ÓõæÑóÉõ ÇáúÝóÊúÍö ãóÏóäöíøóÉñ þ æóåöíó ÊöÓúÚñ æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉð سورة الفتح وهي مدنية كلها بإجماعهم بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٣ ٢ انظر تفسير الآية:٣ ٣ قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} الآية سبب نزولها: أنه لما نزل قوله: {وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ} [الأحقاف/ ٩] قال اليهود: كيف نتبع رجلا لا يدري ما يفعل به؟ فاشتد ذلك على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنزلت هذه الآية، رواه عطاء عن ابن عباس. وفي المراد بالفتح أربعة أقوال. أحدها: أنه كان يوم الحديبية، قاله الأكثرون. قال البراء بن عازب: نحن نعد الفتح بيعة الرضوان. وقال الشعبي: هو فتح الحديبية غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأطعموا نخل خيبر وبلغ الهدي محله وظهرت الروم على فارس ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس. قال الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير، وكثر بهم سواد الإسلام. قال مجاهد: يعني بالفتح ما قضى اللّه له من نحر الهدي بالحديبية وحلق رأسه. وقال ابن قتيبة: إنا فتحنا لك فتحا مبينا أي قضينا لك قضاء عظيما. ويقال للقاضي: الفتاح. قال الفراء: والفتح قد يكون صلحا ويكون أخذ الشيء عنوة ويكون بالقتال. وقال غيره: معنى الفتح في اللغة فتح المنغلق والصلح الذي جعل مع المشركين بالحديبية كان مسدودا متعذرا حتى فتحه اللّه تعالى. الإشارة إلى قصة الحديبية:روت عائشة رضي اللّه عنها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رأى في النوم كأن قائلا يقول له لتدخلن المسجد الحرام إن شاء اللّه آمنين، فأصبح فحدث الناس برؤياه وأمرهم بالخروج للعمرة. فذكر أهل العلم بالسير أنه خرج واستنفر أصحابه للعمرة وذلك في سنة ست ولم يخرج بسلاح إلا السيوف في القرب، وساق هو وأصحابه البدن فصلى الظهر ب {ذِى} ثم دعا بالبدن فجللت ثم أشعرها وقلدها فعل ذلك أصحابه وأحرم ولبى. فبلغ المشركين خروجه فأجمع رأيهم على صده عن المسجد الحرام وخرجوا حتى عسكروا ب {بلدح} وقدموا مائتي فارس إلى كراع الغميم، وسار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى دنا من الحديبية. قال الزجاج: وهي بئر فسمي المكان باسم البئر قالوا: وبينها وبين مكة تسعة أميال فوقفت يدا راحلته فقال المسلمون: حل حل، يزجرونها فأبت فقالوا: خلأت القصواء والخلاء في الناقة مثل الحران في الفرس. فقال: ما خلأت، ولكن حبسها حابس الفيل، أما واللّه لا يسألوني خطة فيها تعظيم حرمة اللّه إلا أعطيتهم إياها، ثم جرها فقامت، فولى راجعا عوده على بدئه حتى نزل على ثمد من أثماد الحديبية قليل الماء، فانتزع سهما من كنانته فغرزه فيها، فجاشت لهم بالرواء، وجاءه بديل بن ورقاء في ركب فسلموا وقالوا: جئناك من عند قومك وقد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم، يقسمون لا يخلون بينك وبين البيت حتى تبيد خضراءهم. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لم نأت لقتال أحد إنما جئنا لنطوف بهذا البيت، فمن صدنا عنه قاتلناه. فرجع بديل فأخبر قريشا، فبعثوا عروة بن مسعود، فكلمه بنحو ذلك فأخبر قريشا فقالوا: نرده من عامنا هذا ويرجع من قابل فيدخل مكة ويطوف بالبيت فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عثمان بن عفان قال: اذهب إلى قريش فأخبرهم أنا لم نأت لقتال أحد، وإنما جئنا زوارا لهذا البيت، معنا الهدي ننحره وننصرف، فأتاهم فأخبرهم، فقالوا: لا كان هذا أبدا، ولا يدخلها العام، وبلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن عثمان قد قتل، فقال: لا نبرح حتى نناجزهم، فذاك حين دعا المسلمين إلى بيعة الرضوان، فبايعهم تحت الشجرة. وفي عددهم يومئذ أربعة أقوال. أحدها: ألف وأربعمائة، قاله البراء، وسلمة بن الأكوع، وجابر ومعقل بن يسار. والثاني: ألف وخمسمائة، روي عن جابر أيضا، وبه قال قتادة. والثالث: ألف وخمسمائة وخمس وعشرون، رواه العوفي عن ابن عباس. والرابع: ألف وثلاثمائة، قاله عبد اللّه بن أبي أوفى، قال: وضرب يومئذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بشماله على يمينه لعثمان وقال: إنه ذهب في حاجة اللّه ورسوله وجعلت الرسل تختلف بينهم فأجمعوا على الصلح فبعثوا سهيل بن عمرو في عدة رجال فصالحه كما ذكرنا في [براءة/ ٧] فأقام بالحديبية بضعة عشر يوما. ويقال: عشرين ليلة ثم انصرف فلما كان ب {ضجنان} نزل عليه {أَمْثَـٰلَكُم إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} فقال