ÓõæÑóÉõ ÇáúãõÌóÇÏóáóÉö ãóÏóäöíøóÉñ æóåöíó ÇËúäóÊóÇäö æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉð سورة المجادلة وهي مدنية في قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، والجمهور. وروي عن عطاء أنه قال: العشر الأول منها مدني، والباقي مكي. وعن ابن السائب: أنها مدنية سوى آية، وهي قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ}. بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ ٱللّه قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا} أما سبب نزولها، فروي عن عائشة أنها قالت: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأنا في جانب البيت أسمع كلامها، ويخفى علي بعضه، وهي تشتكي زوجها وتقول: يا رسول اللّه: أبلى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبر سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللّهم إني أشكو إليك، قالت: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآيات. فأما تفسيرها، فقوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ ٱللّه} قال الزجاج: إدغام الدال في السين حسن لقرب المخرجين، لأنهما من حروف طرف اللسان، وإظهار الدال جائز، لأنه وإن قرب من مخرج السين، فله حيز على حدة، ومن موضع الدال الطاء والتاء، فهذه الأحرف الثلاثة موضعها واحد، والسين والزاي والصاد من موضع واحد، وهي تسمى: حروف الصفير. وفي اسم هذه المجادلة ونسبتها أربعة أقوال: أحدها: خولة بنت ثعلبة، رواه مجاهد، عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وقتادة، والقرظي. والثاني: خولة بنت خويلد، رواه عكرمة. عن ابن عباس. والثالث: خولة بنت الصامت، رواه العوفي عن ابن عباس. والرابع: خولة بنت الدليج، قاله أبو العالية. واسم زوجها: أوس بن الصامت، وكانا من الأنصار. قال ابن عباس: كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية: أنت علي كظهر أمي، حرمت عليه، فكان أول من ظاهر في الإسلام أوس، ثم ندم، وقال لامرأته: انطلقي إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فسليه، فأتته، فنزلت هذه الآيات. فأما مجادلتها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإنه كان كلما قال لها: قد حرمت عليه تقول: واللّه ما ذكر طلاقا، فقال: ما أوحي إلي في هذا شيء، فجعلت تشتكي إلى اللّه. وتشتكي بمعنى: تشكو. يقال: اشتكيت ما بي، وشكوته بمعنى شكوى شاك اي اشكيته. وقالت: إن لي صبية صغاراً، إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليَّ جاعوا. فأما التحاور، فهو مراجعة الكلام. قال عنترة في فرسه:لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلمي ٢ انظر تفسير الآية:٤ ٣ انظر تفسير الآية:٤ ٤ قوله [عز وجل]: {ٱلَّذِينَ يُظَـٰهِرُونَ مِنكُمْ مّن نّسَائِهِمْ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو «يظَّهَّرون» بفتح الياء، وتشديد الظاء والهاء وفتحهما من غير ألف. وقرأ أبو جعفر، وابن عامر، وحمزة والكسائي بفتح الياء، وتشديد الظاء، وبألف، وتخفيف الهاء. وقرأ عاصم «يُظاهِرون» بضم الياء، وتخفيف الظاء والهاء، وكسر الهاء في الموضعين مع إثبات الألف. أي: ما أمهاتهم {إِلاَّ ٱللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ} قال الفراء: وانتصاب، «الأمهات» ها هنا بإلقاء الباء، وهي قراءة عبد اللّه «ما هن بأمهاتهم» ومثله: {مَا هَـٰذَا بَشَرًا} [يوسف:٣١]، المعنى: ما هذا ببشر، فلما ألقيت الباء أبقي أثرها، وهو: النصب، وعلى هذا كلام أهل الحجاز. فأما أهل نجد، فإنهم إذا ألقوا الباء رفعوا، وقالوا: «ما هن أمهاتهم» و«ما هذا بشر» أنشدني بعض العرب: ركاب حسيل آخر الصيف بدن وناقة عمرو ما يحل