ÓõæÑóÉõ ÇáÑøóÍúãٰäö ãóßøöíøóÉñ Çóæú ãóÏóäöíøóÉñ æóåöíó ËóãóÇäò æóÓóÈúÚõæäó ÂíóÉð سورة الرحمن وفي نزولها قولان. أحدهما: أنها مكية، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وعطاء، ومقاتل، والجمهور، إلا أن ابن عباس قال: سوى آية، وهي قوله: {يَسْأَلُهُ مَن فِى * ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ} [الرحمن:٢٩]. والثاني: أنها مدنية، رواه عطية عن ابن عباس. وبه قال ابن مسعود. بسم اللّه الرحمن الرحيم. _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:١٣ ٢ انظر تفسير الآية:١٣ ٣ انظر تفسير الآية:١٣ ٤ انظر تفسير الآية:١٣ ٥ انظر تفسير الآية:١٣ ٦ انظر تفسير الآية:١٣ ٧ انظر تفسير الآية:١٣ ٨ انظر تفسير الآية:١٣ ٩ انظر تفسير الآية:١٣ ١٠ انظر تفسير الآية:١٣ ١١ انظر تفسير الآية:١٣ ١٢ انظر تفسير الآية:١٣ ١٣ قوله تعالى: {ٱلرَّحْمَـٰنُ * عَلَّمَ ٱلْقُرْءانَ} قال مقاتل: لما نزل قوله: {ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ} [الفرقان:٦٠] قال كفار مكة: وما الرحمن؟ٰ فأنكروه وقالوا: لا نعرف الرحمن، فقال تعالى: {ٱلرَّحْمَـٰنُ} الذي أنكروه هو الذي «علم القرآن». وفي قوله: {عَلَّمَ ٱلْقُرْءانَ} قولان: أحدهما: علمه محمدا، وعلم محمد أمته قاله ابن السائب. والثاني: يسر القرآن، قاله الزجاج. قوله تعالى: {خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه اسم جنس، فالمعنى: خلق الناس جميعا، قاله الأكثرون. فعلى هذا، في «البيان» ستة أقوال: أحدها: النطق والتمييز، قاله الحسن. والثاني: الحلال والحرام، قاله قتادة. والثالث: ما يقول وما يقال له، قاله محمد بن كعب. والرابع: الخير والشر، قاله الضحاك. والخامس: طرق الهدى، قاله ابن جريج. والسادس: الكتابة والخط، قاله يمان. والثاني: أنه آدم، قاله ابن عباس، وقتادة. فعلى هذا في «البيان» ثلاثة أقوال: أحدها: أسماء كل شيء. والثاني: بيان كل شيء. والثالث: اللغات. والقول الثالث: أنه محمد صلى اللّه عليه وسلم، علمه بيان ما كان وما يكون، قاله ابن كيسان. قوله تعالى: {ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} أي بحساب ومنازل، لا يعدوانها؛ وقد كشفنا هذا المعنى في [الأنعام:٩٦] قال الأخفش: أضمر الخبر، وأظنه واللّه أعلم أراد: يجريان بحسبان. قوله تعالى: {وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} في النجم قولان: أحدهما: أنه كل نبت ليس له ساق، وهو مذهب ابن عباس، والسدي، ومقاتل، واللغويين. والثاني: أنه نجم السماء، والمراد به: جميع النجوم، قاله مجاهد. فأما الشجر:فكل ما له ساق. قال الفراء: سجودهما: أنهما يستقبلان الشمس إذا أشرقت، ثم يميلان معها حتى ينكسر الفيء. وقد أشرت في [النحل:٤٩] إلى معنى سجود ما لا يعقل. قال أبو عبيدة: وإنما ثني فعلهما على لفظهما. قوله تعالى: {وَٱلسَّمَاء رَفَعَهَا} وإنما فعل ذلك ليحيا الحيوان وتمتد الأنفاس، وأجرى الريح بينها وبين الأرض، كيما يتروح الخلق. ولولا ذلك لماتت الخلائق كربا. قوله تعالى: {وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه العدل، قاله الأكثرون. منهم مجاهد والسدي واللغويون. قال الزجاج: وهذا لأن المعادلة: موازنة الأشياء. والثاني: أنه الميزان المعروف، ليتناصف الناس في الحقوق، قاله الحسن، وقتادة، والضحاك. والثالث: أنه القرآن، قاله الحسين بن الفضل. قوله تعالى: {أَلاَّ تَطْغَوْاْ} ذكر الزجاج في «أن» وجهين. أحدهما: أنها بمعنى اللام، والمعنى: لئلا تطغوا. والثاني: أنها للتفسير، فتكون «لا» للنهي؛ والمعنى: أي: لا تطغوا، أي لا تجاوزوا العدل. قوله تعالى: {وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ} قال ابن قتيبة: أي لا تنقصوا الوزن. فأما الأنام، ففيهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم الناس، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثاني: كل ذي روح، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والشعبي، وقتادة، والسدي، والفراء. والثالث: الإنس والجن، قاله الحسن، والزجاج. قوله تعالى: {فِيهَا فَـٰكِهَةٌ} أي، ما يتفكه به من ألوان الثمار {وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلاْكْمَامِ} والأكمام: الأوعية والغلف؛ وقد استوفينا شرح هذا في {حـم}. قوله تعالى: {ٱلاْكْمَامِ وَٱلْحَبُّ} يريد: جميع الحبوب، كالبر والشعير وغير ذلك. وقرأ ابن عامر: «والحب» بنصب الباء «ذا العصف» بالألف «والريحان» بنصب النون. وقرأ حمزة، والكسائي إلا ابن أبي سريج، وخلف: «والحب» و «العصف والريحان» بخفض النون؛ وقرأ الباقون بضم النون. وفي «العصف» قولان: أحدهما: أنه تبن الزرع وورقه الذي تعصفه الرياح، قاله ابن عباس. وكذلك قال مجاهد: هو ورق الزرع. قال ابن قتيبة: العصف: ورق الزرع، ثم يصير إذا جف ويبس وديس تبنا. والثاني: أن العصف: المأكول من الحب، حكاه الفراء. وفي «الريحان» أربعة أقوال. أحدها: أنه الرزق، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير، والسدي. قال الفراء: الريحان في كلام العرب:الرزق، تقول: خرجنا نطلب ريحان اللّه، وأنشد الزجاج للنمر بن تولب: سلام الإله وريحانه ورحمته وسماء درر والثاني: أنه خضرة الزرع، رواه الوالبي عن ابن عباس. قال أبو سليمان الدمشقي: فعلى هذا، سمي ريحانا، لاستراحة النفس بالنظر إليه. والثالث: أنه ريحانكم هذا الذي يشم، روى العوفي عن ابن عباس قال: «الريحان» ما أنبتت الأرض من الريحان، وهذا مذهب الحسن، والضحاك، وابن زيد. والرابع: أنه ما لم يؤكل من الحب، والعصف: المأكول منه، حكاه الفراء. قوله تعالى: {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} فإن قيل: كيف خاطب اثنين، وإنما ذكر الإنسان وحده؟ فعنه جوابان ذكرهما الفراء. أحدهما: أن العرب تخاطب الواحد بفعل الاثنين كما بينا في قوله: {أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ} [ق:٢٤]. والثاني: أن الذكر أريد به الإنسان والجان، فجرى الخطاب لهما من أول السورة إلى آخرها. قال الزجاج: لما ذكر اللّه تعالى في هذه السورة ما يدل على وحدانيته من خلق الإنسان وتعليم البيان وخلق الشمس والقمر والسماء والأرض، خاطب الجن والإنس، قال: {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} أي: فبأي نعم ربكما تكذبان من هذه الأشياء المذكورة، لأنها كلها منعم بها عليكم في دلالتها إياكم على وحدانيته وفي رزقه إياكم ما به قوامكم. وقال ابن قتيبة: الآلاء: النعم، واحدها: ألاً، مثل: قفا، وإلا، مثل: معى. ١٤ انظر تفسير الآية:٢٥ ١٥ انظر تفسير الآية:٢٥ ١٦ انظر تفسير الآية:٢٥ ١٧ انظر تفسير الآية:٢٥ ١٨ انظر تفسير الآية:٢٥ ١٩ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٠ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢١ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٣ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٤ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٥ قوله تعالى: {خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ} يعني آدم {مِن صَلْصَـٰلٍ} قد ذكرنا في {ٱلْحَجَرَ} الصلصال والجان. فأما قوله: {كَٱلْفَخَّارِ} فقال أبو عبيدة: خلق من طين يابس لم يطبخ، فله صوت إذا نقر، فهو من يبسه كالفخار. والفخار: ما طبخ بالنار. فأما المارج، فقال ابن عباس: هو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت. وقال مجاهد: هو المختلط بعضه ببعض من اللّهب الأحمر والأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت. وقال مقاتل: هو لهب النار الصافي من غير دخان. وقال أبو عبيدة: المارج: خلط من النار. وقال ابن قتيبة: المارج: لهب النار، من قولك: قد مرج الشيء: إذا اضطرب ولم يستقر. وقال الزجاج: هو اللّهب المختلط بسواد النار. فإن قيل: قد أخبر اللّه تعالى عن خلق آدم عليه السلام بألفاظ مختلفة، فتارة يقول: «خلقه من تراب» [آل عمران: ٥٩]، وتارة: «من صلصال» وتارة: «من طين لازب» [الصافات: ١١] وتارة «كالفخار» [الرحمن: ١٤] وتارة: «من حمأ مسنون» [الحجر: ٢٩]؛ فالجواب: أن الأصل التراب فجعل طينا، ثم صار كالحمإ المسنون، ثم صار صلصالا كالفخار، هذه أخبار عن حالات أصله. فإن قيل: ما الفائدة في تكرار قوله: «فبأي آلاء ربكما تكذبان» الجواب أن ذلك التكرير لتقرير النعم وتأكيد التذكير بها. قال ابن قتيبة: من مذاهب العرب التكرار للتوكيد والإفهام كما أن من مذاهبهم الاختصار للتخفيف والإيجاز، لأن افتنان المتكلم والخطيب في الفنون أحسن من اقتصاره في المقام