ÓõæÑóÉõ ÇáÔøõæÑóì ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ËóáÇóËñ æóÎóãúÓõæäó ÂíóÉð سورة الشورى/ حم عسق وهي مكية، رواه العوفي وغيره عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة، والجمهور. وحكي عن ابن عباس وقتادة قالا: إلا أربع آيات نزلن بالمدينة، أولها: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} [الشورى/ ٢٣] وقال مقاتل: فيها من المدني قوله: {ذَلِكَ ٱلَّذِى يُبَشّرُ ٱللّه عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} [الشورى/ ٢٣] إلى قوله: {بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} [الشورى/ ٢٤] وقوله: {وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ} [الشورى/ ٣٩] إلى قوله: {مّن سَبِيلٍ} [الشورى/ ٤١]. بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٦ ٢ انظر تفسير الآية:٦ ٣ انظر تفسير الآية:٦ ٤ انظر تفسير الآية:٦ ٥ انظر تفسير الآية:٦ ٦ قوله تعالى: {حـم} قد سبق تفسيره [المؤمن]. قوله تعالى: {عسق} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه قسم أقسم اللّه به، وهو من أسمائه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: أنه حروف من أسماء؛ ثم فيه خمسة أقوال: أحدها: أن العين علم اللّه، والسين سناؤه، والقاف قدرته، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال الحسن. والثاني: أن العين فيها عذاب، والسين فيها مسخ، والقاف فيها قذف، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس. والثالث: أن الحاء من حرب، والميم من تحويل ملك، والعين من عدو مقهور، والسين استئصال بسنين كسني يوسف، والقاف من قدرة اللّه في ملوك الأرض، قاله عطاء. والرابع: أن العين من عالم، والسين من قدوس، والقاف من قاهر، قاله سعيد بن جبير. والخامس: أن العين من العزيز، والسين من السلام، والقاف من القادر، قاله السدي. والثالث: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة. قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ} فيه أربعة أقوال: أحدها: أنه كما أوحيت حم عسق إلى كل نبي، كذلك نوحيها إليك، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: كذلك نوحي إليك أخبار الغيب كما أوحينا إلى من قبلك، رواه عطاء عن ابن عباس. والثالث: أن حم عسق نزلت في أمر العذاب، فقيل: كذلك نوحي إليك أن العذاب نازل بمن كذبك كما أوحينا ذلك إلى من كان قبلك، قاله مقاتل. والرابع: أن المعنى هكذا نوحي إليك، قاله ابن جرير. وقرأ ابن كثير: {يُوحَى} بضم الياء وفتح الحاء كأنه إذا قيل: من يوحي؟ قيل: اللّه. وروى أبان عن عاصم: نوحي بالنون وكسر الحاء. {تَكَادُ * ٱلسَّمَـٰوَاتِ * يَتَفَطَّرْنَ} قرأ ابن كثير، وابن عامر،وحمزة: {تَكَادُ} بالتاء {يَتَفَطَّرْنَ} بياء وتاء مفتوحة وفتح الطاء وتشديدها. وقرأ نافع، والكسائي: {يَكَادُ} بالياء {يَتَفَطَّرْنَ} مثل قراءة ابن كثير. وقرأ أبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم: {تَكَادُ} بالتاء {ينفطرن} بالنون وكسر الطاء وتخفيفها، أي: يتشققن {يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ} أي: من فوق الأرضين من عظمة الرحمن. وقيل: من قول المشركين: اتخذ اللّه ولدا. ونظيرها التي في [مريم/ ٩٠]. {وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ} قال بعضهم: يصلون بأمر ربهم؛ وقال بعضهم: ينزهونه عما لا يجوز في صفته {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى ٱلاْرْضِ} فيه قولان. أحدهما: أنه أراد المؤمنين، قاله قتادة، والسدي. والثاني: أنهم كانوا يستغفرون للمؤمنين، فلما ابتلى هاروت وماروت استغفروا لمن في الأرض. ومعنى استغفارهم: سؤالهم الرزق لهم، قاله ابن السائب. وقد زعم قوم منهم مقاتل أن هذه الآية منسوخة بقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} [غافر/ ٧] وليس بشيء، لأنهم إنما يستغفرون للمؤمنين دون الكفار، فلفظ هذه الآية عام، ومعناها خاص، ويدل على التخصيص قوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} [غافر/ ٧] لأن الكافر لا يستحق أن يستغفر له. قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن * دُونِهِ أَوْلِيَاء} يعني كفار مكة اتخذوا آلهة فعبدوها من دونه {ٱللّه حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ} أي: حافظ لأعمالهم ليجازيهم بها {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} أي: لم نوكلك بهم فتؤخذ بهم. وهذه الآية عند جمهور المفسرين منسوخة بآية السيف، ولا يصح. ٧ انظر