ÓõæÑóÉõ íٰÓۤ ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ËóáÇóËñ æóËóãóÇäõæäó ÂíóÉðþþ سورة يس وفيها قولان: أحدهما: أنها مكية، قاله ابن عباس، والحسن، وعكرمة، وقتادة، والجمهور. وروي عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا: إنها مكية إلا آية منها، وهي قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ * أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ ٱللّه} [يس: ٤٥]. والثاني: أنها مدنية، حكاه أبو سليمان الدمشقي، وقال: ليس بالمشهور. بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٦ ٢ انظر تفسير الآية:٦ ٣ انظر تفسير الآية:٦ ٤ انظر تفسير الآية:٦ ٥ انظر تفسير الآية:٦ ٦ وفي قوله: {يس} خمسة أقوال. أحدها أن معناها: يا إنسان، بالحبشية، رواه عكرمة عن ابن عباس. وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومقاتل. والثاني: أنها قسم أقسم اللّه به وهو من أسمائه، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: أن معناها يا محمد، قاله ابن الحنفية والضحاك. والرابع: أن معناها يا رجل، قاله الحسن. والخامس: اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة. وقرأ الحسن، وأبو الجوزاء: {يس} بفتح الياء وكسر النون. وقرأ أبو المتوكل، وأبو رجاء، وابن أبي عبلة: بفتح الياء والنون جميعا. وقرأ أبو حصين الأسدي: بكسر الياء وإظهار النون. قال الزجاج: والذي عند أهل العربية أن هذا بمنزلة افتتاح السور. وبعض العرب يقول: {يس وَٱلْقُرْءانِ} بفتح النون. وهذا جائز في العربية لوجهين: أحدهما: أن «يس» اسم للسورة، فكأنه قال: اتل يس وهو على وزن هابيل وقابيل لا ينصرف. والثاني: أنه فتح لالتقاء الساكنين، والتسكين أجود، لأنه حرف هجاء. قوله تعالى: {وَٱلْقُرْءانِ ٱلْحَكِيمِ} هذا قسم وقد سبق معنى الحكيم [البقرة: ٣٢] قال الزجاج: وجوابه: {إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ} وأحسن ما جاء في العربية أن يكون لمن المرسلين خبر إن ويكون قوله: {عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ} خبرا ثانيا فيكون المعنى إنك لمن المرسلين، إنك على صراط مستقيم. ويجوز أن يكون {عَلَىٰ صِرٰطٍ} من صلة {ٱلْمُرْسَلِينَ} فيكون المعنى: إنك لمن المرسلين الذين أرسلوا على طريقة مستقيمة. قوله تعالى: {تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: {تَنزِيلَ} برفع اللام. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: {تَنزِيلَ} بنصب اللام. وعن عاصم كالقراءتين. قال الزجاج: من قرأ بالنصب، فعلى المصدر، على معنى: نزل اللّه ذلك تنزيلا. ومن قرأ بالرفع، فعلى معنى: الذي أنزل إليك تنزيل العزيز. وقال الفراء: من نصب أراد إنك لمن المرسلين تنزيلا حقا منزلا، ويكون الرفع على الاستئناف كقوله: {ذٰلِكَ تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ} وقرأ أبي بن كعب، وأبو رزين، وأبو العالية، والحسن، والجحدري: {تَنزِيلَ} بكسر اللام. وقال مقاتل: هذا القرآن تنزيل العزيز في ملكه الرحيم بخلقه. قوله تعالى: {لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ} في ما قولان. أحدهما: أنها تنفي، وهو قول قتادة والزجاج في الأكثرين. والثاني: أنها بمعنى كما، قاله مقاتل. وقيل: هي بمعنى الذي. قوله تعالى: {فَهُمْ غَـٰفِلُونَ} أي عن حجج التوحيد وأدلة البعث. ٧ انظر تفسير الآية:١٢ ٨ انظر تفسير الآية:١٢ ٩ انظر تفسير الآية:١٢ ١٠ انظر تفسير الآية:١٢ ١١ انظر تفسير الآية:١٢ ١٢ {لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ} فيه قولان. أحدهما: وجب العذاب. والثاني: سبق القول بكفرهم. قوله تعالى: {عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ} يعني أهل مكة، وهذه إشارة إلى إرادة اللّه تعالى السابقة لكفرهم {فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} لما سبق من القدر بذلك. {إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها مثل، وليس هناك غل حقيقة، قاله أكثر المحققين، ثم لهم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها مثل لمنعهم عن كل خير، قاله قتادة. والثاني: لحبسهم عن الإنفاق في سبيل اللّه بموانع كالأغلال، قاله الفراء، وابن قتيبة. والثالث: لمنعهم من الإيمان باللّه، قاله أبو سليمان الدمشقي. والقول الثاني: أنها موانع حسية منعت كما يمنع الغل. قال مقاتل بن سليمان: حلف أبو جهل لئن رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم يصلي ليدمغنه، فجاءه وهو يصلي، فرفع حجرا فيبست يده والتصق الحجر بيده، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم الخبر. فقام رجل منهم فأخذ الحجر فلما دنا من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم طمس اللّه على بصره فلم يره، فرجع إلى أصحابه فلم يبصرهم حتى نادوه، فنزل في أبي جهل: {إِنَّمَا جَعَلْنَا فِى أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً} الآية. ونزل في الآخر {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً}. والقول الثالث: أنه على حقيقته إلا أنه وصف لما سينزله اللّه تعالى بهم في النار، حكاه الماوردي. قوله تعالى: {فَهِىَ إِلَى ٱلاْذْقَـٰنِ} قال الفراء: فهي كناية عن الأيمان، ولم تذكر، لأن الغل لا يكون إلا في اليمين والعنق جامعا لهما. فاكتفي بذكر أحدهما عن صاحبه. وقال الزجاج: هي كناية عن الأيدي، ولم يذكر إيجازا، لأن الغل يتضمن اليد والعنق، وأنشد: وما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني وإنما قال: أيهما لأنه قد علم أن الخير والشر معرضان للانسان. قال الفراء: والذقن أسفل اللحيين، والمقمح الغاض بصره بعد رفع رأسه، قال أبو عبيده: كل رافع رأسه فهو مقامح وقامح والجمع قماح. فإن فعل ذلك بإنسان فهو مقمح ومنه هذه الآية. وقال ابن قتيبة: يقال بعير قامح وإبل قماح إذا رويت من الماء فقمحت. قال الشاعر وذكر سفينة ـ: ونحن على جوانبها قعود نغض الطرف كالإبل القماح وقال الأزهري: المراد أن أيديهم لما غلت عند أعناقهم، رفعت الأغلال أذقانهم