على فن واحد، يقول القائل منهم: واللّه لا أفعله، ثم واللّه لا أفعله، إذا أراد التوكيد وحسم الأطماع من أن يفعله، كما يقول:واللّه أفعله، بإضمار «لا» إذا أراد الاختصار، ويقول القائل المستعجل: اعجل اعجل، وللرامي: ارم ارم، قال الشاعر: كم نعمة كانت له وكم وكم قال الآخر: هلا سألت جموع كنـ دة يوم ولوا أين أينا وربما جاءت الصفة فأرادوا توكيدها، واستوحشوا من إعادتها ثانية لأنها كلمة واحدة، فغيروا منها حرفا ثم أتبعوها الأولى، كقولهم: عطشان نطشان، وشيطان ليطان، وحسن بسن. قال ابن دريد: ومن الإتباع: جائع نائع، ومليح قريح، وقبيح شقيح، وشحيح نحيح، وخبيث نبيث، وكثير بثير، وسيغ ليغ، وسائغ لائغ، وحقير نقير، وضئيل بئيل، وخضر مضر، وعفريت نفريت، وثقة نقة، وكن إن، وواحد فاحد، وحائر بائر، وسمح لمح. قال ابن قتيبة: فلما عدد اللّه تعالى في هذه السورة نعماءه، وأذكر عباده آلاءه، ونبههم على قدرته، جعل كل كلمة من ذلك فاصلة بين كل نعمتين، ليفهمهم النعم ويقررهم بها، كقولك للرجل: ألم أبوئك منزلا وكنت طريدا؟ أفتنكر هذا؟ ألم أحج بك وأنت صرورة؟ أفتنكر هذا؟. وروى الحاكم أبو عبد اللّه في «صحيحه» من حديث جابر بن عبد اللّه قال: قرأ علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سورة الرحمن حتى ختمها ثم قال: «مالي أراكم سكوتا؟ٰ للجن كانوا أحسن منكم ردا، ما قرأت عليهم هذه الآية من مرة» فبأي آلاء ربكما تكذبان» إلا قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد». قوله تعالى: {رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ} قرأ أبو رجاء، وابن أبي عبلة: «رب المشرقين ورب المغربين» بالخفض، وهما مشرق الصيف ومشرق الشتاء ومغرب الصيف ومغرب الشتاء للشمس والقمر جميعا. قوله تعالى: {مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ} أي: أرسل العذب والملح وخلاهما وجعلهما {يَلْتَقِيَانِ} {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ} أي: حاجز من قدرة اللّه تعالى {لاَّ يَبْغِيَانِ} أي: لا يختلطان فيبغي أحدهما على الآخر. وقال ابن عباس: بحر السماء وبحر الأرض يلتقيان كل عام. قال الحسن: «مرج البحرين» يعني بحر فارس والروم، بينهما برزخ، يعني الجزائر، وقد سبق بيان هذا في {ٱلْفُرْقَانَ}. قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} قال الزجاج: إنما يخرج من البحر الملح، وإنما جمعهما، لأنه إذا خرج من أحدهما فقد أخرج منهما، ومثله {وَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} [نوح: ١٦] قال أبو علي الفارسي:أراد: يخرج من أحدهما، فحذف المضاف. وقال ابن جرير: إنما قال «منهما» لأنه يخرج من أصداف البحر عن قطر السماء. فأما اللؤلؤ والمرجان، ففيهما قولان: أحدهما: أن المرجان: ما صغر من اللؤلؤ، واللؤلؤ: العظام، قاله الأكثرون، منهم ابن عباس، وقتادة، والضحاك، والفراء. وقال الزجاج: اللؤلؤ: اسم جامع للحب الذي يخرج من البحر، والمرجان: صغاره. والثاني: أن اللؤلؤ: الصغار، والمرجان: الكبار، قاله مجاهد، والسدي، ومقاتل. قال ابن عباس: إذا أمطرت السماء، فتحت الأصداف أفواهها، فما وقع فيها من مطر فهو لؤلؤ، قال ابن جرير: حيث وقعت قطرة كانت لؤلؤة. وقرات على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: ذكر بعض أهل اللغة أن المرجان أعجمي معرب. قال أبو بكر، يعني ابن دريد: ولم أسمع فيه بفعل منصرف، وأحر به أن يكون كذلك. قال ابن مسعود: المرجان: الخرز الأحمر. وقال الزجاج: المرجان أبيض شديد البياض. وحكى القاضي أبو يعلى أن المرجان: ضرب من اللؤلؤ كالقضبان. قوله تعالى: {وَلَهُ ٱلْجَوَارِ} يعني السفن {المنشآت} قال مجاهد: هو ما قد رفع قلعه من السفن دون ما لم يرفع قلعه. قال ابن قتيبة: هن اللواتي أنشئن، أي: ابتدىء بهن {لِتَجْرِىَ فِى ٱلْبَحْرِ}، وقرأ حمزة: «المنشئات»، فجعلهن اللواتي ابتدأن، يقال: أنشأت السحابة تمطر: إذا ابتدأت، وأنشأ الشاعر يقول، والأعلام: الجبال، وقد سبق هذا [الشورى: ٣٢]. ٢٦ انظر تفسير الآية:٣٠ ٢٧ انظر تفسير الآية:٣٠ ٢٨ انظر تفسير الآية:٣٠ ٢٩ انظر تفسير الآية:٣٠ ٣٠ قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} أي: على الأرض، وهي كناية عن غير المذكور، «فان» أي؛ هالك. {وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبّكَ} أي: ويبقى ربك {ذُو ٱلْجَلْـٰلِ وَٱلإكْرَامِ} قال أبو سليمان الخطابي: الجلال: مصدر الجليل، يقال: جليل بين الجلالة والجلال. والإكرام: مصدر أكرم يكرم إكراما، والمعنى أن اللّه تعالى مستحق أن يجل ويكرم، ولا يجحد ولا يكفر به، وقد يحتمل أن يكون المعنى: أنه يكرم أهل ولايته ويرفع درجاتهم، وقد يحتمل أن يكون أحد الأمرين وهو الجلال مضافا إلى اللّه تعالى بمعنى الصفة له، والآخر مضافا إلى العبد بمعنى الفعل منه، كقوله تعالى: {هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ} [المدثر: ٥٦] فانصرف أحد الأمرين إلى اللّه وهو المغفرة، والآخر إلى العباد وهو التقوى. قوله تعالى: {يَسْأَلُهُ مَن فِى * ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ} لا المعنى أن الكل يحتاجون إليه فيسألونه وهو غني عنهم {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ} مثل أن يحيي ويميت، ويعز ويذل، ويشفي مريضا، ويعطي سائلا، إلى غير ذلك من أفعاله. وقال الحسين بن الفضل: هو سوق المقادير إلى المواقيت. قال مقاتل: وسبب نزول هذه الآية أن اليهود قالت: إن اللّه لا يقضي في يوم السبت شيئا، فنزلت: «كل يوم هو في شأن». ٣١ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٢ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٣ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٤ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٥ انظر تفسير الآية:٣٦ ٣٦ قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: «سنفرغ» بنون مفتوحة. وقرأ ابن مسعود، وعكرمة، والأعمش، وحمزة، والكسائي، وعبد الوارث: «سيفرغ» بياء مفتوحة. وقرأ ابن السميفع، وابن يعمر، وابن أبي عبلة، وعاصم الجحدري عن عبد الوارث: «سيفرغ» بضم الياء وفتح الراء. قال الفراء: هذا وعيد من اللّه تعالى، لأنه لا يشغله شيء عن شيء، تقول للرجل الذي لا شغل له: قد فرغت لي، قد فرغت تشتمني؟ٰ أي: قد أخذت في هذا وأقبلت عليه؟ٰ قال الزجاج: الفراغ في اللغة على ضربين. أحدهما: الفراغ من شغل. والآخر: القصد للشيء، تقول: قد فرغت مما كنت فيه، أي: قد زال شغلي به، وتقول: سأتفرغ لفلان، أي: سأجعله قصدي، ومعنى الآية: سنقصد لحسابكم. فأما «الثقلان» فهما الجن والإنس، سميا بذلك لأنهما ثقل الأرض. قوله تعالى: {أَن تَنفُذُواْ} أي: تخرجوا؛ يقال: نفذ الشيء من الشيء: إذا خلص منه، كالسهم ينفذ من الرمية، والأقطار: النواحي والجوانب. وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال: أحدها: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا، قاله ابن عباس. والثاني: إن استطعتم أن تهربوا من الموت بالخروج من أقطار السموات والأرض فاهربوا واخرجوا منها؛ والمراد: أنكم حيثما كنتم أدرككم الموت، هذا قول الضحاك ومقاتل في آخرين. والثالث: إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السموات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا؛ وإنما يقال لهم هذا يوم القيامة، ذكره ابن جرير. قوله تعالى: {لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَـٰنٍ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا تنفذون إلا في سلطان اللّه وملكه، لأنه مالك كل شيء، قاله ابن عباس. والثاني: لا تنفذون إلا بحجة، قاله مجاهد. والثالث: لا تنفذون إلا بملك، وليس لكم ملك، قاله قتادة. قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا} فثنى على اللفظ. وقد جمع في قوله: {إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ} على المعنى. فأما «الشواظ» ففيه ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لهب النار، قاله ابن عباس. وقال مجاهد: هو اللّهب الأخضر المنقطع من النار. والثاني: الدخان، قاله سعيد بن جبير. والثالث: النار المحضة، قاله الفراء. وقال أبو عبيدة: هي النار التي تأجج لا دخان فيها، ويقال: شواظ وشواظ. وقرأ ابن كثير بكسر الشين، وقرأ أيضا هو وأهل البصرة: «ونحاس» بالخفض، والباقون برفعهما. وفي «النحاس» قولان: أحدهما: أنه دخان النار، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، والفراء وابو عبيدة، وابن قتيبة، والزجاج، ومنه