لها رحل ويزعم حسل أنه فرع قومه وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل قوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ} يعني: المظاهرين {لَيَقُولُونَ مُنكَراً مّنَ ٱلْقَوْلِ} لتشبيههم الزوجات بالأمهات والأمهات محرمات على التأبيد، بخلاف الزوجات {وَزُوراً} أي: كذبا {وَإِنَّ ٱللّه لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} إذ شرع الكفارة لذلك. قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ} اللام في «لما» بمعنى «إلى» والمعنى:ثم يعودون إلى تحليل ما حرموا على أنفسهم من وطء. الزوجة بالعزم على الوطء. قال الفراء: معنى الآية: يرجعون عما قالوا، وفي نقض ما قالوا. وقال سعيد بن جبير: المعنى: يريدون أن يعودوا إلى الجماع الذي قد حرموه على أنفسهم. وقال الحسن، وطاووس، والزهري: العود: هو الوطء. وهذا يرجع إلى ما قلناه. وقال الشافعي: هو أن يمسكها بعد الظهار مدة يمكنه طلاقها فيه فلا يطلقها. فإذا وجد هذا، استقرت عليه الكفارة، لأنه قصد بالظهار تحريمها، فإن وصل ذلك بالطلاق فقد جرى على ما ابتدأه، وان سكت عن الطلاق، فقد ندم على ما ابتدأ به، فهو عود إلى ما كان عليه، فحينئذ تجب الكفارة. وقال داود: هو إعادة اللفظ ثانيا، لأن ظاهر قوله تعالى: {يَعُودُونَ} يدل على تكرير اللفظ. قال الزجاج: وهذا قول من لا يدري اللغة. وقال أبو علي الفارسي: ليس في هذا كما ادعوا، لأن العود قد يكون إلى شيء لم يكن الإنسان عليه قبل، وسميت الآخرة معادا، ولم يكن فيها أحد ثم عاد إليها. قال الهذلي: وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل سوى الحق شيئا واستراح العواذل وقد شرحنا هذا في قوله تعالى: {وَإِلَى ٱللّه تُرْجَعُ ٱلامُورُ} [البقرة:٢١٠] قال ابن قتيبة: من توهم أن الظهار لا يقع حتى يلفظ به ثانية، فليس بشيء، لأن الناس قد أجمعوا أن الظهار يقع بلفظ واحد. وإنما تأويل الآية: أن أهل الجاهلية كانوا يطلقوا بالظهار، فجعل اللّه حكم الظهار في الإسلام خلاف حكمه عندهم في الجاهلية وأنزل قوله تعالى: «والذين يظاهرون من نسائهم» يريد في الجاهلية «ثم يعودون لما قالوا» في الإسلام، أي: يعودون لما كانوا يقولونه من هذا الكلام، {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} قال المفسرون: المعنى: فعليهم، أو فكفارتهم تحرير رقبة، أي: عتقها. وهل يشترط أن تكون مؤمنة؟ فيه عن أحمد روايتان. قوله تعالى: {مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} وهو: كناية عن الجماع على أن العلماء قد اختلفوا: هل يباح للمظاهر الاستمتاع باللمس والقبلة؟ وعن أحمد روايتان. وقال أبو الحسن الأخفش: تقدير الآية «والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة لما قالوا ثم يعودون إلى نسائهم». فصل إذا وطىء المظاهر قبل أن يكفر أثم، واستقرت الكفارة، وقال أبو حنيفة: يسقط الظهار والكفارة. واختلف العلماء فيما يجب عليه إذا فعل ذلك، فقال الحسن، وسعيد بن المسيب، وطاووس، ومجاهد، وإبراهيم، وابن سيرين، عليه كفارة واحدة. وقال الزهري، وقتادة، في آخرين: عليه كفارتان، فإن قال أنت علي كظهر أمي اليوم، بطل الظهار بمضي اليوم هذا قول أصحابنا، وأبي حنيفة، والثوري، والشافعي، وقال ابن أبي ليلى، ومالك، والحسن بن صالح: هو مظاهر أبدا. واختلفوا في الظهار من الأمة، فقال ابن عباس: ليس من أمة ظهار، وبه قال سعيد بن المسيب، والشعبي، والنخعي، وأبو حنيفة، والشافعي. وقال سعيد بن جبير، وطاووس، وعطاء، والأوزاعي، والثوري، ومالك: هو ظهار ونقل أبو طالب عن أحمد أنه قال: لا يكون مظاهرا من أمته، ولكن تلزمه كفارة الظهار، كما قال في المرأة إذا ظاهرت من زوجها لم تكن مظاهرة، وتلزمها كفارة الظهار. واختلفوا فيمن ظاهر مرارا، فقال أبو حنيفة، و الشافعي: إن كان في مجالس، فكفارات وإن كان في مجلس واحد، فكفارة. قال القاضي أبو يعلى: وعلى قول أصحابنا: يلزمه كفارة واحدة، سواء كان في مجلس، أو في مجالس، ما لم يكفر، وهذا قول مالك. قوله تعالى: {ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ} قال الزجاج: ذلكم التغليظ توعظون به. والمعنى: أن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار. قوله تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ} يعني: الرقبة {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} أي: فعليه صيام شهرين {مُتَتَابِعَيْنِ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ} الصيام {ف} كفارته {إِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ} أي: الفرض ذلك الذي وصفنا {لّتُؤْمِنُواْ بِٱللّه وَرَسُولِهِ} أي: تصدقوا بأن اللّه أمر بذلك، وتصدقوا بما أتى به الرسول {وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللّه} يعني: ما وصفه اللّه من الكفارات في الظهار {وَلِلكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قال ابن عباس: لمن جحد هذا وكذب به. ٥ انظر تفسير الآية:٧ ٦ انظر تفسير الآية:٧ ٧ قوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَادُّونَ ٱللّه وَرَسُولَهُ} قد ذكرنا معنى المحادة في {ٱلتَّوْبَةُ} ومعنى «كُبتوا» في {ءالَ عِمْرَانَ} عند قوله تعالى {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} {ءايَةً} وقال ابن عباس: أخزوا يوم الخندق بالهزيمة كما أخزي الذين من قبلهم ممن قاتل الرسل. قوله تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللّه جَمِيعاً} أي: من قبورهم {فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ} من معاصيه، وتضييع فرائضه {أَحْصَـٰهُ ٱللّه} أي: حفظه اللّه عليهم {وَنَسُوهُ وَٱللّه عَلَىٰ كُلّ شَىْء} من أعمالهم في السر والعلانية {شَهِيدٌ} ألم تر أي: ألم تعلم. قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ} وقرأ أبو جعفر «ما تكون» بالتاء، قال ابن قتيبة: النجوى السرار. وقال الزجاج: ما يكون من خلوة ثلاثة يسرون شيئا ويتناجون به إلا هو رابعهم أي عالم به «ونجوى» مشتق من النجوة، وهو ما ارتفع. وقرأ يعقوب «ولا أكثرُ» بالرفع. وقال الضحاك «إلا هو معهم» ٨ انظر تفسير الآية:١٠ ٩ انظر تفسير الآية:١٠ ١٠ قوله تعالى: {الم * تَرَى * إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ} في سبب نزولها قولان: أحدهما: نزلت في اليهود والمنافقين، وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين، وينظرون إلى المؤمنين، ويتغامزون بأعينهم، فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا ما نراهم إلا قد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا، قتل أو موت، أو مصيبة، فيقع ذلك في قلبوهم، ويحزنهم، فلا يزالون كذلك حتى تقدم أصحابهم. فلما طال ذلك وكثر، شكا المؤمنون إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأمرهم، أن لا يتناجوا دون المسلمين، فلم ينتهوا عن ذلك، فنزلت هذه الآية قاله ابن عباس. والثاني: نزلت في اليهود، قاله مجاهد. قال مقاتل: وكان بين اليهود وبين رسول اللّه موادعة فإذا رأوا رجلا من المسلمين وحده تناجوا بينهم، فيظن المسلم أنهم يتناجون بقتله، أو بما يكره، فيترك الطريق من المخافة، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنهاهم عن النجوى، فلم ينتهوا، وعادوا إليها فنزلت هذه الآية. وقال ابن السائب: نزلت في المنافقين. والنجوى: بمعنى: المناجاة {ثُمَّ يَعُودُونَ} إلى المناجاة التي نهوا عنها {وَيَتَنَـٰجَوْنَ} قرأ حمزة، ويعقوب، إلا زيدا، وروحا «ويتنجَّون» وقرأ الباقون «ويتناجون» بألف. وفي معنى تناجيهم {بِٱلإِثْمِ وَالْعُدْوٰنِ} وجهان: أحدهما: يتناجون بما يسوء المسلمين، فذلك الإثم والعدوان ويوصي بعضهم بعضا بمعصية الرسول. والثاني: يتناجون بعد نهي الرسول، ذلك هو الإثم والعدوان ومعصية الرسول. قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ ٱللّه} اختلفوا فيمن نزلت على قولين. أحدهما: نزلت في اليهود. قالت عائشة رضي اللّه عنها: جاء ناس من اليهود إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، فقلت: السام عليكم، وفعل اللّه بكم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: مه يا عائشة، فإن اللّه لا يحب الفحش، ولا التفحش، فقلت: يا رسول اللّه: ترى ما يقولون؟ فقال: ألست تريني أرد عليهم، ما يقولون وأقول: وعليكم، قالت: فنزلت هذه الآية في ذلك. قال الزجاج: والسام: الموت. والثاني: أنها نزلت في المنافقين، رواه عطية عن ابن عباس. قال المفسرون: ومعنى «حيوك» سلموا عليك بغير سلام اللّه عليك، وكانوا يقولون: سام عليك. فإذا خرجوا يقولون في أنفسهم، أو يقول بعضهم لبعض، لو كان نبيا عذبنا بقولنا له ما نقول. قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ} فيها قولان. أحدهما: نزلت في المنافقين، فالمعنى ياأيها الذين آمنوا بزعمهم، وهذا قول عطاء ومقاتل. والثاني: أنها في المؤمنين، والمعنى: أنه نهاهم عن فعل المنافقين واليهود، وهذا مذهب جماعة، منهم الزجاج. قوله تعالى: {تَتَنَـٰجَوْاْ} هكذا قرأ الجماعة بألف. وقرأ يعقوب وحده «فلا تتنجوا» فأما البر فقال مقاتل: هو الطاعة «والتقوى» ترك المعصية. وقال أبو سليمان الدمشقي: «البر» الصدق و«التقوى» ترك الكذب. ثم ذكر أن ما يفعله اليهود والمنافقون، من الشطيان، فقال تعالى {إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ} أي: من تزيينه، والمعنى: إنما يزين لهم ذلك {لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} وقد بينا اتقاء ما كان يحزن المؤمنين من هذه النجوى {وَلَيْسَ بِضَارّهِمْ شَيْئاً} أي: وليس الشيطان بضار المؤمنين شيئا {إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللّه} أي: بإرادته {وَعَلَى ٱللّه فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ} أي: فليكلوا أمورهم إليه. ١١ قوله تعالى: {إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس} وقرأ عاصم في «المجالس» على الجمع، وذلك لأن كل جالس له مجلس، فالمعنى ليفسح كل رجل منكم في مجلسه. قال المفسرون: نزلت في نفر من المؤمنين كانوا يسابقون إلى مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإذا أقبل المهاجرون وأهل السابقة، لم يجدوا موضعا، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحب أن يليه أولو الفضل ليحفظوا عنه، فبينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم جمعة جالس في صفة ضيقة في المسجد، جاء نفر من أهل بدر فيهم ثابت بن قيس ابن شماس، فسلموا وانتظروا أن يوسعوا لهم، فأوسعوا لبعضهم، وبقي بعضهم، فشق ذلك على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال قم يا فلان، قم يا فلان، حتى أقام من المجلس على عدة من هو قائم من أهل السابقة، فرأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في وجوه من أقامهم الكراهة، وتكلم المنافقون في ذلك، وقالوا: واللّه ما عدل، فنزلت هذه الآية. وقال قتادة: كانوا يتنافسون في مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإذا أقبل مقبل ضنوا بمجلسهم، فأمرهم اللّه أن يفسح بعضهم لبعض. قال المفسرون: ومعنى «تفسحوا» توسعوا وذلك أنهم كانوا يجلسون متضايقين