تفسير الآية:٩ ٨ انظر تفسير الآية:٩ ٩ قوله تعالى: {وَكَذٰلِكَ} أي: ومثل ما ذكرنا {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءاناً عَرَبِيّاً} ليفهموا مافيه {لّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ} يعني مكة، والمراد: أهلها، {وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ} أي: وتنذرهم يوم الجمع، وهو يوم القيامة، يجمع اللّه فيه الأولين والآخرين وأهل السموات والأرضين {لاَ رَيْبَ فِيهِ} أي: لا شك في هذا الجمع أنه كائن، ثم بعد الجمع يتفرقون، وهو قوله: {فَرِيقٌ فِى ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى ٱلسَّعِيرِ} ثم ذكر سبب افتراقهم فقال: {وَلَوْ شَاء ٱللّه لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وٰحِدَةً} أي: على دين واحد، كقوله: {لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ} [الأنعام/ ٣٥] {وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِى رَحْمَتِهِ} أي: في دينه {وَٱلظَّـٰلِمُونَ} وهم الكافرون {لَهُ مِن وَلِىّ} يدفع عنهم العذاب {وَلاَ نَصِيرٍ} يمنعهم منه. {أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ} أي: بل اتخذ الكافرون من دون اللّه {أَوْلِيَاء} يعني آلهة يتولونهم {فَٱللّه هُوَ ٱلْوَلِىُّ} أي: ولي أوليائه، فليتخذوه وليا دون الآلهة؛ وقال ابن عباس: وليك يا محمد وولي من اتبعك. ١٠ انظر تفسير الآية:١٤ ١١ انظر تفسير الآية:١٤ ١٢ انظر تفسير الآية:١٤ ١٣ انظر تفسير الآية:١٤ ١٤ قوله تعالى: {وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْء} أي: من أمر الدين؛ وقيل: بل هو عام {فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللّه} فيه قولان. أحدهما: علمه عند اللّه. والثاني: هو يحكم فيه. قال مقاتل. وذلك أن أهل مكة كفر بعضهم بالقرآن وآمن بعضهم فقال اللّه: أنا الذي أحكم فيه {ذَلِكُـمُ ٱللّه} الذي يحكم بين المختلفين هو {رَبّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} في مهماتي {وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} أي: أرجع في المعاد. {فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ} قد سبق بيانه [الأنعام/ ١٤] {جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ} أي: من مثل خلقكم {أَزْوٰجاً} نساء {وَمِنَ ٱلاْنْعَـٰمِ أَزْوٰجاً} أصنافا ذكورا وإناثا، والمعنى أنه خلق لكم الذكر والأنثى من الحيوان كله {يَذْرَؤُكُمْ} فيها ثلاثة أقوال: أحدها: يخلقكم، قاله السدي. والثاني: يعيشكم، قاله مقاتل. والثالث: يكثركم، قاله الفراء. وفي قوله فيه قولان: أحدهما: أنها على أصلها، قاله الأكثرون. فعلى هذا في هاء الكناية ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ترجع إلى بطون الإناث وقد تقدم ذكر الأزواج، قاله زيد بن أسلم. فعلى هذا يكون المعنى: يخلقكم في بطون النساء، وإلى نحو هذا ذهب ابن قتيبة، فقال: يخلقكم في الرحم أو في الزوج، وقال ابن جرير: يخلقكم فيما جعل لكم من أزواجكم؛ ويعيشكم فيما جعل لكم من الأنعام. والثاني: أنها ترجع إلى الأرض، قاله ابن زيد فعلى هذا يكون المعنى يذرؤكم فيما خلق من السموات والأرض. والثالث: أنها ترجع إلى الجعل المذكور ثم في معنى الكلام قولان. أحدهما: يعيشكم فيما جعل من الأنعام قاله مقاتل. والثاني: يخلقكم في هذا الوجه الذي ذكر من جعل الأزواج قاله الواحدي. والقول الثاني: أن فيه بمعنى به والمعنى يكثركم بما جعل لكم قاله الفراء والزجاج. قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء} قال ابن قتيبة: أي ليس كهو شيء والعرب تقيم المثل مقام النفس فتقول: مثلي لا يقال له هذا أي أنا لا يقال لي هذا. وقال الزجاج: الكاف مؤكدة والمعنى: ليس مثله شيء وما بعد هذا قد سبق بيانه [الزمر/ ٦٣] [الرعد/ ٢٦] إلى قوله {شَرَعَ لَكُم} أي: بين وأوضح {مّنَ ٱلِدِينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً} وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه تحليل الحلال وتحريم الحرام، قاله قتادة. والثاني: تحريم الأخوات والأمهات، قاله الحكم. والثالث: التوحيد وترك الشرك. قوله تعالى: {وَٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} أي: من القرآن وشرائع الإسلام قال الزجاج: المعنى: وشرع الذي أوحينا إليك وشرع لكم ما وصى به إبراهيم وموسى وعيسى وقوله: {أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدّينَ} تفسير قوله: {مَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ} وجائز أن