١٢ قوله تعالى: {إِذْ جَاءوكُمْ مّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ} أي: من فوق الوادي ومن أسفله {وَإِذْ زَاغَتِ ٱلاْبْصَـٰرُ} أي: مالت وعدلت فلم تنظر إلى شيء إلا إلى عدوها مقبلا من كل جانب، {وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ} وهي جمع حنجرة، والحنجرة جوف الحلقوم. قال قتادة: شخصت عن مكانها، فلولا أنه ضاق الحلقوم عنها ان تخرج لخرجت. وقال غيره: المعنى: أنهم جبنوا وجزع أكثرهم، وسبيل الجبان إذا اشتد خوفه أن تنتفخ رئته، فيرتفع حينئذ القلب إلى الحنجرة، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس والفراء. وذهب ابن قتيبة إلى أن المعنى كادت القلوب تبلغ الحلوق من الخوف. وقال ابن الأنباري: كاد لا يضمر ولا يعرف معناه إذا لم ينطق به. قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِٱللّه ٱلظُّنُونَاْ} قال الحسن: اختلفت ظنونهم، فظن المنافقون أن محمدا وأصحابه يستأصلون، وظن المؤمنون أنه ينصر. قرأ ابن كثير والكسائي وحفص عن عاصم {ٱلظُّنُونَاْ} و{ٱلرَّسُولاَ} [الأحزاب: ٦٦] و {ٱلسَّبِيلاْ} [الأحزاب: ٦٧] بألف إذا وقفوا عليهن، وبطرحها في الوصل. وقال هبيرة عن حفص عن عاصم: وَصْل أو وقْف بالف. وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر عن عاصم بالألف فيهن وصلا ووقفا. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بغير ألف في وصل ولا وقف. قال الزجاج: والذي عليه حذاق النحويين والمتبعون السنة من قرائهم أن يقرؤوا {ٱلظُّنُونَاْ} ويقفون على الألف ولا يصلون، وإنما فعلوا ذلك لأن أواخر الآيات عندهم فواصل يثبتون في آخرها الألف في الوقف. قوله تعالى: {هُنَالِكَ} أي عند ذلك {ٱبْتُلِىَ ٱلْمُؤْمِنُونَ} أي: اختبروا بالقتال والحصر ليتبين المخلص من المنافق {وَزُلْزِلُواْ} أي ازعجوا وحركوا بالخوف، فلم يوجدوا إلا صابرين. وقال الفراء: حُرِّكوا إلى الفتنة تحريكا، فعصموا. قوله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} فيه قولان. احدهما: أنه الشرك قاله الحسن. والثاني: النفاق قاله قتادة {مَّا وَعَدَنَا ٱللّه وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً} قال المفسرون: قالوا يومئذ: إن محمدا يعدنا أن نفتح مدائن كسرى وقيصر، وأحدنا لا يستطيع ان يجاوز رحله، هذا واللّه الغرور، وزعم ابن السائب أن قائل هذا معتب بن قشير. |
﴿ ١٢ ﴾