جبريل: يهنيك يا رسول اللّه وهنأه المسلمون. والقول الثاني: أن هذا الفتح فتح مكة، رواه مسروق عن عائشة وبه قال السدي. وقال بعض من ذهب إلى هذا إنما وعد بفتح مكة بهذه الآية. والثالث:أنه فتح خيبر، قاله مجاهد، والعوفي وعن أنس بن مالك كالقولين. والرابع: أنه القضاء له بالإسلام قاله مقاتل. وقال غيره: حكمنا لك بإظهار دينك والنصرة على عدوك. قوله تعالى: {لّيَغْفِرَ لَكَ ٱللّه} قال ثعلب: اللام لام كي والمعنى: لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح فلما انضم إلى المغفرة شيء حادث حسن معنى كي. وغلط من قال: ليس. الفتح سبب المغفرة قوله تعالى {مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} قال ابن عباس: والمعنى ما تقدم في الجاهلية وما تأخر ما لم تعلمه. وهذا على سبيل التأكيد كما تقول: فلان يضرب من يلقاه ومن لا يلقاه. قوله تعالى: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} فيه أربعة أقوال. أحدها: أن ذلك في الجنة. والثاني: أنه بالنبوة والمغفرة رويا عن ابن عباس. والثالث: بفتح مكة والطائف وخيبر حكاه الماوردي. والرابع: بإظهار دينك على سائر الأديان قاله أبو سليمان الدمشقي. قوله تعالى: {وَيَهْدِيَكَ صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً} أي ويثبتك عليه وقيل ويهدي بك {وَيَنصُرَكَ ٱللّه} على عدوك {نَصْراً عَزِيزاً} قال الزجاج: أي نصرا ذا عز لا يقع معه ذل. ٤ انظر تفسير الآية:١٠ ٥ انظر تفسير الآية:١٠ ٦ انظر تفسير الآية:١٠ ٧ انظر تفسير الآية:١٠ ٨ انظر تفسير الآية:١٠ ٩ انظر تفسير الآية:١٠ ١٠ قوله تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ} أي السكون والطمأنينة {فِى قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ} لئلا تنزعج قلوبهم لما يرد عليهم فسلموا لقضاء اللّه وكانوا قد اشتد عليهم صد المشركين لهم عن البيت، حتى قال عمر علام نعطي الدنية في ديننا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «أنا عبد اللّه ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني» ثم أوقع اللّه الرضى بما جرى في قلوب المسلمين فسلموا وأطاعوا. {لِيَزْدَادُواْ إِيمَـٰناً} وذلك أنه كلما نزلت فريضة زاد إيمانهم. {وَللّه جُنُودُ * ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ} يريد: أن جميع أهل السموات والأرض ملك له لو أراد نصرة نبيه بغيركم لفعل، ولكنه اختاركم لذلك فاشكروه. قوله تعالى: {لّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} الآية. سبب نزولها أنه لما نزل قوله {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} قال أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هنيئا لك يا رسول اللّه بما أعطاك اللّه فما لنا؟ فنزلت هذه الآية، قاله أنس بن مالك. قال مقاتل: فلما سمع عبد اللّه بن أبي بذلك انطلق في نفر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: ما لنا عند اللّه فنزلت {وَيُعَذّبَ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ} الآية. قال ابن جرير: كررت اللام في ليدخل على اللام في {لّيَغْفِرَ} فالمعنى إنا فتحنا لك ليغفر لك اللّه ليدخل المؤمنين ولذلك لم يدخل بينهما واو العطف والمعنى: ليدخل وليعذب. قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ ٱلسَّوْء} قرأ ابن كثير وأبو عمرو بضم السين. والباقون بفتحها. قوله تعالى: {وَكَانَ ذٰلِكَ} أي ذلك الوعد بإدخالهم الجنة وتكفير سيئاتهم {عَندَ ٱللّه} أي في حكمه {فَوْزاً عَظِيماً} والمعنى: أنه حكم لهم بالفوز فلذلك وعدهم إدخال الجنة. قوله تعالى: {ٱلظَّانّينَ بِٱللّه ظَنَّ ٱلسَّوْء} فيه خمسة أقوال: أحدها: أنهم ظنوا أن للّه شريكا. والثاني: أن اللّه لا ينصر محمدا وأصحابه. والثالث: أنهم ظنوا به حين خرج إلى الحديبية أنه سيقتل أويهزم ولا يعود ظافرا. والرابع: أنهم ظنوا أنهم ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمنزلة واحدة عند اللّه. والخامس: ظنوا أن اللّه لا يبعث الموتى وقد بينا معنى دائرة السوء في [براءة/ ٩٨]. وما بعد هذا قد سبق بيانه [الفتح/ ٤] [الاحزاب/ ٤٥] إلى قوله: {لِيُؤْمِنُواْ بِٱللّه وَرَسُولِهِ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: {لِيُؤْمِنُواْ} بالياء {ويعزروه ويوقروه ويسبحوه} كلهن بالياء. والباقون: بالتاء على معنى: قل لهم إنا أرسلناك لتؤمنوا. وقرأ علي بن أبي طالب، وابن السميفع: {ويعززوه} بزاءين وقد ذكرنا في [الأعراف/ ١٥٧] معنى ويعزروه عند قوله: {بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ}. قوله