٥ وهي مكية بإجماعهم، وقال مقاتل: مكية غير آية {سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ} [القمر: ٤٥] وحكي عنه أنه قال: إلا ثلاث آيات، أولها: {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ} إلى قوله {وَأَمَرُّ} [القمر: ٤٤ـ ٤٦] قال ابن عباس: اجتمع المشركون إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: إن كت صادقا فشق لنا القمر فرقتين، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «إن فعلت تؤمنون؟» قالوا: نعم، فسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ربه أن يعطيه ما قالوا، فانشق القمر فرقتين، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينادي: «يا فلان يا فلان اشهدوا» وذلك بمكة قبل الهجرة. وقد روى البخاري ومسلم في «صحيحيهما» من حديث ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شقتين، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «اشهدوا» وقد روى حديث الانشقاق جماعة، منهم عبد اللّه بن عمر، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عباس، وأنس بن مالك، وعلى هذا جميع المفسرين، إلا أن قوما شذوا فقالوا: سينشق يوم القيامة. وقد روى عثمان بن عطاء عن أبيه نحو ذلك، وهذا القول الشاذ لا يقاوم الإجماع، ولأن قوله: {وَٱنشَقَّ} لفظ ماض، وحمل لفظ الماضي على المستقبل يفتقر إلى قرينة تنقله ودليل، وليس ذلك موجودا. وفي قوله: «وإن يروا آية يعرضوا» دليل على أنه قد كان ذلك. ومعنى {ٱقْتَرَبَتِ}: دنت؛ و{ٱلسَّاعَةَ} القيامة. وقال الفراء: فيه تقديم وتأخير، تقديره: انشق القمر واقتربت الساعة. وقال مجاهد: انشق القمر فصار فرقتين، فثبتت فرقة، وذهبت فرقة وراء الجبل. وقال ابن زيد: لما انشق القمر كان يرى نصفه على قعيقعان، والنصف الآخر على أبي قبيس. قال ابن مسعود: لما انشق القمر قالت قريش: سحركم ابن أبي كبشة، فاسألوا السفار، فسألوهم، فقالوا: نعم قد رأيناه، فأنزل اللّه عز وجل: «اقتربت الساعة وانشق القمر». قوله تعالى: {وَإِن يَرَوْاْ ءايَةً} أي: آية تدلهم على صدق الرسول، والمراد بها ها هنا:انشقاق القمر {يُعْرِضُواْ} عن التصديق {وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: ذاهب، من قولهم: مر الشيء واستمر: إذا ذهب، قاله مجاهد، وقتادة، والكسائي، والفراء؛ فعلى هذا يكون المعنى: هذا سحر، والسحر يذهب ولا يثبت. والثاني: شديد قوي، قاله أبو العالية، والضحاك، وابن قتيبة، قال: وهو مأخوذ من المرة، والمرة: الفتل. والثالث: دائم، حكاه الزجاج. قوله تعالى: {وَكَذَّبُواْ} يعني كذبوا النبي صلى اللّه عليه وسلم وما عاينوا من قدرة اللّه تعالى {وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ} ما زين لهم الشيطان {وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن كل أمر مستقر بأهله، فالخير يستقر بأهل الخير، والشر يستقر بأهل الشر، قاله قتادة. والثاني: لكل حديث منتهى وحقيقة، قاله مقاتل. والثالث: أن قرار تكذيبهم مستقر، وقرار تصديق المصدقين مستقر حتى يعلموا حقيقته بالثواب والعقاب، قاله الفراء. قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءهُمْ} يعني أهل مكة {مّنَ ٱلاْنبَاء} أي: من أخبار الأمم المكذبة في القرآن {مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} قال ابن قتيبة: أي: متعظ ومنتهى. قوله تعالى: {حِكْمَةٌ بَـٰلِغَةٌ} قال الزجاج: هي مرفوعة لأنها بدل من «ما» فالمعنى: ولقد جاءهم حكمة بالغة وإن شئت رفعتهما بإضمار: هو حكمة بالغة. و«ما» في قوله {فَمَا تُغْنِـى ٱلنُّذُرُ} جائز أن يكون استفهاما بمعنى التوبيخ، فيكون المعنى: أي شيء تغني النذر؟ٰ وجائز أن يكون نفيا، على معنى، فليست تغني النذر. قال المفسرون: والمعنى: جاءهم القرآن وهو حكمة تامة قد بلغت الغاية، فما تغني النذر إذا لم يؤمنوا؟ٰ. |
﴿ ٥ ﴾