سُورَةُ الصَّفِّ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعَ عَشَرَةَ آيَةً سورة الصف ويقال لها: سورة الحواريين وفيها قولان: أحدهما: مدنية قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والجمهور. والثاني: مكية قاله ابن يسار. بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٤ ٢ انظر تفسير الآية:٤ ٣ انظر تفسير الآية:٤ ٤ قوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ} في سبب نزولها خمسة أقوال: أحدها: ما روى أبو سلمة عن عبد اللّه بن سلام، قال: قعدنا نفرا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى اللّه عز وجل عملناه، فأنزل اللّه {سَبَّحَ للّه مَا فِى * ٱلسَّمَـٰوَاتِ} إلى آخر السورة. والثاني: أن الرجل كان يجيء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فيقول: فعلت كذا وكذا، وما فعل فنزلت لم تقولون ما لا تفعلون رواه عكرمة عن ابن عباس، وكذلك قال الضحاك كان الرجل يقول: قاتلت. ولم يقاتل، وطعنت، ولم يطعن، وصبرت، ولم يصبر، فنزلت هذه الآية. والثالث: أن ناسا من المسلمين كانوا يقولون قبل أن يفرض الجهاد: لوددنا أن اللّه تعالى دلنا على أحب الأعمال إليه، فلما نزل الجهاد، كرهه ناس من المؤمنين فنزلت هذه الآية رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع: أن صهيبا قتل رجلا يوم بدر، فجاء رجل فادعى أنه قتله وأخذ سلبه، فقال صهيب: أنا قتلته يا رسول اللّه فأمره أن يدفع سلبه إلى صهيب، ونزلت هذه الآية، رواه سعيد بن المسيب عن صهيب. والخامس: أن المنافقين كانوا يقولون للنبي وأصحابه: لو قد خرجتم خرجنا معكم، ونصرناكم فلما خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم نكصوا عنه، فنزلت هذه الآية قاله ابن زيد. قول تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللّه} قال الزجاج: «مقتا» منصوب على التمييز، والمعنى: كبر قولكم ما لا تفعلون مقتا عند اللّه. ثم أعلم عز وجل ما الذي يحبه، فقال تعالى: {إِنَّ ٱللّه يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَـٰنٌ مَّرْصُوصٌ} أي: بنيان لاصق بعضه ببعض، فأعلم أنه يحب من يثبت في الجهاد، ويلزم مكانه كثبوت البنيان المرصوص. ويجوز أن يكون عنى أن يستوي ثباتهم في حرب عدوهم حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص وللمفسرين في المراد ب «المرصوص» قولان. أحدهما: أنه الملتصق بعضه ببعض، فلا يرى فيه خلل لإحكامه، قاله الأكثرون. والثاني: أنه المبني بالرصاص، وإلى نحو هذا ذهب الفراء، وكان أبو بحرية يقول كانوا يكرهون القتال على الخيل، ويستحبون القتال على الأرض لهذه الآية اسم أبي بحرية: عبد اللّه بن قيس التراغمي يروي عن معاذ، وكأنه أشار بذلك إلى أن الفرسان لا يصطفون في الغالب إنما يصطف الرجالة. ٥ انظر تفسير الآية:٩ ٦ انظر تفسير الآية:٩ ٧ انظر تفسير الآية:٩ ٨ انظر تفسير الآية:٩ ٩ قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ} المعنى: اذكر لمن يؤذيك من المنافقين ما صنعت بالذين آذوا موسى. وقد ذكرنا ما آذوا به موسى في [الأحزاب:٦٩]. قوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُواْ} أي: مالوا عن الحق {أَزَاغَ ٱللّه قُلُوبَهُمْ} أي: أمالها عن الحق جزاء لما ارتكبوه، وما بعد هذا ظاهر إلى قول تعالى {يَأْتِى مِن بَعْدِى} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم «من بعدي اسمه» بفتح الياء. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم «من بعدي اسمه» بإسكان الياء {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللّه ٱلْكَذِبَ} وفيهم قولان: أحدهما: أنهم اليهود، قاله مقاتل. والثاني: النصارى حين قالوا: عيسى ابن اللّه، قاله أبو سليمان الدمشقي. وقرأ ابن مسعود. وعاصم الجحدري، وطلحة بن مصرف «يدعي إلى الإسلام» بفتح الياء، والدال، وتشديدها، وبكسر العين، وما بعد هذا في [براءة:٣٢] إلى قوله تعالى: {مُتِمُّ نُورِهِ} قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم وخلف «متم نوره» مضاف. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر وأبو بكر عن عاصم مُتِمُّ» رفع منون. ١٠ انظر تفسير الآية:١٤ ١١ انظر تفسير الآية:١٤ ١٢ انظر تفسير الآية:١٤ ١٣ انظر تفسير الآية:١٤ ١٤ قوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍ} قال المفسرون: نزلت: هذه الآية حين قالوا: لو علمنا أي الأعمال أحب إلى اللّه لعملنا به أبدا، فدلهم اللّه على ذلك، وجعله بمنزلة التجارة لمكان ربحهم فيه. قوله تعالى: {تُنجِيكُم} قرأ ابن عامر «تنجيِّكم» بالتشديد وقرأ الباقون بالتخفيف. ثم بين التجارة، فقال تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِٱللّه} إلى قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ} قال الزجاج: وقوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ} جواب قوله: {وَتُجَـٰهِدُونَ}، لأن معناه معنى الأمر. والمعنى: آمنوا باللّه وجاهدوا، يغفر لكم أي إن فعلتم ذلك يغفر لكم وقد غلط بعض النحويين، فقال: هذا جواب «هل» وهذا غلط بين، لأنه ليس إذا دلهم على ما ينفعهم غفر لهم، إنما يغفر لهم إذا عملوا بذلك. ومن قرأ «يغفر لهم» بإدغام الراء في اللام، فغير جائز عند سيبويه، والخليل، لأنه لا تدغم الراء في اللام في قولهم. وقد رويت عن ابي عمرو بن العلاء، وهو إمام عظيم، ولا أحسبه قرأها إلا وقد سمعها من العرب. وقد زعم سيبويه، والخليل وجميع البصريين، ما خلا أبا عمرو، أن اللام تدغم في الراء، وأن الراء لا تدغم في اللام، وحجتهم أن الراء حرف مكرر قوي، فإذا أدغمت في اللام ذهب التكرير منها، وما بعد هذا قد سبق إلى قوله تعالى:{وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا} قال الفراء: والمعنى: ولكم في العاجل مع ثواب الآخرة أخرى تحبونها، ثم فسرها فقال تعالى: {نَصْرٌ مّن ٱللّه وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} وفيه قولان: أحدهما: أنه فتح مكة، قاله ابن عباس. والثاني: فتح فارس والروم، قاله عطاء. قوله تعالى: {وَبَشّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ} أي: بالنصر في الدنيا، والجنة في الآخرة، ثم حضهم على نصر دينه بقوله تعالى {كُونُواْ أَنصَـٰرَ ٱللّه} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، «كونوا أنصارا للّه» منونة وقرأ عاصم وابن عامر، وحمزة، والكسائي، «أنصار اللّه» ومعنى الآية: دوموا على ما أنتم عليه، وانصروا دين اللّه، مثل نصرة الحواريين لما قال لهم عيسى: {مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللّه} وحرك نافع ياء «من أنصاري إلى اللّه» وقد سبق تفسير هذا الكلام [آل عمران:٥٢] {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ} من بني إسرائيل بعيسى {وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ} فأيدنا {ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} بعيسى {عَلَىٰ عَدُوّهِمْ} وهم مخالفو عيسى، كذلك قال ابن عباس، ومجاهد، والجمهور، وقال مقاتل: تم الكلام عند قوله تعالى: {وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ} {فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} بمحمد {عَلَىٰ عَدُوّهِمْ} فأصبحوا ظاهرين، بمحمد على الأديان، وقال إبراهيم النخعي: أصبح من آمن بعيسى ظاهرين بتصديق محمد صلى اللّه عليه وسلم، أن عيسى كلمة اللّه وروحه بتعليم الحجة قال ابن قتيبة: {فَأَصْبَحُواْ ظَـٰهِرِينَ} أي: غالبين عليهم بمحمد، من قولك ظهرت على فلان إذا علوته، وظهرت على السطح إذا صرت فوقه. |
﴿ ٠ ﴾