ÓõæÑóÉõ ÇáúÍóÏöíÏö ãóÏóäöíøóÉñ æóåöíó ÊöÓúÚñ æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉð سورة الحديد وفيها قولان: أحدهما: أنها مدنية، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد، وقتادة، ومقاتل. والثاني: أنها مكية، قاله ابن السائب. بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٦ ٢ انظر تفسير الآية:٦ ٣ انظر تفسير الآية:٦ ٤ انظر تفسير الآية:٦ ٥ انظر تفسير الآية:٦ ٦ قوله تعالى: {سَبَّحَ للّه مَا فِى * ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ} أما تسبيح ما يعقل، فمعلوم، وتسبيح ما لا يعقل، قد ذكرنا معناه في قوله تعالى: {وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ} [الإسراء: ٤٤]. قوله تعالى: {هُوَ ٱلاْوَّلُ} قال أبو سليمان الخطابي: هو السابق للأشياء {وَٱلاْخِرُ} الباقي بعد فناء الخلق {وَٱلظَّـٰهِرُ} بحججه الباهرة، وبراهينه النيرة، وشواهده الدالة على صحة وحدانيته. ويكون: الظاهر فوق كل شيء بقدرته. وقد يكون الظهور بمعنى العلو، ويكون بمعنى الغلبة. والباطن: هو المحتجب عن أبصار الخلق الذي لا يستولي عليه توهم الكيفية. وقد يكون معنى الظهور والبطون: احتجابه عن أبصار الناظرين، وتجليه لبصائر المتفكرين. ويكون معناه: العالم بما ظهر من الأمور، والمطلع على ما بطن من الغيوب {هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ * ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ} مفسر في {ٱلاْعْرَافِ} إلى قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِى ٱلاْرْضِ} وهو مفسر في {سَبَإٍ} إلى قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ * أَيْنَمَا كُنتُمْ} أي: بعلمه وقدرته. وما بعده ظاهر إلى قوله تعالى: {بِٱللّه وَرَسُولِهِ ثُمَّ} قال المفسرون: هذا الخطاب لكفار قريش {وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} يعني: المال الذي كان بأيدي غيرهم، فأهلكهم اللّه، وأعطى قريشا ذلك المال، فكانوا فيه خلفاء من مضى. ٧ انظر تفسير الآية:١١ ٨ انظر تفسير الآية:١١ ٩ انظر تفسير الآية:١١ ١٠ انظر تفسير الآية:١١ ١١ قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللّه} هذا استفهام إنكار، والمعنى: أي شيء لكم من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا باللّه {وَقَدْ أَخَذَ مِيثَـٰقَكُمْ} قرأ أبو عمرو «أخذ» بالرفع. وقرأ الباقون «أخذ» بفتح الخاء {مِيثَـٰقَكُمْ} بالفتح. والمراد به: حين أخرجتم من ظهر آدم {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} بالحجج والدلائل. قوله تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى يُنَزّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ} يعني: محمدا صلى اللّه عليه وسلم {بَيّنَاتٍ فَٱسْأَلْ} يعني: القرآن {لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ} يعني الشرك {إِلَىٰ} نور الإيمان {وَإِنَّ ٱللّه بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} حين بعث الرسول ونصب الأدلة. ثم حثهم على الإنفاق فقال: {ٱلاْرْضِ} أي: أي شيء لكم في ترك الإنفاق مما يقرب إلى اللّه عز وجل وأنتم ميتون تاركون أموالكم؟ٰ ثم بين فضل من سبق بالإنفاق فقال: {لاَ يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ} وفيه قولان: أحدهما: أنه فتح مكة، قاله ابن عباس، والجمهور. والثاني: أنه فتح الحديبية، قاله الشعبي. والمعنى: لا يستوي من أنفق قبل ذلك {وَقَـٰتَلَ} ومن فعل ذلك بعد الفتح. قال المفسرون: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق. {أُوْلَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً} قال ابن عباس: أعظم منزلة عند اللّه. قال عطاء: درجات الجنة تتفاضل، فالذين أنفقوا من قبل الفتح في أفضلها. قال الزجاج: لأن المتقدمين كانت بصائرهم أنفذ، ونالهم من المشقة أكثر {وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللّه ٱلْحُسْنَىٰ} أي: وكلا الفرقين وعده اللّه الجنة. وقرأ ابن عامر «وكل» بالرفع. قوله تعالى: {مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقْرِضُ ٱللّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} قرأ ابن كثير، وابن عامر «فيضعفه» مشددة بغير ألف، إلا أن ابن كثير يضم الفاء، وابن عامر يفتحها. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي «فيضاعفه» بالألف وضم الفاء، وافقهم عاصم، إلا أنه فتح الفاء. قال أبو علي: يضاعف ويضعف بمعنى واحد، إلا أن الرفع في «يضاعف» هو الوجه، لأنه محمول على «يقرض». أو على الانقطاع من الأول، كأنه قال: فهو يضاعف. ويحمل قول الذي نصب على المعنى، لأنه إذا قال: من ذا الذي يقرض اللّه، معناه: أيقرض اللّه أحد قرضا فيضاعفه. والآية مفسرة في {البقرة: ٢٤٥} والأجر الكريم: الجنة. ١٢ انظر تفسير الآية:١٥ ١٣ انظر تفسير الآية:١٥ ١٤ انظر تفسير الآية:١٥ ١٥ قوله تعالى: {يَسْعَىٰ نُورُهُم} قال المفسرون: يضيء لهم نور عملهم على الصراط على قدر أعمالهم. قال ابن مسعود: منهم من نوره مثل الجبل، وأدناهم نورا نوره على إبهامه يطفىء مرة، ويتقد أخرى. وفي قوله تعالى: {وَبِأَيْمَـٰنِهِم} قولان: أحدهما: أنه كتبهم يعطونها بأيمانهم، قاله الضحاك. والثاني: أنه نورهم يسعى، أي: يمضي بين أيديهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم. والباء بمعنى: «في». و«في» بمعنى «عن» هذا قول الفراء. قوله تعالى: {بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ} هذا قول الملائكة لهم. قوله تعالى: {ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ} وقرأ حمزة: «أنظرونا» بقطع الهمزة، وفتحها، وكسر الظاء. قال المفسرون: يغشى الناس يوم القيامة ظلمة شديدة، فيعطى المؤمنون النور، فيمشي المنافقون في نور المؤمنين، فإذا سبقهم المؤمنون قالوا: انظرونا نقتبس من نوركم {قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَاءكُمْ} في القائل قولان: أحدهما: أنهم المؤمنون، قاله ابن عباس. والثاني: الملائكة، قاله مقاتل. وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال: أحدها: ارجعوا إلى المكان الذي قبستم فيه النور، فيرجعون، فلا يرون شيئا. والثاني: ارجعوا فاعملوا عملا يجعله اللّه لكم نورا. والثالث: أن المعنى: لا نور لكم عندنا {فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ} قال ابن عباس:هو الأعراف، وهو سور بين الجنة والنار {بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ} وهي: الجنة {وَظَـٰهِرُهُ} يعني: من وراء السور {مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ} وهو جهنم. وقد ذهب قوم إلى أن هذا السور يكون ببيت المقدس في مكان السور الشرقي بين الوادي الذي يسمى: وادي جهنم، وبين الباب الذي يسمى: باب الرحمة، وإلى نحو هذا ذهب عبادة بن الصامت، وعبد اللّه بن عمرو، وكعب. قوله تعالى: {يُنَـٰدُونَهُمْ} أي: ينادي المنافقون المؤمنين من وراء السور: {أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ} أي: على دينكم نصلي بصلاتكم، ونغزو معكم؟ٰ فيقول لهم المؤمنون: {بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} قال الزجاج: استعملتموها في الفتنة. وقال غيره: آثمتموها بالنفاق {وَتَرَبَّصْتُمْ} فيه قولان: أحدهما: تربصتم بالتوبة. والثاني: تربصتم بمحمد الموت، وقلتم: يوشك أن يموت فنستريح {وَٱرْتَبْتُمْ} شككتم في الحق {وَغرَّتْكُمُ ٱلاْمَانِىُّ} يعني: ما كانوا يتمنون من نزول الدوائر {بِٱلْمُؤْمِنِينَ حَتَّىٰ جَاء أَمْرُ ٱللّه} وفيه قولان: أحدهما: أنه الموت. والثاني: إلقاؤهم في النار {وَغَرَّكُم بِٱللّه ٱلْغَرُورُ} أي: غركم الشطيان بحكم اللّه وإمهاله {فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ} وقرأ أبو جعفر، وابن عامر، ويعقوب «لا تؤخذ» بالتاء، أي: بدل وعوض عن عذابكم. وهذا خطاب للمنافقين، ولهذا قال تعالى: {وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ}. قوله تعالى: {هِىَ مَوْلَـٰكُمْ} قال أبو عبيدة: أي: أولى بكم. ١٦ انظر تفسير الآية:١٧ ١٧ قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} اختلفوا فيمن نزلت على قولين: أحدهم: أنها نزلت في المؤمنين. قال ابن مسعود: ما كان بين إسلامنا، وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضا. والثاني: أنها نزلت في المنافقين، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قال مقاتل: سأل المنافقون سلمان الفارسي فقالوا: حدثنا عن التوراة، فإن فيها العجائب، فنزلت هذه الآية. وقال الزجاج: نزلت هذه الآية في طائفة من المؤمنين حثوا على الرقة والخشوع. فأما من كان وصفه اللّه عز وجل بالخشوع، والرقة، فطبقة من المؤمنين فوق هؤلاء. فعلى الأول: يكون الإيمان حقيقة. وعلى الثاني: يكون المعنى: «ألم يأن للذين آمنوا» بألسنتهم. قال ابن قتيبة: المعنى: ألم يحن، تقول: أنى الشيء: إذا حان. قوله تعالى: {أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} أي: ترق وتلين لذكر اللّه. المعنى: أنه يجب أن يورثهم الذكر خشوعا {وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقّ} قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي «وما نزل» بفتح النون، والزاي، مع تشديد الزاي. وقرأ نافع، وحفص، والمفضل عن عاصم «نزل» بفتح النون، وتخفيف الزاي. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو العالية، وابن يعمر، ويونس بن حبيب عن أبي عمرو، وأبان عن عاصم «نزل» برفع النون، وكسر الزاي، مع تشديدها. وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء «وما أنزل» بهمزة مفتوحة، وفتح الزاي. وقرأ أبو مجلز، وعمرو بن دينار مثله، إلا أنه بضم الهمزة، وكسر الزاي. و«الحق» القرآن {وَلاَ يَكُونُواْ} قرأ رويس عن يعقوب «لا تكونوا» بالتاء {كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ} يعني: اليهود، والنصارى {فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلاْمَدُ} وهو: الزمان. وقال ابن قتيبة: الأمد: الغاية. والمعنى: أنه بعد عهدهم بالأنبياء والصالحين {فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ} وهم الذين لم يؤمنوا بعيسى ومحمد عليهما السلام {ٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللّه يُحْىِ ٱلاْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} أي:يخرج منها النبات بعد يبسها، فكذلك يقدر على إحياء الأموات {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الاْيَـٰتِ} الدالة على وحدانيته وقدرته {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي: لكي تتأملوا. ١٨ انظر تفسير الآية:١٩ ١٩ قوله تعالى: {إِنَّ ٱلْمُصَّدّقِينَ وَٱلْمُصَّدّقَـٰتِ} قرأ ابن كثير، وعاصم إلا حفصا بتخفيف الصاد فيهما على معنى التصديق وقرأ الباقون، بالتشديد على معنى الصدقة. قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلصّدّيقُونَ وَٱلشُّهَدَاء عِندَ رَبّهِمْ} اختلفوا في نظم الآية على قولين. أحدهما: أن تمام الكلام عند قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلصّدّيقُونَ} ثم ابتدأ فقال تعالى: {وَٱلشُّهَدَاء عِندَ رَبّهِمْ} هذا قول ابن عباس، ومسروق، والفراء في آخرين. والثاني: أنها على نظمها. والواو في «والشهداء» واو النسق. ثم في معناها قولان: أحدهما: أن كل مؤمن صديق شهيد، قاله ابن مسعود، ومجاهد. والثاني: أنها نزلت في قوم مخصوصين، وهم ثمانية نفر سبقوا إلى الإسلام، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحمزة بن عبد المطلب، وطلحة، والزبير، وسعد، وزيد، قاله الضحاك. وفي الشهداء قولان: أحدهما: أنه جمع شاهد. ثم فيهم قولان. أحدهما: أنهم الأنبياء خاصة، قاله ابن عباس. والثاني: أنهم