ÓõæÑóÉõ ÇáúÃóÍúÞóÇÝö ãóßøöíøóÉñ

æóåöíó ÎóãúÓñ æóËóáÇóËõæäó ÂíóÉð

سورة الأحقاف

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

انظر تفسير الآية:٤

٢

انظر تفسير الآية:٤

٣

انظر تفسير الآية:٤

٤

فصل في نزولها روى العوفي وابن أبي طلحة عن ابن عباس أنها مكية. وبه قال الحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والجمهور. وروي عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا: فيها آية مدنية وهي قوله: {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللّه} [الأحقاف/ ١٠] وقال مقاتل: نزلت بمكة غير آيتين قوله {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللّه} [الأحقاف/ ١٠] وقوله: {فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ} [الأحقاف/ ٣٥] نزلتا بالمدينة وقد تقدم تفسير فاتحتها [المؤمن] [الحجر/ ٨٥] إلى قوله: {وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} وهو أجل فناء السموات والأرض وهو يوم القيامة.

قوله تعالى: {قُلْ أَرَءيْتُمْ} مفسر في [فاطر/ ٤٠] إلى قوله: {جِئْنَـٰهُمْ بِكِتَـٰبٍ} وفي الآية اختصار تقديره: فإن ادعوا أن شيئا من المخلوقات صنعة آلهتهم فقل لهم إيتوني بكتاب {مّن قَبْلِ هَـٰذَا} أي: من قبل القرآن فيه برهان ما تدعون من أن الأصنام شركاء اللّه

{أَوْ أَثَـٰرَةٍ مّنْ عِلْمٍ} وفيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الشيء يثيره مستخرجه، قاله الحسن.

والثاني: بقية من علم تؤثر عن الأولين، قاله ابن قتيبة. وإلى نحوه ذهب الفراء وأبو عبيدة.

والثالث: علامة من علم، قاله الزجاج. وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين، وأيوب السختياني، ويعقوب:

{أَثَـٰرَةٍ} بفتح الثاء مثل شجرة ثم ذكروا في معناها ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الخط، قاله ابن عباس، وقال هو خط كانت العرب تخطه في الأرض. قال أبو بكر بن عياش الخط هو العيافة.

والثاني: أو علم تأثرونه عن غيركم، قاله مجاهد.

والثالث: خاصة من علم، قاله قتادة. وقرأ أبي بن كعب، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وقتادة، والضحاك، وابن يعمر: {أَثَـٰرَةٍ} بسكون الثاء من غير ألف بوزن نظرة. وقال الفراء: قرئت أثارة وأثره، وهي لغات ومعنى الكل: بقية من علم ويقال أو شيء مأثور من كتب الأولين فمن قرأ أثارة فهو المصدر مثل قولك السماحة والشجاعة. ومن قرأ أثرة فإنه بناه على الأثر. كما قيل: قترة ومن قرأ أثرة فكأنه أراد مثل قوله الخطفة [الصافات/ ١٠] والرجفة [الأعراف/ ٧٨]. وقال اليزيدي: الأثارة: البقية؛ والأثرة مصدر أثره يأثره، أي: يذكره ويرويه ومنه حديث مأثور.

٥

انظر تفسير الآية:٨

٦

انظر تفسير الآية:٨

٧

انظر تفسير الآية:٨

٨

قوله تعالى: {مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ} يعني الأصنام {وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَـٰفِلُونَ} لأنها جماد لا تسمع، فإذا قامت القيامة صارت الآلهة أعداء لعابديها في الدنيا. ثم ذكر بما بعد هذا أنهم يسمون القرآن سحرا وأن محمدا افتراه.

قوله تعالى: {فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى مِنَ ٱللّه شَيْئاً} أي: لا تقدرون على أن تردوا عني عذابه؛ أي: فكيف أفتري من أجلكم وأنتم لا تقدرون على دفع عذابه عني {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} أي: بما تقولون في القرآن وتخوضون فيه من التكذيب والقول بأنه سحر {كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ} أن القرآن جاء من عند اللّه {وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} في تأخير العذاب عنكم. وقال الزجاج: إنما ذكر هاهنا الغفران والرحمة ليعلمهم أن من أتى ما أتيتم ثم تاب فإن اللّه تعالى غفور له رحيم به.

