ÓõæÑóÉõ ÇáúãõÄúãöäö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ÎóãúÓñ æóËóãóÇäõæäó ÂíóÉð سورة المؤمن قال أبو سليمان الدمشقي: ويقال لها: سورة الطول. وهي مكية قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة. وحكي عن ابن عباس وقتادة أن فيها آيتين نزلتا بالمدينة قوله {ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءايَـٰتِ ٱللَّهِ } والتي بعدها. [المؤمن/ ٣٥ـ ٣٦] قال الزجاج: وذكر أن الحواميم كلها نزلت بمكة. قال ابن قتيبة: يقال: إن {حـم } اسم من أسماء اللّه أضيفت هذه السورة إليه، كأنه قيل: سورة اللّه، لشرفها وفضلها، فقيل: آل حاميم، وإن كان القرآن كله سور اللّه وإن هذا كما يقال: بيت اللّه وحرم اللّه وناقة اللّه، قال الكميت: وجدنا لكم في آل حاميم آية تأولها منا تقي ومعرب وقد تجعل حمم اسما للسورة، ويدخل الإعراب ولا يصرف، ومن قال هذا في الجميع: الحواميم كما يقال {طس} والطواسين. وقال محمد بن القاسم الأنباري: العرب تقول: وقع في الحواميم وفي آل حميم، أنشد أبو عبيدة: حلفت بالسبع اللواتي طولت وبمئين بعدها قد أمئيت وبمثان ثنيت فكررت وبالطواسين اللواتي ثلثت وبالحواميم اللواتي سبعت وبالمفصل اللواتي فصلت فمن قال: وقع في آل حاميم، جعل حاميم اسما لكلهن. ومن قال: وقع في الحواميم، جعل حم كأنه حرف واحد بمنزلة قابيل وهابيل. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: من الخطأ أن تقول قرأت الحواميم، وليس من كلام العرب، والصواب أن تقول: قرأت آل حاميم، وفي حديث ابن مسعود إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات دمثات، وقال الكميت: وجدنا لكم في آل حاميم آية بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٣ ٢ انظر تفسير الآية:٣ ٣ وفي {حـم} أربعة أقوال: أحدها: قسم أقسم اللّه به وهو من أسمائه عز وجل، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. قال أبو سليمان: وقد قيل: إن جواب القسم قوله {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ} [المؤمن/ ١٠]. والثاني: أنها حروف من أسماء اللّه عز وجل، ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن {الر} و{حـم} و{نون} حروف الرحمن، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثاني: أن الحاء مفتاح اسمه حميد والميم مفتاح اسمه مجيد، قاله أبو العالية. والثالث: أن الحاء مفتاح كل اسم للّه ابتداؤه حاء مثل: حكيم وحليم وحي، والميم مفتاح كل اسم له ابتداؤه ميم مثل ملك ومتكبر ومجيد، حكاه أبو سليمان الدمشقي. وروي نحوه عن عطاء الخراساني. والثالث: أن معنى {حـم} قضي ما هو كائن رواه أبو صالح عن ابن عباس. وروي عن الضحاك والكسائي مثل هذا، كأنهما أرادا الإشارة إلى {حـم} بضم الحاء وتشديد الميم قال الزجاج وقد قيل في {حـم} حم الأمر. والرابع: أن {حـم} اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة. وقرأ ابن كثير {حـم} بفتح الحاء، وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: بكسرها، واختلف عن الباقين. قال الزجاج: أما الميم فساكنة في قراءة القراء كلهم إلا عيسى ابن عمر فإنه فتحها. وفتحها على ضربين. أحدهما: أن يجعل {حـم} اسما للسورة، فينصبه ولا ينونه، لأنه على لفظ الأسماء الأعجمية نحو هابيل وقابيل. والثاني: على معنى اتل حم، والأجود أن يكون فتح لالتقاء الساكنين حيث جعله اسما للسورة، ويكون حكاية حروف الهجاء. قوله تعالى: {تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ} أي: هذا تنزيل الكتاب، والتوب: جمع توبة، وجائز أن يكون مصدرا من تاب يتوب توبا، والطول الفضل. قال أبو عبيدة: يقال فلان ذو طول على قومه أي: ذو فضل. وقال ابن قتيبة: يقال طل علي يرحمك اللّه، أي: تفضل. قال الخطابي: ذو حرف النسبة والنسبة في كلامهم على ثلاثة أوجه: بالياء كقولهم: أسدي وبكري. والثاني: على الجمع كقولهم: المهالبة والمسامعة والأزارقة. والثالث: ب {ذِى} و{ذَاتُ} كقولهم: رجل مال أي: ذو مال، وكبش صاف،أي: ذو صوف، وناقة ضامر أي ذات ضمر فقوله: ذو الطول، معناه: أهل الطول والفضل. ٤ انظر تفسير الآية:٦ ٥ انظر تفسير الآية:٦ ٦ قوله تعالى: {مَا يُجَـٰدِلُ فِى ءايَـٰتِ ٱللّه} أي: ما يخاصم فيها بالتكذيب لها ودفعها بالباطل {إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} وباقي الآية في [آل عمران/ ١٩٦] والمعنى: إن عاقبة أمرهم إلى العذاب كعاقبة من قبلهم. قوله تعالى: {وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} فيه قولان: أحدهما: ليقتلوه، قاله ابن عباس، وقتادة. والثاني: ليحبسوه ويعذبوه، ويقال للأسير: أخيذ حكاه ابن قتيبة. قال الأخفش: وإنما قال: ليأخذوه فجمع على الكل، لأن الكل مذكر ومعناه معنى الجماعة. وما بعد هذا مفسر في [الكهف/ ٥٦] إلى قوله {فَأَخَذَتْهُمُ} أي: عاقبتهم وأهلكتهم {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} استفهام تقرير لعقوبتهم الواقعة بهم {وَكَذٰلِكَ} أي: مثل الذي حق على الأمم المكذبة {حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ * بِٱلْعَذَابِ} وهي قوله {لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ} [الأعراف/ ١٨] على الذين كفروا من قومك. وقرأ نافع، وابن عامر: {حَقَّتْ كَلِمَـٰتُ رَبَّكَ}، {أَنَّهُمْ} قال الأخفش: لأنهم أو بأنهم {أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ}. ٧ انظر تفسير الآية:٩ ٨ انظر تفسير الآية:٩ ٩ ثم أخبر بفضل المؤمنين فقال: {ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ} وهم أربعة أملاك، فإذا كان يوم القيامة جعلوا ثمانية {وَمَنْ حَوْلَهُ} قال وهب بن منبه: حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة يطوفون به، ومن وراء هؤلاء مائة ألف صف من الملائكة، ليس فيهم أحد إلا وهو يسبح بما لا يسبحه الآخر، وقال غيره: الذين حول العرش هم الكروبيون وهم سادة الملائكة. وقد ذكرنا في السورة المتقدمة معنى قوله {يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ} [الزمر/٧٥]. قوله تعالى: {رَبَّنَا} أي يقولون ربنا {وَسِعْتَ كُـلَّ شَىْء رَّحْمَةً وَعِلْماً} قال الزجاج: هو منصوب على التمييز. وقال غيره: المعنى: وسعت رحمتك وعلمك كل شيء {فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ} من الشرك {وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ} وهو دين الإسلام وما بعد هذا ظاهر إلى قوله {وَقِهِمُ ٱلسَّيّئَـٰتِ} قال قتادة: يعني العذاب. ١٠ انظر تفسير الآية:١٢ ١١ انظر تفسير الآية:١٢ ١٢ قوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللّه} قال المفسرون: لما رأوا أعمالهم وأدخلوا النار مقتوا أنفسهم لسوء فعلهم، فناداهم مناد: لمقت اللّه إياكم في الدنيا {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَـٰنِ فَتَكْفُرُونَ} أكبر من مقتكم أنفسكم. ثم أخبر عما يقولون في النار بقوله {رَبَّنَا أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ} وهذا مثل قوله {وَكُنتُمْ أَمْوٰتًا فَأَحْيَـٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [البقرة/٢٨] وقد فسرناه هنالك. قوله تعالى: {فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ} أي من النار إلى الدنيا لنعمل بالطاعة {مّن سَبِيلٍ} وفي الكلام اختصار تقديره: فأجيبوا أن لا سبيل إلى ذلك وقيل لهم {ذٰلِكُمْ} يعني العذاب الذي نزل بهم {بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ ٱللّه وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ} أي: إذا قيل لا إله إلا اللّه أنكرتم، وإن جعل له شريكا شريك آمنتم {فَٱلْحُكْمُ للّه} فهو الذي حكم على المشركين بالنار. وقد بينا في سورة [البقرة/٢٥٥] معنى العلي وفي [الرعد/٩] معنى الكبير. ١٣ انظر تفسير الآية:١٧ ١٤ انظر تفسير الآية:١٧ ١٥ انظر تفسير الآية:١٧ ١٦ انظر تفسير الآية:١٧ ١٧ {هُوَ ٱلَّذِى يُرِيكُمْ ءايَـٰتِهِ} أي مصنوعاته التي تدل على وحدانيته وقدرته، والرزق هاهنا المطر، سمي رزقا لأنه سبب الأرزاق، ويتذكر بمعنى يتعظ. وينيب بمعنى يرجع إلى الطاعة. ثم أمر المؤمنين بتوحيده فقال {فَٱدْعُواْ ٱللّه مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ} أي موحدين. قوله تعالى: {رَفِيعُ ٱلدَّرَجَـٰتِ} قال ابن عباس: يعني رافع السموات. وحكى الماوردي عن بعض المفسرين قال: معناه عظيم الصفات. قوله تعالى: {ذُو ٱلْعَرْشِ} أي خالقه ومالكه. قوله تعالى: {يُلْقِى ٱلرُّوحَ} فيه خمسة أقوال. أحدها: أنه القرآن. والثاني: النبوة. والقولان: مرويان عن ابن عباس وبالأول قال ابن زيد. وبالثاني قال السدي. والثالث: الوحي قاله قتادة. وإنما سمي القرآن والوحي روحا لأن قوام الدين به، كما أن قوام البدن بالروح. والرابع: جبريل قاله الضحاك. والخامس: الرحمة حكاه إبراهيم الحربي. قوله تعالى: {مِنْ أَمْرِهِ} فيه ثلاثة أقوال. أحدها: من قضائه قاله ابن عباس. والثاني: بأمره قاله مقاتل. والثالث: من قوله ذكره الثعلبي. قوله تعالى: {عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} يعني الأنبياء. {لّيُنذِرَ} في المشار إليه قولان. أحدهما: أنه اللّه عز وجل. والثاني: النبي الذي يوحى إليه والمراد ب {يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ} يوم القيامة وأثبت ياء {التلاقي} في الحالين ابن كثير ويعقوب وأبو جعفر. وافقهما في الوصل. والباقون بغير ياء في الحالين، وفي سبب تسميته بذلك خمسة أقوال: أحدها: أنه يلتقي فيه أهل السماء والأرض، رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس. والثاني: يلتقي فيه الأولون والآخرون روي عن ابن عباس أيضا. والثالث: يلتقي فيه الخلق والخالق قاله قتادو ومقاتل. والرابع: يلتقي المظلوم والظالم قاله ميمون بن مهران. والخامس: يلتقي المرء بعمله حكاه الثعلبي. قوله تعالى: {ٱلتَّلاَقِ يَوْمَ هُم بَـٰرِزُونَ} أي ظاهرون من قبورهم {لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللّه مِنْهُمْ شَىْء}. فإن قيل فهل يخفى عليه منهم اليوم شيء؟ فالجواب: أن لا، غير أن معنى الكلام التهديد بالجزاء، وللمفسرين فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا يخفى عليه مما عملوا شيء قاله ابن عباس. والثاني: لا يستترون منه بجبل ولا مدر قاله قتادة. والثالث: أن المعنى أبرزهم جميعا لأنه لا يخفى عليه منهم شيء، حكاه الماوردي. قوله تعالى: {لّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ} اتفقوا على أن هذا يقوله اللّه عز وجل بعد فناء الخلائق، واختلفوا في وقت قوله له على قولين: أحدهما: أنه يقوله عند فناء الخلائق إذا لم يبق مجيب، فيرد هو على نفسه فيقول {للّه ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} قاله الأكثرون. والثاني: أنه يقوله يوم القيامة. وفيمن يجيبه حينئذ قولان. أحدهما: أنه يجيب نفسه، وقد سكت الخلائق لقوله، قاله عطاء. والثاني: أن الخلائق كلهم يجيبونه فيقولون {للّه ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} قاله ابن جريج. ١٨ انظر تفسير الآية:١٩ ١٩ قوله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلاْزِفَةِ} فيه قولان: أحدهما: أنه يوم القيامة قاله الجمهور. قال ابن قتيبة: وسميت القيامة بذلك لقربها. يقال: أزف شخوص فلان أي قرب. والثاني: أنه يوم حضور المنية قاله قطرب. قوله تعالى: {إِذَا * ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ} وذلك أنها ترتقي إلى الحناجر فلا تخرج ولا تعود. هذا على القول الأول. وعلى الثاني: القلوب هي النفوس تبلغ الحناجر عند حضور المنية قال الزجاج و {كَـٰظِمِينَ} منصوب على الحال، والحال محمولة على المعنى لأن القلوب لا يقال لها: كاظمين وإنما الكاظمون أصحاب القلوب. فالمعنى: إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم. قال المفسرون: كاظمين أي مغمومين ممتلئين خوفا وحزنا، والكاظم الممسك للشيء على ما فيه. وقد أشرنا إلى هذا عند قوله {وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ} [آل عمران/١٣٤]. {مَا لِلظَّـٰلِمِينَ} يعني الكافرين {مِنْ حَمِيمٍ} أي قريب ينفعهم {وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} فيهم فتقبل شفاعته. {يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلاْعْيُنِ} قال ابن قتيبة: الخائنة والخيانة واحد. وللمفسرين فيها أربعة أقوال: أحدها: أنه الرجل يكون في القوم فتمر به المرأة فيريهم أنه يغض بصره، فإذا رأى منهم غفلة لحظ إليها فإن خاف أن يفطنوا له غض بصره، قاله ابن عباس. والثاني: أنه نظر العين إلى ما نهي عنه قاله مجاهد. والثالث: الغمز بالعين قاله الضحاك والسدي. قال قتادة: هو الغمز بالعين فيما لا يحبه اللّه ولا يرضاه. والرابع: النظرة بعد النظرة قاله ابن السائب. قوله تعالى: {وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: ما تضمره من الفعل أن لو قدرت على ما نظرت إليه، قاله ابن عباس. والثاني: الوسوسة قاله السدي. والثالث: ما يسره القلب من أمانة أو خيانة حكاه المارودي. ٢٠ انظر تفسير الآية٢٥ ٢١ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٣ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٤ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٥ قوله تعالى: {وَٱللّه يَقْضِى بِٱلْحَقّ} أي يحكم به فيجزي بالحسنة والسيئة {وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ} من الآلهة وقرأ نافع وابن عامر {تَدْعُونَ} بالتاء على معنى: قل لهم: {لاَ يَقْضُونَ بِشَىْء} أي لا يحكمون بشيء ولا يجازون به وقد نبه اللّه عز وجل بهذا على أنه حي، لأنه إنما يأمر ويقضي من كان حيا، وأيد ذلك بذكر السمع والبصر لأنهما إنما يثبتان لحي قاله أبو سليمان الدمشقي. وما بعد هذا قد تقدم بعضه [يوسف/١٠٩] وبعضه ظاهر إلى قوله: {كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} وقرأ ابن عامر {أَشَدَّ مِنكُمْ} بالكاف وكذلك هو في مصاحفهم وهو على الانصراف من الغيبة إلى الخطاب {وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ ٱللّه} أي من عذاب اللّه {مِن وَاقٍ} بقي العذاب عنهم. {ذٰلِكَ} أي ذلك العذاب الذي نزل بهم {بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ} إلى آخر الآية. ثم ذكر قصة موسى وفرعون ليعتبروا وأراد بقوله {ٱقْتُلُواْ أَبْنَاء ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ} أعيدوا القتل عليهم كما كان أولا قاله ابن عباس. وقال قتادة: كان فرعون قد كف عن قتل الولدان، فلما بعث اللّه موسى أعاد عليهم القتل ليصدهم بذلك عن متعابة موسى. وله تعالى: {وَمَا كَـيْدُ ٱلْكَـٰفِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ} أي إنه يذهب باطلا ويحيق بهم ما يريده اللّه عز وجل. ٢٥ انظر تفسير الآية:٣٤ ٢٦ انظر تفسير الآية:٣٤ ٢٧ انظر تفسير الآية:٣٤ ٢٨ انظر تفسير الآية:٣٤ ٢٩ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣٠ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣١ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣٢ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣٣ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣٤ {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَىٰ} وإنما قال هذا لأنه كان في خاصة فرعون من يمنعه من قتله خوفا من الهلاك {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} الذي يزعم أنه أرسله فليمنعه من القتل {إِنّى أَخَافُ أَن يُبَدّلَ دِينَكُـمْ} أي عبادتكم إياي و{أَن يُظْهِرَ فِى ٱلاْرْضِ ٱلْفَسَادَ} قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر {وَأَنْ} بغير ألف. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي {أَوْ أَن} بألف قبل الواو على معنى إن لم يبدل دينكم أوقع الفساد إلا أن نافعا وأبا عمرو قرأ {يُظْهِرُ} بضم الياء {ٱلْفَسَادَ} بالنصب وقرأ الباقون {يُظْهِرُ} بفتح الياء الفساد بالرفع والمعنى:يظهر الفساد بتغيير أحكامنا فجعل ذلك فسادا بزعمه وقيل: يقتل أبناءكم كما تفعلون بهم. فلما قال فرعون هذا استعاذ موسى بربه فقال {إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُـمْ} قرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر {عُذْتُ} مبينة الذال وأدغمها أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف {مّن كُلّ مُتَكَبّرٍ} أي متعظم عن الإيمان فقصد فرعون قتل موسى فقال حينئذ {رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ}. وفي الآل هاهنا قولان. أحدهما: أنه بمعنى الأهل والنسب قال السدي ومقاتل. كان ابن عم فرعون، وهو المراد بقوله {وَجَاء رَجُلٌ مّنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ} [القصص/٢٠]. والثاني: أنه بمعنى القبيلة والعشيرة قال قتادة ومقاتل: كان قبطيا. وقال قوم كان إسرائيليا وإنما المعنى: قال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون. وفي اسمه خمسة أقوال: أحدها: حزبيل قاله ابن عباس ومقاتل. والثاني: حبيب قاله كعب. والثالث: سمعون بالسين المهملة قاله شعيب الجبائي. والرابع: جبريل. والخامس: شمعان بالشين المعجمة رويا عن ابن إسحاق، وكذلك حكى الزجاج شمعان بالشين، وذكره ابن ماكولا بالشين المعجمة أيضا. والأكثرون على أنه آمن بموسى لما جاء. وقال الحسن: كان مؤمنا قبل مجيء موسى. وكذلك امرأة فرعون. قال مقاتل: كتم إيمانه من فرعون مائة سنة قوله تعالى {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ} أي لأن يقول {رَبّىَ ٱللّه} وهذا استفهام إنكار {وَقَدْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ} أي بما يدل على صدقه {وَإِن يَكُ كَـٰذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} أي لا يضركم ذلك {وَإِن يَكُ صَـٰدِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِى يَعِدُكُمْ} من العذاب، وفي بعض ثلاثة أقوال: أحدها: أنها بمعنى كل قاله أبو عبيدة وأنشد للبيد: تراك أمكنة إذا لم أرضها أو يعتلق بعض النفوس حمامهاأراد: كل النفوس. والثاني: أنها صلة والمعنى يصبكم الذي يعدكم حكي عن الليث. والثالث: أنها على أصلها ثم في ذلك قولان. أحدهما: أنه وعدهم النجاة إن آمنوا، والهلاك إن كفروا، فدخل ذكر البعض لأنهم على أحد الحالين. والثاني: أنه وعدهم على كفرهم الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة فصار هلاكهم في الدنيا بعض الوعد، ذكرهما الماوردي. قال الزجاج: هذا باب من النظر يذهب فيه المناظر إلى إلزام الحجة بأيسر ما في الأمر، وليس في هذا نفي إصابة الكل، ومثله قول الشاعر: قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون من المستعجل الزلل وإنما ذكر البعض ليوجب الكل، لأن البعض من الكل، ولكن القائل إذا قال: أقل ما يكون للمتأني إدراك بعض الحاجة، وأقل ما يكون للمستعجل الزلل، فقد أبان فضل المتأني على المستعجل بما لا يقدر الخصم أن يدفعه، فكأن المؤمن قال لهم، أقل ما يكون في صدقة أن يصبكم بعض الذي يعدكم وفي بعض ذلك هلاككم. قال: وأما بيت لبيد فإنه أراد ببعض النفوس نفسه وحدها. قوله تعالى: {إِنَّ ٱللّه لاَ يَهْدِى} أي لا يوفق للصواب {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} وفيه قولان. أحدهما: أنه المشرك قاله قتادة. والثاني: أنه السفاك للدم قاله مجاهد. قوله تعالى: {ظَـٰهِرِينَ فِى ٱلاْرْضِ} أي عالين في أرض مصر {فَمَن يَنصُرُنَا} أي من يمنعنا {مِن بَأْسِ ٱللّه} أي من عذابه والمعنى: لا تتعرضوا للعذاب بالتكذيب وقتل النبي، فقال فرعون عند ذلك {مَا أُرِيكُمْ} من الرأي والنصيحة {إِلاَّ مَا أَرَىٰ} لنفسي {وَمَا أَهْدِيكُمْ} أي أدعوكم إلا إلى طريق الهدى في تكذيب موسى والإيمان بي، وهذا يدل على أنه انقطع عن جواب المؤمن. {وَقَالَ ٱلَّذِى ءامَنَ يٰقَوْمِ قَوْمٌ إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ مّثْلَ يَوْمِ ٱلاْحْزَابِ} قال الزجاج: أي مثل يوم حزب حزب والمعنى أخاف أن تقيموا على كفركم فينزل بكم من العذاب مثل ما نزل بالأمم المكذبة رسلهم. قوله تعالى: {يَوْمَ ٱلتَّنَادِ} قرأ عاصم وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي {ٱلتَّنَادِ} بغير ياء وأثبت الياء في الوصل. والوقف ابن كثير ويعقوب وافقهم أبو جعفر في الوصل وقرأ أبو بكر الصديق وابن عباس وسعيد بن المسيب وابن جبير وأبو العالية والضحاك {ٱلتَّنَادِ} بتشديد الذال. قال الزجاج: أما إثبات الياء فهو الأصل وحذفها حسن جميل لأن الكسرة تدل على الياء، وهو رأس آية وأواخر هذه الآيات على الدال. ومن قرأ بالتشديد فهو من قولهم: ند فلان وند البعير إذا هرب على وجهه، ويدل على هذا قوله {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} وقوله {يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْء مِنْ أَخِيهِ} [عبس/٣٤] قال أبو علي: معنى الكلام إني أخاف عليكم عذاب يوم التناد. قال الضحاك: إذا سمع الناس زفير جهنم وشهيقها ندوا فرارا منها في الأرض فلا يتوجهون قطرا من أقطار الأرض إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاؤوا. وقال غيره: يؤمر بهم إلى النار فيفرون ولا عاصم لهم فأما قراءة التخفيف فهي من النداء وفيها للمفسرين أربعة أقوال: أحدها: أنه عند نفخة الفزع ينادي الناس بعضهم بعضا. روى أبو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال يأمر اللّه عز وجل إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول أنفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السموات والأرض إلا من شاء اللّه فتسير الجبال وترج الأرض وتذهل المراضع وتضع الحوامل ويولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضا وهو قوله {يَوْمَ ٱلتَّنَادِ}. والثاني: أنه نداء أهل الجنة والنار بعضهم بعضا كما ذكر في [الأعراف/٤٤ـ٥٠] وهذا قول قتادة. والثالث: أنه قولهم يا حسرتنا يا ويلتنا قاله ابن جريج. والرابع: أنه ينادى فيه كل أناس بإمامهم بسعادة السعداء وشقاوة الأشقياء. قوله تعالى: {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} فيه قولان. أحدهما: هربا من النار. والثاني: أنه انصرافهم إلى النار. قوله تعالى: {مَالَكُمْ مّنَ ٱللّه مِنْ عَاصِمٍ} أي من مانع. قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءكُـمْ يُوسُفُ} وهو يوسف بن يعقوب. ويقال إنه ليس به وليس بشيء. قوله تعالى: {مِن قَبْلُ} أي من قبل موسى {بِٱلْبَيِّنَـٰتِ} وهي الدلالات على التوحيد كقوله {مُّتَّفَرّقُونَ خَيْرٌ أَمِ} الآية [يوسف/٣٩] وقال ابن السائب: البينات تعبير الرؤيا وشق القميص. وقيل: بل بعثه اللّه تعالى بعد موت ملك مصر إلى القبط. قوله تعالى: {فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكّ مّمَّا جَاءكُـمْ بِهِ} أي من عبادة اللّه وحده {حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ} أي مات {قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللّه مِن بَعْدِهِ رَسُولاً} أي إنكم أقمتم على كفركم وظننتم أن اللّه لا يجدد الحجة عليكم {كَذٰلِكَ} أي مثل هذا الضلال {يُضِلُّ ٱللّه مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} أي مشرك {مُّرْتَابٌ} أي شاك في التوحيد وصدق الرسل. ٣٥ انظر تفسير الآية:٣٧ ٣٦ انظر تفسير الآية:٣٧ ٣٧ قوله تعالى: {ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ} قال الزجاج: هذا تفسير المسرف المرتاب والمعنى: هم الذين يجادلون في آيات اللّه. قال المفسرون: يجادلون في إبطالها والتكذيب بها بغير سلطان أي: بغير حجة أتتهم من اللّه. {كَبُرَ مَقْتاً} أي كبر جدالهم مقتا عند اللّه وعند الذين آمنوا والمعنى: يمقتهم اللّه ويمقتهم المؤمنون بذلك الجدال. {كَذٰلِكَ} أي كما طبع اللّه على قلوبهم حتى كذبوا وجادلوا بالباطل يطبع {عَلَىٰ كُـلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ} عن عبادة اللّه وتوحيده. وقد سبق بيان معنى الجبار في [هود/ ٥٩] وقرأ أبو عمرو {عَلَىٰ كُـلّ قَلْبِ} بالتنوين وغيره من القراء السبعة يضيفه. وقال أبو علي: المعنى: يطبع على جملة القلب من المتكبر واختار قراءة الإضافة الزجاج: قال: لأن المتكبر هو الإنسان لا القلب. فإن قيل: لو كانت هذه القراءة أصوب لتقدم القلب على الكل. فالجواب: أن هذا جائز عند العرب قال الفراء تقدم هذا وتأخره واحد سمعت بعض العرب يقول هو يرجل شعره يوم كل جمعة يريد كل يوم جمعة والمعنى واحد. وقد قرأ ابن مسعود وأبو عمران الجوني {عَلَىٰ قَلْبِكَ كُلّ مُتَكَبّرٍ} بتقديم القلب. قال المفسرون: فلما وعظ المؤمن فرعون وزجره عن قتل موسى قال فرعون لوزيره {فَرْعَوْنُ يٰهَـٰمَـٰنُ ٱبْنِ لِى صَرْحاً} وقد ذكرناه في [القصص ٣٨]. قوله تعالى: {لَّعَـلّى أَبْلُغُ ٱلاْسْبَـٰبَ * أَسْبَـٰبَ * ٱلسَّمَـٰوَاتِ} قال ابن عباس. وقتادة: يعني أبوابها. وقال أبو صالح طرقها. وقال: غيره المعنى: لعلي أبلغ الطرق من سماء الى سماء. وقال الزجاج لعلي أبلغ ما يؤديني إلى السموات. وما بعد هذا المفسر في [القصص/٣٨] إلى قوله {وَكَذٰلِكَ} أي ومثل ما وصفنا {زُيّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوء عَمَلِهِ وَصُدَّ} عن سبيل الهدى قرأ عاصم وحمزة والكسائي {وَصَدٌّ} بضم الصاد والباقون بفتحها. {وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ} في إبطال آيات موسى {إِلاَّ فِى تَبَابٍ} أي في بطلان وخسران. ٣٨ انظر تفسير الآية:٤٠ ٣٩ انظر تفسير الآية:٤٠ ٤٠ ثم عاد الكلام إلى نصيحة المؤمن لقومه وهو قوله {ٱتَّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ ٱلرَّشَـادِ} أي طريق الهدى {سَبِيـلَ ٱلرَّشَـادِ يٰقَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا} يعني الحياة في هذه الدار متاع يتمتع بها أياما ثم تنقطع {وَإِنَّ ٱلاْخِرَةَ هِىَ دَارُ ٱلْقَـرَارِ} التي لازوال لها. {مَنْ عَمِـلَ سَـيّئَةً} فيها قولان. أحدهما: أنها الشرك ومثلها جهنم قاله الأكثرون. والثاني: المعاصي ومثلها العقوبة بمقدارها. قاله أبو سليمان الدمشقي. فعلى الأول العمل الصالح التوحيد وعلى الثاني هو على الإطلاق. قوله تعالى: {فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ} قرأ ابن كثير وأبو عمرو يدخلون بضم الياء وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي بالفتح وعن عاصم كالقراءتين. وفي قوله: {بِغَيْرِ حِسَابٍ} قولان. أحدهما: أنهم لا تبعة عليهم فيما يعطون في الجنة قاله مقاتل. والثاني: أنه يصب عليهم الرزق صبا بغير تقتير قاله أبو سليمان الدمشقي. ٤١ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٢ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٣ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٤ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٥ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٦ قوله تعالى: {بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ} أي مالكم كما تقول ما لي أراك حزينا معناه: مالك ومعنى الآية: أخبروني كيف هذه الحال أدعوكم {لِى أَدْعُوكُـمْ} من النار بالإيمان {وَتَدْعُونَنِى إِلَى ٱلنَّارِ} أي إلى الشرك الذي يوجب النار ثم فسر الدعوتين بما بعد هذا. ومعنى {لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ} أي لا أعلم هذا الذي ادعوه شريكا له وقد سبق بيان ما بعد هذا [البقرة/١٢٩] [طه/ ٨٢] إلى قوله {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} وفيه قولان: أحدهما: ليس له استجابة دعوة قاله السدي. والثاني: ليس له شفاعة قاله ابن السائب. قوله تعالى: {وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى ٱللّه} أي مرجعنا. والمعنى: أنه يجازينا بأعمالنا وفي المسرفين قولان قد ذكرناهما عند قوله {مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر/٢٨]. قوله تعالى: {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُـمْ} وقرأ ابن مسعود وأبو العالية وأبو عمران الجوني وأبو رجاء {فَسَتَذْكُرُونَ} بفتح الذال وتخفيفها وتشديد الكاف وفتحها. وقرأ أبي بن كعب وأيوب السختياني بفتح الذال والكاف وتشديدهما جميعا. أي: إذا نزل العذاب بكم ما أقول لكم في الدنيا من النصيحة. {وَأُفَوّضُ أَمْرِى إِلَى ٱللّه} أي أرده وذلك أنهم تواعدوه لمخالفته دينهم {إِنَّ ٱللّه بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ} أي بأوليائه وأعدائه. ثم خرج المؤمن عنهم فطلبوه فلم يقدروا عليه ونجا مع موسى لما عبر البحر فذلك قوله {فَوقَاهُ ٱللّه سَيّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ} أي ما أرادوا به من الشر {وَحَاقَ بِـئَالِ فِرْعَوْنَ} لما لجوا في البحر {سُوء ٱلْعَذَابِ} قال المفسرون هو الغرق. قوله تعالى: {ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً} قال ابن مسعود وابن عباس: إن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود يعرضون على النار كل يوم مرتين فيقال: يا آل فرعون هذه داركم ورورى ابن جرير قال حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير قال: حدثنا حماد بن محمد البلخي قال سمعت الأوزاعي وسأله رجل فقال: رأينا طيورا تخرج من البحر فتأخذ ناحية الغرب بيضا فوجا فوجا لا يعلم عددها إلا اللّه، فإذا كان العشي رجع مثلها سودا قال: وفطنتم إلى ذلك قال: نعم إن تلك الطير في حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها وصارت سوداء فينبت عليها من الليل رياش بيض وتتناثر السود ثم تغدو ويعرضون على النار غدوا وعشيا، ثم ترجع إلى وكورها فذلك دأبها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قال اللّه عزوجل {أَدْخِلُواْ ءالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ} وقد روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم) «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك اللّه إليه يوم القيامة». وهذه الآية تدل على عذاب القبر لأنه بين ما لهم في الآخرة فقال {وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُواْ} قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر وأبان عن عاصم {ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُواْ} بالضم وضم الخاء على معنى الأمر لهم بالدخول والابتداء على قراءة هؤلاء بضم الألف. وقرأ الباقون بالقطع مع كسر الخاء على جهة الأمر للملائكة بإدخالهم وهؤلاء يبتدئون بفتح الألف. ٤٧ انظر تفسير الآية:٥٢ ٤٨ انظر تفسير الآية:٥٢ ٤٩ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥٠ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥١ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥٢ قوله تعالى: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِى ٱلنَّـارِ} المعنى: واذكر لقومك يا محمد إذ يختصمون يعني أهل النار. والآية مفسرة في سورة [إبراهيم/٢١] والذين استكبروا هم القادة ومعنى {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا} أي نحن وأنتم {إِنَّ ٱللّه قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ} أي قضى هذا علينا وعليكم ومعنى قول الخزنة لهم {فَٱدْعُواْ} أي نحن لا ندعو لكم {وَمَا دُعَاء ٱلْكَـٰفِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ} أي إن ذلك يبطل ولا ينفع. {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا} فيه ثلاثة أقوال. أحدها: أن ذلك بإثبات حججهم. والثاني: بإهلاك عدوهم. والثالث: بأن العاقبة تكون لهم وفصل الخطاب أن نصرهم حاصل لابد منه فتارة يكون باعلاء أمرهم كما أعطى داود وسليمان من الملك ما قهرا به كل كافر وأظهر محمدا صلى اللّه عليه وسلم على مكذبيه. وتارة يكون بالانتقام من مكذبيهم بانجاء الرسل وإهلاك أعدائهم كما فعل بنوح وقومه وموسى وقومه. وتارة يكون بالانتقام من مكذبيهم بعد وفاة الرسل كتسليطه بختنصر على قتلة يحيى بن زكريا. وأما نصرهم يوم يقوم الأشهاد فإن اللّه منجيهم من العذاب وواحد الأشهاد شاهد كما أن واحد الأصحاب صاحب. وفي الأشهاد ثلاثة أقوال: أحدها: الملائكة شهدوا للأنبياء بالإبلاغ وعلى الأمم بالتكذيب قاله مجاهد والسدي. قال مقاتل:وهم الحفظة من الملائكة. والثاني: الملائكة والأنبياء قاله قتادة. والثالث: أنهم أربعة الأنبياء والملائكة والمؤمنون والجوارح قاله ابن زيد. قوله تعالى: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ} قرأ ابن كثير وأبو عمرو تنفع بالتاء. والباقون بالياء لأن المعذرة والاعتذار بمعنى {ٱلظَّـٰلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} أي لا يقبل منهم إن اعتذروا {وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ} أي البعد من الرحمة وقد بينا في [الرعد/ ٢٥] أن لهم بمعنى عليهم و{سُوء ٱلدَّارِ} النار. ٥٣ انظر تفسير الآية:٦٨ ٥٤ انظر تفسير الآية:٦٨ ٥٥ انظر تفسير الآية:٦٨ ٥٦ انظر تفسير الآية:٦٨ ٥٧ انظر تفسير الآية:٦٨ ٥٨ انظر تفسير الآية:٦٨ ٥٩ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٠ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦١ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٢ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٣ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٤ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٥ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٦ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٧ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٨ {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ} من الضلالة يعني التوراة {وَأَوْرَثْنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْكِتَـٰبَ} بعد موسى وهو التوراة أيضا في قول الأكثرين. وقال ابن السائب التوراة والإنجيل والزبور والذكرى بمعنى التذكير. {فَٱصْبِرْ} على أذاهم {إِنَّ وَعْدَ ٱللّه حَقٌّ} في نصرك وهذه الآية في هذه السورة في موضعين [غافر/٥٥ـ٧٧] وقد ذكروا أنها منسوخة بآية السيف. ومعنى: {سَبِّحِ} صل. وفي المراد بصلاة العشي والإبكار ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الصلوات الخمس قاله ابن عباس. والثاني: صلاة الغداة وصلاة العصر قاله قتادة. والثالث: أنها صلاة كانت قبل أن تفرض الصلوات ركعتان غدوة وركعتان عشية قاله الحسن. وما بعد هذا قد تقدم آنفا [المؤمن/ ٤] إلى قوله {إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ} الآية نزلت في قريش والمعنى: ما يحملهم على تكذيبك إلا ما في صدورهم من التكبر عليك وما هم ببالغي مقتضى ذلك الكبر لأن اللّه تعالى مذلهم {فَٱسْتَعِذْ بِٱللّه} من شرهم ثم نبه على قدرته بقوله {لِخَلْقِ * ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ} أي من إعادتهم وذلك لكثرة أجزائها وعظم جرمها فنبههم على قدرته على إعادة الخلق {وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} يعني الكفار حين لا يستدلون بذلك على التوحيد. وقال مقاتل: عظمت اليهود الدجال وقالوا إن صاحبنا يبعث في آخر الزمان وله سلطان فقال اللّه {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءايَـٰتِ ٱللّه} لأن الدجال من آياته {بِغَيْرِ سُلْطَـٰنٍ} أي بغير حجة فاستعذ باللّه من فتنة الدجال قال: والمراد ب {خَلْقِ ٱلنَّاسِ} الدجال وإلى نحو هذا ذهب أبو العالية والأول أصح. وما بعد هذا ظاهر إلى قوله {ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فيه قولان. أحدهما: وحدوني واعبدوني أثبكم قاله ابن عباس. والثاني: سلوني أعطكم قاله السدي. {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى} فيه قولان. أحدهما: عن توحيدي. والثاني: عن دعائي ومسألتي {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ} قرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم وعباس بن الفضل عن أبي عمرو {سَيَدْخُلُونَ} بضم الياء والباقون بفتحها والداخر الصاغر. وما بعد هذا قد سبق في مواضع متقرفة [يونس/٦٧] [القصص/٧٣] [الأنعام/٩٥] [النمل/٦١] [الأعراف/٥٤ـ ٢٩] [الحج/٥] إلى قوله {وَلِتَبْلُغُواْ أَجَلاً مُّسَمًّى} وهو أجل الحياة إلى الموت {وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ} توحيد اللّه وقدرته. ٦٩ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧٠ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧١ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧٢ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧٣ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧٤ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧٥ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧٦ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧٧ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧٨ انظر تفسير الآية:٨٥ ٧٩ انظر تفسير الآية:٨٥ ٨٠ انظر تفسير الآية:٨٥ ٨١ انظر تفسير الآية:٨٥ ٨٢ انظر تفسير الآية:٨٥ ٨٣ انظر تفسير الآية:٨٥ ٨٤ انظر تفسير الآية:٨٥ ٨٥ {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءايَـٰتِ ٱللّه} يعني القرآن يقولون ليس من عند اللّه {أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ} أي كيف صرفوا عن الحق إلى الباطل وفيهم قولان. أحدهما: أنهم المشركون قاله ابن عباس. والثاني: أنهم القدرية ذكره جماعة من المفسرين. وكان ابن سيرين يقول: إن لم تكن نزلت في القدرية فلا أدري فيمن نزلت. وقرأ ابن مسعود وابن عباس وأبو رزين وأبو مجلز والضحاك وابن يعمر وابن أبي عبلة {وٱلسَّلَـٰسِلُ يُسْحَبُونَ} بفتح اللام والياء وقال ابن عباس: إذا سحبوها كان أشد عليهم. قوله تعالى: {يُسْجَرُونَ} قال مجاهد: توقد بهم النار فصاروا وقودها. قوله تعالى: {أَيْنَ مَا مّمَّا تُشْرِكُونَ} مفسر في [الأعراف/١٩٠]. وفي قوله: {لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً} قولان. أحدهما: أنهم أرادوا أن الأصنام لم تكن شيئا لأنها لم تكن تضر ولا تنفع وهو قول الأكثرين. والثاني: أنهم قالوه على وجه الجحود قاله أبو سليمان الدمشقي. {كَذٰلِكَ} أي كما أضل اللّه هؤلاء يضل الكافرين. {ذٰلِكُمْ} العذاب الذي نزل بكم {بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى ٱلاْرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ} أي بالباطل {وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} وقد شرحنا المرح في [بني إسرائيل/٣٧] وما بعد هذا قد تقدم بتمامه [النحل/٢٩] [يونس/١٠٩] [النساء/١٦٤] إلى قوله: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِـئَايَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللّه} وذلك لأنهم كانوا يقترحون عليه الآيات {فَإِذَا جَـاء أَمْرُ ٱللّه} وهو قضاؤه بين الأنبياء وأممهم و {ٱلْمُبْطِلُونَ} أصحاب الباطل. قوله تعالى: {وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِى صُدُورِكُمْ} أي حوائجكم في البلاد. قوله تعالى: {وَيُرِيكُمْ ءايَـٰتِهِ فَأَىَّ ءايَـٰتِ} استفهام توبيخ. قوله تعالى: {فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ} في ما قولان. أحدهما: أنها للنفي. والثاني: أنها للاستفهام ذكرهما ابن جرير. قوله تعالى: {فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مّنَ ٱلْعِلْمِ} في المشار إليهم قولان: أحدهما: أنهم الأمم المكذبة قاله الجمهور ثم في معنى الكلام قولان. أحدهما: أنهم قالوا نحن أعلم منهم لن نبعث ولن نحاسب قاله مجاهد. والثاني: فرحوا بما كان عندهم أنه علم قاله السدي. والقول الثاني: أنهم الرسل والمعنى فرح الرسل لما هلك المكذبون ونجوا بما عندهم من العلم باللّه إذ جاء تصديقه حكاه أبو سليمان وغيره. قوله تعالى: {وَحَاقَ بِهِم} يعني بالمكذبين العذاب الذي كانوا به يستهزؤون والبأس العذاب ومعنى {سُنَّةَ ٱللّه} أنه سن هذه السنة في الأمم أي أن إيمانهم لا ينفعهم إذا رأوا العذاب {وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْكَـٰفِرُونَ}. فإن قيل: كأنهم لم يكونوا خاسرين قبل ذلك؟ فعنه جوابان. أحدهما: أن خسر بمعنى هلك قاله ابن عباس. والثاني: أنه إنما بين لهم خسرانهم عند نزول العذاب قاله الزجاج. |
﴿ ٠ ﴾