٥ قوله تعالى: {وَٱللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ} في سبب نزولها قولان: أحدهما: أنها لما نزلت عدة المطلقة، والمتوفى عنها زوجها في {البقرة ٢٢٧: ٢٣٢} قال أبي بن كعب: يا رسول اللّه إن نساء من أهل المدينة يقلن: قد بقي من النساء ما لم يذكر فيه شيء. قال: «وما هو؟ قال: الصغار والكبار، وذوات الحمل، فنزلت هذه الآية، قاله عمرو بن سالم. والثاني: أنه لما نزل قوله تعالى: دوالمطلقات يتربصن بأنفسهن [الآية البقرة: ٢٢٨] قال خلاد بن النعمان الأنصاري: يا رسول اللّه، فما عدة التي لا تحيض، وعدة التي لم تحض، وعدة الحبلى؟ فنزلت هذه الآية قاله مقاتل. ومعنى الآية: {إِنِ ٱرْتَبْتُمْ} أي: شككتم فلم تدرواما عدتهن{فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ} كذلك. فصل قال القاضي أبو يعلى: والمراد بالارتياب ها هنا: ارتياب المخاطبين في مقدار عدة الآيسة والصغيرة كما هو؟ وليس المراد به ارتياب المعتدات في اليأس من المحيض، أو اليأس من الحمل للسبب الذي ذكر في نزول الآية. ولأنه لو أريد بذلك النساء لتوجه الخطاب إليهن فقيل: إن ارتبتن، أو ارتبن، لأن الحيض إنما يعلم من جهتهن. وقد اختلف في المرأة إذا تأخر حيضها لا لعارض كم تجلس؟ فمذهب أصحابنا أنها تجلس غالب مدة الحمل، وهو تسعة أشهر، ثم ثلاثة. والعدة: هي الثلاثة التي بعد التسعة. فإن حاضت قبل السنة بيوم، استأنفت ثلاث حيض، وإن تمت السنة من غير حيض، حلت، وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة، والشافعي في الجديد: تمكث أبدا حتى يعلم براءة رحمها قطعا، وهي أن تصير في حد لا يحيض مثلها، فتعتد بعد ذلك ثلاثة أشهر. قوله تعالى: {وَٱللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ} يعني: عدتهن ثلاثة أشهر أيضا، لأنه كلام لا يستقل بنفسه، فلابد له من ضمير، وضميره تقدم ذكره مظهرا، وهو العدة بالشهور. وهذا على قول أصحابنا محمول على من لم يأت عليها زمان الحيض: أنها تعتد ثلاثة أشهر. فأما من أتى عليها زمان الحيض، ولم تحض، فإنها تعتد سنة. قوله تعالى: {وَأُوْلَـٰتُ ٱلاْحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} عام في المطلقات، والمتوفى عنهن أزواجهن، وهذا قول عمر، وابن عمر، وابن مسعود، وأبي مسعود البدري، وأبي هريرة، وفقهاء الأمصار. وقد روي عن ابن عباس أنه قال: تعتد آخر الأجلين. ويدل على قولنا عموم الآية. وقول ابن مسعود: من شاء لاعنته، ما نزلت «وأولات الأحمال» إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها، وقول أم سلمة: إن سبيعة وضعت بعد وفاة زوجا بأيام، فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن تتزوج. قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ ٱللّه} أي: فيما أمر به {يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} يسهل عليه أمر الدنيا والآخرة، وهذا قول الأكثرين. وقال الضحاك: ومن يتق اللّه في طلاق السنة، يجعل اللّه له من أمره يسرا في الرجعة {ذَلِكَ أَمْرُ ٱللّه أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللّه} بطاعته {يُكَفّرْ عَنْهُ} أي: يمح عنه خطاياه {سَيّئَـٰتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} في الآخرة. |
﴿ ٥ ﴾