موسى، لأنه لم يرد قتله،

و{قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ} أي: هو الذي هيج غضبي، حتى ضربت هذا،

{أَنَّهُ عَدُوٌّ} لابن آدم {مُّضِلّ} له {مُّبِينٌ} عداوته.

ثم استغفر ف {قَالَ رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى} أي: بقتل هذا، ولا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر

{قَالَ رَبّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَىَّ} بالمغفرة

{فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لّلْمُجْرِمِينَ} قال ابن عباس: عونا للكافرين، وهذا يدل على أن الإسرائيلي الذي أعانه موسى كان كافرا.

١٨

انظر تفسير الآية:٢٠

١٩

انظر تفسير الآية:٢٠

٢٠

قوله تعالى: {فَأَصْبَحَ فِى ٱلْمَدِينَةِ} وهي التي قتل بها القبطي {خَائِفاً} على نفسه

{يَتَرَقَّبُ} أي: ينتظر سوءا يناله منهم ويخاف أن يقتل به {فَإِذَا ٱلَّذِى ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلاْمْسِ} وهو الاسرائيلي {يَسْتَصْرِخُهُ} أي: يستغيث به على قبطي آخر، أراد أن يسخره ايضا {قَالَ لَهُ مُوسَىٰ} في هاء الكناية قولان.

احدهما: أنها ترجع إلى القبطي.

والثاني: إلى الإسرائيلي وهو أصح. فعلى الأول يكون المعنى: إنك لغوي بتسخيرك وظلمك.

وعلى الثاني فيه قولان.

احدهما: أن يكون الغوي بمعنى المغوي، كالأليم والوجيع، بمعنى: المؤلم والموجع، والمعنى: إنك لمضل حين قتلت بالأمس رجلا بسببك، وتدعوني اليوم إلى آخر.

والثاني: أن يكون الغوي بمعنى الغاوي، والمعنى: إنك غاو في قتالك من لا تطيق دفع شره عنك.

قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا} أي: بالقبطي

{قَالَ يَـاءادَمُ مُوسَىٰ} هذا قول الإسرائيلي من غير خلاف، علمناه بين المفسرين قالوا: لما رأى الاسرائيلي غضب موسى عليه، حين قال له: {إِنَّكَ لَغَوِىٌّ مُّبِينٌ} ورآه قد هم أن يبطش بالفرعوني، ظن أنه يريده فخاف على نفسه، ف {قَالَ يَـاءادَمُ مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى} وكان قوم فرعون لم يعلموا من قاتل القبطي، إلا أنهم أتوا إلى فرعون فقالوا: إن بني إسرائيل قتلوا رجلا منا، فخذ لنا بحقنا، فقال: ابغوني قاتله، ومن يشهد عليه لآخذ لكم حقكم، فبينا هم يطوفون ولا يدرون من القاتل، وقعت هذه الخصومة بين الإسرائيلي والقبطي في اليوم الثاني، فلما قال الإسرائيلي لموسى: {أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلاْمْسِ} انطلق القبطي إلى فرعون فأخبره: أن موسى هو الذي قتل الرجل، فأمر بقتل موسى، فعلم بذلك رجل من شيعة موسى، فأتاه فأخبره فذلك قوله:

{وَجَاء رَجُلٌ مّنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ} فأما الجبار، فقال السدي: هو القتَّال، وقد شرحناه في [هود ٥٩]

و{أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ} آخرها وأبعدها، ويسعى: بمعنى يسرع. قال ابن عباس: وهذا الرجل هو مؤمن آل فرعون، وسيأتي الخلاف في اسمه في سورة المؤمن، فأما الملأ فهم الوجوه من الناس والاشراف.

وفي قوله: {يَأْتَمِرُونَ بِكَ} ثلاثة اقوال.

احدها: يتشاورون فيك ليقتلوك، قاله أبو عبيدة.

والثاني: يهمون بك، قاله ابن قتيبة.

والثالث: يأمر بعضهم بعضا بقتلك، قاله الزجاج.

٢١

انظر تفسير الآية: ٢٨

٢٢

انظر تفسير الآية: ٢٨

٢٣

انظر تفسير الآية: ٢٨

٢٤

انظر تفسير الآية: ٢٨

٢٥

انظر تفسير الآية: ٢٨

٢٦

انظر تفسير الآية: ٢٨

٢٧

انظر تفسير الآية:٢٨

٢٨

قوله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا} أي: من مصر خائفا وقد مضى تفسيره [القصص: ١٨].

قوله تعالى: {نَجّنِى مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} يعني المشركين أهل مصر. {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ} قال ابن قتيبة: أي: تجاه مدين ونحوها، وأصله: اللقاء، وزيدت فيه التاء، قال الشاعر:

أملت خيرك هل تأتي مواعده  فاليوم قصر عن تلقائك الامل

أي عن لقائك. قال المفسرون: خرج خائفا بغير زاد ولا ظهر، وكان بين مصر ومدين مسيرة ثمانية أيام، ولم يكن له بالطريق علم، ف {قَالَ عَسَىٰ رَبّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاء ٱلسَّبِيلِ} أي: قصده قال ابن عباس: لم يكن له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه. وقال السدي: بعث اللّه له ملكا فدله،قالوا: ولم يكن له في طريقه طعام إلا ورق الشجر، فورد ماء مدين، وخضرة البقل تتراءى في بطنه من الهزال، والأمة: الجماعة،

وهم الرعاة {يُسْقَوْنَ} مواشيهم

{وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ} أي من سوى الأمة {ٱمْرَأَتَينِ} وهما ابنتا شعيب قال مقاتل: واسم الكبرى: صبورا والصغرى: عبرا {تَذُودَانِ} قال ابن قتيبة: أي: تكفان غنمهما، فحذف الغنم اختصارا.

قال المفسرون: وإنما فعلتا ذلك ليفرغ الناس، وتخلو لهما البئر،

قال موسى: {مَا خَطْبُكُمَا} أي: ما شأنكما لا تسقيان

{قَالَتَا لاَ نَسْقِى} وقرأ ابن مسعود وأبو الجوزاء وابن يعمر وابن السميفع

{لانُسقي} برفع النون حتى يصدر الرعاء وقرأ أبو عمرو وابن عامر وأبو حعفر يصدر بفتح الياء وضم الدال أي {حَتَّىٰ يَرْجِعَ ٱلرّعَاء}

وقرأ الباقون {يُصْدِرَ} بضم الياء وكسرالدال أرادوا: حتى يرد الرعاء غنمهم عن الماء، والرعاء: جمع راع كما يقال: صاحب وصحاب. وقرأ عكرمة وسعيد بن جبير وابن يعمر وعاصم الجحدري {ٱلرّعَاء} بضم الراء

والمعنى: نحن امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرجال،

{وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} لا يقدر أن يسقي ماشيته من الكبر، فلذلك احتجنا نحن إلى ان نسقي، وكان على تلك البئر صخرة عظيمة، فاذا فرغ الرعاء من سقيهم أعادوا الصخرة، فتأتي المرأتان إلى فضول حياض الرعاء، فتسقيان غنمهما {فَسَقَىٰ لَهُمَا} موسى.وفي صفة ما صنع قولان.

احدهما: أنه ذهب إلى بئر أخرى، عليها صخرة لا يقتلعها إلا جماعة من الناس، فاقتلعها وسقى لهما، قاله عمر بن الخطاب، وشريح.

والثاني: أنه زاحم القوم على الماء وسقى لهما، قاله ابن إسحاق.