ورؤوسهم، فهم مرفوعو الرؤوس برفع الأغلال إياها. قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً} قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: بفتح السين، والباقون: بضمها، وقد تكلمنا على الفرق بينهما في [الكهف: ٩٤]. وفي معنى الآية قولان: أحدهما: منعناهم عن الإيمان بموانع، فهم لا يستطيعون الخروج عن الكفر. والثاني: حجبناهم عن أذى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالظلمة لما قصدوه بالأذى. قوله تعالى: {فَأغْشَيْنَـٰهُمْ} قال ابن قتيبة: أغشينا عيونهم وأعميناهم عن الهدى. وقرأ ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، ويحيى بن يعمر: {فَأغْشَيْنَـٰهُمْ} بعين غير معجمة. ثم ذكر أن الإنذار لا ينفعهم لإضلاله إياهم بالآية التي بعد هذه. ثم أخبر عمن ينفعه الإنذار بقوله تعالى: {إِنَّمَا تُنذِرُ} أي: إنما ينفع إنذارك {مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِكْرَ} وهو القرآن فعمل به {وَخشِىَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ} وقد شرحناه في [الأنبياء: ٤٩] والأجر الكريم الحسن وهو الجنة. {إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ} للبعث {وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ} من خير وشر في دنياهم وقرأ النخعي والجحدري: ويكتب بياء مرفوعة وفتح التاء وآثارهم برفع الراء. وفي أثارهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنها خطاهم بأرجلهم، قاله الحسن، ومجاهد، وقتادة. قال أبو سعيد الخدري: شكت بنو سلمة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد منازلهم من المسجد، فأنزل اللّه تعالى: {وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَءاثَارَهُمْ} فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: «عليكم منازلكم، فإنما تكتب آثاركم»، وقال قتادة وعمر بن عبد العزيز: لو كان اللّه مغفلا شيئا، لأغفل ما تعفي الرياح من أثر قدم ابن آدم. والثاني: أنها الخطا إلى الجمعة، قاله أنس بن مالك. والثالث: ما أثروا من سنة حسنة أو سيئة يعمل بها بعدهم، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، واختاره الفراء، وابن قتيبة، والزجاج. قوله تعالى: {وَكُلَّ شىْء} وقرأ ابن السميفع، وابن أبي عبلة: وكل برفع اللام، أي: من الأعمال أحصيناه أي: حفظناه {فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ} وهو اللوح المحفوظ. ١٣ انظر تفسير الآية:١٩ ١٤ انظر تفسير الآية:١٩ ١٥ انظر تفسير الآية:١٩ ١٦ انظر تفسير الآية:١٩ ١٧ انظر تفسير الآية:١٩ ١٨ انظر تفسير الآية:١٩ ١٩ قوله تعالى: {وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً} المعنى: صف لأهل مكة مثلا؛ أي: شبها. وقال الزجاج: المعنى: مثل لهم مثلا {أَصْحَـٰبَ ٱلقَرْيَةِ} وهو بدل من مثل، كأنه قال: اذكر لهم أصحاب القرية. وقال عكرمة، وقتادة: هذه القرية هي أنطاكية. {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ} وفي اسميهما ثلاثة أقوال: أحدها: صادق وصدوق، قاله ابن عباس، وكعب. والثاني: يوحنا وبولس، قاله وهب بن منبه. والثالث: تومان وبولس، قاله مقاتل. قوله تعالى: {فَعَزَّزْنَا} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: فعزّزْنا بتشديد الزاي. قال ابن قتيبة: المعنى: قوينا وشددنا، يقال: تعزز لحم الناقة: إذا صلب. وقرأ أبو بكر، والمفضل عن عاصم: فعززنا خفيفة. قال أبو علي: أراد فغلبنا. قال مقاتل: واسم هذا الثالث شمعون، وكان من الحواريين، وهو وصي عيسى عليه السلام. قال وهب: وأوحى اللّه إلى شمعون يخبره خبر الاثنين ويأمره بنصرتهما، فانطلق يؤمهما. وذكر الفراء أن هذا الثالث كان قد أرسل قبلهما؛ قال: ونراه في التنزيل كأنه بعدهما، وإنما المعنى: فعززنا بالثالث الذي قبلهما، والمفسرون على أنه إنما أرسل لنصرتهما، ثم إن الثالث إنما يكون بعد ثان، فأما إذا سبق الاثنين فهو أول؛ وإني لأتعجب من قول الفراء. واختلف المفسرون فيمن أرسل هؤلاء الرسل على قولين: أحدهما:أن اللّه تعالى أرسلهم، وهو ظاهر القرآن، وهو مروي عن ابن عباس، وكعب، ووهب. والثاني: أن عيسى أرسلهم. وجاز أن يضاف ذلك إلى اللّه تعالى لأنهم رسل رسوله، قاله قتادة، وابن جريج. قوله تعالى: {قَالُواْ مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا} أي: مالكم علينا فضل في شيء {وَمَا أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَىْء} أي: لم ينزل كتابا ولم يرسل رسولا. وما بعده ظاهر إلى قوله: {قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} وذلك أن المطر حبس عنهم، فقالوا: إنما أصابنا هذا من قبلكم {لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ} أي: تسكتوا عنا {لَنَرْجُمَنَّكُمْ} أي: لنقتلنكم. {قَالُواْ طَـٰئِرُكُم مَّعَكُمْ} أي: شؤمكم معكم بكفركم، لا بنا {أَءن ذُكّرْتُم} قرأ ابن كثير: {أَيْنَ ذُكّرْتُم} بهمزة واحدة بعدها ياء. وافقه أبو عمرو، إلا أنه كان يمد. قال الأخفش: معناه: حيث ذكرتم أي وعظتم وخوفتم. وهذا استفهام جوابه محذوف، تقديره: أئن ذكرتم تطيرتم بنا. وقيل: أئن ذكرتم قلتم هذا القول. والمسرفون هاهنا المشركون. ٢٠ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢١ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٣ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٤ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٥ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٦ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٧ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٨ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٩ قوله تعالى: {وَجَاء مِنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ} واسمه حبيب النجار، وكان مجذوما، وكان قد آمن بالرسل لما وردوا القرية، وكان منزله عند أقصى باب من أبواب القرية، فلما بلغه أن قومه قد كذبوا الرسل وهموا بقتلهم، جاء يسعى، فقال ما قصه اللّه علينا إلى قوله: {وَهُمْ مُّهْتَدُونَ} يعنى الرسل، فأخذوه ورفعوه إلى الملك. فقال له الملك: أفأنت تتبعهم؟ فقال: {ومالى} أسكن هذه الياء حمزة، وخلف، ويعقوب {لِىَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِى فَطَرَنِى} أي وأي شيء لي إذا لم أعبد خالقي {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} عند البعث، فيجزيكم بكفركم؟ٰ فإن قيل: لم أضاف الفطرة إلى نفسه والبعث إليهم وهو يعلم أن اللّه قد فطرهم جميعا كما يبعثهم جميعا؟ فالجواب: أن إيجاد اللّه تعالى نعمة يوجب الشكر، والبعث في القيامة وعيد يوجب الزجر، فكانت إضافة النعمة إلى نفسه أظهر في الشكر، وإضافة البعث إلى الكافر أبلغ في الزجر. ثم أنكر عبادة الأصنام بقوله تعالى: {أَءتَّخِذُ مِن دُونِهِ ءالِهَةً}. قوله تعالى: {لاَّ تُغْنِ عَنّى شَفَـٰعَتُهُمْ} يعني أنه لا شفاعة لهم فتغني، {وَلاَ يُنقِذُونَ} أثبت ها هنا الياء في الحالين يعقوب، وورش. والمعنى: لا يخلصوني من ذلك المكروه. {إِنّى إِذاً} فتح هذه الياء نافع، وأبو عمرو. قوله تعالى: {إِنّى ءامَنتُ بِرَبّكُمْ} فتح هذه الياء أهل الحجاز وأبو عمرو. وفيمن خاطبهم بإيمانه قولان: أحدهما: أنه خاطب قومه بذلك، قاله ابن مسعود. والثاني: أنه خاطب الرسل. ومعنى {فَٱسْمَعُونِ} اشهدوا لي بذلك، قاله الفراء. وقال أبو عبيدة: المعنى: فاسمعوا مني. وأثبت ياء فاسمعوني في الحالين يعقوب. قال ابن مسعود: لما خاطب قومه بذلك، وطئوه بأرجلهم. وقال السدي: رموه بالحجارة، وهو يقول: اللّهم اهد قومي. قوله تعالى: {قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ} لما قتلوه فلقي اللّه قيل: ادخل الجنة فلما دخلها {قال ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي} وفي ما قولان: أحدهما: أنها مع غفر في موضع مصدر؛ والمعنى: بغفران اللّه لي. والثاني: أنها بمعنى الذي فالمعنى: ليتهم يعلمون بالذي غفر لي به ربي فيؤمنون، فنصحهم حيا وميتا. فلما قتلوه عجل اللّه لهم العذاب، فذلك قوله تعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ} يعنى قوم حبيب {مِن بَعْدِهِ} أي: من بعد قتله {مِن جُندٍ مّنَ ٱلسَّمَاء} يعني الملائكة، أي: لم ينتصر منهم بجند من السماء {وَمَا كُنَّا} ننزلهم على الأمم إذا أهلكناهم. وقيل: المعنى: ما بعثنا إليهم بعده نبيا، ولا أنزلنا عليهم رسالة. {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً} قال المفسرون: أخذ جبريل [عليه السلام] بعضادتي باب المدينة، ثم صاح بهم صيحة واحدة، فإذا هم ميتون لا يسمع لهم حس، كالنار إذا طفئت، وهو قوله تعالى: {فَإِذَا هُمْ خَـٰمِدُونَ} أي: ساكنون كهيأة الرماد الخامد. ٣٠ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣١ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٢ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٣ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٦ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٤ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٥ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٦ قوله تعالى: {خَـٰمِدُونَ يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ} قال الفراء: المعنى: يالها حسرة على العباد. وقال الزجاج: الحسرة أن يركب الإنسان من شدة الندم مالا نهاية له حتى يبقى قلبه حسيرا. وفي المتحسر على العباد قولان: أحدهما: أنهم يتحسرون على أنفسهم، قال مجاهد والزجاج: استهزاؤهم بالرسل كان حسرة عليهم في الآخرة. وقال أبو العالية: لما عاينوا العذاب قالوا يا حسرتنا على المرسلين كيف لنا بهم الآن حتى نؤمن. والثاني: أنه تحسر الملائكة على العباد في تكذيبهم الرسل، قاله الضحاك. ثم خوف كفار مكة فقال: {أَلَمْ يَرَوْاْ} أي: ألم يعلموا {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ ٱلْقُرُونِ} فيعتبروا ويخافوا أن نعجل لهم الهلاك كما عجل لمن أهلك قبلهم ولم يرجعوا إلى الدنيا. قال الفراء: وألف {أَنَّهُمْ} مفتوحة لأن المعنى ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون. وقد كسرها الحسن كأنه لم يوقع الرؤية على {كَمْ} فلم يقعها على {ءانٍ} وإن استأنفتها كسرتها. قوله تعالى: {وَإِن كُلٌّ لَّمَّا} وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة: لما بالتشديد، {جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} أي: إن الأمم يحضرون يوم القيامة، فيجازون بأعمالهم. قال الزجاج: من قرأ لما بالتخفيف ف {مَا} زائدة مؤكدة والمعنى: وإن كل لجميع، ومعناه: وما كل إلا جميع لدينا محضرون. ومن قرأ لما بالتشديد، فهو بمعنى إلا تقول: سألتك لما فعلت وإلا فعلت. {وَءايَةٌ لَّهُمُ ٱلاْرْضُ ٱلْمَيْتَةُ} وقرأ نافع: {ٱلْمَيْتَةُ} بالتشديد، وهو الأصل، والتخفيف أكثر، وكلاهما جائز؛ {وَءايَةٌ} مرفوعة بالابتداء، وخبرها لهم ويجوز أن يكون خبرها الأرض الميتة والمعنى: وعلامة تدلهم على التوحيد وأن اللّه يبعث الموتى أحياء الأرض الميتة. قوله تعالى: {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} يعنى ما يقتات من الحبوب. قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا} وقوله: {وَفَجَّرْنَا فِيهَا} يعني في الأرض. قوله تعالى: {لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ} يعني النخيل، وهو في اللفظ مذكر. {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: عملته بهاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {عَمِلَتْ} بغير هاء. والهاء مثبتة في مصاحف مكة والمدينة والشام والبصرة. ومحذوفة من مصاحف أهل الكوفة. قال الزجاج: موضع ما خفض والمعنى: ليأكلوا من ثمره ومما عملته أيديهم. ويجوز أن يكون ما نفيا، المعنى: ولم تعمله أيديهم وهذا على قراءه من أثبت الهاء. فإذا حذفت الهاء فالاختيار أن تكون ما في موضع خفض. وتكون بمعنى الذي فيحسن حذف الهاء. وكذلك ذكر المفسرون القولين. فمن قال بالأول: قال ليأكلوا مما عملت أيديهم وهو الغروس والحروث التي تعبوا فيها. ومن قال بالثاني قال: ليأكلوا ما ليس من صنعهم ولكنه من فعل الحق عز وجل {أَفَلاَ يَشْكُرُونَ} اللّه تعالى فيوحدوه؟