ÓõæÑóÉõ ÇáúÚóäúßóÈõæÊö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ÊöÓúÚñ æó ÓöÊøõæäó ÂíóÉð سورة العنكبوت فصل في نزولها روى العوفي عن ابن عباس أنها مكية، وبه قال الحسن وقتادة وعطاء وجابر بن زيد ومقاتل. وفي رواية عن ابن عباس أنها مدنية. وقال هبة اللّه ابن سلامة المفسر: نزل من اولها إلى رأس العشر بمكة، وباقيها بالمدينة وقال غيره عكس هذا: نزل العشر بالمدينة وباقيها بمكة. بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٤ ٢ انظر تفسير الآية:٤ ٣ انظر تفسير الآية:٤ ٤ قوله تعالى: {الم * أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ} في سبب نزولها ثلاثة أقوال. احدها: أنه لما أمر بالهجرة، كتب المسلمون إلى إخوانهم بمكة: أنه لا يقبل منكم إسلامكم حتى تهاجروا، فخرجوا نحو المدينة فأدركهم المشركون، فردوهم فأنزل اللّه عز وجل من أول هذه السورة عشر آيات، فكتبوا إليهم يخبرونهم بما نزل فيهم، فقالوا نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه، فخرجوا فاتبعهم المشركون، فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا، فأنزل اللّه عز وجل فيهم {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ} [النحل: ١١٠] هذا قول الحسن والشعبي. والثاني: أنها نزلت في عمار بن ياسر، إذ كان يعذب في اللّه عز وجل، قاله عبد اللّه بن عبيد بن عمير. والثالث: أنها نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب، حين قتل ببدر، فجزع عليه أبواه وامرأته، فأنزل اللّه تعالى في أبويه وامرأته هذه الآية. قوله تعالى: {أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ} قال ابن عباس: يريد بالناس الذين آمنوا بمكة كعياش بن ابي ربيعة وعمار بن ياسر وسلمة بن هشام وغيرهم. قال الزجاج: لفظ الآية استخبار، ومعناه معنى التقرير والتوبيخ، والمعنى: أحسب الناس أن يتركوا بأن يقولوا: آمنا ولأن يقولوا: آمنا أي: أحسبوا أن يقنع منهم بأن يقولوا: إنا مؤمنون فقط، ولا يمتحنون بما يبين حقيقة إيمانهم، {وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} أي لا يختبرون بما يعلم به صدق إيمانهم من كذبه. وللمفسرين فيه قولان. احدهما: لا يفتنون في أنفسهم بالقتل والتعذيب، قاله مجاهد. والثاني: لا يبتلون بالأوامر والنواهي. قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} أي: ابتليناهم واختبرناهم {فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللّه} فيه ثلاثة أقوال. احدهما: فليرين اللّه الذين صدقوا في إيمانهم عند البلاء، إذا صبروا لقضائه، وليرين الكاذبين في إيمانهم إذا شكوا عند البلاء،قاله مقاتل. والثاني: فليميزن، لأنه قد علم ذلك من قبل، قاله ابو عبيدة. والثالث: فليظهرن ذلك حتى يوجد معلوما، حكاه الثعلبي. وقرأ علي بن أبي طالب وجعفر بن محمد: «فليعلمن اللّه و«ليُعْلِمن الكاذبين» و«ليُعْلِمن اللّه الذين آمنوا وليُعْلمن المنافقين» [العنكبوت: ١١] بضم الياء وكسر اللام. قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ} أي: أيحسب {ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَاتِ} يعني الشرك {أَن يَسْبِقُونَا} أي: يفوتونا ويعجزونا {سَاء مَا يَحْكُمُونَ} أي: بئس ما حكموا لانفسهم حين ظنوا ذلك. قال ابن عباس: عنى بهم الوليد بن المغيرة وابا جهل والعاص بن هشام وغيرهم. ٥ انظر تفسير الآية:٧ ٦ انظر تفسير الآية:٧ ٧ قوله تعالى: {مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ٱللّه} قد شرحناه في آخر الكهف: {فَإِنَّ أَجَلَ ٱللّه لآتٍ} يعني: الأجل المضروب للبعث، والمعنى: فليعمل لذلك اليوم {وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ} لما يقول {ٱلْعَلِيمُ} بما يعمل {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَـٰهِدُ لِنَفْسِهِ} أي: إن ثوابه إليه يرجع. قوله تعالى: {لَنُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ} أي لنبطلنها حتى تصير بمنزلة مالم يعمل، {سَيّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي: بأحسن أعمالهم وهو الطاعة ولا نجزيهم بمساوئ أعمالهم. ٨ انظر تفسير الآية:٩ ٩ قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} وقرأ ابي بن كعب وأبو مجلز وعاصم الجحدري {إِحْسَـٰناً} بألف. وقرأ ابن مسعود وأبو رجاء {حَسَنًا} بفتح الحاء والسين. روى أبو عثمان النهدي عن سعد ابن أبي وقاص قال: في أنزلت هذه الآية، كنت رجلا برا بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا أولا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه، قلت: لا تفعلي يا أماه إني لا أدع ديني هذا لشىء، قال: فمكثت يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت قد جهدت، ثم مكثت يوما آخر وليلة لا تأكل، فلما رأيت ذلك قلت: تعلمين واللّه ياأماه لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا، ما تركت ديني هذا لشيء فكلي، وإن شئت