حول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلا يجد غيرهم مجلسا عنده؛ فأمرهم أن يوسعوا لغيرهم ليتساوي الناس في الحظ منه، ويظهر فضلة المقربين إليه من أهل بدر وغيرهم. وفي المراد «بالمجلس» ها هنا ثلاثة أقوال: أحدها: أنه مجلس الحرب، ومقاعد القتال، كان الرجل يأتي القوم في الصف، فيقول لهم: توسعوا، فيأبون عليه لحرصهم على القتال، وهذا قول ابن عباس والحسن وأبي العالية، والقرظي. والثاني: أنه مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قاله مجاهد. وقال قتادة: كان هذا للنبي صلى اللّه عليه وسلم ومن حوله خاصة. والثالث: مجالس الذكر كلها، روي عن قتادة أيضا. وقرأ علي ابن أبي طالب، وأبو رزين، وأبو عبد الرحمن، ومجاهد، والحسن، وعكرمة، وقتادة، وابن أبي عبلة،والأعمش: «تفسحوا في المجالس» بألف على الجمع. قوله تعالى: {يَفْسَحِ ٱللّه لَكُمْ} أي: يوسع اللّه لكم الجنة، والمجالس فيها {وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ} قرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم «انشزوا فانشزوا» برفع الشين. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: بكسر الشين فيهما. ومعنى «انشزوا» قوموا قال الفراء: وهما لغتنان. وفي المراد بهذا القيام خمسة أقوال: أحدها: أنه القيام إلى الصلاة، وكان رجال يتثاقلون عنها، فقيل لهم: إذا نودي للصلاة فانهضوا، هذا قول عكرمة والضحاك. والثاني: أنه القيام إلى قتال العدو، قاله الحسن. والثالث: أنه القيام إلى كل خير من قتال أو أمر بمعروف ونحو ذلك، قاله مجاهد. والرابع: أنه الخروج من بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وذلك أنهم كانوا إذا جلسوا في بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أطالوا ليكون كل واحد منهم آخرهم عهدا به، فأمروا أن ينشزوا إذا قيل لهم انشزوا، قاله ابن زيد. والخامس: أن المعنى قوموا وتحركوا وتوسعوا لإخوانكم، قاله الثعلبي. قوله تعالى: {يَرْفَعِ ٱللّه ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ} أي: يرفعهم بإيمانهم على من ليس بمنزلتهم من الإيمان {و} يرفع {وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ} على من ليس بعالم. وهل هذا الرفع في الدنيا، أم في الآخرة؟ فيه وجهان. أحدهما: أنه إخبار عن ارتفاع درجاتهم في الجنة. والثاني: أنه ارتفاع مجالسهم في الدنيا، فيكون ترتيبهم فيها بحسب فضائلهم في الدين والعلم. وكان ابن مسعود يقول: أيها الناس: افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم، فإن اللّه يرفع المؤمن العالم فوق من لا يعلم درجات. ١٢ انظر تفسير الآية:١٣ ١٣ قوله تعالى: {إِذَا نَـٰجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ} في سبب نزولها قولان: أحدهما: أن الناس سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى شقوا عليه، فأراد اللّه أن يخفف عن نبيه، فأنزل هذه الآية قاله ابن عباس. والثاني: أنها نزلت في الأغنياء، وذلك أنهم كانوا يكثرون مناجاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ويغلبون الفقراء على المجالس، حتى كره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذلك، فنزلت هذه الآية، فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئا، وأما أهل الميسرة فبخلوا، واشتد ذلك على أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنزلت الرخصة قاله مقاتل بن حيان، وإلى نحوه ذهب مقاتل بن سليمان، إلا أنه قال: فقدر الفقراء حينئذ على مناجاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ولم يقدم أحد من أهل الميسرة صدقة غير علي بن أبي طالب. وروى مجاهد عن علي رضي اللّه عنه قال: آية في كتاب اللّه