ٰ. ثم نزه نفسه بقوله {سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى خَلَق ٱلاْزْوٰجَ كُلَّهَا} يعني الأجناس كلها {مِمَّا تُنبِتُ ٱلارْضُ} من الفواكهة والحبوب وغير ذلك {وَمِنْ أَنفُسِهِمْ} وهم الذكور والإناث {وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} من دواب البر والبحر وغير ذلك مما لم يقفوا على علمه. ٣٧ انظر تفسير الآية:٤٠ ٣٧ انظر تفسير الآية:٤٠ ٣٨ انظر تفسير الآية:٤٠ ٣٩ انظر تفسير الآية:٤٠ ٤٠ قوله تعالى: {وَءايَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيْلُ نَسْلَخُ} أي: وعلامة لهم تدل على توحيدنا وقدرتنا الليل نسلخ منه النهار. قال الفراء: نرمي بالنهار عنه. ومنه بمعنى عنه. وقال أبو عبيدة: نخرج منه النهار ونميزه منه فتجيء الظلمة. قال الماوردي: وذلك أن ضوء النهار يتداخل في الهواء فيضيء، فإذا خرج منه أظلم. وقوله {فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ} أي: داخلون في الظلام. {وَٱلشَّمْسُ} أي: وآية لهم الشمس {تَجْرِى لِمُسْتَقَرّ لَّهَـا} وفيه أربعة أقوال: أحدها: إلى موضع قرارها: روى أبو ذر قال سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قوله {لِمُسْتَقَرّ لَّهَـا} قال: مستقرها تحت العرش، وقال: إنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الطلوع فيؤذن لها. والثاني: أن مستقرها مغربها لا تجاوزه ولا تقصر عنه، قاله مجاهد. والثالث: لوقت واحد لا تعدوه، قاله قتاده. وقال مقاتل: لوقت لها إلى يوم القيامة. والرابع: تسير في منازلها حتى تنتهي إلى مستقرها الذي لا تجاوزه، ثم ترجع إلى أول منازلها، قاله ابن السائب. وقال ابن قتيبة: إلى مستقر لها، ومستقرها: أقصى منازلها في الغروب، وذلك لأنها لا تزال تتقدم إلى أقصى مغاربها، ثم ترجع. وقرأ ابن مسعود، وعكرمة، وعلي بن الحسين، والشيزري عن الكسائي: {لا مُّسْتَقِرٌّ لَهَا}والمعنى: أنها تجري أبدا لا تثبت في مكان واحد. قوله تعالى: {ذٰلِكَ} الذي ذكر من أمر الليل والنهار والشمس {تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ} في ملكه {ٱلْعَلِيمُ} بما يقدر. قوله تعالى: {وَٱلْقَمَرِ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: والقمر بالرفع. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: والقمر بالنصب. قال الزجاج: من قرأ بالنصب فالمعنى: وقدرنا القمر قدرناه منازل. ومن قرأ بالرفع فالمعنى: وآية لهم القمر قدرناه. ويجوز أن يكون على الابتداء، وقدرناه الخبر. قال المفسرون: ومنازل القمر ثمانية وعشرون منزلا، ينزلها من أول الشهر إلى آخره. وقد سميناها في سورة [يونس: ٥] فإذا صار إلى آخر منازله دق فعاد كالعرجون، وهو عود العذق الذي تركته الشماريخ فإذا جف وقدم يشبه الهلال. قال ابن قتيبة: والقديم هاهنا الذي قد أتى عليه حول شبه القمر آخر ليلة يطلع به. قال الزجاج: وتقدير عرجون فعلون من الانعراج. وقرأ أبو مجلز، وأبو رجاء، والضحاك، وعاصم الجحدري، وابن السميفع: {كَٱلعُرجُونِ} بكسر العين. قوله تعالى: {لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ} فيه ثلاثة أقوال: أحدهما: أنهما إذا اجتمعا في السماء، كان أحدهما بين يدي الآخر، فلا يشتركان في المنازل، قاله ابن عباس. والثاني: لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر، قاله مجاهد. والثالث: لا يجمتع ضوء أحدهما مع الآخر فإذا جاء سلطان أحدهما ذهب سلطان الآخر، قاله قتادة. فيكون وجه الحكمة في ذلك أنه لو اتصل الضوء لم يعرف الليل. قوله تعالى: {وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ} وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وأبو عمران، وعاصم الجحدري: {سَابِقٌ} بالتنوين النهار بالنصب وفيه قولان: أحدهما: لا يتقدم الليل قبل استكمال النهار. والثاني: لا يأتي ليل بعد ليل من غير نهار فاصل بيهما، وباقي الآية مفسر في سورة [الأنبياء:٣٣]. ٤١ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٢ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٣ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٤ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٥ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٦ قوله تعالى: {وَءايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرّيَّتَهُمْ} قرأ نافع وابن عامر ذرياتهم على الجمع. وقرأ الباقون من السبعة: ذريتهم على التوحيد. قال المفسرون: أراد في سفينة نوح فنسب الذرية إلى المخاطبين لأنهم من جنسهم كأنه قال ذرية الناس. وقال الفراء: أي ذرية من هو منهم فجعلها ذرية لهم وقد سبقتهم. وقال غيره: هو حمل الأنبياء في أصلاب الآباء حين ركبوا السفينة ومنه قول العباس: بل نطفة تركب السفين وقد ألجم نسرا وأهله الغرق قال المفضل بن سلمة: الذرية: النسل لأنهم من ذرأهم اللّه منهم. والذرية أيضا الآباء لأن الذر وقع منهم فهو من الأضداد. ومنه هذه الآية وقد شرحنا هذا في قوله، {ذُرّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} [آل عمران: ٣٤] والمشحون المملوء. قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ} فيه قولان. أحدهما: مثل سفينة نوح وهي السفن. روى هذا المعنى سعيد بن جبير عن ابن عباس. وبه قال الضحاك وأبو مالك وأبو صالح. والمراد بهذا ذكر منته بأن خلق الخشب الذي تعمل منه السفن. والثاني: أنها الإبل خلقها لهم للركوب في البر، مثل السفن المركوبة في البحر. رواه العوفي عن ابن عباس. وبه قال مجاهد وعكرمة وعن الحسن وقتادة كالقولين. قوله تعالى: {فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ} أي لا مغيث ولا مجير، {وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ} أي ينجون من الغرق. يقال: أنقذه واستنقذه: إذا خلصه، من المكروه، {إِلاَّ رَحْمَةً مّنَّا} المعنى: إلا أن نرحمهم ونمتعهم إلى آجالهم. قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} يعني الكفار {ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} فيه