قول الجعدي يذكر امرأة: تضيء كضوء سراج السليـ ط لم يجعل اللّه فيه نحاسا وذكر الفراء في السليط ثلاثة أقوال: أحدها: أنه دهن السنام، وليس له دخان إذا استصبح به. والثاني: أنه دهن السمسم. والثالث: الزيت. والثاني: أنه الصفر المذاب يصب على رؤوسهم، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة. قال مقاتل: والمراد بالآية: كفار الجن والإنس، يرسل عليهما في الآخرة لهب النار والصفر الذائب، وهي خمسة أنهار تجري من تحت العرش على رؤوس أهل النار، ثلاثة أنهار على مقدار الليل، ونهران على مقدار نهار الدنيا، {فَلاَ تَنتَصِرَانِ} أي: فلا تمتنعان من ذلك. ٣٧ انظر تفسير الآية:٤٥ ٣٨ انظر تفسير الآية:٤٥ ٣٩ انظر تفسير الآية:٤٥ ٤٠ انظر تفسير الآية:٤٥ ٤١ انظر تفسير الآية:٤٥ ٤٢ انظر تفسير الآية:٤٥ ٤٣ انظر تفسير الآية:٤٥ ٤٤ انظر تفسير الآية:٤٥ ٤٥ قوله تعالى: {فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَاء} أي: انفرجت من المجرة لنزول من فيها يوم القيامة {فَكَانَتْ وَرْدَةً} وفيها قولان: أحدهما: كلون الفرس الوردة، قاله أبو صالح، والضحاك. وقال الفراء: الفرس الوردة، تكون في الربيع وردة إلى الصفرة، فإذا اشتد الحر كانت وردة حمراء، فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة، فشبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل، وكذلك قال الزجاج: «فكانت وردة» أي: كلون فرس وردة؛ والكميت: الورد يتلون، فيكون لونه في الشتاء خلاف لونه في الصيف، ولونه في الصيف خلاف لونه في الشتاء، فالسماء تتلون من الفزع الأكبر. وقال ابن قتيبة: المعنى: فكانت حمراء في لون الفرس الورد. والثاني: أنها وردة النبات؛ وقد تختلف ألوانها، إلا أن الأغلب عليها الحمرة، ذكره الماوردي. وفي الدهان قولان: أحدهما: أنه واحد، وهو الأديم الأحمر، قاله ابن عباس. والثاني: أنه جمع دهن، والدهن تختلف ألوانه بخضرة وحمرة، وصفرة، حكاه اليزيدي، وإلى نحوه ذهب مجاهد. وقال الفراء: شبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل، وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن. قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْـئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا يسألون ليعلم حالهم، لأن اللّه تعالى أعلم منهم بذلك. والثاني: لا يسأل بعضهم بعضا عن حاله لاشتغال كل واحد منهم بنفسه، روي القولان عن ابن عباس. والثالث: لا يسألون عن ذنوبهم لأنهم يعرفون بسيماهم، فالكافر أسود الوجه، والمؤمن أغر محجل من أثر وضوئه، قاله الفراء. قال الزجاج: لا يسأل أحد عن ذنبه ليستفهم، ولكنه يسأل سؤال توبيخ. قوله تعالى:{يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَـٰهُمْ} قال الحسن: بسواد الوجوه، وزرق الأعين {فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِى وَٱلاْقْدَامِ} فيه قولان. أحدهما: أن خزنة جهنم تجمع بين نواصيهم إلى أقدامهم من وراء ظهورهم، ثم يدفعونهم على وجوههم في النار، قاله مقاتل. والثاني: يؤخذ بالنواصي والأقدام، فيسحبون إلى النار، ذكره الثعلبي. وروى مردويه الصائغ، قال: صلى بنا الإمام صلاة الصبح فقرأ سورة «الرحمن» ومعنا علي بن الفضيل بن عياض، فلما قرأ «يعرف المجرمون بسيماهم» خر علي مغشيا عليه حتى فرغنا من الصلاة، فلما كان بعد ذلك قلنا له: أما سمعت الإمام يقرأ «حور مقصورات في الخيام»؟ قال: شغلني عنها «يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام». قوله تعالى: {هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ} أي: يقال لهم. هذه جهنم {ٱلَّتِى يُكَذّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ} يعني المشركين، {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا} وقرأ أبو العالية، وأبو عمران الجوني: «يطوفون» بياء مضمومة مع تشديد الواو؛ وقرأ الأعمش مثله إلا أنه بالتاء. قوله تعالى: {وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ} قال ابن قتيبة: الحميم: الماء الحار، والآني: الذي قد انتهت شدة حره. قال المفسرون: المعنى أنهم يسعون بين عذاب الجحيم وبين الحميم، إذا استغاثوا من النار جعل غياثهم الحميم الشديد الحرارة. ٤٦ انظر تفسير الآية:٥٣ ٤٧ انظر تفسير الآية:٥٣ ٤٨ انظر تفسير الآية:٥٣ ٤٩ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥٠ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥١ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥٢ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥٣ قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ} فيه قولان: أحدهما: قيامه بين يدي ربه عز وجل يوم الجزاء. والثاني: قيام اللّه على عبده بإحصاء ما اكتسب. وجاء في التفسير، أن العبد يهم بمعصية فيتركها خوفا من اللّه عز وجل فله جنتان، وهما بستانان. {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} فيه قولان: أحدهما: أنها الأغصان، وهي جمع فنن، وهو الغصن المستقيم طولا، وهذا قول مجاهد، وعكرمة، وعطية، والفراء، والزجاج. والثاني: أنها الألوان والضروب من كل شيء، وهي جمع فنن، وهذا قول سعيد بن جبير. وقال الضحاك: ذواتا ألوان من الفاكهة. وجمع عطاء بين القولين، فقال في كل غصن فنون من الفاكهة. قوله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} قال ابن عباس: تجريان بالماء الزلال، إحداهما: السلسبيل، والأخرى: التسنيم. وقال عطية: إحداهما: من ماء غير آسن، والأخرى: من خمر. وقال أبو بكر الوراق: فيهما عينان تجريان لمن كانت له في الدنيا عينان تجريان من البكاء. قوله تعالى: {فِيهِمَا مِن كُلّ فَـٰكِهَةٍ زَوْجَانِ} أي: صنفان ونوعان. قال المفسرون: فيهما من كل ما يتفكه به نوعان، رطب ويابس، لا يقصر أحدهما عن الآخر في فضله. ٥٤ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٥ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٦ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٧ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٨ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٩ انظر تفسير الآية:٦١ ٦٠ انظر تفسير الآية:٦١ ٦١ {مُتَّكِئِينَ} هذا حال المذكورين {عَلَى فُرُشٍ} جمع فراش {بَطَائِنُهَا} جمع بطانة، وهي التي تحت الظهارة. وقال أبو هريرة: هذه البطائن، فما ظنكم بالظهائر؟ٰ وقال ابن عباس: إنما ترك وصف الظواهر، لأنه ليس أحد يعلم ما هي. وقال قتادة: البطائن: هي الظواهر بلغة قوم. وكان الفراء يقول: قد تكون البطانة ظاهرة، والظاهرة بطانة، لأن كل واحد منهما قد يكون وجها، والعرب تقول: هذا ظهر السماء، وهذا بطن السماء، لظاهرها، وهو الذي نراه، وقال ابن الزبير يعيب قتلة عثمان: خرجوا عليه كاللصوص من وراء القرية، فقتلهم اللّه كل قتلة، ونجا منهم من نجا تحت بطون الكواكب. يعني هربوا ليلا؛ فجعلوا ظهور الكواكب بطونا، وذلك جائز في العربية. وأنكر هذا القول ابن قتيبة جدا، وقال: إنما أراد اللّه أن يعرفنا من حيث نفهم فضل هذه الفرش وأن ما ولي الأرض منها إستبرق، وإذا كانت البطانة كذلك، فالظهارة أعلى وأشرف. وهل يجوز لأحد أن يقول لوجه مصل: هذا بطانته، ولما ولي الأرض منه: هذا ظهارته؟ٰ وإنما يجوز هذا في ذي الوجهين المتساوين، تقول لما وليك من الحائط: هذا ظهر الحائط، ويقول جارك لما وليه: هذا ظهر الحائط، وكذلك السماء ما ولينا منها: ظهر، وهي لمن فوقها: بطن. وقد ذكرنا الإستبرق في [سورة الكهف: ٣١]. قوله تعالى: {وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} قال أبو عبيدة: أي: ما يجتنى قريب لا يعني الجاني. قوله تعالى: {فِيهِنَّ قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ} قد شرحناه في {الصافات: ٤٨}. وفي قوله: «فيهن» قولان: أحدهما: أنها تعود إلى الجنتين وغيرهما مما أعد لصاحب هذه القصة، قاله الزجاج. والثاني: أنها تعود إلى الفرش، ذكره علي بن أحمد النيسابوري. قوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} قرأ الكسائي بضم الميم، والباقون بكسرها، وهما لغتان: يطمث ويطمث، مثل يعكف ويعكف. وفي معناه قولان: أحدهما: لم يقتضضهن؛ والطمث: النكاح بالتدمية، ومنه قيل للحائض: طامث، قاله الفراء. والثاني: لم يمسسهن؛ يقال: ما طمث هذا البعير حبل قط، أي: ما مسه، قاله أبو عبيدة. قال مقاتل: وذلك لأنهن خلقن من الجنة؛ فعلى قوله، هذا صفة الحور. وقال الشعبي: هن من نساء الدنيا لم يمسسهن مذ أنشئن خلق. وفي الآية دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنسي. قوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ} قال قتادة: هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان. وذكر الزجاج أن أهل التفسير وأهل اللغة قالوا: هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان والمرجان: صغار اللؤلؤ، وهو أشد بياضا. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: «الياقوت» فارسي معرب، والجمع «اليواقيت» وقد تكلمت به العرب، قال مالك بن نويرة اليربوعي: لن يذهب اللؤم تاج قد حبيت به من الزبرجد والياقوت والذهب وله تعالى: {هَلْ جَزَاء ٱلإحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإحْسَـٰنُ} قال الزجاج، أي: ما جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة. وقال ابن عباس: هل جزاء من قال: «لا إله إلا اللّه» وعمل بما جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم إلى الجنة. وروى أنس بن مالك قال: قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية، وقال: «هل تدرون ما قال ربكم»؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: «فإن ربكم يقول: هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلا الجنة»؟ٰ ٦٢ انظر تفسير الآية:٧٨ ٦٣ انظر تفسير الآية:٧٨ ٦٤ انظر تفسير الآية:٧٨ ٦٥ انظر تفسير الآية:٧٨ ٦٦ انظر تفسير الآية:٧٨ ٦٧ انظر تفسير الآية:٧٨ ٦٨ انظر تفسير الآية:٧٨ ٦٩ انظر تفسير الآية:٧٨ ٧٠ انظر تفسير الآية:٧٨ ٧١ انظر تفسير الآية:٧٨ ٧٢ انظر تفسير الآية:٧٨ ٧٣ انظر تفسير الآية:٧٨ ٧٤ انظر تفسير الآية:٧٨ ٧٥ انظر تفسير الآية:٧٨ ٧٦ انظر تفسير الآية:٧٨ ٧٧ انظر تفسير الآية:٧٨ ٧٨ قوله تعالى: {وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} قال الزجاج: المعنى: ولمن خاف مقام ربه جنتان، وله من دونهما جنتان. وفي قوله: «ومن دونهما» قولان: أحدهما: دونهما في الدرج، قاله ابن عباس. والثاني: دونهما في الفضل كما روى أبو موسى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «جنتان من ذهب وجنتان من فضة»؛ وإلى نحو هذا ذهب ابن زيد، ومقاتل. قوله تعالى: {مُدْهَامَّتَانِ} قال ابن عباس وابن الزبير: خضراوان من الري. وقال أبو عبيدة: من خضرتهما قد اسودتا. قال الزجاج: يعني أنهما خضراوان تضرب خضرتهما إلى السواد، وكل نبت أخضر فتمام خضرته وريه أن يضرب إلى السواد. قوله تعالى: {نَضَّاخَتَانِ} قال أبو عبيدة: فوارتان. وقال ابن قتيبة: تفوران، و«النضخ» أكثر من «النضح». وفيما يفوران به أربعة أقوال: أحدها: بالمسك والكافور، قاله ابن مسعود. والثاني: بالماء، قاله ابن عباس. والثالث: بالخير والبركة، قاله الحسن. والرابع: بأنواع الفاكهة، قاله سعيد بن جبير. قوله تعالى: {وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} قال ابن عباس: نخل الجنة: جذوعها زمرد أخضر، وكربها: ذهب أحمر، وسعفها: كسوة أهل الجنة، منها مقطعاتهم وحللّهم. وقال سعيد بن جبير: نخل الجنة: جذوعها من ذهب، وعروقها من ذهب، وكرانيفها من زمرد، ورطبها كالدلاء أشد بياضا من اللبن، وألين من الزبد، و أحلى من العسل، ليس له عجم. قال أبو عبيدة:الكرانيف: أصول السعف الغلاظ، الواحدة: كرنافة. وإنما أعاد ذكر النخل والرمان وقد دخلا في الفاكهة لبيان فضلهما كما ذكرنا في قوله: {وَمَلـئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـٰلَ} [البقرة: ٩٨] هذا قول جمهور المفسرين واللغويين. وحكى الفراء والزجاج أن قوما قالوا: ليسا من الفاكهة؛ قال الفراء: وقد ذهبوا مذهبا، ولكن العرب تجعلهما فاكهة. قال الأزهري: ما علمت أحدا من العرب قال في النخيل والكروم وثمارها: إنها ليست من الفاكهة، وإنما قال من قال، لقلة علمه بكلام العرب، فالعرب تذكر أشياء جملة ثم تخص شيئا منها بالتسمية تنبيها على فضل فيه، كقوله: «وجبريل وميكال» [البقرة: ٩٨]؛ فمن قال: ليسا من الملائكة كفر، ومن قال: ثمر النخل والرمان ليسا من الفاكهة جهل. قوله تعالى: {فِيهِنَّ} يعني في الجنان الأربع {خَيْرٰتٌ} يعني الحور. وقرأ معاذ القارىء، وعاصم الجحدري، وابو نهيك: «خيرات» بتشديد الياء. قال اللغويون: أصله «خيرات» بالتشديد، فخفف، كما قيل: هين لين، وهين لين. وروت أم سلمة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «خيرات