تعالى: {ويوقروه} أي: يعظموه ويبجلوه. واختار كثير من القراء الوقف هاهنا لاختلاف الكناية فيه وفيما بعده. قوله تعالى: {ويسبحوه} هذه الهاء ترجع إلى اللّه عز وجل. والمراد بتسبيحه هاهنا الصلاة له. قال المفسرون: والمراد بصلاة البكرة الفجر وبصلاة الأصيل باقي الصلوات الخمس. قوله تعالى: {وَأَصِيلاً إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ} يعني بيعة الرضوان بالحديبية. وعلى ماذا بايعوه فيه قولان: أحدهما: أنهم بايعوه على الموت، قاله عبادة بن الصامت. والثاني: على أن لا يفروا، قاله جابر بن عبد اللّه. ومعناهما متقارب لأنه أراد على أن لا تفروا ولو متم، وسميت بيعة لأنهم باعوا أنفسهم من اللّه بالجنة وكان العقد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكأنهم بايعوا اللّه عز وجل لأنه ضمن لهم الجنة بوفائهم. {يَدُ ٱللّه فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} فيه أربعة أقوال. أحدها: يد اللّه في الوفاء فوق أيديهم. والثاني: يد اللّه في الثواب فوق أيديهم. والثالث: يد اللّه عليهم في المنة بالهداية فوق أيديهم بالطاعة، ذكر هذه الأقوال الزجاج. والرابع: قوة اللّه ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم، ذكره ابن جرير وابن كيسان. قوله تعالى: {فَمَن نَّكَثَ} أي: نقض ما عقده من هذه البيعة {فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ} أي: يرجع ذلك النقض عليه {وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَـٰهَدَ عَلَيْهِ ٱللّه} من البيعة {فسنؤتيه} قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وأبان عن عاصم: {فسنؤتيه} بالنون. وقرأ عاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: بالياء {لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} وهو الجنة. قال ابن السائب: فلم ينكث العهد منهم غير رجل واحد يقال له الجد بن قيس وكان منافقا. ١١ انظر تفسير الآية:١٤ ١٢ انظر تفسير الآية:١٤ ١٣ انظر تفسير الآية:١٤ ١٤ قوله تعالى: {سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلاْعْرَابِ} قال ابن إسحاق: لما أراد العمرة استنفر من حول المدينة من أهل البوادي والأعراب ليخرجوا معه خوفا من قومه أن يعرضوا له بحرب أو بصد، فتثاقل عنه كثير منهم فهم الذين عنى اللّه بقوله {سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلاْعْرَابِ} قال أبو صالح عن ابن عباس: وهم غفار ومزينة وجهينة وأشجع والديل وأسلم. قال يونس النحوي: الديل في عبد القيس ساكن الياء، والدول من حنيفة ساكن الواو، والدئل في كنانة رهط أبي الأسود الدؤلي، فأما المخلفون فإنهم تخلفوا مخافة القتل {شَغَلَتْنَا أَمْوٰلُنَا وَأَهْلُونَا} أي: خفنا عليهم الضيعة {فَٱسْتَغْفِرْ لَنَا} أي: ادع اللّه أن يغفر لنا تخلفنا عنك {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ} أي: ما يبالون استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم. قوله تعالى: {فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مّنَ ٱللّه شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً} قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: {ضَرّا} بضم الضاد والباقون بالفتح. قال أبو علي: الضر بالفتح خلاف النفع وبالضم سوء الحال ويجوز أن يكونا لغتين كالفقر والفقر. وذلك أنهم ظنوا أن تخلفهم يدفع عنهم الضر ويعجل لهم النفع بسلامة أنفسهم وأموالهم فأخبرهم اللّه تعالى أنه إن أراد بهم شيئا لم يقدر أحد على دفعه عنهم {بَلْ كَانَ ٱللّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} من تخلفهم وقولهم عن المسلمين أنهم سيهلكون وذلك قوله:{بَلْ ظَنَنْتُمْ} أي: توهمتم {أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ} أي: لا يرجعون إلى المدينة، لاستئصال العدو إياهم، {وَزُيّنَ ذَلِكَ فِى قُلُوبِكُمْ} وذلك من تزيين الشيطان. قوله تعالى: {وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً} قد ذكرناه في [الفرقان/ ١٨]. ١٥ وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ} الذين تخلفوا عن الحديبية {إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ} وذلك أنهم لما انصرفوا عن الحديبية بالصلح وعدهم اللّه فتح خيبر، وخص بها من شهد الحديبية فانطلقوا إليها، فقال هؤلاء المخلفون: {ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} قال اللّه تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدّلُواْ كَلَـٰمَ ٱللّه} وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: {أَن يُبَدّلُواْ كَلَـٰمَ ٱللّه} بكسر اللام وفي المعنى قولان: أحدهما: أنه مواعيد اللّه بغنيمة خيبر لأهل الحديبية خاصة، قاله ابن عباس. والثاني: أمر اللّه نبيه أن لا يسير معه منهم أحد، وذلك أن اللّه وعده وهو بالحديبية أن يفتح عليه خيبر، ونهاه أن يسير معه أحد من المتخلفين، قاله مقاتل. وعلى القولين: قصدوا أن يجيز لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما يخالف أمر اللّه، فيكون تبديلا لأمره. قوله تعالى: {كَذَلِكُمْ قَالَ ٱللّه مِن قَبْلُ} فيه قولان. أحدهما: قال إن غنائم خيبر لمن شهد الحديبية وهذا على القول الأول. والثاني: قال لن تتبعونا، وهذا قول مقاتل. {فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا} أي: يمنعكم الحسد من أن نصيب معكم الغنائم. ١٦ انظر تفسير الآية:١٧ ١٧ قوله تعالى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ} المعنى: إن كنتم تريدون الغزو والغنيمة فستدعون إلى جهاد قوم {أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ} وفي هؤلاء القوم ستة أقوال: أحدها: أنهم فارس، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال عطاء ابن أبي رباح، وعطاء الخراساني، وابن أبي ليلى، وابن جريج في آخرين. والثاني: فارس والروم، قاله الحسن، و رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد. والثالث: أنهم أهل الأوثان، رواه ليث عن مجاهد. والرابع: أنهم الروم، قاله كعب. والخامس: أنهم هوازن وغطفان وذلك يوم حنين، قاله سعيد بن جبير، وقتادة. والسادس: بنو حنيفة يوم اليمامة وهم أصحاب مسيلمة الكذاب، قاله الزهري وابن السائب، ومقاتل. قال مقاتل: خلافة أبي بكر في هذه بينة مؤكدة وقال رافع بن خديج: كنا نقرأ هذه الآية ولا نعلم من هم حتى دعي أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم هم. وقال بعض أهل العلم: لا يجوز أن تكون هذه الآية إلا في العرب لقوله: {تُقَـٰتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} وفارس والروم إنما يقاتلون حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية، وقد استدل جماعة من العلماء على صحة إمامة أبي بكر وعمر بهذه الآية، لأنه إن أريد بها بنو حنيفة فأبو بكر دعا إلى قتالهم، وإن أريد بها فارس والروم فعمر دعا إلى قتالهم. والآية تلزمهم اتباع من يدعوهم وتتوعدهم على التخلف بالعقاب. قال القاضي أبو يعلى: وهذا يدل على صحة إمامتها إذا كان المتولي عن طاعتهما مستحقا للعقاب. قوله تعالى: {فَإِن تُطِيعُواْ} قال ابن جريج: فإن تطيعوا أبا بكر وعمر {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ} عن طاعتهما {كَمَا تَوَلَّيْتُمْ} عن طاعة محمد صلى اللّه عليه وسلم في المسير إلى الحديبية. وقال الزجاج: المعنى: إن تبتم وتركتم نفاقكم وجاهدتم، يؤتكم اللّه أجرا حسنا، وإن توليتم فأقمتم على نفاقكم، وأعرضتم عن الإيمان والجهاد كما توليتم على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعذبكم عذابا أليما. قوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى ٱلاْعْمَىٰ حَرَجٌ} قال المفسرون: عذر اللّه أهل الزمانة الذين تخلفوا عن المسير إلى الحديبية بهذه الآية. قوله تعالى: {يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ} قرأ نافع، وابن عامر: {ندخله} و{فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ} بالنون فيهما؛ والباقون: بالياء. ١٨ انظر تفسير الآية:٢٤ ١٩ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٠ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢١ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٣ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٤ ثم ذكر الذين أخلصوا نيتهم وشهدوا بيعة الرضوان بقوله: {لَّقَدْ رَضِيَ ٱللّه عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ} وقد ذكرنا سبب هذه البيعة آنفا، وإنما سميت بيعة الرضوان لقوله: {لَّقَدْ رَضِيَ ٱللّه عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ} روى إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: بينما نحن قائلون زمن الحديبية نادى منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أيها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس قال: فثرنا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه، وقال عبد اللّه بن مغفل: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحت الشجرة يبايع الناس وإني لأرفع أغصانها عن رأسه. وقال