لا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، فأنزلت هذه الآية. وقيل إنها نزلت في عياش بن ابي ربيعة، وقد جرى له مع أمه نحو هذا، وذكر بعض المفسرين: أن هذه الآية والتي في [لقمان: ١٥] وفي [الأحقاف: ١٥] نزلن في قصة سعد. قال الزجاج: من قرأ {حَسَنًا} فمعناه ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه ما يحسن. ومن قرأ {إِحْسَـٰناً} فمعناه ووصينا الإنسان أن يحسن إلى والديه وكان {حَسَنًا} أعم في البر. {وَإِن جَـٰهَدَاكَ} قال أبو عبيدة: مجاز هذا الكلام مجاز المختصر الذي فيه ضمير، والمعنى: وقلنا له وإن جاهداك. قوله تعالى: {لِتُشْرِكَ بِى} معناه لتشرك بي شريكا لا تعلمه لي، وليس لأحد بذلك علم، فلا تطعهما. قوله تعالى: {لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى ٱلصَّـٰلِحِينَ} أي في زمرة الصالحين في الجنة، وقال مقاتل: «في» بمعنى «مع». ١٠ انظر تفسير الآية:١١ ١١ قوله تعالى: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءامَنَّا بِٱللّه} اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال. احدها: أنها نزلت في المؤمنين الذين أخرجهم المشركون إلى بدر، فارتدوا، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثاني: نزلت في قوم كانوا يؤمنون بألسنتهم، فاذا أصابهم بلاء من اللّه أو مصيبة في أنفسهم وأموالهم افتتنوا، قاله مجاهد. والثالث: نزلت في ناس من المنافقين بمكة، كانوا يؤمنون فاذا أوذوا وأصابهم بلاء من المشركين، رجعوا إلى الشرك قاله الضحاك. والرابع: أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة كان أسلم، فخاف على نفسه من أهله وقومه، فخرج من مكة هاربا إلى المدينة، وذلك قبل قدوم رسول اللّه ص إلى المدينة، فجزعت أمه فقالت لأخويه: ابي جهل والحارث ابني هشام ـ وهما أخواه لأمه ـ: واللّه لا آوي بيتا ولا آكل طعاما ولا أشرب شرابا، حتى تأتياني به فخرجا في طلبه، فظفرا به فلم يزالا به حتى تابعهما، وجاءا به إليها فقيدته، وقالت: واللّه لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بمحمد، ثم أقبلت تجلده بالسياط وتعذبه، حتى كفر بمحمد عليه السلام جزعا من الضرب، فنزلت فيه هذه الآية، ثم هاجر بعد وحسن إسلامه، هذا قول ابن السائب ومقاتل. وفي رواية عن مقاتل أنهما جلداه، في الطريق مائتي جلدة فتبرأ من دين محمد، فنزلت هذه الآية. قوله تعالى: {فَإِذَا أُوذِىَ فِى ٱللّه} أي ناله أذى أو عذاب بسبب إيمانه {جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ} أي: ما يصيبه من عذابهم في الدنيا {كَعَذَابِ ٱللّه} في الآخرة. وإنما ينبغي للمؤمن أن يصبر على الأذى في اللّه تعالى، لما يرجو من ثوابه {وَلَئِنْ جَاء نَصْرٌ مّن رَّبّكَ} يعني دولة للمؤمنين {لَّيَقُولَنَّ} يعني المنافقين للمؤمنين {إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} على دينكم. فكذبهم اللّه عز وجل وقال {أَوَ لَيْسَ ٱللّه بِأَعْلَمَ بِمَا فِى صُدُورِ ٱلْعَـٰلَمِينَ} من الإيمان والنفاق.وقد فسرنا الآية التي تلي هذه في أول السورة. ١٢ انظر تفسير الآية:١٣ ١٣ قوله تعالى: {ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا} يعنون ديننا. قال مجاهد: هذا قول كفار قريش لمن آمن من اهل مكة، قالوا لهم: لا نبعث نحن ولا أنتم فاتبعونا، فان كان عليكم شيء فهو علينا. قوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَـٰيَـٰكُمْ} قال الزجاج: هو امر في تأويل الشرط والجزاء يعني: إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم. وقال الأخفش: كأنهم أمروا أنفسهم بذلك. وقرأ الحسن: ولنحمل بكسر اللام. قال ابن قتيبة: الواو زائدة والمعنى لنحمل خطاياكم. قوله تعالى: إنهم لكاذبون أي: فيما ضمنوا من حمل خطاياهم. قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} أي أوزار أنفسهم {وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ} أي: اوزارا مع اوزارهم، وهي أوزار الذين أضلوهم، وهذا كقوله: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: ٢٥] {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً} سؤال توبيخ وتقريع. عما كانوا يفترون من الكذب على اللّه عز وجل. وقال مقاتل: عن قولهم: نحن الكفلاء بكل تبعة تصيبكم من اللّه عز وجل. ١٤ انظر تفسير الآية:١٥ ١٥ قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ} في هذه القصة تسلية للنبي ص حيث أعلم أن الأنبياء قد ابتلوا قبله، وفيها وعيد شديد لمن أقام على الشرك، فانهم وإن أمهلوا فقد أمهل قوم نوح أكثر ثم أخذوا. قوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً} اختلفوا في عمر نوح على خمسة أقوال. احدها: بعث بعد أربعين سنة، وعاش في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم، وعاش بعد الطوفان ستين سنة، رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس. والثاني: أنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وعاش بعد ذلك سبعين عاما، فكان مبلغ عمره ألف سنة وعشرين سنة، قاله كعب الأحبار. والثالث: أنه بعث وهو ابن خمسين وثلاثمائة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة، قاله عون بن ابي شداد. والرابع: أنه لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلاثمائة سنة، ودعاهم ثلاثمائة سنة، ولبث بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة، قاله قتادة. وقال وهب ابن منبه: بعث لخمسين سنة. والخامس: أن هذه الآية بينت مقدار عمره كله، حكاه الماوردي. فإن قيل: ما فائدة قوله {إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً}؟ فهلا قال تسعمائة وخمسينٰ فالجواب: ان المراد به تكثير العدد، وذكر الألف أفخم في اللفظ وأعظم للعدد.قال الزجاج: تأويل الاستثناء في كلام العرب التوكيد، تقول: جاءني إخوتك إلا زيدا، فتؤكد أن الجماعة جاؤوا وتنقص زيدا، واستثناء نصف الشيء قبيح جدا لا تتكلم به العرب، وإنما تتكلم بالاستثناء كما تتكلم بالنقصان، تقول عندي درهم ينقص قيراطا، فلو قلت ينقص نصفه، كان الاولى ان تقول عندي نصف درهم، ولم يأت الاستثناء في كلام العرب إلا قليل من كثير. قوله تعالى: {فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ} فيه ثلاثة أقوال. احدها: الموت، روت عائشة عن رسول اللّه ص في قوله: {فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ} قال: الموت. والثاني: المطر قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة. قال ابن قتيبة: هو المطر الشديد. والثالث: الغرق قاله الضحاك. قال الزجاج: الطوفان من كل شيء ما كان كثيرا مطيفا بالجماعة كلها، فالغرق الذي يشتمل على المدن الكثيرة طوفان، وكذلك القتل الذريع والموت الجارف طوفان. قوله تعالى: {وَهُمْ ظَـٰلِمُونَ} قال ابن عباس: كافرون. قوله تعالى: {وَجَعَلْنَـٰهَا} يعني: السفينة قال قتادة: أبقاها اللّه آية للناس بأعلى الجودي، قال ابو سليمان الدمشقي: وجائز ان يكون اراد الفعلة التي فعلها بهم من الغرق {ءايَةً} أي: عبرة {لّلْعَـٰلَمِينَ} بعدهم. ١٦ انظر تفسير الآية:١٨ ١٧ انظر تفسير الآية:١٨ ١٨ قوله تعالى: {وَإِبْرٰهِيمَ} قال الزجاج: هو معطوف على نوح والمعنى أرسلنا إبراهيم. قوله تعالى: {ذٰلِكُمْ} يعني: عبادة اللّه {خَيْرٌ لَّكُمْ} من عبادة الأوثان، {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} ما هو خير لكم مما هو شر لكم والمعنى: ولكنكم لا تعلمون إنما تعبدون من دون اللّه أوثانا. قال الفراء: إنما في هذا الموضع حرف واحد وليست على معنى الذي. وقوله: {وتخلقون إفكا مردود على «إنما» كقولك: إنما تفعلون كذا، وإنما تفعلون كذا. وقال مقاتل: الأوثان الأصنام. قال ابن قتيبة: واحدها وثن، وهو ما كان من حجارة أو جص. قوله تعالى: {وتخلقون إفكا} وقرأ ابن السميفع وأبو المتوكل {وتختلقون} بزيادة تاء ثم فيه قولان. احدهما: تختلقون كذبا في زعمكم أنها آلهة. والثاني: تصنعون الأصنام والمعنى: تعبدون أصناما، أنتم تصنعونها، ثم بين عجزهم بقوله {ٱللّه لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً} أي: لا يقدرون على أن يرزقوكم {فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللّه ٱلرّزْقَ} أي فاطلبوا من اللّه فانه القادر على ذلك. قوله تعالى: {وَإِن تُكَذّبُواْ} هذا تهديد لقريش، {فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مّن قَبْلِكُمْ} والمعنى: فأهلكوا. ١٩ انظر تفسير الآية:٢٣ ٢٠ انظر تفسير الآية:٢٣ ٢١ انظر تفسير الآية:٢٣ ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٣ ٢٣ {أَوَلَمْ يَرَوْاْ} قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر {يَرَوْاْ} بالياء. وقرأ حمزة والكسائي بالتاء. وعن عاصم كالقراءتين. وعنى بالكلام كفار مكة {كَيْفَ يُبْدِىء ٱللّه ٱلْخَلْقَ} أي كيف يخلقهم ابتداء من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة إلى أن يتم الخلق، ثم يعيده أي ثم هو يعيده في الآخرة عند البعث، وقال أبو عبيدة: مجازه: أولم يروا كيف استأنف اللّه الخلق الاول، ثم يعيده، وفيه لغتان: أبدأ وأعاد، وكان مبدئا ومعيدا، وبدأ وعاد، وكان بادئا وعائدا. قوله تعالى: {إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللّه يَسِيرٌ} يعني الخلق الأول والخلق الثاني. قوله تعالى: {قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلاْرْضِ} أي انظروا إلى المخلوقات التي في الأرض، وابحثوا عنها، هل تجدون لها خالقا غير اللّه؟ فاذا علموا أنه لا خالق لهم سواه لزمتهم الحجة في الإعادة، وهو قوله: {ثُمَّ ٱللّه يُنشِىء ٱلنَّشْأَةَ ٱلاْخِرَةَ} أي: ثم اللّه ينشئهم عند البعث نشأة أخرى. وأكثر القراء قرؤوا النشأة بتسكين الشين وترك المد. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو النشاءة بالمد. قوله تعالى: {يُعَذّبُ مَن يَشَاء} فيه قولان. احدهما: أنه في الآخرة بعد إنشائهم. والثاني: أنه في الدنيا. ثم فيه خمسة أقوال، حكاها الماوردي. احدها: يعذب من يشاء بالحرص، ويرحم من يشاء بالقناعة. والثاني: يعذب بسوء الخلق، ويرحم بحسن الخلق. والثالث: يعذب بمتابعة البدعة، ويرحم بملازمة السنة. والرابع: يعذب بالانقطاع إلى الدنيا، ويرحم بالإعراض عنها. والخامس: يعذب من يشاء ببغض الناس له، ويرحم من يشاء بحب الناس له. قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} أي: تردون {وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى ٱلاْرْضِ} فيه قولان، حكاهما الزجاج. احدهما: وما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا أهل السماء بمعجزين في السماء. والثاني: وما أنتم بمعجزين في الارض، ولا لو كنتم في السماء. وقال قطرب: هذا كقولك: ما يفوتني فلان لا هاهنا ولا بالبصرة، أي: ولا بالبصرة لو صار إليها، قال مقاتل: والخطاب لكفار مكة والمعنى: لا تسبقون اللّه حتى يجزيكم بأعمالكم السيئة، وما لكم من دون اللّه من ولي، أي: قريب ينفعكم ولا نصير يمنعكم من اللّه. قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللّه وَلِقَائِهِ} أي: بالقرآن والبعث {أُوْلَـئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى} في الرحمة قولان. احدهما: الجنة، قاله مقاتل. والثاني: العفو والمغفرة، قاله أبو سليمان. قال ابن جرير: وذلك في الآخرة عند رؤية العذاب. ٢٤ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٥ ثم عاد الكلام إلى قصة إبراهيم وهو قوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ} أي: حين دعاهم إلى اللّه ونهاهم عن الأصنام {إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرّقُوهُ} وهذا بيان لسفه أحلامهم، حين قابلوا احتجاجه عليهم بهذا. قوله تعالى: {فَأَنْجَاهُ ٱللّه} المعنى: فحرقوه فانجاه اللّه {مِنَ ٱلنَّارِ}. قوله تعالى: {إِنَّ فِى ذَلِكَ} يشير إلى إنجائه إبراهيم. قوله تعالى: {وَقَالَ} يعني إبراهيم {إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مّن دُونِ ٱللّه أَوْثَـٰناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: {مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} بالرفع والإضافة. قال الزجاج: مودة مرفوعة باضمار هي، كأنه قال: تلك مودة بينكم، أي: ألفتكم واجتماعكم على الأصنام مودة بينكم والمعنى: إنما اتخذتم هذه الأوثان لتتوادوا بها في الحياة الدنيا، ويجوز أن تكون ما بمعنى الذي. وقرأ ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وعكرمة، وابن ابي عبلة: {مَّوَدَّةَ} بالرفع {بَيْنِكُمْ} بالنصب. وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: {مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} قال ابو علي: المعنى: اتخذتم الأصنام للمودة {وَبَيْنَكُمْ} نصب على الظرف والعامل فيه {ٱلْمَوَدَّةَ}. وقرأ حمزة، وحفص عن عاصم: {مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} بنصب مودة مع الإضافة، وهذا على الاتساع في جعل الظرف اسما لما أضيف إليه. قال المفسرون: معنى الكلام: إنما اتخذتموها لتتصل المودة بينكم واللقاء والاجتماع عندها، وأنتم تعلمون أنها لا تضر ولا تنفع، {ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ} أي: يتبرأ القادة من الأتباع، ويلعن بعضكم بعضا، يلعن الأتباع القادة لانهم زينوا لهم الكفر. ٢٦ انظر تفسير الآية:٣٠ ٢٧ انظر تفسير الآية:٣٠ ٢٨ انظر تفسير الآية:٣٠ ٢٩ انظر تفسير الآية:٣٠ ٣٠ قوله تعالى: {فَـئَامَنَ لَهُ لُوطٌ} أي: صدق بابراهيم {وَقَالَ} يعني إبراهيم {إِنّى مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبّى} فيه قولان. احدهما: إلى رضى ربي. والثاني: إلى حيث أمرني ربي، فهاجر من سواد العراق إلى الشام وهجر قومه المشركين. {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ} بعد إسماعيل {وَيَعْقُوبَ} من إسحاق {وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَـٰبَ} وذلك أن اللّه تعالى لم يبعث نبيا بعد إبراهيم إلا من صلبه، {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ} فيه أربعة أقوال. احدها: الذكر الحسن، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: الثناء الحسن والولد الصالح، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: العافية والعمل الحسن والثناء، فلست تلقى أحدا من اهل الملل إلا يتولاه، قاله قتادة. والرابع: أنه أري مكانه من الجنة، قاله السدي. قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِى ٱلاْخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} قد سبق بيانه [البقرة ١٣٠] قال ابن جرير: له هناك جزاء الصالحين غير منقوص من الآخرة بما أعطي في الدنيا من الأجر. وما بعد هذا قد سبق بيانه [الأعراف ٨٠] إلى قوله: {وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ} وفيه ثلاثة أقوال. احدها: أنهم كانوا يعترضون من مر بهم لعملهم الخبيث، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أنهم