٩

انظر تفسير الآية:١٠

١٠

قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ ٱلرُّسُلِ} أي: ما أنا بأول رسول والبدع والبديع من كل شيء المبتدأ {وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ} وقرأ ابن يعمر، وابن أبي عبلة:

ما يفعل بفتح الياء ثم فيه قولان:

أحدهما: أنه أراد بذلك ما يكون في الدنيا. ثم فيه قولان:

أحدهما: أنه لما اشتد البلاء بأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، رأى في المنام أنه هاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء، فقصها على أصحابه، فاستبشروا بذلك لما يلقون من أذى المشركين. ثم إنهم مكثوا برهة لا يرون ذلك، فقالوا: يا رسول اللّه متى تهاجر إلى الأرض التي رأيت؟ فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه تعالى: {وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ} يعني: لا أدري، اخرج إلى الموضع الذي رأيته في منامي أم لا؟ ثم قال: إنما هو شيء رايته في منامي، وما {أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَىَّ} رواه أبو صالح عن ابن عباس. وكذلك قال عطية ما أدري هل يتركني بمكة أو يخرجني منها.

والثاني: ما أدري هل أخرج كما أخرج الأنبياء قبلي أو أقتل كما قتلوا ولا أدري ما يفعل بكم أتعذبون أم تؤخرون أتصدقون أم تكذبون. قاله الحسن.

والقول الثاني: أنه أراد ما يكون في الآخرة. روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية نزل بعدها {لّيَغْفِرَ لَكَ ٱللّه مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح/ ٢] وقال: {لّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ} الآية [الفتح/ ٥] فأعلم ما يفعل به وبالمؤمنين.

وقيل: إن المشركين فرحوا عند نزول هذه الآية وقالوا: ما أمرنا وأمر محمد إلا واحد ولولا أنه ابتدع ما يقوله لأخبره الذي بعثه بما يفعل به فنزل قوله: {لّيَغْفِرَ لَكَ ٱللّه} الآية [الفتح/ ٢] فقال الصحابة: هنيئا لك يا رسول اللّه فماذا يفعل بنا؟فنزلت {لّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ} الآية [الفتح/ ٥] وممن ذهب إلى هذا القول أنس وعكرمة، وقتادة، وروي عن الحسن ذلك.

قوله تعالى: {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللّه} يعني القرآن {وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْرٰءيلَ} وفيه قولان:

أحدهما: أنه عبد اللّه بن سلام، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد.

والثاني: أنه موسى بن عمران عليه السلام، قاله الشعبي، ومسروق. فعلى القول الأول يكون ذكر المثل صلة، فيكون المعنى: وشهد شاهد من بني إسرائيل عليه، أي: على أنه من عند اللّه، {فَـئَامَنَ} الشاهد، وهو ابن سلام {وَٱسْتَكْبَرْتُمْ} يا معشر اليهود. وعلى الثاني: يكون المعنى: وشهد موسى على التوراة التي هي مثل القرآن أنها من عند اللّه كما شهد محمد على القرآن أنه كلام اللّه فآمن من آمن بموسى والتوراة، واستكبرتم أنتم يا معشر العرب أن تؤمنوا بمحمد والقرآن.

فإن قيل: أين جواب إن؟

قيل: هو مضمر وفي تقديره ستة أقوال:

أحدها: أن جوابه فمن أضل منكم، قاله الحسن.

والثاني: أن تقدير الكلام وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن أتؤمنون، قاله الزجاج.

والثالث: أن تقديره أتأمنون عقوبة اللّه، قاله أبو علي الفارسي.

والرابع: أن تقديره أفما تهلكون، ذكره الماوردي.

والخامس: من المحق منا ومنكم ومن المبطل، ذكره الثعلبي.

والسادس: أن تقديره أليس قد ظلمتم ويدل على هذا المحذوف قوله: {إِنَّ ٱللّه لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} ذكره الواحدي.

١١

انظر تفسير الآية:١٦

١٢

انظر تفسير الآية:١٦

١٣

انظر تفسير الآية:١٦

١٤

انظر تفسير الآية:١٦

١٥

انظر تفسير الآية:١٦

١٦

قوله تعالى: {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} الآية في سبب نزولها خمسة أقوال:

أحدها: أن الكفار قالوا: لو كان دين محمد خيرا ما سبقنا إليه اليهود، فنزلت هذه الآية، قاله مسروق.

والثاني: أن امرأة ضعيفة البصر أسلمت وكان الأشراف من قريش يهزؤون بها ويقولون: واللّه لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقتنا هذه إليه فنزلت هذه الآية، قاله أبو الزناد.