الأخلاق حسان الوجوه». قوله تعالى: {حُورٌ مَّقْصُورٰتٌ} قد بينا في سورة «الدخان: ٥٤» معنى الحور. وفي المقصورات قولان: أحدهما: المحبوسات في الحجال، قاله ابن عباس، وهو مذهب الحسن، وأبي العالية، والقرظي، والضحاك، وابي صالح. والثاني: المقصورات الطرف على أزواجهن، فلا يرفعن طرفا إلى غيرهم، قاله الربيع. وعن مجاهد كالقولين. والأول أصح، فإن العرب تقول: امرأة مقصورة وقصيرة وقصورة: إذا كانت ملازمة خدرها، قال كثير: لعمري لقد حببت كل قصيرة إلي، وما تدري بذاك القصائر عنيت قصيرات الحجال، ولم أرد قصار الخطى، شر النساء البحاتر وبعضهم ينشده: قصورة، وقصورات؛ والبحاتر: القصار. وفي «الخيام» قولان: أحدهما: أنها البيوت. والثاني: خيام تضاف إلى القصور. وقد روى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث أبي موسى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها في السماء ستون ميلا، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن، فلا يرى بعضهم بعضا». وقال عمر بن الخطاب،وابن مسعود، وابن عباس: الخيام: در مجوف. وقال ابن عباس: الخيمة: لؤلؤة واحدة أربعة فراسخ في أربعة فراسخ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب. قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ} وقرأ عثمان بن عفان، وعاصم الجحدري، وابن محيصن: «على رفارف» جمع غير مصروف. وقرأ الضحاك، وأبو العالية، وأبو عمران الجوني مثلهم، إلا أنهم صرفوا «رفارف» قال ثعلب: إنما لم يقل: أخضر، لأن الرفرف جمع، واحدته: رفرفة، كقوله: {ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُم مّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلاْخْضَرِ نَاراً} [يس: ٨٠] ولم يقل: الخضر، لأن الشجر جمع، تقول: هذا حصى أبيض، وحصى أسود، قال الشاعر: أحقا عباد اللّه أن لست ماشيا بهرجاب ما دام الأراك به خضرا واختلف المفسرون في المراد بالرفرف على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها فضول المحابس والبسط، رواه العوفي عن ابن عباس. وقال أبو عبيدة: هي: الفرش والبسط. وحكى الفراء، وابن قتيبة: أنها المحابس. وقال النقاش: الرفرف: المحابس الخضر فوق الفرش. والثاني: أنها رياض الجنة، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير. والثالث: أنها الوسائد، قاله الحسن. قوله تعالى: {وَعَبْقَرِىّ حِسَانٍ} فيه قولان: أحدهما: أنها الزرابي، قاله ابن عباس، وعطاء، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، وكذلك قال ابن قتيبة: العبقري: الطنافس الثخان. قال أبو عبيدة: يقال لكل شيء من البسط: عبقري. والثاني: أنه الديباج الغليظ، قاله مجاهد. قال الزجاج: أصل العبقري في اللغة أنه صفة لكل ما بولغ في وصفه، وأصله أن عبقر: بلد كان يوشى فيه البسط وغيرها، فنسب كل شيء جيد إليه، قال زهير: بخيل عليها جنة عبقرية جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا وقرأ عثمان بن عفان، وعاصم الجحدري، وابن محيصن: «وعباقري» بألف مكسورة القاف مفتوحة الياء من غير تنوين؛ قال الزجاج: ولا وجه لهذه القراءة في العربية، لأن الجمع الذي بعد ألفه حرفان، نحو؛ مساجد ومفاتح، لا يجوز أن يكون فيه مثل عباقري، لأن ما جاوز الثلاثة لا يجمع بياء النسب، فلو جمعت «عبقري» كان جمعه «عباقرة»، كما أنك لو جمعت «مهلبي» كان جمعه «مهالبة»، ولم تقل: «مهالبي» قال: فإن قيل: «عبقري» واحد، و«حسان» جمع، فكيف جاز هذا؟ فالأصل أن واحد هذا «عبقرية» والجمع «عبقري» كما تقول:تمرة، وتمر، ولوزة، ولوز، ويكون أيضا «عبقري» اسما للجنس. وقرأ الضحاك، وابو العالية، وأبو عمران: «وعباقري» بألف مع التنوين. قوله تعالى: {تَبَـٰرَكَ ٱسْمُ رَبّكَ} فيه قولان: أحدهما: أن ذكر «الاسم» صلة، والمعنى: تبارك ربك. والثاني: أنه أصل. قال ابن الأنباري: المعنى: تفاعل من البركة، أي: البركة تنال وتكتسب بذكر اسمه. وقد بينا معنى «تبارك» في «الأعراف: ٥٤»، وذكرنا في هذه السورة معنى {ذِى ٱلْجَلَـٰلِ وَٱلإكْرَامِ} {ٱلرَّحْمَـٰنُ} وكان ابن عامر يقرأ: «ذو الجلال» وكذلك هي في مصاحف أهل الشام، والباقون: «ذي الجلال» وكذلك هي في مصاحف أهل الحجاز والعراق، وهم متفقون على الموضع الأول أنه «ذو». |
﴿ ٠ ﴾