٢٨

قوله تعالى: {وَأَتْبَعْنَـٰهُم} قرأ ابن كثير وعاصم، وحمزة، والكسائي: «واتبعتهم» بالتاء «ذريتهم» واحدة {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ} واحدة أيضا. وقرأ نافع: «واتَّبعتهم ذريتهم» واحد «بهم ذرياتهم» جمعا وقرأ ابن عامر «وأتبعناهم ذرياتهم» «بهم ذرياتهم» جمعا في الموضعين.

واختلفوا في تفسيرها على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن معناها: واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم من المؤمنين في الجنة، وإن كانوا لم يبلغوا أعمال آبائهم، تكرمة من اللّه تعالى لآبائهم المؤمنين باجتماع أولادهم معهم، روى هذا المعنى سعيد بن جبير عن ابن عباس.

والثاني: واتبعتهم ذريتهم بإيمان، أي بلغت أن آمنت، ألحقنا بهم ذريتهم الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان.

وروى هذا المعنى العوفي عن ابن عباس، وبه قال الضحاك. ومعنى هذا القول: أن أولادهم الكبار تبعوهم بإيمان منهم، وأولادهم الصغار تبعوهم بإيمان الآباء، لأن الولد يحكم له بالإسلام تبعا لوالده.

والثالث: «وأتبعناهم ذرياتهم» بإيمان الآباء فأدخلناهم الجنة، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا.

قوله تعالى: {وَمَا أَلَتْنَـٰهُمْ} قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: «وما ألتناهم» بالهمزة وفتح اللام وقرأ ابن كثير: «وما ألتناهم» بكسر اللام وروى ابن شنبوذ عن قنبل عنه «ومالتناهم» بإسقاط الهمزة مع كسر اللام. وقرأ أبو العالية، وأبو نهيك، ومعاذ القارىء بإسقاط الهمزة مع فتح اللام وقرأ ابن السميفع «وما آَلتناهم» بمد الهمزة وفتحها وقرأ الضحاك،

والثالث: «وأتبعناهم ذرياتهم» بإيمان الآباء فأدخلناهم الجنة، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا.

وقوله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ} قال ابن عباس: يتذاكرون ما كانوا فيه في الدنيا من الخوف والتعب، وهو قوله: {قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِى أَهْلِنَا} أي: في دار الدنيا {مُشْفِقِينَ} أي: خائفين من العذاب، {فَمَنَّ ٱللّه عَلَيْنَا} بالمغفرة {وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ} أي: عذاب النار. وقال الحسن: السموم من أسماء جهنم. وقال غيره: سموم: جهنم. وهو ما يوجد من نفحها وحرها، {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ} أي: نوحده ونخلص له {إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ} وقرأ نافع، والكسائي: «أنه» بفتح الهمزة.

وفي معنى «البر» ثلاثة أقوال:

أحدها: الصادق فيما وعد، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: اللطيف، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثالث: العطوف على عباده المحسن إليهم الذي عم ببره جميع خلقه، قاله أبو سليمان الخطابي.

﴿ ٢٨