والمعنى: سقى غنمهما لأجلهما. {ثُمَّ تَوَلَّىٰ} أي: انصرف {إِلَى ٱلظّلّ} وهو ظل شجرة

{فَقَالَ رَبّ إِنّى لِمَا} اللام بمعنى إلى،

فتقديره: إني إلى ما {أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} وأراد بالخير: الطعام. وحكى ابن جرير: أنه أسمع المرأتين هذا الكلام تعريضا أن تطعماه،

{فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا} المعنى: فلما شربت غنمهما، رجعتا إلى أبيهما، فأخبرتاه خبر موسى، فبعث إحداهما تدعو موسى. وفيها قولان.

احدهما: الصغرى.

والثاني: الكبرى. فجاءته {تَمْشِى عَلَى ٱسْتِحْيَاء} قد سترت وجهها بكم درعها. وفي سبب استحيائها ثلاثة أقوال.

احدها: أنه كان من صفتها الحياء، فهي تمشي مشي من لم يعتد الخروج والدخول.

والثاني:لأنها دعته لتكافئه، وكان الأجمل عندها أن تدعوه من غير مكافأة.

والثالث: لأنها رسول أبيها.

قوله تعالى: {لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}

قال المفسرون: لما سمع موسى هذا القول، كرهه وأراد أن لا يتبعها، فلم يجد بدا للجهد الذي به من اتباعها، فتبعها فكانت الريح تضرب ثوبها فيصف بعض جسدها، فناداها يا أمة اللّه كوني خلفي، ودليني الطريق،

{فَلَمَّا جَاءهُ} أي: جاء موسى شعيبا، {وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ} أي: أخبره بأمره من حين ولد، والسبب الذي أخرجه من أرضه، قال: {لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} أي: لا سلطان لفرعون بأرضنا، ولسنا في مملكته.

{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا} وهي الكبرى: {إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَـجِرْهُ} أي: اتخذه أجيرا،

{إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَـجَرْتَ ٱلْقَوِىُّ ٱلامِينُ} أي: خير من استعملت على عملك، من قوي على عملك وأدى الأمانة، وإنما سمته قويا لرفعه الحجر عن رأس البئر،

وقيل: لأنه استقى بدلو لا يقلها إلا العدد الكثير من الرجال، وسمته أمينا لأنه امرها أن تمشي خلفه. وقال السدي: قال لها شعيب: قد رأيت قوته، فما يدريك بأمانته؟ فحدثته.

قال المفسرون: فرغب فيه شعيب، فقال له: {إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ} أي: أزواجك

{إِحْدَى ٱبْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِىَ حِجَجٍ} قال الفراء: تأجُرني وتأجِرني بضم الجيم وكسرها لغتان. قال الزجاج: والمعنى: تكون أجيرا لي ثماني سنين

{فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ} أي: فذلك تفضل منك، وليس بواجب عليك.

قوله تعالى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ} أي: في العشر

{سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللّه مِنَ الصَّـٰلِحِينَ} أي: في حسن الصحبة والوفاء بما قلت.

{قَالَ} له موسى {ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ} أي: ذلك الذي وصفت وشرطت عليّ فلكَ، وما شرطت لي من تزويج إحداهما فلي، فالأمر كذلك بيننا. وتم الكلام هاهنا. ثم قال

{أَيَّمَا ٱلاْجَلَيْنِ} يعني: الثماني والعشر قال أبو عبيدة ما زائدة.

قوله تعالى: {قُضِيَتِ} أي: أتممت {فَلاَ عُدْوَانَ عَلَىَّ} أي: لا سبيل علي،

والمعنى: لا تعتد علي بأن تلزمني أكثر منه {وَٱللّه عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} قال الزجاج: أي: واللّه شاهدنا على ما عقد بعضنا على بعض.

واختلف العلماء في هذا الرجل الذي استأجر موسى على أربعة أقوال.

احدها:أنه شعيب نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وعلى هذا أكثر أهل التفسير، وفيه أثر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم يدل عليه، وبه قال وهب، ومقاتل.

والثاني: أنه صاحب مدين، واسمه يثرى، قاله ابن عباس.

والثالث: رجل من قوم شعيب، قاله الحسن.

والرابع: أنه يثرون ابن اخي شعيب، رواه عمرو بن مرة عن أبي عبيدة ابن عبد اللّه بن مسعود، وبه قال ابن السائب.

واختلفوا في التي تزوجها موسى من الإبنتين على قولين.

احدهما: الصغرى، روي عن ابن عباس.

والثاني: الكبرى قاله مقاتل. وفي اسم التي تزوجها ثلاثة أقوال.

احدها: صفوريا، حكاه ابو عمران الجوني.

والثاني: صفورة، قاله شعيب الجبائي.

والثالث: صبورا، قاله مقاتل.

٢٩

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٠

انظر تفسير الآية:٣٥

٣١

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٢

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٣

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٤

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٥

قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلاْجَلَ} روى ابن عباس رضي اللّه عنهما عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أنه سئل: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: «أوفاهما وأطيبهما» قال مجاهد: مكث بعد قضاء الأجل عندهم عشرا أخر. وقال وهب بن منبه: أقام عندهم بعد أن أدخل عليه امرأته سنين، وقد سبق تفسير هذه الآية [طه ١٠] إلى قوله: {أَوْ}.

وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي: {أَوْ جَذْوَةٍ} بكسر الجيم.

وقرأ عاصم بفتحها. وقرأ حمزة، وخلف، والوليد عن ابن عامر بضمها، وكلها لغات. قال ابن عباس: الجذوة: قطعة حطب فيها نار. وقال أبو عبيدة: قطعة غليظة من الحطب، ليس فيها لهب، وهي مثل الجذمة من أصل الشجرة، قال ابن مقبل: باتت حواطب ليلى يلتمسن لها  جزل الجذا غير خوار ولا دعروالدعر:الذي قد نخر، ومنه رجل داعر أي فاسد.

قوله تعالى: {نُودِىَ مِن شَاطِىء ٱلْوَادِى} وهو جانبه {ٱلاْيْمَـٰنَ} وهو الذي عن يمين موسى

{فِى ٱلْبُقْعَةِ} وهي القطعة من الأرض {ٱلْمُبَارَكَةِ} بتكليم اللّه موسى فيها من الشجرة أي من ناحيتها. وفي تلك الشجرة قولان.

احدهما: أنها شجرة العناب، قاله ابن عباس.

والثاني: عوسجة، قاله قتادة، وابن السائب، ومقاتل. وما بعد هذا قد سبق بيانه [النمل ١٠] إلى قوله:

{إِنَّكَ مِنَ ٱلاْمِنِينَ} أي: من أن ينالك مكروه.

