٧ {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} و«من» صلة قوله: {مّن وُجْدِكُمْ} قرأ الجمهور بضم الواو. وقرأ أبو هريرة، وأبو عبد الرحمن، وأبو رزين، وقتادة، وروح عن يعقوب بكسر الواو. وقرأ ابن يعمر، وابن أبي عبلة، وأبو حيوة: بفتح الواو. قال ابن قتيبة: أي: بقدر وسعكم. والوجد: المقدرة، والغنى، يقال: افتقر فلان بعد وجد. قال الفراء: يقول: على ما يجد، فإن كان موسعا عليه، وسع عليها في المسكن والنفقة، وإن كان مقترا عليه، فعلى قدر ذلك. قوله تعالى: {وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ} بالتضييق عليهن في المسكن، والنفقة، وأنتم تجدون سعة. قال القاضي أبو يعلى: المراد بهذا: الملطقة الرجعية دون المبتوتة، بدليل قوله تعالى: {لا تَدْرِى * لَعَلَّ ٱللّه يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} [الطلاق: ١] وقوله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] فدل ذلك على أنه أراد الرجعية. وقد اختلف الفقهاء في المبتوتة: هل لها سكنى، ونفقة في مدة العدة، أم لا؟ فالمشهور عند أصحابنا: أنه لا سكنى لها ولا نفقة، وهو قول ابن أبي ليلى. وقال أبو حنيفة لها السكنى، والنفقة. وقال مالك والشافعي: لها السكنى، دون النفقة. وقد رواه الكوسج عن أحمد. ويدل على الأول حديث فاطمة بنت قيس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لها: إنما النفقة للمرأة على زوجها ما كانت له عليها الرجعة، فإذا لم يكن له عليها، فلا نفقة ولا سكنى. ومن حيث المعنى: إن النفقة إنما تجب لأجل التمكين من الاستمتاع، بدليل أن الناشز لا نفقة لها. واختلفوا في الحامل، والمتوفى عنها زوجها، فقال ابن مسعود، وابن عمر، وأبو العالية، والشعبي، وشريح، وإبراهيم: نفقتها من جميع المال، وبه قال مالك، وابن ابي ليلى، والثوري. وقال ابن عباس، وابن الزبير، والحسن، وسعيد بن المسيب، وعطاء: نفقتها في مال نفسها، وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه. وعن أحمد كالقولين. قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مّن} يعني: أجرة الرضاع. وفي هذا دلالة على أن الأم إذا رضيت أن ترضعه بأجرة مثله، لم يكن للأب أن يسترضع غيرها {وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} أي: لا تشتط المرأة على الزوج فيما تطلبه من أجرة الرضاع، ولا يقصر الزوج عن المقدار المستحق وإن تعاسرتم في الأجرة ولم يتراض الوالدان على شيء {فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ} لفظه لفظ الخبر، ومعناه: الأمر، أي: فليسترضع الوالد غير والدة الصبي. {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ} أمر أهل التوسعة أن يوسعوا على نسائهم المرضعات أولادهن على قدر سعتهم. وقرأ ابن السميفع «لينفق» بفتح القاف {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي: ضيق عليه من المطلقين. وقرأ ابي بن كعب، وحميد «قدر» بضم القاف، وتشديد الدال. وقرأ ابن مسعود، وابن أبي عبلة «قدر» بفتح القاف وتشديد الدال «رزقه» بنصب القاف {فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ ٱللّه} على قدر ما أعطاه {لاَ يُكَلّفُ ٱللّه نَفْساً إِلاَّ مَا ءاتَاهَا} أي: على قدر ما أعطاها من المال {سَيَجْعَلُ ٱللّه بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} أي: بعد ضيق وشدة، غنى وسعة، وكان الغالب عليهم حنيئذ الفقر، فأعلمهم أنه سيفتح عليهم بعد ذلك. |
﴿ ٧ ﴾