لم يعمل بها أحد قبلي، ولن يعمل بها أحد بعدي، آية النجوى. كان لي دينار، فبعته بعشرة دراهم، فكلما أردت أن أناجي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قدمت درهما، فنسختها الآية الأخرى {أَن تُقَدّمُواْ بَيْنَ} الآية. قوله تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ} أي: تقديم الصدقة على المناجاة خير لكم، لما فيه من طاعة اللّه، وأطهر لذنوبكم {فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ} يعني: الفقراء {فَإِنَّ ٱللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ} إذ عفا عمن لا يجد. قوله تعالى: {أَءشْفَقْتُمْ} أي: خفتم بالصدقة الفاقة {وَتَابَ ٱللّه عَلَيْكُمْ} أي: فتجاوز عنكم، وخفف بنسخ إيجاب الصدقة. قال مقاتل بن حيان إنما كان ذلك عشر ليال. قال قتادة: ما كان إلا ساعة من نهار. ١٤ انظر تفسير الآية:١٩ ١٥ انظر تفسير الآية:١٩ ١٦ انظر تفسير الآية:١٩ ١٧ انظر تفسير الآية:١٩ ١٨ انظر تفسير الآية:١٩ ١٩ قوله تعالى: {الم * تَرَى * إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللّه عَلَيْهِم} نزلت في المنافين الذين تولوا اليهود، ونقولوا إليهم أسرار المؤمنين. وقال السدي، ومقاتل: نزلت في عبد اللّه بن نبتل المنافق، وذلك أنه كان يجالس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويرفع حديثه إلى اليهود، فدخل عليه يوما، وكان أزرق، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فحلف باللّه ما فعل، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم: «فعلت» فانطلق فجاء بأصحابه، فحلفوا باللّه ما سبوه، فأنزل اللّه هذه الآيات. وروى الحاكم أبو عبد اللّه في «صحيحه» من حديث ابن عباس، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان في ظل حجرة من حجره، وعنده نفر من المسلمين، فقال: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا أتاكم فلا تكلموه فجاء رجل أزرق، فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: علام تشتمني أنت وفلان وفلان؟ فانطلق الرجل فدعاهم، فحلفوا باللّه واعتذروا إليه، فأنزل اللّه تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللّه جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ} الآية. فأما التفسير، الذين تولوا: هم المنافقون، والمغضوب عليهم: هم اليهود {مَّا هُم مّنكُمْ} يعني: المنافين ليسوا من المسلمين، ولا من اليهود {وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ} وهو ما ذكرنا في سبب نزولها وقال بعضهم حلفوا أنهم ما سبوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا تولوا اليهود {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم كذبة {ٱتَّخَذْواْ أَيْمَـٰنَهُمْ جُنَّةً} أي:سترة يتقون بها القتل. قال ابن قتيبة: المعنى: استتروا بالحلف فكلما ظهر لهم شيء يوجب معاقبتهم حلفوا كاذبين، {فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللّه} فيه قولان: أحدهما: صدوا الناس عن دين الإسلام قاله السدي. والثاني: صدوا عن جهادهم بالقتل وأخذ مالهم. قوله تعالى: {فَيَحْلِفُونَ لَهُ} قال مقاتل، وقتادة: يحلفون للّه في الآخرة أنهم كانوا مؤمنين، كما حلفوا لأوليائه في الدنيا {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَىْء} من أيمانهم الكاذبة {أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ} في قولهم وأيمانهم. قوله تعالى: {ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ} قال أبو عبيدة: غلب عليهم، وحاذهم، وقد بينا هذا في سورة {ٱلنّسَاء} عند قوله تعالى: {نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} [آية:١٤١] وما بعد هذا