قوله تعالى: {ٱسْلُكْ يَدَكَ} أي: أدخلها {وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} قد فسرنا الجناح في [طه ٢٢] إلا ان بعض المفسرين خالف بين تفسير اللفظين، فشرحناه. وقال ابن زيد: جناحه الذراع والعضد والكف. وقال الزجاج: الجناح هاهنا العضد، ويقال لليد كلها: جناح. وحكى ابن الأنباري عن الفراء انه قال: الجناح هاهنا العصا. قال ابن الأنباري: الجناح للانسان مشبه بالجناح للطائر، ففي حال تشبه العرب رجلي الإنسان بجناحي الطائر، فيقولون: قد مضى فلان طائرا في جناحيه، يعنون ساعيا على قدميه، وفي حال يجعلون العضد منه بمنزلة جناحي الطائر كقوله:

{وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ} وفي حال يجعلون العصا بمنزلة الجناح، لأن الإنسان يدفع بها عن نفسه كدفع الطائر عن نفسه بجناحه، كقوله: {وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ} وإنما يوقع الجناح على هذه الأشياء تشبيها واستعارة، كما يقال: قد قص جناح الإنسان، وقد قطعت يده ورجله: إذا وقعت به جائحه أبطلت تصرفه، ويقول الرجل للرجل: أنت يدي ورجلي، أي: أنت من به أصل إلى محابي، قال جرير: سأشكر أن رددت إلي ريشي  وأنبت القوادم في جناحيوقالت امرأة من العرب ترثي زوجها الأغر: يا عصمتي في النائبات ويا  ركني الأغر ويا يدي اليمنى لا صنت وجها كنت صائنه  أبدا ووجهك في الثرى يبلى فأما الرهب،

فقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: {مِنَ ٱلرَّهْبِ} بفتح الراء والهاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {مِنَ ٱلرَّهْبِ} بضم الراء وسكون الهاء.

وقرأ حفص وأبان عن عاصم: {مِنَ ٱلرَّهْبِ} بفتح الراء وسكون الهاء.وهي قراءة ابن مسعود، وابن السميفع. وقرأ أبي بن كعب، والحسن، وقتادة، بضم الراء والهاء. قال الزجاج: الرُّهْب والرَّهَب بمعنى واحد، مثل الرُّشْد، والرَّشَد. وقال أبو عبيدة: الرَّهَب والرَهْبة بمعنى: الخوف والفرق. وقال ابن الأنباري: الرّهْب، والرُّهُب، والرَّهَب مثل الشَغْل، والشُغُل، والشَغَل، والبَخْل، والبُخُل، والبَخَل، وتلك لغات ترجع إلى معنى الخوف والفرق. وللمفسرين في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال.

احدها: أنه لما هرب من الحية، أمره اللّه أن يضم إليه جناحه، ليذهب عنه الفزع. قال ابن عباس: المعنى: اضمم يدك إلى صدرك من الخوف ولا خوف عليك. وقال مجاهد: كل من فزع فضم جناحه إليه، ذهب عنه الفزع.

والثاني: أنه لما هاله بياض يده وشعاعها، أمر أن يدخلها في جيبه، فعادت إلى حالتها الأولى.

والثالث: أن معنى الكلام سكِّن روعكَ وثبِّت جأشك. قال أبو علي: ليس يراد به الضم بين الشيئين، إنما أمر بالعزم على ما أمر به والجد فيه، ومثله اشدد حيازيمك للموت.

قوله تعالى: {فَذَانِكَ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو:

{فَذَانِكَ} بالتشديد.

وقرأ الباقون: {فَذَانِكَ} بالتخفيف. قال الزجاج: التشديد تثنية

{ذٰلِكَ} والتخفيف تثنية

{ذاك} فجعل اللام في {يَفْعَلْ ذٰلِكَ} بدلا من تشديد النون في ذانك،

{بُرْهَانَـٰنِ} أي: بيانان اثنان.

قال المفسرون: فذانك يعني: العصا واليد حجتان من اللّه لموسى على صدقه،

{إِلَىٰ فِرْعَوْنَ} أي: أرسلنا بهاتين الآيتين إلى فرعون، وقد سبق تفسير ما بعد هذا [الشعراء ١٤] إلى قوله:

{هُوَ أَفْصَحُ مِنّى لِسَاناً} أي: أحسن بيانا، لأن موسى كان في لسانه أثر الجمرة التي تناولها،

{فَأَرْسِلْهِ مَعِىَ رِدْءاً} قرأ الأكثرون: {رِدْءاً} بسكون الدال وبعدها همزة. وقرأ أبو جعفر: {ردا} بفتح الدال وألف بعدها من غير تنوين ولا همز. وقرأ نافع كذلك، إلا أنه نون. وقال الزجاج: الردء: العون، يقال: ردأتُه أردؤُه ردءا: إذا أعنته.

قوله تعالى: {رِدْءاً يُصَدّقُنِى}

قرأ عاصم، وحمزة: {يُصَدّقُنِى} بضم القاف. وقرأ الباقون بسكون القاف. قال الزجاج: من جزم

{يُصَدّقُنِى} فعلى جواب المسألة: أرسله يصدقني، ومن رفع فالمعنى: ردءا مصدقا لي. وأكثر المفسرين على أنه أشار بقوله تعالى: {يُصَدّقُنِى} إلى هارون، وقال مقاتل بن سليمان: لكي يصدقني فرعون.

قوله تعالى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} قال الزجاج:المعنى: سنعينك بأخيك، ولفظ العضد على جهة المثل، لأن اليد قوامها عضدها، وكل معين فهو عضد، {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَـٰناً} أي: حجة بينة.

وقيل للزيت: السليط لانه يستضاء به. والسلطان: أبين الحجج.

قوله تعالى: {فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا} أي: بقتل ولا أذى.

وفي قوله بآياتنا ثلاثة أقوال.

احدها: أن المعنى: تمتنعان منهم بآياتنا وحججنا، فلا يصلون إليكما.

والثاني: أنه متعلق بما بعده، فالمعنى: بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون، أي: تغلبون بآياتنا.

والثالث: أن في الكلام تقديما وتأخيرا تقديره: ونجعل لكما سلطانا بآياتنا، فلا يصلون إليكما.

٣٦

انظر تفسير الآية:٣٧

٣٧

قوله تعالى: {مَا هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى} أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر افتريته من قبل نفسك ولم تبعث به، {وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا} الذي تدعونا إليه {فَقَالَ ٱلْمَلَؤُا ٱلَّذِينَ}

{وَقَالَ مُوسَىٰ رَبّى أَعْلَمُ} وقرأ ابن كثير: قال موسى بلا واو، وكذلك هي في مصاحفهم

{بِمَن جَاء بِٱلْهُدَىٰ} أي: هو أعلم بالمحق منا {وَمَن تَكُونُ لَهُ عَـٰقِبَةُ ٱلدَّارِ}

وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، والمفضل: {يَكُونُ} بالياء والباقون بالتاء.

٣٨

انظر تفسير الآية:٤٢

٣٩

انظر تفسير الآية:٤٢

٤٠

انظر تفسير الآية:٤٢

٤١

انظر تفسير الآية:٤٢

٤٢

قوله تعالى: {فَأَوْقِدْ لِى يٰهَـٰمَـٰنُ يٰهَـٰمَـٰنُ عَلَى ٱلطّينِ} قال ابن قتيبة: المعنى: اصنع لي الآجر،

{فَٱجْعَل لّى صَرْحاً} أي: قصرا عاليا. وقال الزجاج: الصرح كل بناء متسع مرتفع، وجاء في التفسير: أنه لما أمر هامان ـ وهو وزيره ـ ببناء الصرح، جمع العمال والفعلة حتى اجتمع خمسون ألف بناء سوى الأتباع، فرفعوه وشيدوه حتى ارتفع ارتفاعا لم يبلغه بنيان أحد قط، فلما تم ارتقى فرعون فوقه، وأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء، فردت وهي متلطخة بالدم، فقال: قد قتلت إله موسى، فبعث اللّه تعالى جبريل فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع، فوقعت قطعة على عسكر فرعون، فقتلت ألف ألف رجل، ووقعت قطعة أخرى في البحر، وأخرى في المغرب.