بكير بن الأشج: كانت الشجرة بفج نحو مكة. قال نافع: كان الناس يأتون تلك الشجرة فيصلون عندها فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأوعدهم فيها وأمر بها فقطعت. قوله تعالى: {فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ} أي: من الصدق والوفاء، والمعنى: علم أنهم مخلصون {فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} يعني الطمأنينة والرضى حتى بايعوا على أن يقاتلوا ولا يفروا {وَأَثَـٰبَهُمْ} أي: عوضهم على الرضى بقضائه والصبر على أمره {فَتْحاً وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا} أي:من خيبر لأنها كانت ذات عقار وأموال، فأما قوله بعد هذا {وَعَدَكُمُ ٱللّه مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} فقال المفسرون: هي الفتوح التي تفتح على المسلمين إلى يوم القيامة. {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ} فيها قولان. أحدهما: أنها غنيمة خيبر، قاله مجاهد، وقتادة، والجمهور. والثاني: أنه الصلح الذي كان بين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبين قريش، رواه العوفي عن ابن عباس. قوله تعالى: {وَكَفَّ أَيْدِىَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ} فيهم ثلاثة أقوال. أحدها: أنهم اليهود هموا أن يغتالوا عيال المسلمين الذين خلفوهم في المدينة فكفهم اللّه عن ذلك، قاله قتادة. والثاني: أنهم أسد وغطفان جاؤوا لينصروا أهل خيبر فقذف اللّه في قلوبهم الرعب فانصرفوا عنهم، قاله مقاتل. وقال الفراء: كانت أسد وغطفان مع أهل خيبر فقصدهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فصالحوه وخلوا بينه وبين خيبر. وقال غيرهما: بل همت أسد وغطفان باغتيال أهل المدينة فكفهم اللّه عن ذلك. والثالث: أنهم أهل مكة كفهم اللّه بالصلح،حكاهما الثعلبي وغيره. ففي قوله {عنكم} قولان. أحدهما: أنه على أصله، قاله الأكثرون. والثاني: عن عيالكم، قاله ابن قتيبة، وهو مقتضى قول قتادة. {وَلِتَكُونَ ءايَةً لّلْمُؤْمِنِينَ} في المشار إليها قولان. أحدهما: أنها الفعلة التي فعلها بكم من كف أيديهم عنكم كانت آية للمؤمنين، فعلموا أن اللّه تعالى متولي حراستهم في مشهدهم ومغيبهم. والثاني: أنها خيبر كان فتحها علامة للمؤمنين، في تصديق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما وعدهم به. قوله تعالى: {وَيَهْدِيَكُمْ صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً} فيه قولان. أحدهما: طريق التوكل عليه والتفويض إليه وهذا على القول الأول. والثاني: يزيدكم هدى بالتصديق بمحمد صلى اللّه عليه وسلم فيما جاء به من وعد اللّه تعالى بالفتح والغنيمة. قوله تعالى: {وَأُخْرَىٰ} المعنى وعدكم اللّه مغانم أخرى. وفيها أربعة أقوال. أحدها: أنها ما فتح للمسلمين بعد ذلك. روى سماك الحنفي عن ابن عباس {وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا} قال: ما فتح لكم من هذه الفتوح وبه قال مجاهد. والثاني: أنها خيبر، رواه عطية والضحاك عن ابن عباس، وبه قال ابن زيد. والثالث: فارس والروم، روي عن ابن عباس أيضا. وبه قال الحسن، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. والرابع: مكة،ذكره قتادة وابن قتيبة. قوله تعالى: {قَدْ أَحَاطَ ٱللّه بِهَا} فيه قولان. أحدهما: أحاط بها علما أنها ستكون من فتوحكم. والثاني: حفظها لكم ومنعها من غيركم حتى فتحتموها. قوله تعالى: {وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ} هذا خطاب لأهل الحديبية، قاله قتادة. دوالذين كفروا} مشركو قريش. فعلى هذا يكون المعنى لو قاتلوكم يوم الحديبية {لَوَلَّوُاْ ٱلاْدْبَـٰرَ} لما في قلوبهم من الرعب {ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً} لأن للّه قد خذلهم. قال الزجاج: المعنى: لو قاتلك من لم يقاتلك لنصرت عليه لأن سنة اللّه النصرة لأوليائه و{سُنَّةَ ٱللّه} منصوبة على المصدر لأن قوله: {لَوَلَّوُاْ ٱلاْدْبَـٰرَ} معناه: سن اللّه عز وجل خذلانهم سنة، وقد مر مثل هذا في قوله: {كِتَـٰبَ ٱللّه عَلَيْكُمْ} [النساء/ ٢٤] وقوله: {صُنْعَ ٱللّه} [النمل/ ٨٨]. قوله تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} روى أنس بن مالك أن ثمانين رجلا من أهله مكة هبطوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم سلما، فاستحياهم وأنزل اللّه هذه الآية. وروى عبد اللّه بن مغفل قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالحديبة في أصل الشجرة، فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا فثاروا في وجوهنا. فدعا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخذ اللّه بأبصارهم، فقمنا إليهم فأخذناهم. فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هل جئتم في عهد أو هل جعل لكم أحد أمانا؟ قالوا: اللّهم لا فخلى سبيلهم، ونزلت هذه الآية. وذكر قتادة: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث خيلا فأتوه باثني عشر فارسا من الكفار فأرسلهم. وقال مقاتل:خرجوا يقاتلون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فهزمهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بالطعن والنبل حتى أدخلهم بيوت مكة. قال المفسرون: ومعنى الآية: أن اللّه تعالى ذكر منته إذ حجز بين الفريقين فلم يقتتلا حتى تم الصلح بينهم. وفي بطن مكة ثلاثة أقوال. أحدها: أنه الحديبية، قاله أنس. والثاني: وادي مكة، قاله السدي. والثالث: التنعيم، حكاه أبو سليمان الدمشقي. فأما مكة فقال الزجاج: مكة لا تنصرف لأنها مؤنثة وهي معرفة. ويصلح أن يكون اشتقاقها كاشتقاق بكة، والميم تبدل من الباء يقال: ضربة لازم ولازب ويصلح أن يكون اشتقاقها من قولهم:امتك الفصيل مافي ضرع الناقة: إذا مص مصا شديدا حتى لا يبقى فيه شيئا. فيكون سميت بذلك لشدة الازدحام فيها. قال: والقول الأول أحسن. وقال قطرب: مكة من تمككت المخ إذا أكلته. وقال ابن فارس: تمككت العظم إذا أخرجت مخه والتمكك الاستقصاء وفي الحديث: لا تمككوا على غرمائكم. وفي تسمية {مَكَّةَ} أربعة أقوال. أحدها: لأنها مثابة يؤمها الخلق من كل فج، وكأنها هي التي تجذبهم إليها وذلك من قول العرب: امتك الفصيل ما في ضرع الناقة. والثاني: أنها سميت مكة من قولك: بككت الرجل إذا وضعت منه ورددت نخوته فكأنها تمك من ظلم فيها أي تهلكه وتنقصه وانشدوا: يا مكة الفاجر مكي مكا ولا تمكي مذحجا وعكا والثالث: أنها سميت بذلك لجهد أهلها. والرابع: لقلة الماء بها. وهل مكة وبكة واحد قد ذكرناه في [آل عمران/٩٦]. قوله تعالى: {مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} أي بهم يقال: ظفرت بفلان وظفرت عليه. قوله تعالى: {وَكَانَ ٱللّه بِمَا * تَعْلَمُونَ بَصِيراً} قرأ أبو عمرو {يَعْمَلُونَ} بالياء والباقون: بالتاء. ٢٥ انظر تفسير الآية:٢٦ ٢٦ قوله تعالى: {هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} يعني أهل مكة {صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ} أن تطوفوا به وتحلوا من عمرتكم {وَٱلْهَدْىَ} قال الزجاج: أي وصدوا الهدي {مَعْكُوفاً} أي محبوسا {أَن يَبْلُغَ} أي عن أن يبلغ {مَحِلَّهُ} قال المفسرون: محله منحره وهو حيث يحل نحره {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَـٰتٌ} وهم المستضعفون بمكة {لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ} أي لم تعرفوهم {ءانٍ} بالقتل ومعنى الآية لولا أن تطؤوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات بالقتل وتوقعوا بهم ولا تعرفونهم {تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ مّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ} وفيها أربعة أقوال. أحدهما: إثم قاله ابن زيد. والثاني: غرم الدية قاله ابن إسحاق. والثالث: كفارة قتل الخطأ قاله ابن السائب. والرابع: عيب بقتل من هو على دينكم حكاه جماعة من المفسرين وفي الآية محذوف تقديره: لأدخلتكم من عامكم هذا وإنما حلت بينكم وبينهم {لّيُدْخِلَ ٱللّه فِى رَحْمَتِهِ} أي في دينه {مَن يَشَاء} من أهل مكة وهم الذين أسلموا بعد الصلح {لَوْ تَزَيَّلُواْ} قال ابن عباس: لو تفرقوا. وقال ابن قتيبة والزجاج: لو تميزوا. قال المفسرون: لو انماز المؤمنون من المشركين {لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} بالقتل والسبي بأيديكم. وقال قوم لو تزيل المؤمنون من أصلاب الكفار لعذبنا الكفار. وقال بعضهم: قوله {لَعَذَّبْنَا} جواب لكلامين. أحدهما: لولا رجال. والثاني:لو تزيلوا وقوله {إِذْ جَعَلَ} من صلة قوله {لَعَذَّبْنَا} والحمية الأنفة والجبرية. قال المفسرون: وإنما أخذتهم الحمية حين أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخول مكة فقالوا: يدخلون علينا وقد قتلوا أبناءنا وإخواننا فتتحدث العرب بذلك واللّه لا يكون ذلك، {فَأَنزَلَ ٱللّه سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ} فلم يدخلهم ما دخل أولئك فيخالفوا اللّه في قتالهم. وقيل: الحمية ما تداخل سهيل بن عمرو من الأنفة أن يكتب في كتاب الصلح ذكر {ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ} وذكر {رَسُولِ ٱللّه} صلى اللّه عليه وسلم. قوله تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ} فيه خمسة أقوال. أحدهما: لا اله إلا اللّه قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والضحاك والسدي وابن زيد في آخرين، وقد روي مرفوعا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فعلى هذا يكون معنى ألزمهم حكم لهم بها وهي التي تنفي الشرك. والثاني: لا إله إلا اللّه واللّه أكبر، قاله ابن عمر وعن علي بن أبي طالب كالقولين. والثالث: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير قاله عطاء بن أبي رباح. والرابع: لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه قاله عطاء الخرساني. والخامس: بسم اللّه الرحمن الرحيم قاله الزهري. فعلى هذا يكون المعنى: أنه لما أبى المشركون أن يكتبوا هذا في كتاب الصلح ألزمه اللّه المؤمنين. {وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا} من المشركين {و} كانوا {أَعِزَّةَ أَهْلِهَا} في علم اللّه تعالى. ٢٧ انظر تفسير الآية:٢٨ ٢٨ قوله تعالى: {لَّقَدْ صَدَقَ ٱللّه رَسُولَهُ ٱلرُّؤْيَا بِٱلْحَقّ} قال المفسرون: سبب نزولها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان أري في المنام قبل خروجه إلى الحديبية قائلا يقول له {لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ} إلى قوله {لاَ تَخَـٰفُونَ} ورأى كأنه هو وأصحابه يدخلون مكة وقد حلقوا وقصروا، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا، فلما خرجوا إلى الحديبية حسبوا أنهم يدخلون مكة في عامهم ذلك، فلما رجعوا ولم يدخلوا قال المنافقون: أين رؤياه التي رأى فنزلت هذه الآية فدخلوا في العام المقبل. وفي قوله: {إِن شَاء ٱللّه} ستة أقوال. أحدها: أن {ءانٍ} بمعنى إذ قاله أبو عبيدة وابن قتيبة. والثاني: أنه استثناء من اللّه وقد علمه والخلق يستثنون فيما لا يعلمون. قاله ثعلب فعلى هذا يكون المعنى أنه علم أنهم سيدخلونه ولكن استثنى على ما أمر الخلق به من الاستثناء. والثالث: أن المعنى لتدخلن المسجد الحرام إن أمركم اللّه به قاله الزجاج. والرابع: أن الاستثناء يعود إلى دخول بعضهم أو جميعهم لأنه علم أن بعضهم يموت حكاه الماوردي. والخامس: أنه على وجه الحكاية لما رآه النبي صلى اللّه عليه وسلم في المنام أن قائلا يقول {لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَاء ٱللّه ءامِنِينَ} حكاه القاضي أبو يعلى. والسادس: أنه يعود إلى الأمن والخوف فأما الدخول فلا شك فيه حكاه الثعلبي. قوله تعالى: {ءامِنِينَ} من العدو {مُحَلّقِينَ * رُءوسَكُمْ وَمُقَصّرِينَ} من الشعر {لاَ تَخَـٰفُونَ} عدوا. {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ} فيه ثلاثة أقوال. أحدها: علم أن الصلاح في الصلح. والثاني: أن في تأخير الدخول صلاحا. والثالث: فعلم أن يفتح عليكم خيبر قبل ذلك. قوله تعالى: {فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً} فيه قولان. أحدهما: فتح خيبر قاله أبو صالح عن ابن عباس وبه قال عطاء وابن زيد ومقاتل. والثاني: صلح الحديبية قاله مجاهد والزهري وابن إسحاق وقد بينا كيف كان فتحا في أول السورة. وما بعد هذا مفسر في [براءة/٣٣] {وَكَفَىٰ بِٱللّه شَهِيداً} وفيه قولان. أحدهما: أنه شهد له على نفسه يظهره على الدين كله قاله الحسن. والثاني: كفى به شيهدا أن محمدا رسوله قاله مقاتل. ٢٩ قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللّه} وقرأ الشعبي وأبو رجاء وأبو المتوكل والجحدري {فِى رَسُولِ ٱللّه} بالنصب فيهما قال ابن عباس شهد له بالرسالة. قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ مَعَهُ} يعني أصحابه والأشداء جمع شديد. قال الزجاج: والأصل أشدداء نحو نصيب وأنصباء، ولكن الدالين تحركتا فأدغمت الأولى في الثانية ومثله {مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ} [المائدة/٥٤]. قوله تعالى: {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} الرحماء جمع رحيم والمعنى: أنهم يغلظون على الكفار ويتوادون بينهم {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً} يصف كثرة صَلاتهم {يبتغون فَضْلاً من اللّه} وهو الجنة {ورِضواناً} وهو رضى اللّه عنهم. وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور وروى مبارك بن فضاله عن الحسن البصري أنه قال: " والذين معه " أبو بكر " أشداء على الكفار " عمر " رحماء بينهم " عثمان " تراهم رُكَّعاً سُجَّداً " عليّ بن أبي طالب " يبتغون فضلاً من اللّه ورضواناً " طلحة والزبير وعبدالرحمن وسعد وسعيد وأبو عبيدة. قوله تعالى: {سِيماهم} أي: علامتهم {في وُجوههم} ، وهل هذه العلامة في الدنيا، أم في الآخرة؟ فيه قولان. أحدهما: في الدنيا. ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها السَّمْت الحسن، قاله ابن عباس في رواية ابن أبي طلحة؛ وقال في رواية مجاهد: أما إِنه ليس بالذي ترون، ولكنه سيما الإِسلام وسَمْتُه وخُشوعُه، وكذلك قال مجاهد: ليس بِنَدَبِ التراب في الوجه، ولكنه الخُشوع والوَقار والتواضع. والثاني: أنه نَدَى الطَّهور وتَرَى الأرض، قاله سعيد بن جبير. وقال أبو العالية: لأنهم يسجُدون على التراب لا على الأثواب. وقال الأوزاعي: بلغني أنه ما حمَلَتْ جباهُهم من الأرض. والثالث: أنه السهوم فإذا سهم وجه الرجل من الليل أصبح مصفارا. قال الحسن البصري: سيماهم في وجوههم الصفرة. وقال سعيد بن جبير. أثر السهر وقال شمر بن عطية: هو تهيج في الوجه من سهر الليل. والقول الثاني: أنها في الآخرة ثم فيه قولان. أحدهما: أن مواضع السجود من وجوههم يكون أشد وجوههم بياضا يوم القيامة قاله عطية العوفي. وإلى نحو هذا ذهب الحسن والزهري. وروى العوفي عن ابن عباس قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة. والثاني: أنهم يبعثون غرا محجلين من أثر الطهور ذكره الزجاج. قوله تعالى: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} أي صفتهم والمعنى أن صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه {فِي ٱلتَّوْرَاةِ} هذا. فأما قوله: {وَمَثَلُهُمْ فِى ٱلإنجِيلِ} ففيه ثلاثة أقوال. أحدها: أن هذا المثل المذكور أنه في التوراة هو مثلهم في الإنجيل. قال مجاهد: مثلهم في التوراة والإنجيل واحد. والثاني: أن المتقدم مثلهم في التوراة، فأما مثلهم في الإنجيل فهو قوله {كَزَرْعٍ} وهذا قول الضحاك وابن زيد. والثالث: أن مثلهم في التوراة والإنجيل كزرع ذكر هذه الأقوال أبو سليمان الدمشقي. قوله تعالى: {أَخْرَجَ شَطْأَهُ} وقرأ ابن كثير وابن عامر {شَطْأَهُ} بفتح الطاء والهمزة. وقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي {شَطْأَهُ} بسكون الطاء وكلهم يقرأ بهمزة مفتوحة. وقرأ أبي بن كعب وأبو العالية وابن أبي عبلة {شطاءه} بفتح الطاء وبالمد والهمزة وبألف. قال أبو عبيدة: أي فراخه يقال أشطأ الزرع فهو مشطىء إذا أفرخ فآزره أي ساواه وصار مثل الأم. وقرأ ابن عامر: فأزره مقصورة الهمزة مثل فعله وقال ابن قتيبة: آزره أعانه وقواه {فَازَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ} أي غلظ {فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ} وهي جمع ساق وهذا مثل ضربه اللّه عز وجل للنبي صلى اللّه عليه وسلم إذ خرج وحده فأيده بأصحابه، كما قوى الطاقة من الزرع بما نبت منها حتى كبرت وغلظت واستحكمت. وقرأ ابن كثير على {سؤقه} مهموزة والباقون بلا همزة. وقال قتادة: في الإنجيل سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع. وفيمن أريد. بهذا المثل قولان. أحدهما: أن أصل الزرع عبد المطلب {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} أخرج محمدا صلى اللّه عليه وسلم {فَازَرَهُ} بأبي بكر {فَٱسْتَغْلَظَ} بعمر {فَٱسْتَوَىٰ} بعثمان {عَلَىٰ سُوقِهِ} علي بن أبي طالب رواه سعيد ابن جبير عن ابن عباس. والثاني: أن المراد بالزرع محمد صلى اللّه عليه وسلم {أَخْرَجَ شَطْأَهُ} أبو بكر {فَازَرَهُ} بعمر {فَٱسْتَغْلَظَ} بعثمان {فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ} بعلي {يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ} يعني المؤمنين ليغيظ بهم الكفار وهو قول عمر لأهل مكة: لا يعبد اللّه سرا بعد اليوم. رواه الضحاك عن ابن عباس ومبارك عن الحسن. قوله تعالى: {لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ} أي إنما كثرهم وقواهم ليغيظ بهم. الكفار وقال مالك بن أنس: من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية. وقال ابن إدريس: لا آمن أن يكونوا قد ضاعوا الكفار يعني الرافضة لأن اللّه تعالى يقول {لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ}. قوله تعالى: {وَعَدَ ٱللّه ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} قال الزجاج: في {مِنْ} قولان. أحدهما: أن يكون تخليصا للجنس من غيره كقوله {فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرّجْسَ مِنَ ٱلاْوْثَـٰنِ} [الحج/٣٠] ومثله أن تقول: أنفق من الدراهم أي اجعل نفقتك من هذا الجنس. قال ابن الأنباري: معنى الآية وعد اللّه الذين آمنوا من هذا الجنس أي من جنس الصحابة. والثاني: أن يكون هذا الوعد لمن أقام منهم على الإيمان والعمل الصالح. |
﴿ ٠ ﴾