كانوا إذا جلسوا في مجالسهم يرمون ابن السبيل بالحجارة، فيقطعون سبيل المسافر، قاله مقاتل. والثالث: أنه قطع النسل للعدول عن النساء إلى الرجال، حكاه الماوردي. قوله تعالى: {وَتَأْتُونَ فِى نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ} قال ابن قتيبة: النادي المجلس، والمنكر يجمع الفواحش من القول والفعل. وللمفسرين في المراد بهذا المنكر اربعة أقوال. احدها: أنهم كانوا يحذفون أهل الطريق ويسخرون منهم، فذلك المنكر، روته أم هانىء بنت أبي طالب عن رسول اللّه ص. وقال عكرمة والسدي: كانوا يحذفون كل من مر بهم. والثاني: لف القميص على اليد، وجر الإزار، وحل الأزرار، والحذف والرمي بالبندق، ولعب الحمام، والصفير، في خصال أخر رواها ميمون بن مهران عن ابن عباس. والثالث: أنه الضراط، رواه عروة عن عائشة، وكذلك فسره القاسم بن محمد. والرابع: أنه إتيان الرجال في مجالسهم، قاله مجاهد، وقتادة، وابن زيد. وهذه الآية تدل على أنه لا ينبغي للمجتمعين أن يتعاشروا إلا على ما يقرب من اللّه عز وجل، ولا ينبغي ان يجتمعوا على الهزء واللعب. قوله تعالى: {رَبّ ٱنصُرْنِى} أي: بتصديق قولي في العذاب. ٣١ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٢ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٣ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٤ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٥ قوله تعالى: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ} يعنون قرية لوط. قوله تعالى: {لَنُنَجّيَنَّهُ} قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم: {لَنُنَجّيَنَّهُ} و{إِنَّا مُنَجُّوكَ} بتشديد الحرفين، وخففهما حمزة، والكسائي. وروى أبوبكر عن عاصم: {لَنُنَجّيَنَّهُ} مشددة، و{إِنَّا مُنَجُّوكَ} مخففة ساكنة النون. وقد سبق شرح ما أخللنا بذكره [هود ٧٧] إلى قوله: {إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً} وهو الحصْب والخسف. قوله تعالى: {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا} في المكني عنها قولان. احدهما: أنها الفعلة التي فعل بهم، فعلى هذا في الآية ثلاثة أقوال. احدها: أنها الحجارة التي أدركت أوائل هذه الأمة، قاله قتادة. والثاني: الماء الاسود على وجه الارض، قاله مجاهد. والثالث: الخبر عما صنع بهم. والثاني: أنها القرية، فعلى هذا في المراد بالآية ثلاثة أقوال. احدها: أنها آثار منازلهم الخربة، قاله ابن عباس. والثاني: أن الآية في قريتهم إلى الآن أن أساسها أعلاها وسقوفها أسفلها، حكاه ابو سليمان الدمشقي. والثالث: أن المعنى: تركناها آية تقول: إن في السماء لآية تريد أنها هي الآية، قاله الفراء. ٣٦ انظر تفسير الآية:٣٧ ٣٧ قوله تعالى: {وَٱرْجُواْ ٱلْيَوْمَ ٱلاْخِرَ} قال المفسرون: اخشوا البعث الذي فيه جزاء الأعمال. ٣٨ انظر تفسير الآية:٤٠ ٣٩ انظر تفسير الآية:٤٠ ٤٠ قوله تعالى: {وَعَاداً وَثَمُودَ} قال الزجاج: المعنى: وأهلكنا عادا وثمودا، لان قبل هذا فأخذتهم الرجفة. قوله تعالى: {وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مّن مَّسَـٰكِنِهِمْ} أي: ظهر لكم يا أهل مكة من منازلهم بالحجاز واليمن آية في هلاكهم، {وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ} قال الفراء: أي ذوي بصائر. وقال الزجاج: أتوا ما أتوه وقد تبين لهم أن عاقبته عذابهم. وقال غيره: كانوا عند أنفسهم مستبصرين، يظنون أنهم على حق. قوله تعالى: {وَمَا كَانُواْ سَـٰبِقِينَ} أي: ما كانوا يفوتون اللّه ان يفعل بهم ما يريد. قوله تعالى: {فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ} أي: عاقبنا بتكذيبه {فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً} يعني: قوم لوط {وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ} يعني ثمودا وقوم شعيب، {وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلاْرْضَ} يعني قارون وأصحابه {وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا} يعني قوم نوح وفرعون {وَمَا كَانَ ٱللّه لِيَظْلِمَهُمْ} فيعذبهم على غير ذنب {وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} بالإقامة على المعاصي. ٤١ انظر تفسير الآية:٤٣ ٤٢ انظر تفسير الآية:٤٣ ٤٣ قوله تعالى: {مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللّه أَوْلِيَاء} يعني: الأصنام، يتخذها المشركون أولياء يرجون نفعها ونصرها، فمثلهم في ضعف احتيالهم {كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً}. قال ثعلب: والعنكبوت أنثى، وقد يذكرها بعض العرب قال الشاعر: على هطّالهم منهم بيوت كأن العنكبوت هو ابتناها قوله تعالى: {إِنَّ ٱللّه يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَىْء} أي: هو عالم بما عبدوه من دونه، لا يخفى عليه ذلك، والمعنى: أنه يجازيهم على كفرهم {وَتِلْكَ ٱلاْمْثَـٰلُ} يعني أمثال القرآن التي شبه بها أحوال الكفار، وقيل: إن تلك بمعنى