أربعة أقوال: أحدها: {مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ} ما مضى من الذنوب {وَمَا خَلْفَكُمْ} ما يأتي من الذنوب قاله مجاهد. والثاني: {مَا بَيْنَ} ما تقدم من عذاب اللّه للأمم {أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} من أمر الساعة قاله قتادة. والثالث: ما بين أيديكم من الدنيا وما خلفكم من عذاب الآخرة قاله سفيان. والرابع: ما بين أيديكم من أمر الآخرة وما خلفكم من أمر الدنيا فلا تغتروا بها. قاله ابن عباس والكلبي. {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي لتكونوا على رجاء الرحمة من اللّه وجواب إذا محذوف تقديره إذا قيل لهم هذا أعرضوا. ويدل على هذا المحذوف قوله {وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ} أي من دلالة تدل على صدق الرسول. ٤٧ انظر تفسير الآية:٥٨ ٤٨ انظر تفسير الآية:٥٨ ٤٩ انظر تفسير الآية:٥٨ ٥٠ انظر تفسير الآية:٥٨ ٥١ انظر تفسير الآية:٥٨ ٥٢ انظر تفسير الآية:٥٨ ٥٣ انظر تفسير الآية:٥٨ ٥٤ انظر تفسير الآية:٥٨ ٥٥ انظر تفسير الآية:٥٨ ٥٦ انظر تفسير الآية:٥٨ ٥٧ انظر تفسير الآية:٥٧ ٥٨ قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ} اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال: أحدها: في اليهود قاله الحسن. والثاني: في الزنادقة قاله قتادة. والثالث: في مشركي قريش قاله مقاتل. وذلك أن المؤمنين قالوا لكفار مكة أنفقوا على المساكين النصيب الذي زعمتم أنه للّه من الحرث والأنعام فقالوا {أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء ٱللّه أَطْعَمَهُ} وقال ابن السائب: كان العاص بن وائل إذا سأله مسكين قال اذهب إلى ربك فهو أولى بك مني ويقول قد منعه اللّه، أطعمه أنا. ومعنى الكلام: أنهم قالوا: لو أراد اللّه أن يرزقهم لرزقهم فنحن نوافق مشيئة اللّه فيهم فلا نطعمهم وهذا خطأ منهم، لأن اللّه تعالى أغنى بعض الخلق وافقر بعضا ليبلو الغني بالفقير فيما فرض له في ماله من الزكاة، والمؤمن لا يعترض على المشيئة وإنما يوافق الأمر. وقيل: إنما قالوا هذا على سبيل الاستهزاء. وفي قوله: {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ} قولان. أحدهما: أنه من قول الكفار للمؤمنين يعنون إنكم في خطأ من اتباع محمد. والثاني:أنه من قول اللّه للكفار لما ردوه من جوانب المؤمنين. قوله تعالى: {مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ} يعنون القيامة والمعنى متى إنجاز هذا الوعد {إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ} يعنون محمدا وأصحابه. {مَا يَنظُرُونَ} أي ما ينتظرون {إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً} وهي النفخة الأولى و {يَخِصّمُونَ} بمعنى يختصون فأدغمت التاء في الصاد. قرأ ابن كثير وأبو عمرو {يَخِصّمُونَ} بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد. وروي عن أبي عمرو اختلاس حركة الخاء. وقرأ عاصم وابن عامر والكسائي {يَخِصّمُونَ} بفتح الياء وكسر الخاء. وعن عاصم كسر الياء والخاء. وقرأ نافع بسكون الخاء وتشديد الصاد. وقرأ حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد أي يخصم بعضهم بعضا. وقرأ أبي بن كعب {يَخْتَصِمُونَ} بزيادة تاء. والمعنى أن الساعة تأتيهم أغفل ما كانوا عنها وهم متشاغلون في متصرفاتهم وبيعهم وشرائهم {فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} قال مقاتل: أعجلوا عن الوصية فماتوا {وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} أي لا يعودون من الأسواق إلى منازلهم، فهذا وصف ما يلقون في النفخة الأولى، ثم ذكر ما يلقون في النفخة الثانية فقال {وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مّنَ ٱلاْجْدَاثِ} يعني القبور {إِلَىٰ رَبّهِمْ يَنسِلُونَ} أي يخرجون بسرعة. وقد شرحنا هذا المعنى في سورة [الأنبياء: ٩٦]. {قَالُواْ يأَبَانَا يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} وقرأ علي بن أبي طالب وأبو رزين والضحاك وعاصم الجحدري {مَن بَعَثَنَا} بكسر الميم والثاء وسكون العين. قال المفسرون: إنما قالوا هذا لأن اللّه تعالى رفع عنهم العذاب فيما بين النفختين. قال أبي بن كعب: ينامون نومة قبل البعث فإذا بعثوا قالوا هذا. قوله تعالى: {هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ} في قائلي هذا الكلام ثلاثة أقوال. أحدها: أنه قول المؤمنين قاله مجاهد وقتادة وابن أبي ليلى. قال قتادة: أول الآية للكافرين وآخرها للمؤمنين. والثاني: أنه قول الملائكة لهم قاله الحسن. والثالث: أنه قول الكافرين يقول بعضهم لبعض هذا الذي أخبرنا به المرسلون أننا نبعث ونجازى، قاله ابن زيد. قال الزجاج: {مِن مَّرْقَدِنَا} هو وقف التمام ويجوز أن يكون هذا من نعت مرقدنا على معنى: من بعثنا من مرقدنا هذا الذي كنا راقدين فيه ويكون في قوله {مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ} أحد إضمارين إما هذا وإما حق. فيكون المعنى:/حق ما وعد الرحمن. ثم ذكر النفخة الثانية فقال، {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً} وما بعد هذا ظاهر إلى قوله {إِنَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ} يعني في الآخرة {فِى شُغُلٍ} قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو في شغل بإسكان الغين. وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي في شغل بضم الشين والغين. وقرأ أبو هريرة وأبو رجاء وأيوب السختياني {فِى شُغُلٍ} بفتح الشين والغين. وقرأ أبو مجلز وأبو العالية وعكرمة والضحاك والنخعي وابن يعمر والجحدري {فِى شُغُلٍ} بفتح الشين وسكون الغين. وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن شغلهم افتضاض العذارى، رواه شقيق عن ابن مسعود، ومجاهد عن ابن عباس. وبه قال سعيد بن المسيب وقتادة والضحاك. والثاني: ضرب الأوتار رواه عكرمة عن ابن عباس. وعن عكرمة كالقولين، ولا يثبت هذا القول. والثالث: النعمة قاله مجاهد، وقال الحسن: شغلهم نعيمهم عما فيه أهل النار من العذاب. قوله تعالى: {فَـٰكِهُونَ} وقرأ ابن مسعود وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو المتوكل وقتادة وأبو الجوزاء والنخعي وأبو جعفر {فَـٰكِهُونَ} وهل بينهما فرق فيه قولان: أحدهما: أن بينهما فرقا. فأما فاكهون ففيه أربعه أقوال: أحدها: فرحون قاله ابن عباس. والثاني: معجبون قاله الحسن وقتادة. والثالث: ناعمون قاله أبو مالك ومقاتل. والرابع: ذوو فاكهة كما يقال فلان لابن تامر قاله أبو عبيدة وابن قتيبة. وأما {فَـٰكِهُونَ} ففيه قولان. أحدهما: أن الفكه الذي يتفكه تقول العرب للرجل إذا كان يتفكه بالطعام أو بالفاكهة أو بأعراض الناس: إن فلانا لفكه بكذا. ومنه يقال للمزاح فكاهة قاله أبو عبيدة. والثاني: أن فكهين بمعنى فرحين قاله أبو سليمان الدمشقي. والقول الثاني: أن فاكهين وفكهين بمعنى واحد كما يقال حاذر وحذر قاله الفراء. وقال الزجاج: فاكهون وفكهون بمعنى فرحين. وقال أبو زيد: الفكه الطيب النفس الضحوك يقال رجل فاكه وفكه. قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوٰجُهُمْ} يعنى حلائلهم {فِى ظِلَـٰلٍ} وقرأ حمزة والكسائي وخلف {فِي ظُلَلٍ} قال الفراء: الظلال جمع ظل والظلل جمع ظلة، وقد تكون الظلال جمع ظلة أيضا، كما يقال خلة وخلل. فإذا كثرت فهي الخلال والحلال والقلال. قال مقاتل: والظلال أكنان القصور قال أبو عبيدة: والمعنى أنهم لا يضحون فأما الأرائك فقد بيناها في سورة [الكهف: ٣١]. قوله تعالى: {وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ} قال ابن قتيبة: ما يتمنون ومنه يقول الناس هو في خير ما ادعى أي ما تمنى. والعرب تقول: ادع ما شئت أي تمن ما شئت. وقال الزجاج: هو مأخوذ من الدعاء والمعنى: كل ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم وقوله {سَلَـٰمٌ} بدل من ما المعنى لهم ما يتمنون سلام أي هذا منى أهل الجنة أن يسلم اللّه عليهم و{قَوْلاً} منصوب على معنى سلام يقوله اللّه قولا. قال أبو عبيدة: سلام رفع على لهم فالمعنى: لهم فيها فاكهة ولهم فيها سلام. وقال الفراء: معنى الكلام: لهم ما يدعون مسلم خالص. ونصب القول كأنك قلت قاله قولا، وإن شئت جعلته نصبا من قوله: ولهم ما يدعون قولا، كقولك: عدة من اللّه وقرأ ابن مسعود وأبي بن كعب والجحدري {سَلاَماً * قَوْلاً} بنصبهما جميعا. ٥٩ انظر تفسير الآية:٦٤ ٦٠ انظر تفسير الآية:٦٤ ٦١ انظر تفسير الآية:٦٤ ٦٢ انظر تفسير الآية:٦٤ ٦٣ انظر تفسير الآية:٦٤ ٦٤ قوله تعالى: {وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ} قال ابن قتيبة: أي انقطعوا عن المؤمنين وتميزوا منهم يقال مزت الشيء من الشيء: إذا عزلته عنه فانماز وامتاز وميزته فتميز. قال المفسرون: إذا اختلط الإنس والجن في الآخرة قيل {وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ} فيقال للمجرمين {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ} أي ألم آمركم ألم أوصيكم، وتعبدوا بمعنى تطيعوا. والشيطان هو إبليس زين لهم الشرك فأطاعوه {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} ظاهر العداوة أخرج أبويكم من الجنة. {وَأَنِ ٱعْبُدُونِى} قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي {وَأَنِ ٱعْبُدُونِى} بضم النون. وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة {وَأَنِ ٱعْبُدُونِى} بكسر النون والمعنى وحدوني {هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ} يعني التوحيد. {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ} قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف {جِبِلاًّ} بضم الجيم والباء وتخفيف اللام. وقرأ أبو عمرو وابن عامر جبلا بضم الجيم وتسكين الباء مع تخفيف اللام. وقرأ نافع وعاصم جبلا بكسر الجيم والباء مع تشديد اللام. وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس وأبو عبد الرحمن السلمي والزهري والأعمش {جِبِلاًّ} بضم الجيم والباء مع تشديد اللام. وقرأ عبد اللّه بن عمرو وابن السميفع {جِبِلاًّ} بكسر الجيم وسكون الباء وتخفيف اللام. وقرأ سعيد بن جبير وأبو المتوكل ومعاذ القاريء {جِبِلاًّ} برفع الجيم وفتح الباء وتخفيف اللام. وقرأ أبو العالية وابن يعمر {جِبِلاًّ} بكسر الجيم وفتح الباء وتخفيف اللام. وقرأ أبو عمران الجوني وعمرو بن دينار {جبالا} مكسورة الجيم مفتوحة الباء وبألف ومعنى الكلمة كيف تصرفت في هذه اللغات: الخلق والجماعة. فالمعنى: ولقد أضل منكم خلقا كثيرا {كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ} فالمعنى:قد رأيتم آثار الهالكين قبلكم بطاعة الشيطان أفلم تعقلوا ذلك. وقرأ ابن عباس وأبو رزين وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو رجاء ومجاهد وابن يعمر {أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَعْقِلُونَ} بالياء فيهما فإذا أدنوا إلى جهنم قيل لهم {هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ} بها في الدنيا {ٱصْلَوْهَا} أي قاسوا حرها. ٦٥ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٦ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٧ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٨ قوله تعالى: {ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ} وقرأ أبو المتوكل وأبو الجوزاء {ٱللّه يَخْتِمْ} بياء مضمومة وفتح التاء {وَتُكَلّمُنَا} قرأ ابن مسعود {ولتكلمنا} بزيادة لام مكسورة وفتح الميم. و واو قبل اللام وقرأ أبي بن كعب وابن أبي عبلة {لتكلمنا} بلام مكسورة من غير واو قبلها وبنصب الميم وقرأوا جميعا {وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} بلام مكسورة وبنصب الدال. ومعنى {نَخْتِمُ} نطبع عليها وقيل منعها من الكلام هو الختم عليها، وفي سبب ذلك أربعة أقوال: أحدها: أنهم لما قالوا {وَٱللّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] ختم اللّه على أفواهم ونطقت جوارحهم، قاله أبو موسى الأشعري. والثاني: ليعلموا أن أعضاءهم التي كانت أعوانا لهم على المعاصي صارت شهودا عليهم. والثالث: ليعرفهم أهل الموقف فيتميزوا منهم