والثالث: أن أبا ذر الغفاري أسلم واستجاب به قومه إلى الإسلام، فقالت قريش: لو كان خيرا ما سبقونا إليه فنزلت هذه الآية. قاله أبو المتوكل.

والرابع: أنه لما اهتدت مزينة وجهينة وأسلمت، قالت أسد وغطفان: لو كان خيرا ما سبقنا إليه رعاء الشاء يعنون مزينة وجهينة، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السائب.

والخامس: أن اليهود قالوا: لو كان دين محمد خيرا ما سبقتمونا إليه لأنه لا علم لكم بذلك ولو كان حقا لدخلنا فيه. ذكره أبو سليمان الدمشقي. وقال: هو قول من يقول إن الآية نزلت بالمدينة ومن قال هي مكية، قال: هو قول المشركين فقد خرج في الذين كفروا قولان:

أحدهما: أنهم المشركون.

والثاني: اليهود. وقوله: {لَوْ كَانَ خَيْراً} أي: لو كان دين محمد خيرا {مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} فمن قال: هم المشركون، قال: أرادوا إنا أعز وأفضل. ومن قال هم اليهود قال: أرادوا لأنا أعلم.

قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ} أي: بالقرآن {فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} أي: كذب متقدم يعنون أساطير الأولين. {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ} أي: من قبل القرآن التوراة. وفي الكلام محذوف تقديره: فلم يهتدوا لأن المشركين لم يهتدوا بالتوارة. {إِمَاماً} قال الزجاج: هو منصوب على الحال {وَرَحْمَةً} عطف عليه {وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ مُّصَدّقٌ} المعنى: مصدق للتوراة {لّسَاناً عَرَبِيّاً} منصوب على الحال؛ المعنى: مصدق لما بين يديه عربيا وذكر لسانا توكيدا كما تقول: جاءني زيد رجلا صالحا تريد جاءني زيد صالحا.

قوله تعالى: {لّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ} قرأ عاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: {لّيُنذِرَ} بالياء. وقرأ نافع، وابن عامر، ويعقوب: {لّتُنذِرَ} بالتاء. وعن ابن كثير كالقراءتين {وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ} المشركين {وَبُشْرَىٰ} أي: وهو بشرى {لّلْمُحْسِنِينَ} وهم الموحدون يبشرهم بالجنة. وما بعد هذا قد تقدم تفسيره [فصلت/ ٣٠] إلى قوله: {بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: {إِحْسَـٰناً} بألف. {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: {كَرْهاً} بفتح الكاف. وقرأ الباقون: بضمها. قال الفراء: والنحويون يستحبون الضم هاهنا ويكرهون الفتح للعلة التي بيناها عند قوله: {وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} [البقرة/ ٢١٦] قال الزجاج: والمعنى حملته على مشقة {وَوَضَعَتْهُ} على مشقة {وَفِصَـٰلُهُ} أي: فطامه وقرأ يعقوب {وَفِصَـٰلُهُ} بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف {ثَلاَثُونَ شَهْراً} قال ابن عباس: ووضعته كرها يريد به شدة الطلق. واعلم أن هذه المدة قدرت لأقل الحمل وأكثر الرضاع، فأما الأشد ففيه أقوال قد تقدمت. واختار الزجاج: أنه بلوغ ثلاث وثلاثين سنة لأنه وقت كمال الإنسان في بدنه وقوته واستحكام شأنه وتمييزه. وقال ابن قتيبة: أشد الرجل غير أشد اليتيم لأن أشد الرجل الاكتهال والحنكة وأن يشتد رأيه وعقله وذلك ثلاثون سنة. ويقال: ثمان وثلاثون سنة. وأشد الغلام أن يشتد خلقه ويتناهى نباته. وقد ذكرنا بيان الأشد في [الانعام/ ١٥٣] وفي [يوسف/ ٢٢] وهذا تحقيقه

واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، وذلك أنه صحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ابن عشرين سنة وهم يريدون الشام في تجارة، فنزلوا منزلا فيه سدرة، فقعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ظلها، ومضى أبو بكر إلى راهب هناك يسأله عن الدين، فقال له: من الرجل الذي في ظل السدرة؟ فقال: ذاك محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب، فقال: هذا واللّه نبي وما استظل تحتها أحد بعد عيسى إلا محمد نبي اللّه، فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، فكان لا يفارق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أسفاره وحضره، فلما نبىء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة وأبو بكر ابن ثمان وثلاثين سنة صدق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما بلغ أربعين سنة، قال: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي. رواه عطاء عن ابن عباس وبه قال الأكثرون. قالوا: فلما بلغ أبو بكر أربعين سنة دعا اللّه عز وجل بما ذكره في هذه الأية، فأجابه اللّه، فأسلم والداه و أولاده ذكورهم وإناثهم ولم يجتمع ذلك لغيره من الصحابة.

والقول الثاني: أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص. وقد شرحنا قصته في سورة [العنكبوت/ ٨] وهذا مذهب الضحاك والسدي.

والثالث: أنها نزلت على العموم، قاله الحسن. وقد شرحنا في سورة [النمل/ ١٩] معنى قوله {أَوْزِعْنِى}.

قوله تعالى: {وَأَنْ أَعْمَلَ صَـٰلِحاً تَرْضَـٰهُ} قال ابن عباس: أجابه اللّه يعني أبا بكر فأعتق تسعة من المؤمنين كانوا يعذبون في اللّه عز وجل، ولم يرد شيئا من الخير إلا أعانه اللّه عليه، واستجاب له في ذريته فآمنوا، {إِنّى تُبْتُ إِلَيْكَ} أي: رجعت إلى كل ما تحب.

قوله تعالى: {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهمذ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: {يتقبل} ويتجاوز بالياء المضمومة فيهما. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف: {نَتَقَبَّلُ} و{نتجاوز} بالنون فيهما. وقرأ أبو المتوكل، وأبو رجاء، وأبو عمران الجوني: {وَلَمْ يُتَقَبَّلْ} و{يتجاوز} بياء مفتوحة فيهما يعني أهل هذا القول والأحسن بمعنى الحسن. {سَيْئَـٰتِهِمْ فِى أَصْحَـٰبِ ٱلْجَنَّةِ} أي: في جملة من يتجاوز عنهم وهم أصحاب الجنة.

وقيل: في بمعنى مع. {وَعْدَ ٱلصّدْقِ} قال الزجاج: هو منصوب لأنه مصدر مؤكد لما قبله لأن قوله: {أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ} بمعنى: الوعد لأنه وعدهم القبول بقوله: {وَعْدَ ٱلصّدْقِ} يؤكد ذلك قوله: {ٱلَّذِينَ كَانُواْ * يُوعَدُونَ} أي: على ألسنة الرسل في الدنيا.

١٧

انظر تفسير الآية:٢٠

١٨

انظر تفسير الآية:٢٠

١٩

انظر تفسير الآية:٢٠

٢٠

قوله تعالى: {وَٱلَّذِى قَالَ لِوٰلِدَيْهِ أُفّ لَّكُمَا} قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {أُفّ لَّكُمَا} بالخفض من غير تنوين وقرأ ابن كثير وابن عامر بفتح الفاء. وقرأ نافع وحفص عن عاصم: {أُفّ} بالخفض والتنوين. وقرأ ابن يعمر: {أُفّ} بتشديد الفاء مرفوعة منونة. وقرأ حميد، والجحدري: {أفا} بتشديد الفاء وبالنصب والتنوين. وقرأ عمرو بن دينار: {يَضُرُّكُمْ أُفّ} بتشديد الفاء وبالرفع من غير تنوين. وقرأ أبو المتوكل، وعكرمة، وأبو رجاء: {أُفّ لَّكُمَا} باسكان الفاء خفيفة. وقرأ أبو العالية، وأبو عمران: {أَفِى} بتشديد الفاء والياء ساكنة ممالة. وروي عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه، كان أبواه يدعوانه إلى الإسلام وهو يأبى وعلى هذا جمهور المفسرين، وقد روي عن عائشة أنها كانت تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن وتحلف على ذلك وتقول لوشئت لسميت الذي نزلت فيه. قال الزجاج: وقول من قال إنها نزلت في عبد الرحمن باطل بقوله: {أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ} فأعلم اللّه أن هؤلاء لا يؤمنون وعبد الرحمن مؤمن، والتفسير الصحيح أنا نزلت في الكافر العاق. وروي عن مجاهد أنها نزلت في عبد اللّه بن أبي بكر وعن الحسن: أنها نزلت في جماعة من كفار قريش قالوا ذلك لآبائهم.

قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى} فيه قولان:

أحدهما: مضت القرون فلم يرجع منهم أحد، قاله مقاتل.

والثاني: مضت القرون مكذبة بهذا، قاله أبو سليمان الدمشقي.