هذه و{ٱلْعَـٰلِمُونَ} الذين يعقلون عن اللّه عز وجل. ٤٤ انظر تفسير الآية:٤٥ ٤٥ {خَلَقَ ٱللّه ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ بِٱلْحَقّ} أي: للحق، ولإظهار الحق. قوله تعالى: {ٱتْلُ مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ} في المراد بالصلاة قولان. احدهما: أنها الصلاة المعروفة، قاله الأكثرون. وروى أنس بن مالك عن رسول اللّه ص أنه قال: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد من اللّه إلا بعدا». والثاني: أن المراد بالصلاة القرآن، قاله ابن عمر، ويدل على هذا قوله: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} [الاسراء١١٠] وقد شرحنا معنى الفحشاء والمنكر فيما سبق [البقرة١٦٨] [النحل٩٠]. وفي معنى هذه الآية للعلماء ثلاثة أقوال. احدها: أن الإنسان إذا أدى الصلاة كما ينبغي وتدبر ما يتلو فيها، نهته عن الفحشاء والمنكر هذا مقتضاها وموجبها. والثاني: أنها تنهاه ما دام فيها. والثالث: أن المعنى: ينبغي أن تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر. قوله تعالى: {وَلَذِكْرُ ٱللّه أَكْبَرُ} فيه أربعة أقوال. احدها: ولذكر اللّه إياكم أكبر من ذكركم إياه، رواه ابن عمر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وبه قال ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد في آخرين. والثاني: ولذكر اللّه افضل من كل شيء سواه، وهذا مذهب أبي الدرداء، وسلمان، وقتادة. والثالث: ولذكر اللّه في الصلاة أكبر مما نهاك عنه من الفحشاء والمنكر، قاله عبد اللّه بن عون. والرابع: ولذكر اللّه العبد ماكان في صلاته أكبر من ذكر العبد للّه، قاله ابن قتيبة. ٤٦ قوله تعالى: {وَلاَ تُجَـٰدِلُواْ أَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} في التي هي أحسن ثلاثة أقوال. احدها: أنها لا إله إلا اللّه، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثاني: أنها الكف عنهم، إذا بذلوا الجزية فان أبوا قوتلوا، قاله مجاهد. والثالث: أنها القرآن والدعاء إلى اللّه بالآيات والحجج. قوله تعالى: {إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ} وهم الذين نصبوا الحرب، وأبوا أن يؤدوا الجزية، فجادلوا هؤلاء بالسيف، حتى يسلموا أو يعطوا الجزية، وقولوا لمن أدى الجزية منهم، إذا أخبركم بشيء مما في كتبهم {بِٱلَّذِى أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـٰهُنَا} الآية وقد روى ابو هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول اللّه ص: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم». الآية. فصل واختلف في نسخ هذه الآية على قولين. احدهما: أنها نسخت بقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون باللّه إلى قوله وهم صاغرون} [التوبة٢٩] قاله قتادة، والكلبي. والثاني: أنها ثابتة الحكم، وهو مذهب ابن زيد. ٤٧ انظر تفسير الآية:٤٩ ٤٨ انظر تفسير الآية:٤٩ ٤٩ قوله تعالى: {وَكَذٰلِكَ} أي: وكما أنزلنا الكتاب عليهم، {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ فَٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يُؤْمِنُونَ} يعني مؤمني أهل الكتاب، {وَمِنْ هَـؤُلاء} يعني أهل مكة {مَن يُؤْمِنُ بِهِ} وهم الذين أسلموا {وَمَا يَجْحَدُ بِـايَـٰتِنَا إِلاَّ ٱلْكَـٰفِرونَ} قال قتادة: إنما يكون الجحد بعد المعرفة، قال مقاتل: وهم اليهود. قوله تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَـٰبٍ} قال أبو عبيدة: مجازه ما كنت تقرأ قبله كتابا و«من» زائدة، فأما الهاء في قبله فهي عائدة إلى القرآن والمعنى: ما كنت قارئا قبل الوحي ولا كاتبا، وهكذا كانت صفته في التوراة والإنجيل، أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، وهذا يدل على ان الذي جاء به، من عند اللّه تعالى. قوله تعالى: {إِذاً لاَّرْتَـٰبَ ٱلْمُبْطِلُونَ} أي: لو كنت قارئا كاتبا لشك اليهود فيك، ولقالوا ليست هذه صفته في كتابنا، والمبطلون الذين يأتون بالباطل، وفيهم ها هنا قولان. احدهما: كفار قريش، قاله مجاهد. والثاني: كفار اليهود، قاله مقاتل. قوله تعالى: {بَلْ هُوَ ءايَـٰتٌ بَيّنَـٰتٌ} في المكني عنه قولان. احدهما: أنه النبي محمد ص، ثم في معنى الكلام قولان. احدهما: ان المعنى: بل وجدان أهل الكتاب في كتبهم ان محمدا ص لا يكتب ولا يقرأ، وأنه أمي آيات بينات في صدورهم، وهذا مذهب ابن عباس، والضحاك، وابن جريج. والثاني: أن المعنى: بل محمد ذو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب، لأنهم يجدونه بنعته وصفته، قاله قتادة. والثاني: أنه القرآن، والذين أوتوا العلم المؤمنون الذين حملوا القرآن على عهد رسول اللّه ص، وحملوه بعده. وإنما أعطي الحفظ هذه الأمة وكان من قبلهم لا يقرؤون كتابهم إلا نظرا، فاذا أطبقوه لم يحفظوا ما فيه سوى الأنبياء، وهذا قول الحسن. وفي المراد بالظالمين هاهنا قولان. احدهما: المشركون، قاله ابن عباس. والثاني: كفار اليهود، قاله