قوله تعالى: {لَّعَلّى أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ} أي: أصعد إليه واشرف عليه.

{وَإِنّى لاَظُنُّهُ} يعني: موسى {مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ} في ادعائه إلها غيري. وقال ابن جرير: المعنى: أظن موسى كاذبا في ادعائه، أن في السماء ربا أرسله. {وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِى ٱلاْرْضِ} يعني أرض مصر

{بِغَيْرِ ٱلْحَقّ} أي: بالباطل والظلم {وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ} بالبعث للجزاء.

قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: {يَرْجِعُونَ} برفع الياء. وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: بفتحها.

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَـٰهُمْ} أي: في الدنيا {أَئِمَّةَ} أي: قادة في الكفر. يأتم بهم العتاة،

{يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ} لأن من أطاعهم دخلها

{وَيَنصُرُونَ} بمعنى: يمنعون من العذاب. وما بعد هذا مفسر في [هود ٦٠/٩٩].

قوله تعالى: {مّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ} أي: من المبعدين الملعونين، قال ابو زيد: يقال: قبح اللّه فلانا، أي: أبعده من كل خير. وقال ابن جريج: معنى الآية: واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة لعنة أخرى، ثم استقبل الكلام فقال: هم من المقبوحين.

٤٣

انظر تفسير الآية:٤٧

٤٤

انظر تفسير الآية:٤٧

٤٥

انظر تفسير الآية:٤٧

٤٦

انظر تفسير الآية:٤٧

٤٧

قوله تعالى: {مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلاْولَىٰ} يعني قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم

{بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} أي: ليبصروا به ويهتدوا.

قوله تعالى: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِىّ} قال الزجاج: أي: وما كنت بجانب الجبل الغربي.

قوله تعالى: {إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى ٱلاْمْرَ} أي: أحكمنا الأمر معه بارساله إلى فرعون وقومه،

{وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} لذلك الأمر وفي هذا بيان لصحة نبوة نبينا صلى اللّه عليه وسلم، لأنهم يعلمون أنه لم يقرأ الكتب، ولم يشاهد ما جرى فلولا أنه أوحي إليه ذلك ما علم.

قوله تعالى: {وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً} أي: خلقنا أمما من بعد موسى

{فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ} أي: طال إمهالهم، فنسوا عهد اللّه وتركوا أمره، وهذا يدل على أنه قد عهد إلى موسى وقومه عهود في امر محمد صلى اللّه عليه وسلم، وأمروا بالإيمان به، فلما طال إمهالهم أعرضوا عن مراعاة العهود،

{وَمَا كُنتَ ثَاوِياً} أي: مقيما {فِى أَهْلِ مَدْيَنَ} فتعلم خبر موسى وشعيب وابنتيه، فتتلو ذلك على أهل مكة،

{وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} ارسلناك إلى أهل مكة، وأخبرناك خبر المتقدمين، ولولا ذلك ما علمته

{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ} أي: بناحية الجبل الذي كلم عليه موسى

{إِذْ نَادَيْنَا} موسى وكلمناه، هذا قول الأكثرين. وقال أبو هريرة: كان هذا النداء يا امة محمد أعطيتكم قبل ان تسألوني، وأستجيب لكم قبل أن تدعوني.

قوله تعالى: {وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مّن رَّبِكَ} قال الزجاج: المعنى: لم تشاهد قصص الأنبياء، ولكنا أوحينا إليك، وقصصناها عليك رحمة من ربك.

{وَلَوْلا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ} جواب {لَوْلاَ} محذوف تقديره: لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة، وقيل: لولا ذلك لم نحتج إلى إرسال الرسل ومؤاثرة الاحتجاج.

٤٨

انظر تفسير الآية:٥٥

٤٩

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٠

انظر تفسير الآية:٥٥

٥١

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٢

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٣

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٥

قوله تعالى: فَلَمَّا جَاءهُم} يعني أهل مكة {ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا} وهو محمد عليه السلام والقرآن

{قَالُواْ لَوْلاَ} أي: هلا {أُوتِىَ} محمد من الآيات {مِثْلَ مَا أُوتِىَ مُوسَىٰ} كالعصا واليد

قال المفسرون: أمرت اليهود قريشا أن تسأل محمدا مثل ما أوتي موسى،

فقال اللّه تعالى: {أَوَ لَمْ يَكْفُرُواْ بِمَا أُوتِىَ مُوسَىٰ} أي: فقد كفروا بآيات موسى،

{وَقَالُواْ} في المشار إليهم قولان.

احدهما: اليهود.

والثاني: قريش. {سِحْرَانِ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: «ساحران» {تَظَاهَرَا} أي: تعاونا،

وروى العباس الانصاري عن أبي عمرو: {تَظَاهَرَا} بتشديد الظاء. وفيمن عنوا ثلاثة أقوال.

احدها: موسى ومحمد، قاله ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، فعلى هذا هو من قول مشركي العرب.

والثاني: موسى وهارون، قاله مجاهد، فعلى هذا هو من قول اليهود لهما في ابتداء الرسالة.

والثالث: محمد وعيسى، قاله قتادة، فعلى هذا هو من قول اليهود الذين لم يؤمنوا بنبينا.

وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي:

{سِحْرَانِ} وفيه ثلاثة أقوال.

احدها: التوراة والفرقان، قاله ابن عباس، والسدي.

والثاني: الإنجيل والقرآن، قاله قتادة.

والثالث: الثوراة والإنجيل، قاله أبو مجلز، وإسماعيل ابن أبي خالد. ومعنى الكلام: كل سحر منهما يقوي الآخر، فنسب التظاهر إلى السحرين توسعا في الكلام،

{وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلّ كَـٰفِرُونَ} يعنون ما تقدم ذكره، على اختلاف الأقوال، فقال اللّه لنبيه

{قُلْ} مكة {قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَـٰبٍ مّنْ عِندِ ٱللّه هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا} أي: من التوراة والقرآن،

{إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ} أنهما ساحران. {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ} أي: فان لم يأتوا بمثل التوراة والقرآن،

{فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ} أي: أن ما ركبوه من الكفر، لم يحملهم عليه حجة، وإنما آثروا فيه الهوى

{وَمَنْ أَضَلُّ} أي: ولا أحد أضل، {مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى} أي: بغير رشاد ولا بيان جاء

{مِنَ ٱللّه}. {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ} وقرأ الحسن، وأبو المتوكل، وابن يعمر: وصلنا بتخفيف الصاد.

وفي المشار إليهم قولان.

احدهما: أنهم قريش، قاله الأكثرون، منهم مجاهد.

والثاني: اليهود، قاله رفاعة القرظي. والمعنى: أنزلنا القرآن يتبع بعضه بعضا، ويخبر عن الأمم الخالية، كيف عذبوا لعلهم يتعظون.{ٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ} وفيهم ثلاثة أقوال.

احدها: أنهم مؤمنو أهل الكتاب، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.

والثاني: مسلمو أهل الإنجيل، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فشهدوا معه أحدا، فنزلت فيهم هذه الآية.

والثالث: مسلمو اليهود، كعبد اللّه بن سلام وغيره، قاله السدي.

قوله تعالى: {مِن قَبْلِهِ} أي: من قبل القرآن، {هُم بِهِ} في هاء الكناية قولان.

احدهما: أنها ترجع إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم، لأن ذكره كان مكتوبا عندهم في كتبهم، فآمنوا به.