قوله تعالى: {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللّه} أي: يدعوان اللّه له بالهدى ويقولان له: ويلك آمن أي: صدق بالبعث {فَيَقُولُ مَا هَـٰذَا} الذي تقولان {إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلاْوَّلِينَ} وقد سبق شرحها [الأنعام/٢٥]

قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ} يعني الكفار {ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ} أي: وجب عليهم قضاء اللّه أنهم من أهل النار {فِى أُمَمٍ} أي: مع أمم فذكر اللّه تعالى في الآيتين قبل هذه من بر والديه وعمل بوصية اللّه عز وجل، ثم ذكر من لم يعمل بالوصية ولم يطع ربه ولا والديه {إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ} وقرأ ابن السميفع، وأبو عمران: {أَنَّهُمْ} بفتح الهمزة. ثم قال: {وَلِكُلّ دَرَجَـٰتٌ مّمَّا عَمِلُواْ} أي: منازل ومراتب بحسب ما اكتسبوه من إيمان وكفر، فيتفاضل أهل الجنة في الكرامة، وأهل النار في العذاب {وَلِيُوَفّيَهُمْ أَعْمَـٰلَهُمْ} قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو: {وَلِيُوَفّيَهُمْ} بالياء، وقرأ الباقون: بالنون؛ أي: جزاء أعمالهم.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ} المعنى: واذكر لهم يوم يعرض {ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ} أي: ويقال لهم: أذهبتم قرأ ابن كثير {أَذْهَبْتُمْ} بهمزة مطولة. وقرأ ابن عامر {أأذهبتم} بهمزتين. وقرأ نافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: {ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ} على الخبر وهو توبيخ لهم. قال الفراء، والزجاج: العرب توبخ بالألف وبغير الألف فتقول: أذهبت وفعلت كذا وذهبت ففعلت

قال المفسرون والمراد بطيباتهم ما كانوا فيه من اللذات مشتغلين بها عن الآخرة معرضين عن شكرها ولما وبخهم اللّه بذلك آثر النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه والصالحون بعدهم اجتناب نعيم العيش ولذته ليتكامل أجرهم ولئلا يلهيهم عن معادهم.

وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو مضطجع على خصفة وبعضه على التراب وتحت رأسه وسادة محشوة ليفا، فقال: يا رسول اللّه: أنت نبي اللّه وصفوته، وكسرى وقيصر على سرر الذهب وفرش الديباج والحرير، فقال صلى اللّه عليه وسلم: يا عمر إن أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم وهي وشيكة الانقطاع، وإنا أخرت لنا طيباتنا وروى جابر بن عبد اللّه قال: رأى عمر بن الخطاب لحما معلقا في يدي، فقال:ما هذا ياجابر؟ فقلت: اشتهيت لحما فاشتريته، فقال: أو كلما اشتهيت اشتريت يا جابر؟ٰ أما تخاف هذة الآية {أَذْهَبْتُمْ طَيّبَـٰتِكُمْ فِى حَيَـٰتِكُمُ ٱلدُّنْيَا} وروي عن عمر أنه قيل له: لو أمرت أن نصنع لك طعاما ألين من هذا فقال: إني سمعت اللّه عير أقواما فقال {أَذْهَبْتُمْ طَيّبَـٰتِكُمْ فِى حَيَـٰتِكُمُ ٱلدُّنْيَا}. قوله تعالى: {تَسْتَكْبِرُونَ فِى ٱلاْرْضِ} أي: تتكبرون عن عبادة اللّه والإيمان به.

٢١

انظر تفسير الآية:٢٥

٢٢

انظر تفسير الآية:٢٥

٢٣

انظر تفسير الآية:٢٥

٢٤

انظر تفسير الآية:٢٥

٢٥

قوله تعالى: {وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ} يعني هودا {إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلاْحْقَافِ} قال الخليل: الأحقاف الرمال العظام. وقال ابن قتيبة: واحد الأحقاف حقف وهو من الرمل ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى. وقال ابن جرير: هو ما استطال من الرمل ولم يبلغ أن يكون جبلا.

واختلفوا في المكان الذي سمي بهذا الاسم على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه جبل بالشام، قاله ابن عباس، والضحاك.

والثاني: أنه واد ذكره عطية. وقال مجاهد هي أرض. وحكى ابن جرير أنه واد بين عمان ومهرة. وقال ابن إسحاق: كانوا ينزلون ما بين عمان وحضرموت واليمن كله.