مقاتل. ٥٠ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥١ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥٢ قوله تعالى: {وَقَالُواْ} يعني كفار مكة {لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَـٰتٌ مّن رَّبّهِ} قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: {ءايَـٰتِ} على الجمع. وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {ءايَةً} على التوحيد. وإنما أرادوا كآيات الأنبياء {قُلْ إِنَّمَا ٱلاْيَـٰتُ عِندَ ٱللّه} أي: هو القادر على إرسالها وليست بيدي، وزعم بعض علماء التفسير أن قوله {وَإِنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} منسوخ بآية السيف. ثم بين اللّه عز وجل ان القرآن يكفي من الآيات التي سألوها بقوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ} وذكر يحيى بن جعدة: أن ناسا من المسلمين أتوا رسول اللّه ص بكتب قد كتبوها، فيها بعض ما يقول اليهود، فلما نظر إليها ألقاها وقال: «كفى بها حماقة قوم أو، ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى قوم غيرهم» فنزلت {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ} إلى آخر الآية. قوله تعالى: {قُلْ كَفَىٰ بِٱللّه} قال المفسرون: لما كذبوا بالقرآن نزلت: {قُلْ كَفَىٰ بِٱللّه بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً} يشهد لي أني رسوله، ويشهد عليكم بالتكذيب، وشهادة اللّه له إثبات المعجزة له بانزال الكتاب عليه {وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱلْبَـٰطِلِ} قال ابن عباس: بغير اللّه وقال مقاتل: بعبادة الشيطان. ٥٣ انظر تفسير الآية:٥٥ ٥٤ انظر تفسير الآية:٥٥ ٥٥ قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ} قال مقاتل: نزلت في النضر بن الحارث، حين قال: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء} [الأنفال: ٣٢]. وفي الأجل المسمى أربعة أقوال. احدها: أنه يوم القيامة، قاله سعيد ابن جبير. والثاني: أجل الحياة إلى حين الموت وأجل الموت إلى حين البعث، قاله قتادة. والثالث: مدة اعمارهم قاله الضحاك. والرابع: يوم بدر حكاه الثعلبي. قوله تعالى: {وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ} يعني العذاب. وقرأ معاذ القارئ وأبو نهيك وابن أبي عبلة {ولتأتينهم} بالتاء {فَأَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} باتيانه. قوله تعالى: وإن جهنم لمحيطة بالكافرين أي: جامعة لهم. قوله تعالى: {وَيِقُولُ ذُوقُواْ} قرأ ابن كثير بالنون. وقرأ نافع بالياء. فمن قرأ بالياء أراد الملك الموكل بعذابهم. ومن قرأ بالنون فلأن ذلك لما كان يأمر اللّه تعالى جاز ان ينسب إليه ومعنى {مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أي جزاء ما عملتم من الكفر والتكذيب. ٥٦ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٧ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٨ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٩ انظر تفسير الآية:٦٠ ٦٠ قوله تعالى: {ٱلْبَـٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر {فِى عِبَادِى} بتحريك الياء. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي باسكانها. قوله تعالى: {إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ} وقرأ ابن عامر وحده {أَرْضِى} بفتح الياء. وفيه ثلاثة أقوال. احدها: أنه خطاب لمن آمن من أهل مكة، قيل لهم: إن أرضي يعني: المدينة واسعة، فلا تجاوروا الظلمة في أرض مكة. قاله أبو صالح عن ابن عباس. وكذلك قال مقاتل: نزلت في ضعفاء مسلمي مكة أي: إن كنتم في ضيق بمكة من إظهار الإيمان فارض المدينة واسعة. والثاني: أن المعنى: إذا عمل بالمعاصي في ارض، فاخرجوا منها. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عطاء. والثالث: إن رزقي لكم واسع، قاله مطرف بن عبد اللّه. قوله تعالى: {فَإِيَّاىَ فَٱعْبُدُونِ} أثبت فيها الياء يعقوب في الحالين، وحذفها الباقون. قال الزجاج: أمرهم بالهجرة من الموضع الذي لا يمكنهم فيه عبادة اللّه إلى حيث تتهيأ لهم العبادة، ثم خوفهم بالموت، لتهون عليهم الهجرة، فقال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ} المعنى: فلا تقيموا في دار الشرك خوفا من الموت، ثم إلينا ترجعون بعد الموت، فنجزيكم بأعمالكم. والأكثرون قرؤوا: {تُرْجَعُونَ} بالتاء على الخطاب، وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء. قوله تعالى: {لَنُبَوّئَنَّهُمْ} قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: {لَنُبَوّئَنَّهُمْ} بالباء، أي: لننزلنهم. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: {لنثوينهم} بالثاء، وهو من ثويت بالمكان إذا أقمت به. قال الزجاج: يقال: ثوى الرجل إذا اقام، وأثويته إذا أنزلته منزلا يقيم فيه. قوله تعالى: {يَتَوَكَّلُونَ وَكَأَيّن مّن دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا} قال ابن عباس: لما أمرهم رسول اللّه ص بالخروج إلى المدينة، قالوا: يا رسول اللّه نخرج إلى المدينة وليس لنا بها عقار ولا مال فمن يؤوبنا ويطعمنا؟ فنزلت هذه الآية. قال ابن قتيبة: ومعنى الآية: كم من دابة لا ترفع شيئا لغد، قال ابن عيينة: ليس يخبأ إلا الإنسان والفأرة والنملة. قال المفسرون: وقوله {ٱللّه يَرْزُقُهَا} أي: حيثما توجهت {وَإِيَّـٰكُمْ} أي: ويرزقكم إن هاجرتم إلى المدينة {وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ} لقولكم: لا نجد ما ننفق بالمدينة {ٱلْعَلِيمُ} بما في قلوبكم. ٦١ انظر تفسير الآية:٦٣ ٦٢ انظر تفسير الآية:٦٣ ٦٣ قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} يعني كفار مكة، وكانوا يقرون بأنه الخالق والرازق، وإنما أمره أن يقول: {ٱلْحَمْدُ للّه} على إقرارهم لأن ذلك يلزمهم الحجة فيوجب عليهم {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} توحيد اللّه مع إقرارهم بأنه الخالق والمراد بالأكثر: الجميع. ٦٤ انظر تفسير الآية:٦٦ ٦٥ انظر تفسير الآية:٦٦ ٦٦ قوله تعالى: {وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ} والمعنى: وما الحياة في هذه الدنيا إلا غرور ينقضي عن قليل، {وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلاْخِرَةَ} يعني: الجنة {لَهِىَ ٱلْحَيَوَانُ} قال ابو عبيدة: اللام في {لَهِىَ} زائدة للتوكيد، والحيوان والحياة واحد، والمعنى: لهي دار الحياة التي لا موت فيها، ولا تنغيص يشوبها كما يشوب الحياة الدنيا {لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} أي: لو علموا لرغبوا عن الفاني في الباقي، ولكنهم لا يعلمون. قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُواْ فِى ٱلْفُلْكِ} يعني المشركين، {دَعَوُاْ ٱللّه مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ} أي: افردوه بالدعاء. قال مقاتل: والدين بمعنى التوحيد، والمعنى: أنهم لا يدعون من يدعونه شريكا له {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ} أي: خلصهم من أهوال البحر وأفضوا إلى البر {إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} في البر، وهذا إخبار عن عنادهم {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَـٰهُمْ} هذه لام الأمر ومعناه التهديد والوعيد كقوله: {ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ} [فصلت٤٠] والمعنى: ليجحدوا نعمة اللّه في إنجائه إياهم وليتمتعوا. قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي باسكان اللام على معنى الامر، والمعنى: ليتمتعوا بباقي أعمارهم، {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عاقبة كفرهم. وقرأ الباقون بكسر اللام في {ليتمتعوا} فجعلوا اللامين بمعنى كي، فتقديره: لكي يكفروا ولكي يتمتعوا، فيكون معنى الكلام: إذا هم يشركون ليكفروا وليتمتعوا، أي: لا فائدة لهم في الإشراك إلا الكفر والتمتع بما يتمنون به في العاجلة، من غير نصب لهم في الآخرة. ٦٧ انظر تفسير الآية:٦٩ ٦٨ انظر تفسير الآية:٦٩ ٦٩ قوله تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَوْاْ} يعني كفار مكة {أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءامِناً} يعني مكة وقد شرحنا هذا المعنى في [القصص٥٧] {وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} أي: أن العرب يسبي بعضهم بعضا وأهل مكة آمنون {أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ} وفيه ثلاثة أقوال. احدها: الشرك، قاله قتادة. والثاني: الأصنام، قاله ابن السائب. والثالث: الشيطان، قاله مقاتل. قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ} وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وعاصم الجحدري: {تُؤْمِنُونَ * وَٱللّه جَعَلَ تَكْفُرُونِ} بالتاء فيهما. قوله تعالى: {وَٱللّه جَعَلَ} يعني: محمدا والإسلام، وقيل: بانعام اللّه عليهم حين أطعمهم وآمنهم {يَكْفُرُونَ}، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللّه كَذِباً} أي: زعم أن له شريكا، وأنه أمر بالفواحش {أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقّ لَمَّا جَاءهُ} يعني محمدا والقرآن {أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لّلْكَـٰفِرِينَ} وهذا استفهام بمعنى التقرير كقول جرير: ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح{وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا} أي: قاتلوا أعداءنا لاجلنا {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} أي: لنوفقنهم لإصابة الطريق المستقيمة؛ وقيل: لنزيدنهم هداية {وَإِنَّ ٱللّه لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ} بالنصرة والعون. قال ابن عباس: يريد بالمحسنين: الموحدين، وقال غيره: يريد المجاهدين. وقال ابن المبارك: من اعتاصت عليه مسألة، فليسأل أهل الثغور عنها لقوله: {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}. |
﴿ ٠ ﴾