يكون تفسيرا لما وصى به نوحا ولقوله: {وَٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ولقوله: {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ} فيكون المعنى: شرع لكم ولمن قبلكم إقامة الدين وترك الفرقة، وشرع الاجتماع على اتباع الرسل وقال مقاتل: {أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدّينَ} يعني التوحيد {وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ} أي: لا تختلفوا {كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ} أي: عظم على مشركي مكة {مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} يا محمد من التوحيد. قوله تعالى: {ٱللّه يَجْتَبِى إِلَيْهِ} أي: يصطفي من عباده لدينه {مَن يَشَاء وَيَهْدِى} إلى دينه {مَن يُنِيبُ} أي: يرجع إلى طاعته. ثم ذكر افتراقهم بعد أن أوصاه بترك الفرقة، فقال: {وَمَا تَفَرَّقُواْ} يعني أهل الكتاب {إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْعِلْمُ} فيه ثلاثة أقوال. أحدها: من بعد كثرة علمهم للبغي. والثاني: من بعد أن علموا أن الفرقة ضلال. والثالث: من بعد ما جاءهم القرآن بغيا منهم على محمد صلى اللّه عليه وسلم. {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ} في تأخير المكذبين من هذه الأمة إلى يوم القيامة، {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} بإنزال العذاب على المكذبين {وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُواْ ٱلْكِتَـٰبَ} يعني اليهود والنصارى {مّن بَعْدِهِمْ} أي: من بعد أنبيائهم {لَفِى شَكّ مّنْهُ} أي: من محمد صلى اللّه عليه وسلم. ١٥ انظر تفسير الآية:١٦ ١٦ قوله تعالى: {فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ} قال الفراء: المعنى، فالى ذلك، تقول: دعوت إلى فلان، ودعوت لفلان، وذلك بمعنى هذا، وللمفسرين قولان: أحدهما: أنه القرآن، قاله ابن السائب. والثاني: أنه التوحيد، قاله مقاتل. قوله تعالى: ولا تتبع أهواءهم} يعني: أهل الكتاب لأنهم دعوه إلى دينهم. قوله تعالى: {وَأُمِرْتُ لاِعْدِلَ بَيْنَكُمُ} قال بعض النحويين المعنى: أمرت كي أعدل. وقال غيره المعنى: أمرت بالعدل وتقع أمرت على أن وعلى كي وعلى اللام يقال أمرت أن أعدل وكي أعدل ولأعدل. ثم في ما أمر أن يعدل فيه قولان. أحدهما: في الأحكام إذا ترافعوا إليه. والثاني: في تبليغ الرسالة. قوله تعالى: {ٱللّه رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} أي: هو آلهنا وإن اختلفنا، فهو يجازينا بأعمالنا فذلك قوله: {لَنَا أَعْمَـٰلُنَا} أي: جزاؤها. {لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} قال مجاهد: لا خصومة بيننا وبينكم. فصل وفي هذه الآية قولان: أحدهما: أنها اقتضت الاقتصار على الإنذار، وذلك قبل القتال، ثم نزلت آية السيف فنسختها، قاله الأكثرون. والثاني: أن معناها: إن الكلام بعد ظهور الحجج والبراهين قد سقط بيننا فعلى هذا هي محكمة حكاه شيخنا علي بن عبيد اللّه عن طائفة من المفسرين. قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِى ٱللّه} أي: يخاصمون في دينه. قال قتادة: هم اليهود قالوا كتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم فنحن خير منكم. وعلى قول مجاهد هم المشركون طمعوا أن تعود الجاهلية. قوله تعالى: {مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ} أي: من بعد إجابة الناس إلى الإسلام {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ} أي: خصومتهم باطلة. ١٧ انظر تفسير الآية:٢٠ ١٨ انظر تفسير الآية:٢٠ ١٩ انظر تفسير الآية:٢٠ ٢٠ قوله تعالى: {ٱللّه ٱلَّذِى أَنزَلَ ٱلْكِتَـٰبَ} يعني القرآن {بِٱلْحَقّ} أي: لم ينزله لغير شيء {وَٱلْمِيزَانَ} فيه قولان: أحدهما: أنه العدل، قاله ابن عباس، وقتادة، والجمهور. والثاني: أنه الذي يوزن به حكي عن مجاهد. ومعنى إنزاله إلهام الخلق أن يعملوا به وأمر اللّه عز وجل إياهم بالإنصاف. وسمي العدل ميزانا لأن الميزان آلة الإنصاف والتسوية بين الخلق. وتمام الآية مشروح في [الأحزاب/ ٦٣]. قوله تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا} لأنهم لا يخافون ما فيها إذ لم يؤمنوا بكونها، فهم يطلبون قيامها استبعادا واستهزاء {وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مُشْفِقُونَ} أي: خائفون {مِنْهَا} لأنهم يعلمون أنهم محاسبون ومجزيون، ولا يدرون ما يكون منهم {وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ} أي: أنها كائنة لا محالة {أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَى ٱلسَّاعَةِ} أي: يخاصمون في كونها {لَفِى ضَلَـٰلَ بَعِيدٍ} حين لم يتفكروا، فيعلموا قدرة اللّه على إقامتها. {ٱللّه لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} قد شرحنا معنى اسمه اللطيف في [الأنعام/ ١٠٣] وفي عبادة هاهنا قولان: أحدهما: أنهم المؤمنون. والثاني: أنه عام في الكل ولطفه بالفاجر أنه لا يهلكه. {يَرْزُقُ مَن يَشَاء} أي: يوسع له الرزق. قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلاْخِرَةِ} قال ابن قتيبة: أي: عمل الآخرة يقال: فلان يحرث الدنيا، أي: يعمل لها ويجمع المال فالمعنى: من أراد بعمله الآخرة {نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ} أي: نضاعف له الحسنات. قال المفسرون: من أراد العمل للّه بما يرضيه أعانه اللّه على عبادته، ومن أراد الدنيا مؤثرا لها على الآخرة لأنه غير مؤمن بالآخرة، يؤته منها وهو الذي قسم له، {وَمَا لَهُ فِى ٱلاْخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} لأنه كافر بها لم يعمل لها. فصل اتفق العلماء على أن أول هذه الآية إلى حرثه محكم، واختلفوا في باقيها على قولين. أحدهما: أنه مسنوخ بقوله {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ} [الإسراء/ ١٨] وهذا قول جماعة منهم مقاتل. والثاني: أن الآيتين محكمتان متفقتان في المعنى لأنه لم يقل في هذه الآية نؤته مراده فعلم أنه إنما يؤتيه اللّه ما أراد وهذا موافق لقوله لمن نريد، ويحقق هذا أن لفظ الآيتين لفظ الخبر ومعناهما معنى الخبر وذلك لا يدخله النسخ وهذا مذهب جماعة منهم قتادة. ٢١ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٣ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٤ قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء} يعني: كفار مكة والمعنى ألهم آلهة {شَرَعُواْ} أي: ابتدعوا {لَهُمْ} دينا لم يأذن به اللّه {وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ} وهي: القضاء السابق بأن الجزاء يكون في القيامة {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} في الدنيا بنزول العذاب على المكذبين. والظالمون في هذه الآية والتي تليها: يراد بهم المشركون. والاشفاق: الخوف. والذي كسبوا: هو الكفر والتكذيب، {وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} يعني جزاؤه وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {ذٰلِكَ} يعني: ما تقدم ذكره من الجنات {ٱلَّذِى يُبَشّرُ ٱللّه عِبَادَهُ} قال أبوسلمان الدمشقي: ذلك بمعنى هذا الذي أخبرتكم به بشرى يبشر اللّه بها عباده. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: يبشر بفتح الياء وسكون الباء وضم الشين. قوله تعالى: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} في سبب نزول هذه الآية ثلاثة أقوال: أحدها: أن المشركين كانوا يؤذون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمكة فنزلت هذه الآية رواه الضحاك عن ابن عباس. والثاني: أنه لما قدم المدينة كانت تنوبه نوائب وليس في يده سعة فقال الأنصار: إن هذا الرجل قد هداكم اللّه به وليس في يده سعة فاجمعوا له من أموالكم مالا يضركم ففعلوا ثم أتوه به فنزلت هذه الآية،وهذا مروي عن ابن عباس أيضا. والثالث: أن المشركين اجتمعوا في مجمع لهم فقال بعضهم لبعض: أترون محمد يسأل على ما يتعاطاه أجرا فنزلت هذه الآية قاله قتادة. والهاء في عليه كناية عما جاء به من الهدى. وفي الاستثناء هاهنا قولان: أحدهما: أنه من الجنس فعلى هذا يكون سائلا أجرا وقد أشار ابن عباس في رواية الضحاك إلى هذا المعنى. ثم قال نسخت هذه بقوله {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} الآية [سبأ/ ٤٧] وإلى هذا المعنى ذهب مقاتل. والثاني: أنه استثناء من غير الأول لأن الأنبياء لا يسألون على تبليغهم أجرا وإنما المعنى. لكني أذكركم المودة في القربى وقد روى هذا المعنى جماعة عن ابن عباس منهم العوفي وهذا اختيار المحققين وهو الصحيح فلا يتوجه النسخ أصلا. وفي المراد بالقربى خمسة أقوال. أحدها: أن معنى الكلام إلا أن تودوني لقرابتي منكم، قاله ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد في الأكثرين. قال ابن عباس: ولم يكن بطن من بطون قريش إلا ولرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيهم قرابة. والثاني: إلا أن تودوا قرابتي، قاله علي بن الحسين، وسعيد بن جبير، والسدي. ثم في المراد بقرابته قولان: أحدهما: علي وفاطمة وولدها، وقد رووه مرفوعا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. والثاني: أنهم الذين تحرم عليهم الصدقة ويقسم فيهم الخمس وهم بنو هاشم وبنو المطلب. والثالث: أن المعنى إلا أن توددوا إلى اللّه تعالى فيما يقربكم إليه من العمل الصالح، قاله الحسن وقتادة. والرابع: إلا أن تودوني كما تودون قرابتكم، قاله ابن زيد. والخامس: إلا أن تودوا قرابتكم وتصلوا أرحامكم، حكاه الماوردي والأول أصح. قوله تعالى: {وَمَن يَقْتَرِفْ} أي: من يكتسب {حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً} أي: نضاعفها بالواحدة عشرا فصاعدا. وقرأ ابن السميفع، وابن يعمر، والجحدري: {يزد} له بالياء {وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللّه غَفُورٌ} للذنوب {شَكُورٍ} للقليل حتى يضاعفه. {أَمْ يَقُولُونَ} أي: بل يقول كفار مكة {ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللّه كَذِبًا} حين زعم أن القرآن من عند اللّه {فَإِن يَشَإِ ٱللّه يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ} فيه قولان. أحدهما: يختم على قلبك فينسيك القرآن، قاله قتادة. والثاني: يربط على قلبك بالصبر على أذاهم فلا يشق عليك قولهم إنك مفتر، قاله مقاتل والزجاج. قوله تعالى:{وَيَمْحُ ٱللّه ٱلْبَـٰطِلَ} قال الفراء: ليس بمردود على يختم فيكون جزما وإنما هو مستأنف ومثله مما حذفت منه الواو {وَيَدْعُ ٱلإِنْسَـٰنُ بِٱلشَّرّ} [الاسراء/ ١١] وقال الكسائي: فيه تقديم وتأخير تقديره: واللّه يمحو الباطل. وقال الزجاج: الوقف عليها ويمحوا بواو وألف والمعنى واللّه يمحو الباطل على كل حال غير أنها كتبت في المصاحف بغير واو لأن الواو تسقط في اللفظ لالتقاء الساكنين فكتبت على الوصل ولفظ الواو ثابت والمعنى: ويمحو اللّه الشرك ويحق الحق بما أنزله من كتابه على لسان نبيه صلى اللّه عليه وسلم. ٢٥ انظر تفسير الآية:٢٧ ٢٦ انظر تفسير الآية:٢٧ ٢٧ قوله تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِى يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} قد ذكرناه في [براءة/ ١٠٤]. قوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} أي: من خير وشر. قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: بالتاء، وقرأ الباقون: بالياء، على الإخبار عن المشركين والتهديد لهم. ويستجيب بمعنى يجيب وفيه قولان: أحدهما: أن الفعل فيه للّه، والمعنى: يجيبهم إذا سألوه؛ وقد روى قتادة عن أبي إبراهيم اللخمي {وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} قال: يشفعون في إخوانهم {وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ} قال: يشفعون في إخوان إخوانهم. والثاني: أنه للمؤمنين؛ فالمعنى: يجيبونه والأول أصح. قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ ٱللّه ٱلرّزْقَ لِعِبَادِهِ} قال خباب بن الأرت: فينا نزلت هذه الآية، وذلك أنا نظرنا إلى أموال بني قريظة والنضير فتمنيناها، فنزلت هذه الآية. ومعنى الآية: لو أوسع اللّه الرزق لعباده لبطروا وعصوا وبغى بعضهم على بعض، {وَلَـٰكِن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء} أي: ينزل أمره بتقدير ما يشاء مما يصلح أمورهم ولا يطغيهم {إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ} فمنهم من لا يصلحه إلا الغنى ومنهم من لا يصلحه إلا الفقر. ٢٨ انظر تفسير الآية:٣١ ٢٩ انظر تفسير الآية:٣١ ٣٠ انظر تفسير الآية:٣١ ٣١ {وَهُوَ ٱلَّذِى يُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ} يعني: المطر وقت الحاجة {مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ} أي: يئسوا، وذلك أدعى لهم إلى شكر منزله {وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} في الرحمة هاهنا قولان. أحدهما: المطر، قاله مقاتل. والثاني: الشمس بعد المطر، حكاه أبو سليمان الدمشقي. وقد ذكرنا الولي في سورة [النساء/ ٤٥] والحميد في [البقرة/ ٢٦٧]. قوله تعالى: {وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ} وهو ما يلحق المؤمن من مكروه {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} من المعاصي. وقرأ نافع، وابن عامر {بِمَا كَسَبَتْ * أَيْدِيكُم} بغير فاء وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام {وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} من السيئات فلا يعاقب بها. وقيل لأبي سليمان الداراني: ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساء إليهم، قال: إنهم علموا أن اللّه تعالى إنما ابتلاهم بذنوبهم، وقرأ هذه الآية. قوله تعالى: {وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى ٱلاْرْضِ} إن أراد اللّه عقوبتكم، وهذا يدخل فيه الكفار والعصاة كلهم. ٣٢ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٣ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٤ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٥ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٦ أحدهما: ويعلم الذين يخاصمون في آيات اللّه حين يؤخذون بالغرق أنه لا ملجأ لهم. والثاني: أنهم يعلمون بعد البعث أنه لا مهرب لهم من العذاب. قوله تعالى: {مَا أُوتِيتُمْ مِن شَىْء} أي: ما أعطيتم من الدنيا فهو متاع تتمتعون به ثم يزول سريعا {وَمَا عِندَ ٱللّه خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} لا للكافرين، لأنه إنما أعد لهم في الآخرة العذاب. ٣٧ انظر تفسير الآية: ٤٣ ٣٨ انظر تفسير الآية:٤٣ ٣٩ انظر تفسير الآية:٤٣ ٤٠ انظر تفسير الآية:٤٣ ٤١ انظر تفسير الآية:٤٣ ٤٢ انظر تفسير الآية:٤٣ ٤٣ قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَـٰئِرَ ٱلإِثْمِ} وقرأ حمزة، والكسائي: كبير الإثم على التوحيد من غير ألف، والباقون بألف. وقد شرحنا الكبائر في سورة [النساء/ ٣١] وفي المراد بالفواحش هاهنا قولان: أحدهما: الزنا. والثاني: موجبات الحدود. قوله تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ} أي: يعفون عمن ظلمهم طلبا لثواب اللّه تعالى. {وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبّهِمْ} أي: أجابوه فيما دعاهم إليه. {وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ} قال ابن قتيبة: أي يتشاورون فيه بينهم وقال الزجاج: المعنى أنهم لا ينفردون برأي حتى يجتمعوا عليه. قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} اختلفوا في هذا البغي على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه بغي الكفار على المسلمين، قال عطاء: هم المؤمنون الذين أخرجهم الكفار من مكة وبغوا عليهم ثم مكنهم اللّه منهم فانتصروا. وقال زيد بن اسلم: كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرقتين بمكة، فرقة كانت تؤذى فتعفو عن المشركين، وفرقة كانت تؤذى فتنتصر، فأثنى اللّه عز وجل عليهم جميعا، فقال في الذين لم ينتصروا: {وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ} وقال في المنتصرين: و{إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} أي: من المشركين. وقال ابن زيد: ذكر المهاجرين وكانوا صنفين، صنفا عفا، وصنفا انتصر، فقال:{وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ} فبدأ بهم، وقال في المنتصرين: {وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} أي: من المشركين وقال {وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبّهِمْ} إلى قوله {يُنفِقُونَ} وهم الأنصار ثم ذكر الصنف الثالث فقال: {وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} من المشركين. والثاني: أنه بغي المسلمين على المسلمين خاصة. والثالث: أنه عام في جميع البغاة سواء كانوا مسلمين أو كافرين. فصل واختلف في هذه الآية علماء الناسخ والمنسوخ فذهب بعض القائلين بأنها في المشركين إلى أنها منسوخة بآية السيف. فكأنهم يشيرون إلى أنها أثبتت الانتصار بعد بغي المشركين فلما جاز لنا أن نبدأهم بالقتال دل على أنها منسوخة. وللقائلين بأنها في المسليمن قولان: أحدهما: أنها منسوخة بقوله {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ} [الشورى/ ٤٣] فكأنها نبهت على مدح المنتصر ثم أعلمنا أن الصبر والغفران أمدح فبان وجه النسخ. والثاني: أنها محكمة لأن الصبر والغفران فضيلة والانتصار مباح. فعلى هذا تكون محكمة وهو الأصح. فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وظاهرها مدح المنتصر وبين آيات الحث على العفو؟ فعنه ثلاثة أجوبة. أحدها: أنه انتصار المسلمين من الكافرين وتلك رتبة الجهاد، كما ذكرنا عن عطاء. والثاني: أن المنتصر لم يخرج عن فعل أبيح له وإن كان العفو أفضل ومن لم يخرج من الشرع بفعله حسن مدحه. قال ابن زيد: جعل اللّه المؤمنين صنفين صنف يعفو فبدأ بذكره وصنف ينتصر. والثالث: أنه إذا بغي على المؤمن فاسق فلأن له اجتراء الفساق عليه وليس للمؤمن أن يذل نفسه فينبغي له أن يكسر شوكة العصاة لتكون العزة لأهل الدين. قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفساق فإذا قدروا عفوا. وقال القاضي أبو يعلى: هذه الآية محمولة على من تعدى وأصر على ذلك وآيات العفو محمولة على أن يكون الجاني نادما. قوله تعالى: {وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا} قال مجاهد، والسدي: هو جواب القبيح إذا قال له كلمة إجابة بمثلها من غير أن يعتدي. وقال مقاتل: هذا في القصاص في الجراحات والدماء. {فَمَنْ عَفَا} فلم يقتص {وَأَصْلَحَ} العمل فأجره على اللّه إنه لا يحب الظالمين يعني من بدأ بالظلم وإنما سمى المجازاة سيئة لما بينا عند قوله:{فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ} [البقرة/ ١٩٤] قال الحسن: إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم من كان أجره على اللّه فلا يقوم إلا من عفا. {وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} أي: بعد ظلم الظالم إياه والمصدر هاهنا مضاف إلى المفعول، ونظيره: {مِن دُعَاء ٱلْخَيْرِ} [فصلت/ ٤٩] و و{بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ} [ص/ ٢٤]، {فَأُوْلَـئِكَ} يعني المنتصرين {مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ} أي: من طريق إلى لوم ولا حد {إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ} أي: يبتدؤون بالظلم {وَيَبْغُونَ فِى ٱلاْرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ} أي: يعملون فيها بالمعاصي. قوله تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ} فلم ينتصر {وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ} الصبر والتجاوز {لَمِنْ عَزْمِ ٱلاْمُورِ} وقد شرحناه في [آل عمران/ ١٨٦]. ٤٤ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٥ انظر تفسير الآية:٤٦ ٤٦ قوله تعالى: {وَمَن يُضْلِلِ ٱللّه فَمَا لَهُ مِن وَلِىّ} أي: من أحد يلي هدايته بعد إضلال اللّه إياه. {وَتَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} يعني المشركين {لَمَّا رَأَوُاْ ٱْلَعَذَابَ} في الآخرة يسألون الرجعة إلى الدنيا {يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدّ مّن سَبِيلٍ}. {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} أي: على النار {خـٰشِعِينَ} أي: خاضعين متواضعين {مِنَ ٱلذُّلّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىّ} وفيه أربعة أقوال: أحدها: من طرف ذليل، رواه العوفي عن ابن عباس وبه قال مجاهد. وقال الأخفش: ينظرون من عين ضعيفة. وقال غيره: من بمعنى الباء. والثاني: يسارقون النظر، قاله قتادة والسدي. والثالث: ينظرون ببعض العين، قاله أبو عبيدة. والرابع: أنهم ينظرون إلى النار بقلوبهم لأنهم قد حشروا عميا فلم يروها بأعينهم. حكاه الفراء والزجاج. وما بعد هذا قد سبق بيانه [الأنعام/ ١٢] [هود/ ٣٩] إلى قوله: {يَنصُرُونَهُم مّن دُونِ ٱللّه} أي: يمنعونهم من عذاب اللّه. ٤٧ انظر تفسير الآية:٥٠ ٤٨ انظر تفسير الآية:٥٠ ٤٩ انظر تفسير الآية:٥٠ ٥٠ قوله تعالى: {ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبّكُمْ} أي: أجيبوه فقد دعاكم برسوله {مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ} وهو يوم القيامة {لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللّه} أي: لا يقدر أحد على رده ودفعه {مَالَكُمْ مّن مَّلْجَأٍ} تلجؤون إليه، {وَمَا لَكُمْ مّن نَّكِيرٍ} قال مجاهد: من ناصر ينصركم. وقال غيره: من قدرة على تغيير ما نزل بكم. {فَإِنْ أَعْرَضُواْ} عن الإجابة {فَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} لحفظ أعمالهم {إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ} أي: ما عليك إلا أن تبلغهم وهذا عند المفسرون منسوخ بآية السيف. قوله تعالى: {وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا ٱلإنسَـٰنَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا} قال المفسرون: المراد به: الكافر؛ والرحمة: الغنى والصحة والمطر ونحو ذلك. والسيئة: المرض والفقر والقحط، ونحو ذلك. والإنسان هاهنا اسم جنس، فلذلك قال: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} أي: بما سلف من مخالفتهم {فَإِنَّ ٱلإنسَـٰنَ كَفُورٌ} بما سلف من النعم. {للّه مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ} أي: له التصرف فيها بما يريد، {يَهَبُ لِمَن يَشَاء إِنَـٰثاً} يعني البنات ليس فيهن ذكر. كما وهب للوط صلى اللّه عليه وسلم، فلم يولد له إلا البنات. {وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء ٱلذُّكُورَ} يعني: البنين ليس معهم أنثى، كما وهب لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فلم يولد له إلى الذكور. {أَوْ يُزَوّجُهُمْ} يعني الإناث والذكور. قال الزجاج: ومعنى يزوجهم يقرنهم وكل شيئين يقترن