والثالث: أن الأحقاف رمال مشرفة على البحر بأرض يقال لها الشحر، قاله قتادة. قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ} أي: قد مضت الرسل من قبل هود ومن بعده بإنذار أممها {أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ ٱللّه} والمعنى لم يبعث رسول قبل هود ولا بعده إلا بالأمر بعبادة اللّه وحده. وهذا كلام اعترض بين إنذار هود وكلامه لقومه ثم عاد إلى كلام هود فقال: {إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ}.

قوله تعالى: {لِتَأْفِكَنَا} أي: لتصرفنا عن عبادة آلهتنا بالإفك.

قوله تعالى: {إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللّه} أي: هو يعلم متى يأتيكم العذاب.

{فَلَمَّا رَأَوْهُ} يعني ما يوعدون في قوله بما تعدنا {عارضنا} أي: سحاب يعرض من ناحية السماء. قال ابن قتيبة:العارض السحاب.

قال المفسرون: كان المطر قد حبس عن عاد فساق اللّه إليهم سحابة سوداء فلما رأوها فرحوا و {أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} فقال لهم هود {بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ} ثم بين ما هو فقال {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} فنشأت الريح من تلك السحابة {تُدَمّرُ كُلَّ شَىْء} أي: تهلك كل شيء مرت به من الناس والدواب والأموال. قال عمرو بن ميمون: لقد كانت الريح تحتمل الظعينة فترفعها حتى ترى كأنها جرادة {فَأَصْبَحُواْ} يعني عادا {لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَـٰكِنُهُمْ} قرأ عاصم، وحمزة: {لاَ يُرَىٰ} برفع الياء {إِلاَّ مَسَـٰكِنُهُمْ} برفع النون. وقرأ علي، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وقتادة، والجحدري: {لاَّ تَرَىٰ} بتاء مضمومة. وقرأ أبو عمران، وابن السميفع: {لاَّ تَرَىٰ} بتاء مفتوحة {إِلاَّ مَسَـٰكِنُهُمْ} على التوحيد وهذا لأن السكان هلكوا فقيل أصبحوا وقد غطتهم الريح بالرمل فلا يرون.

٢٦

انظر تفسير الآية:٢٨

٢٧

انظر تفسير الآية:٢٨

٢٨

ثم خوف كفار مكة فقال عز وجل {وَلَقَدْ مَكَّنَـٰهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّـٰكُمْ فِيهِ} في {ءانٍ} قولان:

أحدهما: أنها بمعنى لم فتقديره: فيما لم نمكنكم فيه قاله ابن عباس، وابن قتيبة. وقال الفراء: هي بمنزلة ما في الجحد فتقدير الكلام: في الذي لم نمكنكم فيه.

والثاني: أنها زائدة والمعنى فيما مكناكم فيه، وحكاه ابن قتيبة أيضا. ثم أخبر أنه جعل لهم آلات الفهم فلم يتدبروا بها ولم يتفكروا فيما يدلهم على التوحيد.

قال المفسرون: والمراد بالأفئدة القلوب وهذه الآلات لم ترد عنهم عذاب اللّه. ثم زاد كفار مكة في التخويف فقال: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مّنَ ٱلْقُرَىٰ} كديار عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم من الأمم المهلكة {وَصَرَّفْنَا ٱلايَـٰتِ} أي: بيناها {لَّعَلَّهُم} يعني أهل القرى {يَرْجِعُونَ} عن كفرهم. وهاهنا محذوف تقديره: فما رجعوا عن كفرهم.

{فَلَوْلا} أي: فهلا {نَصَرَهُمُ} أي: منعهم من عذاب اللّه {ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللّه قُرْبَاناً ءالِهَةَ} يعني الأصنام التي تقربوا بعبادتها إلى اللّه على زعمهم. وهذا استفهام إنكار معناه لم ينصروهم

{بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ} أي: لم ينفعوهم عند نزول العذاب {وَذَلِكَ} يعني دعاءهم الآلهة {إِفْكِهِمْ} أي: كذبهم. وقرأ سعد بن أبي وقاص، وابن يعمر، وأبو عمران: {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ} بفتح الهمزة وقصرها وفتح الفاء وتشديدها ونصب الكاف. وقرأ أبي بن كعب، وابن عباس، وأبو رزين، والشعبي، وأبو العالية، والجحدري: {إِفْكِهِمْ} بفتح الهمزة وقصرها ونصب الكاف والفاء وتخفيفها. قال ابن جرير: أي أضلهم، وقال الزجاج: معناها صرفهم عن الحق فجعلهم ضلالا. وقرأ ابن مسعود، وأبو المتوكل: {إِفْكِهِمْ} بفتح الهمزة ومدها وكسر الفاء وتخفيفها ورفع الكاف أي مضلهم.