بذلك. والرابع: لأن إقرار الجوارح أبلغ في الإقرار من نطق اللسان ذكرهن الماوردي. فإن قيل: ما الحكمة في تسمية نطق اليد كلاما ونطق الرجل شهادة؟. فالجواب: أن اليد كانت مباشرة والرجل حاضرة، وقول الحاضر على غيره شهادة بما رأى وقول الفاعل على نفسه إقرار بما فعل. قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: ولو نشاء لأذهبنا أعينهم حتى لا يبدو لها شق ولا جفن. والمطموس: الذي لا يكون بين جفينه شق {فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصّرٰطَ} أي فتبادروا إلى الطريق {فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ} أي فكيف يبصرون وقد أعمينا أعينهم. وقرأ أبو بكر الصديق وعروة بن الزبير وأبو رجاء {فَٱسْتَبِقُواْ} بكسر الباء {فَإِنّى تُبْصِرُونَ} بالتاء وهذا تهديد لأهل مكة وهو قول الأكثرين. والثاني: ولو نشاء لأضللناهم وأعميناهم عن الهدى فأنى يبصرون الحق. رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: ولو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم وأعميناهم عن غيهم وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى فأبصروا رشدهم فأنى يبصرون ولم أفعل ذلك، بهم. روي عن جماعة منهم مقاتل. قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَـٰهُمْ عَلَىٰ مَكَــٰنَتِهِمْ} وروى أبو بكر عن عاصم {عَلَىٰ} وقد سبق بيان هذا [البقرة: ٦٥]. وفي المراد بقوله {نَشَاء لَمَسَخْنَـٰهُمْ} أربعة أقوال. أحدها: لأهلكناهم، قاله ابن عباس. والثاني: لأقعدناهم على أرجلهم، قاله الحسن وقتادة. والثالث: لجعلناهم حجارة قاله أبو صالح ومقاتل. والرابع: لجعلناهم قردة وخنازير لا أرواح فيها قاله ابن السائب. وفي قوله: {فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ} ثلاثة أقوال. أحدها: فما استطاعوا أن يتقدموا ولا أن يتأخروا، قاله قتادة. والثاني: فما استطاعوا مضيا عن العذاب ولا رجوعا إلى الخلقة الأولى بعد المسخ قاله الضحاك. والثالث: مضيا من الدنيا ولا رجوعا إليها، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قوله تعالى: {وَمَن نّعَمّرْهُ نُنَكّـسْهُ فِى ٱلْخَلْقِ} قرأ حمزة {نُنَكّـسْهُ} مشددة مع ضم النون الأولى وفتح الثانية، والباقون بفتح النون الأولى وتسكين الثانية من غير تشديد. وعن عاصم كالقراءتين، ومعنى الكلام: من نطل عمره ننكس خلقه فنجعل مكان القوة الضعف وبدل الشباب الهرم فنرده إلى أرذل العمر {أَفَلاَ يَعْقِلُونَ} قرأ نافع وأبو عمرو {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} بالتاء والباقون بالياء والمعنى أفلا يعقلون أن من فعل هذا قادر على البعث. ٦٩ انظر تفسير الآية:٧٠ ٧٠ قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَـٰهُ ٱلشّعْرَ} قال المفسرون: إن كفار مكة قالوا: إن هذا القرآن شعر وإن محمدا شاعر فقال اللّه تعالى {وَمَا عَلَّمْنَـٰهُ ٱلشّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ} أي ما يتسهل له ذلك. قال المفسرون: ما كان يتزن له بيت شعر، حتى إنه روي عنه صلى اللّه عليه وسلم أنه تمثل يوما فقال: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا، فقال أبو بكر: يا رسول اللّه إنما قال الشاعر: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا أشهد أنك رسول اللّه، ما علمك اللّه الشعر، وما ينبغي لك. ودعا يوما بعباس بن مرادس فقال: أنت القائل: أتجعل نهبي ونهب العبي د بين الأقرع وعيينة فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي، لم يقل كذلك فأنشده أبو بكر. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لا يضرك بأيهما بدأت، فقال أبو بكر: واللّه ما أنت بشاعر ولا ينبغي لك الشعر. وتمثل يوما فقال ويأتيك من لم تزوده بالأخبار. فقال أبو بكر: ليس هكذا يا رسول اللّه، فقال: إني لست بشاعر ولا ينبغي لي وإنما منع من قول الشعر لئلا تدخل الشبهة على قوم فيما أتى به من القرآن فيقولون: قوي على ذلك بما في طبعه من الفطنة للشعر. قوله تعالى: {إِنْ هُوَ} يعني القرآن {إِلاَّ ذِكْرٌ} إلا موعظة {وَقُرْءانٍ مُّبِينٍ} فيه الفرائض والسنن والأحكام. قوله تعالى: {لّيُنذِرَ} قرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي {لّيُنذِرَ} بالياء يعنون القرآن. وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب {لّتُنذِرَ} بالتاء يعنون النبي صلى اللّه عليه وسلم أي لتنذر يا محمد بما في القرآن. وقرأ أبو المتوكل وأبو الجوزاء وابن السميفع لينذر بياء مرفوعة وفتح الذال والراء جميعا. قوله تعالى: {مَن كَانَ حَيّاً} وفيه أربعة أقوال: أحدها: حي القلب حي البصر قاله قتاده. والثاني: من كان عاقلا قاله الضحاك. قال الزجاج: من كان يعقل ما يخاطب به فإن الكافر كالميت في ترك النذير. والثالث: مهتديا قاله السدي. ال مقاتل: من كان مهتديا في علم اللّه. والرابع: من كان مؤمنا قاله يحيى بن سلام، وهذا على المعنى الذي قد سبق في قوله {إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [فاطر: ١٨] ويجوز أن يريد: إنما ينفع إنذارك من كان مؤمنا في علم اللّه. قوله تعالى: {وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ} معناه يجب، وفي المراد بالقول قولان: أحدهما: أنه العذاب والثاني الحجة. ٧١ انظر تفسير الآية:٧٦ ٧٢ انظر تفسير الآية:٧٦ ٧٣ انظر تفسير الآية:٧٦ ٧٤ انظر تفسير الآية:٧٦ ٧٥ انظر تفسير الآية:٧٦ ٧٦ ثم ذكرهم قدرته فقال {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعـٰماً} قال ابن قتيبة: يجوز أن يكون المعنى: مما عملناه بقوتنا وقدرتنا وفي اليد القدرة والقوة على العمل، فتستعار اليد فتوضع موضعها هذا مجاز للعرب يحتمله هذا الحرف واللّه أعلم بما أراد، وقال غيره: ذكر الأيدي ها هنا يدل على انفراده بما خلق. والمعنى: لم يشاركنا أحد في إنشائنا والواحد منا إذا قال عملت هذا بيدي دل ذلك على انفراده بعمله. وقال أبو سليمان الدمشقي: معنى الآية: مما أوجدناه بقدرتنا وقوتنا وهذا إجماع أنه لم يرد هاهنا إلا ما ذكرنا. قوله تعالى: {فَهُمْ لَهَا