٣ قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي: قاربن انقضاء العدة {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وهذا مبين في {البقرة: ٢٣١} {وَأَشْهِدُواْ ذَوِى عَدْلٍ مّنْكُمْ} قال المفسرون: أشهدوا على الطلاق، أو المراجعة. واختلف العلماء: هل الإشهاد على المراجعة واجب، أم مستحب؟ وفيه عن أحمد روايتان، وعن الشافعي قولان ثم قال للشهداء: {وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَـٰدَةَ للّه} أي: اشهدوا بالحق، وأدوها على الصحة، طلبا لمرضاة اللّه، وقياما بوصيته. وما بعده قد سبق بيانه [البقرة: ٢٣٢] إلى قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ ٱللّه يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} فذكر أكثر المفسرين أنها نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، أسر العدو ابنا له، فذكر ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم، وشكا إليه الفاقة، فقال: اتق اللّه، واصبر، وأكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا باللّه، ففعل الرجل ذلك، فغفل العدو عن ابنه، فساق غنمهم، وجاء بها إلى أبيه، وهي أربعة آلاف شاة، فنزلت هذه الآية. وفي معناها للمفسرين خمسة أقوال: أحدها: ومن يتق اللّه ينجه من كل كرب في الدنيا والآخرة، قاله ابن عباس. والثاني: بأن مخرجه: علمه بأن ما أصابه من عطاء أو منع، من قبل اللّه، وهو معنى قول ابن مسعود. والثالث: ومن يتق اللّه، فيطلق للسنة، ويراجع للسنة، يجعل له مخرجا، قاله السدي. والرابع: ومن يتق اللّه بالصبر عند المصيبة، يجعل له مخرجا من النار إلى الجنة، قاله ابن السائب. والخامس: يجعل له مخرجا من الحرام إلى الحلال، قاله الزجاج. والصحيح أن هذا عام، فإن اللّه تعالى يجعل للتقي مخرجا من كل ما يضيق عليه. ومن لا يتقي، يقع في كل شدة. قال الربيع بن خثيم: يجعل له مخرجا من كل ما يضيق على الناس {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} أي:من حيث لا يأمل، ولا يرجو. قال الزجاج: ويجوز أن يكون: إذا اتقى اللّه في طلاقه، وجرى في ذلك على السنة، رزقه اللّه أهلا بدل أهله {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللّه فَهُوَ حَسْبُهُ} أي: من وثق به فيما نابه، كفاه اللّه ما أهمه {إِنَّ ٱللّه بَـٰلِغُ أَمْرِهِ} وروى حفص، والمفضل عن عاصم «بالغ أمره» مضاف. والمعنى: يقضي ما يريد {قَدْ جَعَلَ ٱللّه لِكُلّ شَىْء قَدْراً} أي: أجلا ومنتهى ينتهي إليه، قدر اللّه ذلك كله، فلا يقدم ولا يؤخر. قال مقاتل: قد جعل اللّه لكل شيء من الشدة والرخاء قدرا، فقدر متى يكون هذا الغني فقيرا، وهذا الفقير غنيا. |
﴿ ٣ ﴾