أحدهما بالآخر فهما زوجان. ويقال لكل واحد منهما زوج تقول عندي زوجان من الخفاف يعني اثنين. وفي معنى الكلام للمفسرين قولان: أحدهما: أنه وضع المرأة غلاما ثم جارية ثم غلاما ثم جارية، قاله مجاهد، والجمهور. والثاني: أنه وضع المرأة جارية وغلاما توأمين، قاله ابن الحنفية. قالوا: وذلك كما جمع لمحمد صلى اللّه عليه وسلم فإنه وهب له بنين وبنات {وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيماً} لا يولد له، كيحيى بن زكريا عليهما السلام وهذه الأقسام موجودة في سائر الناس، وإنما ذكروا الأنبياء تمثيلا. ٥١ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥٢ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥٣ قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ ٱللّه إِلاَّ وَحْياً} قال المفسرون: سبب نزولها أن اليهود قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم: ألا تكلم اللّه وتنظر إليه إن كنت نبيا صادقا كما كلمه موسى ونظر إليه. فقال لهم: لم ينظر موسى إلى اللّه، ونزلت هذه الآية. والمراد بالوحي هاهنا الوحي في المنام. {أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ} كما كلم موسى. {أَوْ يُرْسِلَ} قرأ نافع، وابن عامر: {يُرْسِلَ} بالرفع {فَيُوحِىَ} بسكون الياء. وقرأ الباقون: {يُرْسِلَ} بنصب اللام {فَيُوحِىَ} بتحريك الياء والمعنى: أو يرسل رسولا كجبرائيل فيوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه {بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء} قال مكي بن أبي طالب: من قرأ أو يرسل بالنصب عطفه على معنى قوله {إِلاَّ وَحْياً} لأنه بمعنى: إلا أن يوحي. ومن قرأ بالرفع، فعلى الابتداء كأنه قال أو هو يرسل. قال القاضي أبو يعلى: وهذه الآية محمولة على أنه لا يكلم بشرا إلا من وراء حجاب في دار الدنيا. قوله تعالى: {وَكَذٰلِكَ} أي: وكما أوحينا إلى الرسل {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} وقيل الواو عطف على أول السورة فالمعنى: كذلك نوحي إليك وإلى الذين من قبلك. {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا} قال ابن عباس: هو القرآن. وقال مقاتل: وحيا بأمرنا. قوله تعالى: {مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَـٰبُ} وذلك أنه لم يكن يعرف القرآن قبل الوحي {وَلاَ ٱلإِيمَـٰنُ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه بمعنى الدعوة إلى الإيمان، قاله أبو العالية. والثاني: أن المراد به شرائع الإيمان ومعالمه وهي كلها إيمان وقد سمى الصلاة إيمانا بقوله {وَمَا كَانَ ٱللّه لِيُضِيعَ إِيمَـٰنَكُمْ} [البقرة/ ١٤٣] هذا اختيار ابن قتيبة،ومحمد بن إسحاق بن خزيمة. والثالث: أنه ما كان يعرف الإيمان حين كان في المهد وإذ كان طفلا قبل البلوغ، حكاه الواحدي. والقول ما اختاره ابن قتيبة وابن خزيمة. وقد اشتهر في الحديث عنه عليه السلام أنه كان قبل النبوة يوحد اللّه ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة إبراهيم عليه السلام. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللّه: من زعم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان على دين قومه فهو قول سوء أليس كان لا يأكل ما ذبح على النصب. وقال ابن قتيبة: قد جاء في الحديث أنه كان على دين قومه أربعين سنة. ومعناه أن العرب لم يزالوا على بقايا من دين إسماعيل من ذلك حج البيت والختان وإيقاع الطلاق إذا كان ثلاثا وأن للزوج الرجعة في الواحدة والاثنتين ودية النفس مائة من الإبل والغسل من الجنابة، وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والصهر. وكان عليه الصلاة والسلام على ما كانوا عليه من الإيمان باللّه والعمل بشرائعهم في الختان والغسل والحج، وكان لا يقرب الأوثان ويعيبها وكان لا يعرف شرائع اللّه التي شرعها لعباده على لسانه فذلك، قوله {مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَـٰبُ} يعني القرآن {وَلاَ ٱلإِيمَـٰنُ} يعني شرائع الإيمان ولم يرد الإيمان الذي هو الإقرار باللّه، لأن آباءه الذين ماتوا على الشرك كانوا يؤمنون باللّه ويحجون له البيت مع شركهم. قوله تعالى: {وَلَـٰكِن جَعَلْنَـٰهُ} في هاء الكناية قولان. أحدهما: أنها ترجع إلى القرآن. والثاني: إلى الإيمان. {نُوراً} أي: ضياء ودليلا على التوحيد {نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَاء} من عبادنا إلى دين الحق. {وَإِنَّكَ لَتَهْدِى} أي: لتدعو {إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ} وهو الإسلام. |
﴿ ٠ ﴾