ظاهرا إلى قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ فِى ٱلاْذَلّينَ} أي: في المغلوبين، فلهم في الدنيا ذل، وفي الآخرة خزي. ٢٠ انظر تفسير الآية:٢٢ ٢١ انظر تفسير الآية:٢٢ ٢٢ قوله تعالى: {كِتَـٰبِ ٱللّه} أي: قضى اللّه {لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى} وفتح الياء نافع، وابن عامر. قال المفسرون: من بعث من الرسل بالحرب، فعاقبة الأمر له، ومن لم يبعث بالحرب، فهو غالب بالحجة {إِنَّ ٱللّه قَوِىٌّ عَزِيزٌ} أي: مانع حزبه من أن يذل. قوله تعالى: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً} الآية. اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال: أحدها: نزلت في أبي عبيدة بن الجراح، قتل أباه يوم أحد، وفي أبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز، فقال: يا رسول اللّه دعني أكون في الرعلة الأولى فقال: متعنا بنفسك يا أبا بكر، وفي مصعب بن عمير، قتل أخاه عبيد بن حمنة يوم أحد، وفي عمرو قتل خاله العاص بن هشام يوم بدر، وفي علي وحمزة قتلا عتبة وشيبة يوم بدر، قاله ابن مسعود. والثاني: أنها نزلت في أبي بكر الصديق، وذلك أن أبا قحافة سب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فصكه أبو بكر الصديق صكة شديدة سقط منها ثم ذكر ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «أو فعلته» قال: نعم. قال: فلا تعد إليه، فقال أبو بكر: واللّه لو كان السيف قريبا مني لقتلته، فنزلت هذه الآية، قاله ابن جريج. والثالث: نزلت في عبد اللّه بن عبد اللّه بن أبي، وذلك أنه كان جالسا إلى جنب رسول اللّه، فشرب رسول اللّه ماء، فقال عبد اللّه: يا رسول اللّه أبق فضلة من شرابك، قال: وما تصنع بها؟ قال: أسقيها أبي، لعل اللّه سبحانه يطهر قلبه، ففعل فأتى بها أباه، فقال: ما هذا؟ قال: فضلة من شراب رسول اللّه جئتك بها لتشربها،لعل اللّه يطهر قلبك، فقال: لهلا جئتني ببول أمكٰ فرجع لى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه ائذن لي في قتل أبي، قال: فقال: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ارفق به، وأحسن إليه، فنزلت هذه الآية قاله السدي. والرابع: أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة يخبرهم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد عزم على قصدهم، قاله مقاتل واختاره الفراء والزجاج. وهذه الآية قد بينت أن مودة الكفار تقدح في صحة الإيمان، وأن من كان مؤمنا لم يوال كافرا وإن كان أباه أو ابنه أو أحدا من عشيرته. قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ} الذين، يعني: الذين لا يوادون من حاد اللّه ورسوله {كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلإيمَـٰنَ} وقرأ المفضل عن عاصم «كتب» برفع الكاف والنون من «الإيمان». وفي معنى «كتب» خمسة أقوال. أحدها: أثبت في قلوبهم الإيمان، قاله الربيع بن أنس. والثاني: جعل، قاله مقاتل. والثالث: كتب في اللوح المحفوظ أن في قلوبهم الإيمان حكاه الماوردي. والرابع: حكم لهم بالإيمان. وإنما ذكر القلوب، لأنها موضع الإيمان ذكره الثعلبي. والخامس: جمع في قلوبهم الإيمان حتى استكملوه، قاله الواحدي. قوله تعالى: {وَأَيَّدَهُمْ} أي: قواهم {بِرُوحٍ مّنْهُ} وفي المراد «بالروح» ها هنا خمسة أقوال: أحدها: أنه النصر، قاله ابن عباس، والحسن. فعلى هذا سمي النصر روحا، لأن أمرهم يحيا به. والثاني: الإيمان، قاله السدي. والثالث: القرآن، قاله الربيع. والرابع: الرحمة، قاله مقاتل. والخامس: جبريل عليه السلام أيدهم به يوم بدر ذكره الماوردي فأما {حِزْبُ ٱللّه} فقال الزجاج هم الداخلون في الجمع الذين اصطفاهم وارتضاهم، و«ألا» كلمة تنبيه وتوكيد للقصة. |
﴿ ٠ ﴾