الشاهدون عند ربهم على أنفسهم بالإيمان للّه، قاله مجاهد. والقول الثاني: أنه جمع شهيد، قاله الضحاك، ومقاتل. ٢٠ انظر تفسير الآية:٢١ ٢١ قوله تعالى: {ٱعْلَمُواْ أَنَّمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا} يعني: الحياة في هذه الدار {لَعِبٌ وَلَهْوٌ} أي: غرور ينقضي عن قليل. وذهب بعض المفسرين إلى أن المشار بهذا إلى حال الكافر في دنياه، لأن حياته تنقضي على لهو ولعب وتزين الدنيا، ويفاخر قرناءه وجيرانه، ويكاثرهم بالأموال والأولاد، فيجمع من غير حله، ويتطاول على أولياء اللّه بماله، وخدمه، وولده، فيفنى عمره في هذه الأشياء، ولا يتلفت إلى العمل للآخرة. ثم بين لهذه الحياة شبها، فقال: {كَمَثَلِ غَيْثٍ} يعني: مطرا {أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ} وهم الزراع، وسموا كفارا، لأن الزارع إذا ألقى البذر في الأرض كفره، أي: غطاه {نَبَاتُهُ} أي: ما نبت من ذلك الغيث {ثُمَّ يَهِـيجُ} أي: ييبس {فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً} بعد خضرته وريه {ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً} أي: ينحطم، وينكسر بعد يبسه. وشرح هذا المثل قد تقدم في «يونس» عند قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا} [آية:٢٤] وفي «الكهف» عند قوله تعالى: {وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا} [آية:٤٥]. قوله تعالى: {وَفِى ٱلاْخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ} أي: لأعداء اللّه {وَمَغْفِرَةٌ مّنَ ٱللّه وَرِضْوٰنٌ} لأوليائه وأهل طاعته. وما بعد هذا مذكور في [آل عمران:١٨٥] إلى قوله: {ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللّه} فبين أنه لا يدخل الجنة أحد إلا بفضل اللّه. ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٣ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٤ قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى ٱلاْرْضِ} يعني: قحط المطر، وقلة النبات، ونقص الثمار {وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ} من الأمراض، وفقد الأولاد {إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ} وهو اللوح المحفوظ {مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} أن نخلقها، يعني: الأنفس {إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللّه يَسِيرٌ} أي: إثبات ذلك على كثرته هين على اللّه عز وجل {لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ} أي: تحزنوا على ما {فَاتَكُمْ} من الدنيا {وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَا ءاتَـٰكُمْ} وقرأ أبو عمرو الا اختيار اليزيدي بالقصر على معنى: جاءكم من الدنيا. وقرأ الباقون بالمد على معنى: أعطاكم اللّه منها. وأعلم أنه من علم أن ما قضي لا بد أن يصيبه قل حزنه وفرحه. وقد روى قتيبة بن سعيد قال: دخلت بعض أحياء العرب، فإذا بفضاء من الأرض فيه من الإبل ما لا يحصى عدده كلها قد مات، فسألت عجوزا: لمن كانت هذه الإبل؟ فأشارت إلى شيخ على تل يغزل الصوف فقلت له: يا شيخ ألك كانت هذه الإبل؟ قال: كانت باسمي، قلت: فما أصابها؟ قال: ارتجعها الذي أعطاها، قلت: فهل قلت في ذلك شيئا؟ قال نعم، قلت: لا والذي أنا عبد في عبادته والمرء في الدهر نصب الرزء والحزن ما سرني أن إبلي في مباركها وما جرى في قضا رب الورى يكن وما بعد هذا قد ذكرناه في سورة [النساء:٣٧] والذي قيل في البخل هناك هو الذي قيل ها هنا إلى قوله: {وَمَن يَتَوَلَّ} أي: عن الإيمان {فَإِنَّ ٱللّه هُوَ ٱلْغَنِىُّ} عن عباده {ٱلْحَمِيدِ} إلى أوليائه. وقد سبق معنى الاسمين في [البقرة:٢٦٧] وقرأ نافع وابن عامر: «فإن اللّه الغني الحميد» ليس فيها «هو» وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة، والشام. ٢٥ قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيّنَـٰتِ} أي: بالآيات والحجج {وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ} ببيان الشرائع، والأحكام. وفي «الميزان» قولان: أحدهما: أنه العدل، قاله ابن عباس، وقتادة. والثاني: أنه الذي يوزن به، قاله ابن زيد ومقاتل. فعلى القول الأول: يكون المعنى: وأمرنا بالعدل. وعلى الثاني: ووضعنا الميزان، أي: أمرنا به {لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ} أي: لكي يقوموا بالعدل. قوله تعالى: {وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ} فيه قولان: أحدهما: أن اللّه تعالى أنزل مع آدم السندان، والكلبتين، والمطرقة، قاله ابن عباس. والثاني: أن معنى «أنزلنا»: أنشأنا وخلقنا، كقوله تعالى: {وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلاْنْعَـٰمِ ثَمَـٰنِيَةَ أَزْوٰجٍ} [الزمر:٦]. قوله تعالى: {فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} قال الزجاج: وذلك أنه يمتنع به، ويحارب به {وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ} في أدواتهم: وما ينتفعون به من آنية وغيرها. قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ ٱللّه} هذا معطوف على قوله تعالى: {لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ}، والمعنى: ليتعامل الناس بالعدل وليعلم اللّه {مَن يَنصُرُهُ * وَأَنتُمُ الاْعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلاْيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللّه} في مواضع. وقوله تعالى: {بِٱلْغَيْبِ} أي: ولم ير اللّه، ولا أحكام الآخرة، وإنما يجهد ويثاب من أطاع بالغيب. ٢٦ انظر تفسير الآية:٢٧ ٢٧ قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَـٰبَ} يعني: الكتب {فَمِنْهُمْ} يعني: من الذرية {مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ} فيه قولان: أحدهما: كافرون، قاله ابن عباس. والثاني: عاصون، قاله مقاتل. قوله تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِم} أي: أتبعنا على آثار نوح، وإبراهيم، وذريتهما {بِعَيسَى} وكان آخر أنبياء بني إسرائيل، {وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ} يعني: الحواريين وغيرهم من أتباعه على دينه {رَأْفَةٌ} وقد سبق بيانها [النور:٢] متوادين، كما وصف اللّه تعالى أصحاب نبينا عليه الصلاة والسلام، فقال تعالى: {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [الفتح:٢٩]. قوله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا} ليس هذا معطوفا على ما قبله، وإنما انتصب بفعل مضمر، يدل عليه ما بعده، تقديره: وابتدعوا رهبانية ابتدعوها، أي: جاؤوا بها من قبل أنفسهم، وهي غلوهم في العبادة، وحمل المشاق على أنفسهم في الامتناع عن المطعم والمشرب والملبس والنكاح والتعبد في الجبال {مَا كَتَبْنَـٰهَا عَلَيْهِمْ} أي: ما فرضناها عليهم. وفي قوله تعالى: {إِلاَّ ٱبْتِغَاء رِضْوٰنِ ٱللّه} قولان: أحدهما: أنه يرجع إلى قوله تعالى: «ابتدعوها» وتقديره: ما كتبناها عليهم إلا أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان اللّه، ذكره علي بن عيسى، والرماني عن قتادة، وزيد بن أسلم. والثاني: أنه راجع إلى قوله تعالى: «ما كتبناها» ثم في معنى الكلام قولان: أحدهما: ما كتبناها عليهم بعد دخولهم فيها تطوعا إلا ابتغاء رضوان اللّه. قال الحسن:تطوعوا بابتداعها ثم كتبها اللّه عليهم. وقال الزجاج: لما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع لزمهم إتمامه، كما أن الإنسان إذا جعل على نفسه صوما لم يفترض عليه، لزمه أن يتمه. قال القاضي ابو يعلى: والابتداع قد يكون بالقول، وهو ما ينذره ويوجبه على نفسه، وقد يكون بالفعل بالدخول فيه. وعموم الآية تتضمن الأمرين، فاقتضى ذلك أن كل من ابتدع قربة، قولا، أو فعلا، فعليه رعايتها وإتمامها. والثاني: أن المعنى: ما أمرناهم منها إلا بما يرضي اللّه عز وجل، لا غير ذلك، قاله ابن قتيبة. قوله تعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} في المشار إليم قولان: أحدهما: أنهم الذين ابتدعوا الرهبانية، قاله الجمهور. ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم ما رعوها لتبديل دينهم وتغييرهم له، قاله عطية العوفي. والثاني: لتقصيرهم فيما ألزموه أنفسهم. والثالث: لكفرهم برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما بعث، ذكر القولين الزجاج. والثاني: أنهم الذين ابتعوا مبتدعي الرهبانية في رهبانيتهم، ما رعوها بسلوك طريق أوليهم، روى هذا المعنى سعيد بن جبير عن ابن عباس. قوله تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِم بِرُسُلِنَا} فيهم ثلاثة أقوال. أحدها: الذين آمنوا بمحمد {وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ} وهم الذين لم يؤمنوا به. والثاني: أن الذين آمنوا: المؤمنون بعيسى، والفاسقون: المشركون. والثالث: أن الذين آمنوا: مبتدعو الرهبانية، والفاسقون: متبعوهم على غير القانون الصحيح. ٢٨ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٩ قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللّه وَءامِنُواْ بِرَسُولِهِ} عامة المفسرين على أن هذا الخطاب لليهود والنصارى. والمعنى: ياأيها الذين آمنوا بموسى وعيسى اتقوا اللّه، وآمنوا برسوله محمد صلى اللّه عليه وسلم {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ} أي: نصيبين، وحظين {مّن رَّحْمَتِهِ} قال الزجاج: الكفل: كساء يمنع الراكب أن يسقط، فالمعنى: يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي. وقد بينا «معنى» الكفل في سورة [النساء:٨٥] وفي المراد بالكفلين ها هنا قولان: أحدهما: لإيمانهم بمن تقدم من الأنبياء، والآخر: لإيمانهم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم، قاله ابن عباس. والثاني: أن أحدهما: أجر الدنيا، والثاني: أجر الآخرة، قاله ابن زيد. قوله تعالى: {وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً} فيه أربعة أقوال: أحدها: القرآن، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: نورا تمشون به على الصراط، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: الهدى، قاله مجاهد. والرابع: الإيمان، قاله ابن السائب. قوله تعالى: {لّئَلاَّ يَعْلَمَ} «لا» زائدة. قاله الفراء: والعرب تجعل «لا» صلة في كل كلام دخل في آخره أو أوله جحد، فهذا مما جعل في آخره جحد. والمعنى: ليعلم {أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ} الذين لم يؤمنوا بمحمد {أَلاَّ يَقْدِرُونَ} أي: أنهم لا يقدرون {عَلَىٰ شَىْء مّن فَضْلِ ٱللّه} والمعنى: أنه جعل الأجرين لمن آمن بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ليعلم من لم يؤمن به أنه لا أجر لهم ولا نصيب في فضل اللّه {وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللّه يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} فآتاه المؤمنين. هذا تلخيص قول الجمهور في هاتين الآيتين. وقد ذهب قوم إلى أنه لما نزل في مسلمة أهل الكتاب الذين {ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا} إلى قوله تعالى:{أُوْلَـئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ} [القصص:٥٢،٥٤] افتخروا على المسلمين بزيادة الآجر، فشق ذلك على المسلمين، فنزلت هاتان الآيتان، وهذا المعنى في رواية أبي صالح عن ابن عباس، وبه قال مقاتل. فعلى هذا يكون الخطاب للمسلمين، ويكون المعنى: يؤتكم أجرين ليعلم مؤمنو أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل اللّه الذي خصكم، فإنه فضلكم على جميع الخلائق. وقال قتادة: لما نزل قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللّه وَءامِنُواْ بِرَسُولِهِ} الآية، حسد أهل الكتاب المسلمين عليها، فأنزل اللّه تعالى: {لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ} الآية. |
﴿ ٠ ﴾