والثاني: إلى القرآن.

قوله تعالى: {وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ} يعني: القرآن

{قَالُواْ ءامَنَّا بِهِ}، {إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ} أي: من قبل نزول القرآن

{مُسْلِمِينَ} أي: مخلصين للّه مصدقين بمحمد،وذلك لأن ذكره كان في كتبهم فآمنوا به

{أُوْلَـئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ}. في المشار إليهم قولان.

احدهما: أنهم مؤمنو أهل الكتاب، وهذ قول الجمهور، وهو الظاهر، وفيما صبروا عليه قولان.

احدهما: أنهم صبروا على الكتاب الأول، وصبروا على اتباعم محمدا، قاله قتادة، وابن زيد.

والثاني: أنهم صبروا على الإيمان بمحمد قبل أن يبعث، ثم على اتباعه حين بعث، قاله الضحاك.

والقول الثاني: انهم قوم من المشركين، اسلموا فكان قومهم يؤذونهم، فصبروا على الأذى، قاله مجاهد.

قوله تعالى: {وَيَدْرَءونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيّئَةَ} فيه اقوال قد شرحناها في [الرعد ٢٢].

قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ} فيه ثلاث اقوال.

احدها: الاذى والسب، قاله مجاهد.

والثاني: الشرك، قاله الضحاك.

والثالث: انهم قوم من اليهود آمنوا، فكانوا يسمعون ما غيراليهود من صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فيكرهون ذلك، ويعرضون عنه، قاله ابن زيد. وهل هذا منسوخ ام لا؟ فيه قولان.

وفي قوله تعالى: {وَقَالُواْ لَنَا أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـٰلُكُمْ} قولان.

احدهما: لنا ديننا ولكم دينكم.

والثاني: لنا حلمنا ولكم سفهكم.{سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ} قال الزجاج: لم يريدوا التحية، وانما ارادوا بيننا وبينكم المتاركة، وهذا قبل ان يؤمر المسلمون بالقتال، وذكر المفسرون: ان هذا منسوخ بآية السيف.

وفي قوله تعالى: {لاَ نَبْتَغِى ٱلْجَـٰهِلِينَ} ثلاثة اقوال.

احدها: لا نبتغي دين الجاهلين.

والثاني: لا نطلب مجاورتهم.

والثالث: لا نريد ان نكون جهالا.

٥٦

انظر تفسير الآية:٥٨

٥٧

انظر تفسير الآية:٥٨

٥٨

قوله تعالى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ} قد ذكرنا سبب نزولها عند قوله:

{مَا كَانَ لِلنَّبِىّ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة ١١٣] وقد روى مسلم فيما انفرد به عن البخاري من حديث ابي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعمه قل: لا إله إلا اللّه، أشهد لك بها يوم القيامة فقال: لولا أن تعيرني نساء قريش، يقلن: إنما حمله على ذلك الجزع، لأقررت بها عينك، فأنزل اللّه عز وجل

{إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ} قال الزجاج: اجمع المفسرون انها نزلت في ابي طالب. قوله:

{مَنْ أَحْبَبْتَ} قولان.

احدهما: من أحببت هدايته.

والثاني: من أحببته لقرابته. {وَلَـٰكِنَّ ٱللّه يَهْدِى مَن يَشَاء} أي: يرشد لدينه من يشاء،

{وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ} أي: من قدر له الهدى.

قوله تعالى: {وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ} قال ابن عباس في رواية العوفي: هم ناس من قريش قالوا ذلك، وقال في رواية ابن ابي مليكة: إن الحارث بن عامر بن نوفل قال ذلك. وذكر مقاتل ان الحارث بن عامر قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: انا لنعلم ان الذي تقول حق، ولكن يمنعنا ان نتبع الهدى معك مخافة ان تتخطفنا العرب من ارضنا، يعنون مكة، ومعنى الاية: إن اتبعناك على دينك خفنا العرب لمخالفتنا اياها. والتخطف: الانتزاع بسرعة، فرد اللّه عليهم قولهم فقال:

{أَوَ لَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً} أي: أو لم نسكنهم حرما؟ ونجعله مكانا لهم،

ومعنى {مِنَ}: ذو أمن يأمن فيه الناس، وذلك أن العرب كان يغير بعضها على بعض وأهل مكة آمنون في الحرم من القتل والسبي والغارة، أي: فكيف يخافون إذا أسلموا وهم في حرم آمن؟{يجبي} قرأ نافع: {تُجبي} بالتاء، أي: تجمع إليه وتحمل من كل النواحي الثمرات

{شَىْء رّزْقاً مّن لَّدُنَّا} أي: من عندنا {وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ} يعني: أهل مكة

{لاَّ يَعْلَمُونَ} أن اللّه هو الذي فعل بهم ذلك فيشكرونه. ومعنى الآية: إذا كنتم آمنين في حرمي، تأكلون رزقي وتعبدون غيري، فكيف تخافون إذا عبدتموني وآمنتم بي؟ ثم خوفهم عذاب الأمم الخالية فقال:

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} قال الزجاج: معيشتها منصوبة باسقاط «في» والمعنى: بطرت في معيشتها، والبطر: الطغيان في النعمة قال عطاء: عاشوا في البطر فأكلوا رزق اللّه وعبدوا الأصنام.

قوله تعالى: {فَتِلْكَ مَسَـٰكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً} قال ابن عباس: لم يسكنها إلا المسافرون ومار الطريق يوما أو ساعة، والمعنى: لم تسكن من بعدهم إلا سكونا قليلا،

{وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوٰرِثِينَ} أي: لم يخلفهم أحد بعد هلاكهم في منازلهم، فبقيت خرابا غير مسكونة.

٥٩

انظر تفسير الآية:٦١

٦٠

انظر تفسير الآية:٦١

٦١

{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ} يعني القرى الكافر أهلها

{حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِى أُمّهَا} أي في أعظمها

{رَسُولاً}، وإنما خص الأعظم ببعثة الرسول، لأن الرسول إنما يبعث إلى الأشراف، وأشراف القوم ملوكهم، وإنما يسكنون المواضع التي هي أم ما حولها. وقال قتادة: أم القرى: مكة والرسول: محمد.

قوله تعالى: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِنَا} قال مقاتل: يخبرهم الرسول أن العذاب نازل بهم، إن لم يؤمنوا.

قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِى ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَـٰلِمُونَ} أي: بظلمهم أهلكهم، وظلمهم شركهم.

{وَمَا أُوتِيتُم مّن شَىْء} أي: ما أعطيتم من مال وخير فمتاع الحياة الدنيا، تتمتعون به ايام حياتكم، ثم يفنى وينقضي، وما عند اللّه من الثواب {خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} أفضل وأدوم لأهله،

{أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} ان الباقي أفضل من الفاني؟.

قوله تعالى: {أَفَمَن وَعَدْنَـٰهُ وَعْداً حَسَناً}

اختلف فيمن نزلت على أربعة أقوال.

احدها: أنها نزلت في رسول اللّه ص وأبي جهل.

والثاني: في علي وحمزة عليهما السلام وأبي جهل. والقولان مرويان عن مجاهد.

والثالث: في المؤمن والكافر، قاله قتادة.

والرابع: في عمار والوليد بن المغيرة، قاله السدي.

وفي الوعد الحسن قولان.

احدهما: الجنة.

والثاني: النصر.

قوله تعالى: {فَهُوَ لاَقِيهِ} أي: مصيبه ومدركه {كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَـٰعَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا} أي: كمن هو ممتع بشىء يفنى ويزول عن قريب، {ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ} فيه قولان.