٢٩

انظر تفسير الآية:٣٢

٣٠

انظر تفسير الآية:٣٢

٣١

انظر تفسير الآية:٣٢

٣٢

قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ ٱلْجِنّ} وبخ اللّه عز وجل بهذه الآية كفار قريش بما آمنت به الجن.

وفي سبب صرفهم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهم صرفوا إليه بسبب ما حدث من رجمهم بالشهب. روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عباس قال: انطلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب. قالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر. فمر النفر الذين توجهوا نحو تهامة بالنبي صلى اللّه عليه وسلم وهو ب {نخلة} وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن تسمعوا له، فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد} [الجن/ ١ـ ٢] فأنزل اللّه على نبيه {قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مّنَ ٱلْجِنّ} [الجن/١] وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الجن ولا رآهم وإنما أتوه وهو ب نخلة فسمعوا القرآن.

والثاني: أنهم صرفوا إليه لينذرهم وأمر أن يقرأ عليهم القرآن. هذا مذهب جماعة منهم قتادة. وفي أفراد مسلم من حديث علقمة قال: قلت لعبد اللّه من كان منكم مع النبي صلى اللّه عليه وسلم ليلة الجن فقال ما كان منا معه أحد. فقدناه ذات ليلة ونحن بمكة فقلنا اغتيل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أو استطير، فانطلقنا نطلبه في الشعاب فلقيناه مقبلا من نحو حراء. فقلنا: يا رسول اللّه أين كنت؟ لقد أشفقنا عليك وقلنا له: بتنا الليلة بشر ليلة بات بها قوم حين فقدناك، فقال: إنه أتاني داعي الجن فذهبت أقرئهم القرآن فذهب بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وقال قتادة: ذكر لنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إني أمرت أن أقرأ على الجن فأيكم يتبعني فاطرقوا ثم استتبعهم فأطرقوا ثم استتبعهم الثالثة فأطرقوا فأتبعه عبد اللّه بن مسعود فدخل نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم شعبا يقال له شعب الحجون وخط على عبد اللّه خطا ليثبته به قال: فسمعت لغطا شديدا حتى خفت على نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلما رجع قلت: يا نبي اللّه ما اللغط الذي سمعت، قال: اجتمعوا إلى في قتيل كان بينهم فقضيت بينهم بالحق.

والثالث: أنهم مروا به وهو يقرأ فسمعوا القرآن. فذكر بعض المفسرين أنه لما يئس من أهل مكة أن يجيبوه خرج إلى الطائف ليدعوهم إلى الإسلام.

وقيل: ليلتمس نصرهم وذلك بعد موت أبي طالب فلما كان ببطن نخلة قام يقرأ القرآن في صلاة الفجر فمر به نفر من أشراف جن نصيبين فاستمعوا القرآن. فعلى هذا القول والقول الأول لم يعلم بحضورهم حتى أخبره اللّه تعالى.

وعلى القول الثاني: علم بهم حين جاءوا. وفي المكان الذي سمعوا فيه تلاوة النبي صلى اللّه عليه وسلم قولان:

أحدهما: الحجون وقد ذكرناه عن ابن مسعود، وبه قال قتادة.

والثاني: بطن نخلة، وقد ذكرناه عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.

وأما النفر فقال ابن قتيبة: يقال إن النفر ما بين الثلاثة إلى العشرة.

وللمفسرين في عدد هؤلاء النفر ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهم كانوا سبعة، قاله ابن مسعود، وزر بن حبيش، ومجاهد، ورواه عكرمة عن ابن عباس:

والثاني: تسعة، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثالث: اثني عشر ألفا، روي عن عكرمة. ولا يصح لأن النفر لا يطلق على الكثير.

قوله تعالى: {فَلَمَّا حَضَرُوهُ} أي: حضروا استماعه و {قُضِىَ} يعني فرغ من تلاوته {وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} أي: محذرين عذاب اللّه عز وجل إن لم يؤمنوا. وهل أنذروا قومهم من قبل أنفسهم أم جعلهم رسول اللّه رسلا إلى قومهم؟ فيه قولان: قال عطاء: كان دين أولئك الجن اليهودية فلذلك قالوا: {مِن بَعْدِ مُوسَىٰ}.

قوله تعالى: {أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللّه} يعنون محمدا صلى اللّه عليه وسلم وهذا يدل على أنه أرسل إلى الجن والإنس.

قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} من هاهنا صلة.