مَـٰلِكُونَ} فيه قولان. أحدهما: ضابطون قاله قتادة ومقاتل. قال الزجاج: ومثله في الشعر: أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفراأي لا أضبط رأس البعير. والثاني: قادرون عليها بالتسخير لهم قاله ابن السائب. قوله تعالى: {وَذَلَّلْنَـٰهَا لَهُمْ} أي سخرناها فهي ذليلة لهم {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} قال ابن قتيبة: الركوب ما يركبون، والحلوب ما يحلبون. قال الفراء: ولو قرأ قارىء {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} كان وجها كما تقول:منها أكلهم وشربهم وركوبهم. وقد قرأ بضم الراء الحسن وأبو العالية والأعمش وابن يعمر في آخرين. وقرأ أبي بن كعب وعائشة {ركوبتهم} بفتح الراء والباء وزيادة تاء مرفوعة. قال المفسرون: يركبون من الأنعام الإبل ويأكلون الغنم {يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَـٰفِعُ} من الأصواف والأوبار والأشعار والنسل {وَمَشَـٰرِبُ} من ألبانها {أَفَلاَ يَشْكُرُونَ} رب هذه النعم فيوحدونه. ثم ذكر جهلهم فقال {وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللّه ءالِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ} أي لتمنعهم من عذاب اللّه ثم أخبر أن ذلك لا يكون بقوله {لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} أي لا تقدر الأصنام على منعهم من أمر أراده اللّه بهم {وَهُمْ} يعني الكفار {لَهُمْ} يعني الأصنام {جُندٌ مٌّحْضَرُونَ} وفيه أربعة أقوال: أحدها: جند في الدنيا محضرون في النار قاله الحسن. والثاني: محضرون عند الحساب قاله مجاهد. والثالث: المشركون جند للأصنام يغضبون لها في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرا ولا تدفع عنهم شرا قاله قتادة. وقال مقاتل: الكفار يغضبون للآلهة ويحضرونها في الدنيا. وقال الزجاج: هم للأصنام ينتصرون وهي لا تستطيع نصرهم. والرابع: هم جند محضرون عند الأصنام يعبدونها قاله ابن السائب. قوله تعالى: {فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} يعني قول كفار مكة في تكذيبك {إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ} في ضمائرهم من تكذيبك {وَمَا يُعْلِنُونَ} بألسنتهم من ذلك والمعنى إنا نثيبك ونجازيهم. ٧٧ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٨ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٩ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨٠ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨١ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨٢ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨٣ قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَـٰهُ مِن نُّطْفَةٍ} اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية والتي بعدها على خمسة أقوال: أحدها: أنه العاص بن وائل السهمي، أخذ عظما من البطحاء ففته بيده، ثم قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أيحيي اللّه هذا بعد ما أرى؟ فقال: «نعم، يميتك اللّه ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم»، فنزلت هذه الآيات. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: أنه عبد اللّه بن أبي بن سلول، جرى له نحو هذه القصة، رواه العوفي عن ابن عباس. والثالث: أنه أبو جهل ابن هشام وأن هذه القصة جرت له، رواه الضحاك عن ابن عباس. والرابع: أنه أمية بن خلف، قاله الحسن. والخامس: أنه أبي بن خلف الجمحي وهذه القصة جرت له، قاله مجاهد، وقتادة والجمهور وعليه المفسرون. ومعنى الكلام: التعجب من جهل هذا المخاصم في إنكاره البعث. والمعنى: ألا يعلم أنه مخلوق فيتفكر في بدء خلقه فيترك خصومته. وقيل هذا تنبيه له على نعمة اللّه عليه حيث أنشأه من نطفة فصار مجادلا. {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً} في إنكار البعث بالعظم البالي حين فته بيده، وتعجب ممن يقول: إن اللّه يحييه {وَنَسِىَ خَلْقَهُ} أي: نسي خلقنا له، أي: ترك النظر في خلق نفسه، إذ خلق من نطفة. {قَالَ مَن يُحىِ ٱلْعِظَـٰمَ وَهِىَ رَمِيمٌ} أي: بالية يقال: رم العظم إذا بلي فهو رميم، لأنه معدول عن فاعله، وكل معدول عن وجهه و وزنه فهو مصروف عن إعرابه كقوله: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} {مَرْيَمَ} فأسقط الهاء لأنها مصروفة عن باغية، فقاس هذا الكافر قدرة اللّه تعالى بقدرة الخلق، فأنكر إحياء العظم البالي لأن ذلك ليس في مقدور الخلق. {قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِى أَنشَأَهَا} أي: ابتدأ خلقها {أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ} من الابتداء والإعادة {عَلِيمٌ}. {ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُم مّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلاْخْضَرِ نَاراً} قال ابن قتيبة: أراد الزنود التي توري بها الأعراب من شجر المرخ والعفار. فإن قيل: لم قال الشجر الأخضر ولم يقل الشجر الخضر؟ فالجواب: أن الشجر جمع وهو يؤنث ويذكر قال اللّه تعالى: {فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ} {ٱلْوَاقِعَةُ} وقال: {فَإِذَا أَنتُم مّنْه تُوقِدُونَ}. ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان، فقال: {أَوَ لَيْسَ ٱلَذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلاْرْضَ بِقَـٰدِرٍ} وقرأ أبو بكر الصديق، وعاصم الجحدري: {يَقْدِرُ} بياء من غير ألف {عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم} وهذا استفهام تقرير؛ والمعنى: من قدر على ذلك العظيم، قدر على هذا اليسير. وقد فسرنا معنى {أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم} في بني {إِسْرٰءيلَ} ثم أجاب هذا الاستفهام فقال: {بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلَّـٰقُ} يخلق خلقا بعد خلق. وقرأ أبي بن كعب، والحسن، وعاصم الجحدري: {وهو الخالق} {ٱلْعَلِيمُ} بجميع المعلومات. والملكوت والملك واحد. وباقي السورة قد تقدم شرحه {البقرة/ ١١٧ـ ٣٢} {ٱلاْنْعَـٰمِ}. |
﴿ ٠ ﴾