احدهما: من المحضرين في عذاب اللّه، قاله قتادة.

والثاني: من المحضرين للجزاء، حكاه الماوردي.

٦٢

انظر تفسير الآية:٦٧

٦٣

انظر تفسير الآية:٦٧

٦٤

انظر تفسير الآية:٦٧

٦٥

انظر تفسير الآية:٦٧

٦٦

انظر تفسير الآية:٦٧

٦٧

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} أي ينادي اللّه تعالى المشركين يوم القيامة، فيقول:

{أَيْنَ شُرَكَائِىَ} هذا على حكاية قولهم، والمعنى: أين شركائي في قولكم؟

{قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ} أي وجب عليهم العذاب، وهم رؤساء الضلالة، وفيهم قولان.

احدهما: أنهم رؤوس المشركين.

والثاني: أنهم الشياطين. {رَبَّنَا هَـؤُلاء ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَا} يعنون الأتباع

{أَغْوَيْنَـٰهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} أي أضللناهم كما ضللنا، {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ} أي: تبرأنا منهم إليك،

والمعنى: أنهم يتبرأ بعضهم من بعض، ويصيرون أعداءا.

وقيل لكفار بني آدم {ٱدْعُواْ شُرَكَاءكُمْ} أي استغيثوا بآلهتكم لتخلصكم من العذاب

{فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ} أي: فلم يجيبوهم إلى نصرهم

{وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ} قال الزجاج: جواب «لو» محذوف، والمعنى: لو انهم كانوا يهتدون، لما اتبعوهم ولما رأوا العذاب.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} أي ينادي اللّه الكفار، ويسألهم {فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ}.

{فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلاْنبَـاء} وقرأ أبو رزين العقيلي وقتادة وأبو العالية وأبو المتوكل وعاصم الجحدري

{فَعُمّيَتْ} برفع العين وتشديد الميم.

قال المفسرون: خفيت عليهم الحجج، وسميت أنباء لأنها اخبار يخبر بها قال ابن قتيبة والمعنى عموا عنهاـ من شدة الهول ـ فلم يجيبوا، و{ٱلاْنبَاء} هاهنا الحجج.

قوله تعالى: {فَهُمْ لاَ يَتَسَاءلُونَ} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: لا يسأل بعضهم بعضا عن الحجة، قاله الضحاك.

والثاني: أن المعنى: سكتوا فلا يتساءلون في تلك الساعة، قاله الفراء.

والثالث: لا يسأل بعضهم بعضا أن يحمل عنه شيئا من ذنوبه، حكاه الماوردي.

{فَأَمَّا مَن تَابَ} من الشرك {وَامَنَ} أي: صدق بتوحيد اللّه {وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً} أدى الفرائض

{فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلْمُفْلِحِينَ} «وعسى» من اللّه واجب.

٦٨

انظر تفسير الآية:٧٠

٦٩

انظر تفسير الآية:٧٠

٧٠

قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ} روى العوفي عن ابن عباس في قوله: «وربك يخلق ما يشاء ويختار» قال: كانوا يجعلون لآلهتهم خير أموالهم في الجاهلية. وقال مقاتل: نزلت في الوليد ابن المغيرة حين قال:

{لَوْلاَ نُزّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١]

والمعنى: أنه لا تبعث الرسل باختيارهم. قال الزجاج: والوقف الجيد على قوله «ويختار» وتكون ما نفيا، والمعنى: ليس لهم أن يختاروا على اللّه، ويجوز أن تكون «ما» بمعنى «الذي» فيكون المعنى: ويختار الذي لهم فيه الخيرة مما يتعبدهم به ويدعوهم إليه، قال الفراء: والعرب تقول لما تختاره: أعطني الخِيْرة والخِيَرة والخَيْرة، قال ثعلب كلها لغات.

قوله تعالى: {مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ} أي ما تخفي من الكفر والعداوة.

{وَمَا يُعْلِنُونَ} بألسنتهم.

قوله تعالى: {لَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلاْولَىٰ وَٱلاْخِرَةِ} أي: يحمده أولياؤه في الدنيا، ويحمدونه في الجنة

{وَلَهُ ٱلْحُكْمُ} وهو الفصل بين الخلائق. والسرمد: الدائم.

٧١

انظر تفسير الآية:٧٥

٧٢

انظر تفسير الآية:٧٥

٧٣

انظر تفسير الآية:٧٥

٧٤

انظر تفسير الآية:٧٥

٧٥

قوله تعالى: {أَفَلاَ تَسْمَعُونَ} أي سماع فهم وقبول، فتستدلوا بذلك على وحدانية اللّه تعالى،

ومعنى {تَسْكُنُونَ فِيهِ} تستريحون من الحركة والنصب

{أَفلاَ تُبْصِرُونَ} ما أنتم عليه من الخطأ والضلالة؟ ثم أخبر أن الليل والنهار رحمة منه.

وقوله {لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} يعني في الليل {وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} أي لتلتمسوا من رزقه بالمعاش في النهار

{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الذي أنعم عليكم بهما.

قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيداً} أي: أخرجنا من كل أمة رسولها الذي يشهد عليها بالتبليغ

{فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ} أي حجتكم على ما كنتم تعبدون من دوني

{فَعَلِمُواْ أَنَّ ٱلْحَقَّ للّه} أي علموا أنه لا إله إلا هو {وَضَلَّ عَنْهُم} أي: بطل في الآخرة

{مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} في الدنيا من الشركاء.

٧٦

انظر تفسير الآية:٧٧

٧٧

قوله تعالى: {إِنَّ قَـٰرُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ} أي: من عشيرته وفي نسبه إلى موسى ثلاثة أقوال.

احدها: أنه كان ابن عمه، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عبد اللّه بن الحارث وإبراهيم وابن جريج.

والثاني: ابن خالته، رواه عطاء عن ابن عباس.

والثالث: انه كان عم موسى، قاله ابن إسحاق. قال الزجاج: قارون اسم أعجمي لا ينصرف، ولو كان فاعولا من العربية من قرنت الشىء لا نصرف.

قوله تعالى: {فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ} فيه خمسة أقوال.

احدها: أنه جعل لبغي جعلا على أن تقذف موسى بنفسها، ففعلت فاستحلفها موسى على ما قالت، فأخبرته بقصتها فكان هذا بغيه، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه بغى بالكفر باللّه تعالى، قاله الضحاك.

والثالث: بالكبر، قاله قتادة.

والرابع: أنه زاد في طول ثيابه شبرا، قاله عطاء الخراساني وشهر بن حوشب.

والخامس: أنه كان يخدم فرعون، فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم، حكاه الماوردي.

وفي المراد بمفاتحه قولان.

احدهما: أنها مفاتيح الخزائن التي تفتح بها الأبواب، قاله مجاهد وقتادة.

وروى الأعمش عن خيثمة قال: كانت مفاتيح قارون وقر ستين بغلا، وكانت من جلود، كل مفتاح مثل الإصبع.

والثاني: أنها خزائنه، قاله السدي وأبو صالح والضحاك. قال الزجاج: وهذا الأشبه أن تكون مفاتحه خزائن ماله، وإلى نحو هذا ذهب ابن قتيبة. قال ابو صالح: كانت خزائنه تحمل على أربعين بغلا.