قوله تعالى: {فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى ٱلاْرْضَ} أي: لا يعجز اللّه تعالى {وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء} أي: أنصار يمنعونه من عذاب اللّه تعالى {أُوْلَـئِكَ} الذين لا يجيبون الرسل {فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ}.

٣٣

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٤

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٥

ثم احتج على إحياء الموتى بقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ} إلى آخر الآية. والرؤية هاهنا بمعنى العلم. {وَلَمْ يَعْىَ} أي: لم يعجز عن ذلك؛ يقال: عي فلان بأمره، إذا لم يهتد له ولم يقدر عليه. قال الزجاج: يقال عييت بالأمر إذا لم تعرف وجهه وأعييت إذا تعبت.

قوله تعالى: {بِقَادِرٍ} قال أبو عبيدة، والأخفش: الباء زائدة مؤكدة. وقال الفراء: العرب تدخل الباء مع الجحد مثل قولك ما أظنك بقائم. وهذا قول الكسائي، والزجاج. وقرأ يعقوب: {يَقْدِرُ} بياء مفتوحة مكان الباء وسكون القاف ورفع الراء من غير ألف. وما بعد هذا ظاهر إلى قوله:

{كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ} أي: ذوو الحزم والصبر. وفيهم عشرة أقوال:

أحدها: أنهم نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى اللّه عليه وسلم، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة، وعطاء الخراساني، وابن السائب.

والثاني: نوح، وهود، وإبراهيم، ومحمد صلى اللّه عليهم وسلم، قاله أبو العالية الرياحي.

والثالث: أنهم الذين لم تصبهم فتنة من الأنبياء، قاله الحسن.

والرابع: أنهم العرب من الأنبياء، قاله مجاهد والشعبي.

والخامس: أنهم إبراهيم، وموسى، وداود، وسليمان، وعيسى، ومحمد صلى اللّه عليه وسلم، قاله السدي.

والسادس: أن منهم إسماعيل، ويعقوب، وأيوب، وليس منهم آدم، ولا يونس، ولا سليمان، قاله ابن جريج.

والسابع: أنهم الذين أمروا بالجهاد والقتال، قاله ابن السائب، وحكي عن السدي.

والثامن: أنهم جميع الرسل، فإن اللّه لم يبعث رسولا إلا كان من أولي العزم، قاله ابن زيد، واختاره ابن الأنباري. وقال: من دخلت للتجنيس لا للتبعيض، كما تقول: قد رأيت الثياب من الخز والجباب من القز.

والتاسع: أنهم الأنبياء الثمانية عشر المذكورون في سورة [الأنعام/ ٨٣ـ ٨٦]، قاله الحسين بن الفضل.

والعاشر: أنهم جميع الأنبياء إلا يونس، حكاه الثعلبي.

قوله تعالى: {وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ} يعني العذاب قال بعض المفسرين: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم ضجر بعض الضجر، وأحب أن ينزل العذاب بمن أبى من قومه، فأمر بالصبر.

قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ} أي: من العذاب {لَّمْ يَلْبَثُواْ} في الدنيا {إِلاَّ سَاعَةً مّن نَّهَارٍ} لأن ما مضى كأنه لم يكن وإن كان طويلا.

وقيل: لأن مقدار مكثهم في الدنيا قليل في جنب مكثهم في عذاب الآخرة. وهاهنا تم الكلام ثم قال: {بَلاَغٌ} أي: هذا القرآن وما فيه من البيان بلاغ عن اللّه إليكم. وفي معنى وصف القرآن بالبلاغ قولان:

أحدهما: أن البلاغ بمعنى التبليغ.

والثاني: أن معناه: الكفاية، فيكون المعنى: ما أخبرناهم به لهم فيه كفاية وغنى. وذكر ابن جرير وجها آخر، وهو أن المعنى: لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، ذلك لبث بلاغ، أي: ذلك بلاغ لهم في الدنيا إلى آجالهم، ثم حذفت {ذٰلِكَ لَبِثَ} اكتفاء بدلالة ما ذكر في الكلام عليها. وقرأ أبو العالية، وأبو عمران: {بَلَغَ} بكسر اللام وتشديدها وسكون الغين من غير ألف.

قوله تعالى: {فَهَلْ يُهْلَكُ} وقرأ أبو رزين، وأبو المتوكل، وابن محيصن: {يُهْلَكُ} بفتح الياء وكسر اللام، أي: عند رؤية العذاب {إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ} الخارجون عن أمر اللّه عز وجل.

﴿ ٠