قوله تعالى: {إِنَّ قَـٰرُونَ} أي تثقلهم وتميلهم، ومعنى الكلام: لتنيء لعصبة، فلما دخلت الباء في العصبة انفتحت التاء، كما تقول: هذا يذْهَبُ بالأبصار وهذا يُذْهِب الأبصار، وهذا اختيار الفراء وابن قتيبة والزجاج في آخرين. وقال بعضهم؟ هذا من المقلوب وتقديره؟ما إن العصبة لتنوء بمفاتحه، كما يقال إنها لتنوء بها عجيزتها، أي: هي تنوء بعجيزتها وأنشدوا: فديت بنفسه نفسي ومالي  وما آلوك إلا ما أطيق أي: فديت بنفسي وبمالي نفسه. وهذا اختيار ابي عبيدة والأخفش، وقد بينا معنى العصبة في سورة [يوسف: ٨]

وفي المراد بها ها هنا ستة أقوال.

احدها: أربعون رجلا، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثاني: ما بين الثلاثة إلى العشرة، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والثالث: خمسة عشر، قاله مجاهد.

والرابع: فوق العشرة إلى الأربعين، قاله قتادة.

والخامس: سبعون رجلا، قاله ابو صالح.

والسادس: ما بين الخمسة عشر إلى الأربعين، حكاه الزجاج.

قوله تعالى {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ} في القائل له قولان.

احدهما: أنهم المؤمنون من قومه، قاله السدي.

والثاني: أنه قول موسى له، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: {لاَ تَفْرَحْ} قال ابن قتيبة: المعنى: لا تأشر ولا تبطر قال الشاعر:

ولست بمفراح إذا الدهر سرني  ولا جازع من صرفه المتحول

أي: لست بأشر، فأما السرور فليس بمكروه. {إِنَّ ٱللّه لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ}

وقرأ أبو رجاء وأبو حيوة وعاصم الجحدري وابن أبي عبلة الفارحين بألف.

قوله تعالى: {وَٱبْتَغِ فِيمَا ءاتَاكَ ٱللّه} أي: اطلب فيما أعطاك اللّه من الأموال.

وقرأ أبو المتوكل وابن السميفع {وَٱتَّبِعْ} بتشديد التاء وكسر الباء بعدها وعين ساكنة غير معجمة

{ٱلدَّارُ ٱلاْخِرَةُ} وهي الجنة وذلك يكون بانفاقه في رضى اللّه تعالى وشكر المنعم به

{وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: أن يعمل في الدنيا للآخرة، قاله ابن عباس ومجاهد والجمهور.

والثاني: أن يقدم الفضل ويمسك ما يغنيه، قاله الحسن.

والثالث: أن يستغني بالحلال عن الحرام قاله قتادة.

وفي معنى {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ ٱللّه إِلَيْكَ} ثلاثة أقوال حكاها الماوردي.

احدها: أعط فضل مالك كما زادك على قدر حاجتك.

والثاني: أحسن فيما افترض عليك كما أحسن في إنعامه إليك.

والثالث: أحسن في طلب الحلال كما أحسن إليك في الإحلال.

قوله تعالى: {وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِى ٱلاْرْضِ} فتعمل فيها بالمعاصي.

٧٨

قوله تعالى: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ} يعني المال

{عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِى} فيه خمسة أقوال.

احدها: على علم عندي بصنعة الذهب، رواه أبو صالح عن ابن عباس. قال الزجاج: وهذا لا أصل له، لأن الكيمياء باطل، لا حقيقة له.

والثاني: برضى اللّه عني، قاله ابن زيد.

والثالث: على خير علمه اللّه عندي، قاله مقاتل.

والرابع: إنما أعطيته لفضل علمي، قاله الفراء. قال الزجاج: ادعى أنه أعطي المال لعلمه بالتوراة.

والخامس: على علم عندي بوجوه المكاسب، حكاه الماوردي.

قوله تعالى {أَوَلَمْ يَعْلَمْ} يعني قارون {أَنَّ ٱللّه قَدْ أَهْلَكَ} بالعذاب

{مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ} في الدنيا حين كذبوا رسلهم

{مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً} للأموال.

وفي قوله {وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ} ثلاثة أقوال.

احدها: لا يسألون ليعلم ذلك من قبلهم، وإن سئلوا سؤال توبيخ قاله الحسن.

والثاني: أن الملائكة تعرفهم بسيماهم، فلا تسألهم عن ذنوبهم، قاله مجاهد.

والثالث: يدخلون النار بغير حساب، قاله قتادة. وقال السدي: يعذبون ولا يسألون عن ذنوبهم.

٧٩

انظر تفسير الآية:٨٠

٨٠

قوله تعالى: فخرج على قومه في زينته قال الحسن: في ثياب حمر وصفر، وقال عكرمة. في ثياب معصفرة. وقال وهب بن منبه، خرج على بغلة شهباء، عليها سرج أحمر من أرجوان، ومعه أربعة آلاف مقاتل، وثلاثمائة وصيفة عليهن الحلي والزينة على بغال بيض. قال الزجاج: الأرجوان في اللغة: صبغ أحمر.

قوله تعالى: {لَذُو حَظّ} أي لذو نصيب وافر من الدنيا. وقوله:

{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ} قال ابن عباس: يعني الأحبار من بني إسرائيل. وقال مقاتل: الذين أوتوا العلم بما وعد اللّه في الآخرة، قالوا للذين تمنوا ما أوتي قارون {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللّه} أي: ما عنده من الجزاء

{خَيْرٌ لّمَنْ ءامَنَ} مما أعطي قارون.

قوله تعالى: {وَلاَ يُلَقَّاهَا} قال أبو عبيدة: لا يوفق لها ويرزقها. وقرأ أبي بن كعب وابن أبي عبلة

{وَلاَ يُلَقَّاهَا} بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف. وفي المشار إليها ثلاثة أقوال.

احدها: أنها الأعمال الصالحة، قاله مقاتل.

والثاني: أنها الجنة، والمعنى: لا يعطاها في الآخرة إلا الصابرون على أمر اللّه، قاله ابن السائب.

والثالث: أنها الكلمة التي قالوها وهي قولهم ثواب اللّه خير، قاله الفراء.

٨١

انظر تفسير الآية:٨٢

٨٢

قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلاْرْضَ} لما أمر قارون البغي بقذف موسى على ما سبق شرحه [القصص: ٧٦] غضب موسى، فدعا عليه فأوحى اللّه تعالى إليه. إني قد أمرت الأرض أن تطيعك فمرها، فقال موسى: يا أرض خذيه فأخذته حتى غيبت سريره، فلما رأى ذلك ناشده بالرحم، فقال: خذيه فأخذته حتى غيبت قدميه، فما زال يقول خذيه حتى غيبته، فأوحى اللّه تعالى إليه: يا موسى ما أفظكٰ وعزتي وجلالي لو استغاث بي لأغثته. قال ابن عباس: فخسفت به الأرض إلى الأرض السفلى. وقال سمرة بن جندب: إنه يخسف به كل يوم قامة فتبلغ به الأرض السفلى يوم القيامة. وقال مقاتل: فلما هلك قارون، قال بنو إسرائيل: إنما أهلكه موسى ليأخذ ماله وداره، فخسف اللّه بداره وماله بعده بثلاثة ايام.

قوله تعالى: {يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللّه} أي: يمنعونه من اللّه تعالى:

{وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ} أي: من الممتنعين مما نزل به، ثم أعلمنا أن المتمنين مكانه ندموا على ذلك التمني بالآية التي تلي هذه.

وقوله تعالى: {لَخَسَفَ بِنَا} الأكثرون على ضم الخاء وكسر السين. وقرأ يعقوب، والوليد عن ابن عامر، وحفص، وأبان عن عاصم: بفتح الخاء والسين.

فأما قوله تعالى: {ويك} فقال ابن عباس: معناه: ألم تر. وكذلك قال أبو عبيده، والكسائي. وقال الفراء: «ويك ان» في كلام العرب تقرير، كقول الرجل: أما ترى إلى صنع اللّه وإحسانه، أنشدني بعضهم:

ويك أن من يكن له نشب يح  بب ومن يفتقر يعش عيش ضر

وقال ابن الأنباري:

في قوله: {إِلَىَّ أَنَّهُ} ثلاثة أوجه. إن شئت قلت: «ويك» حرف، و«أنه» حرف، والمعنى: ألم تر أنه، والدليل على هذا قول الشاعر:

سألتاني الطلاق أن رأتاني  قل مالي قد جئتماني بنكر

ويك أن من يكن له نشب يح  بب ومن يفتقر يعش عيش ضر

والثاني:ان يكون «ويك» حرفا، و«أنه» حرفا، والمعنى: ويلك اعلم أنه فحذفت اللام، كما قالوا: قم لا اباك، يريدون: لا أبالك، وأنشدوا:

أبالموت الذي لا بد أني  ملاق لا أباك تخوفيني

أراد: لا أبالك، فحذف اللام.

والثالث: أن يكون «وي» حرفا و«كأنه» حرفا فيكون معنى: وي التعجب، كما تقول وي لم فعلت كذا كذا، ويكون معنى كأنه: أظنه وأعلمه كما تقول في الكلام: كأنك بالفرج قد أقبل، فمعناه: أظن الفرج مقبلا، وإنما وصلوا الياء بالكاف في قوله: «ويكأنه» لأن الكلام بهما كثر، كما جعلوا يا ابن أم في المصحف حرفا واحدا وهما حرفان [طه٩٤]. وكان جماعة منهم يعقوب يقفون على «ويك» في الحرفين، ويبتدؤون «أنّ» و«أنّه» في الموضعين. وذكر الزجاج عن الخليل: أنه قال: وي مفصولة من كأن، وذلك أن القوم تندموا فقالوا وي متندمين على ما سلف منهم، وكل من ندم فأظهر ندامته قال: وي وحكى ابن قتيبة عن بعض العلماء أنه قال: معنى ويكأن: رحمة لك بلغة حمير.

قوله تعالى: {لَوْلا أَن مَّنَّ ٱللّه عَلَيْنَا} أي: بالرحمة والمعافاة والإيمان {لَخَسَفَ بِنَا}.

٨٣

انظر تفسير الآية:٨٤

٨٤

قوله تعالى: {تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلاْخِرَةُ} يعني الجنة {نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى ٱلاْرْضِ} وفيه خمسة أقوال.

احدها: أنه البغي، قاله سعيد بن جبير.

والثاني: الشرف والعز، قاله الحسن.

والثالث: الظلم، قاله الضحاك.

والرابع: الشرك، قاله يحيى بن سلام.

والخامس: الاستكبار عن الإيمان، قاله مقاتل.

قوله تعالى: {وَلاَ فَسَاداً} فيه قولان.

احدهما: العمل بالمعاصي، قاله عكرمة.

والثاني: الدعاء إلى غير عبادة اللّه، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: {وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} أي: العاقبة المحمودة لهم.

قوله تعالى: {مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ} قد فسرناه في سورة [النمل ٨٩].

قوله تعالى: {فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيّئَاتِ} يريد الذين اشركوا {إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي: إلا جزاء عملهم من الشرك، وجزاؤه النار.

٨٥

انظر تفسير الآية:٨٨

٨٦

انظر تفسير الآية:٨٨

٨٧

انظر تفسير الآية:٨٨

٨٨

قوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ} قال مقاتل: خرج رسول اللّه ص من الغار ليلا، فمضى من وجهه إلى المدينة، فسار في غير الطريق مخافة الطلب، فلما أمن رجع إلى الطريق، فنزل الجحفة بين مكة والمدينة، فعرف الطريق إلى مكة، فاشتاق إليها وذكر مولده، فأتاه جبريل فقال: أتشتاق إلى بلدك ومولدك؟ قال: نعم، قال: فان اللّه تعالى يقول: {إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ} فنزلت هذه الآية بالجحفة.

وفي معنى {فَرَضَ عَلَيْكَ} ثلاثة أقوال.

احدها: فرض عليك العمل بالقرآن، قاله عطاء بن أبي رباح، وابن قتيبة.

والثاني: أعطاك القرآن، قاله مجاهد.

والثالث: أنزل عليك القرآن، قاله مقاتل، والفراء، وأبو عبيدة.

وفي قوله: {لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ} أربعة اقوال.

احدها: إلى مكة، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد في رواية والضحاك. قال ابن قتيبة: معاد الرجل بلده، لأنه يتصرف في البلاد ويضرب في الأرض ثم يعود إلى بلده.

والثاني: إلى معادك من الجنة، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال الحسن، والزهري، فإن اعترض على هذا فقيل: الرد يقتضي أنه قد كان فيما رد إليه فعنه ثلاثة أجوبة.

احدها: أنه لما كان أبوه آدم في الجنة ثم أخرج، كان كأن ولده أخرج منها، فاذا دخلها فكأنه أعيد.

والثاني: أنه دخلها ليلة المعراج، فاذا دخلها يوم القيامة، كان ردا إليها، ذكرهما ابن جرير.

والثالث: أن العرب تقول: رجع الأمر إلى كذا، وإن لم يكن له كون فيه قط، وأنشدوا:

وما المرء إلا كالشهاب وضوئه  يحور رمادا بعد إذ هو ساطع

وقد شرحنا هذا في قوله {وَإِلَى ٱللّه تُرْجَعُ ٱلامُورُ} [البقرة ٢١٠].

والثالث: لرادك إلى الموت، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال أبو سعيد الخدري.

والرابع: لرادك إلى القيامة بالبعث، قاله الحسن، والزهري، ومجاهد في رواية، والزجاج. ثم ابتدأ كلاما يرد به على الكفار حين نسبوا النبي ص إلى الضلال، فقال:

{قُل رَّبّى أَعْلَمُ مَن جَاء بِٱلْهُدَىٰ} والمعنى: قد علم أني جئت بالهدى، وأنكم في ضلال مبين، ثم ذكره نعمه فقال: {وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبُ} أي: ان تكون نبيا وأن يوحى إليك القرآن،

{إِلاَّ رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} قال الفراء: هذا استثناء منقطع، والمعنى: إلا أن ربك رحمك، فأنزله عليك

{فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لّلْكَـٰفِرِينَ} أي: عونا لهم على دينهم، وذلك أنهم دعوه إلى دين آبائه فأمر بالاحتراز منهم، والخطاب بهذا وأمثاله له، والمراد أهل دينه لئلا يظاهروا الكفار ولا يوافقوهم.

قوله تعالى: {كُلُّ شَىْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} فيه قولان.

احدهما: إلا ما أريد به وجهه، رواه عطاء عن ابن عباس، وبه قال الثوري.

والثاني: إلا هو، قاله الضحاك، وأبو عبيدة.

قوله تعالى: {لَهُ ٱلْحُكْمُ} أي: الفصل بين الخلائق في الآخرة دون غيره {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} في الآخرة.

﴿ ٠