١١

قوله تعالى: {وَكَأَيّن} أي: وكم {مّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبّهَا وَرُسُلِهِ} أي: عن أمر رسله. والمعنى: عتا أهلها. قال ابن زيد: عتت، أي: كفرت، وتركت أمر بها، فلم تقبله.

وفي باقي الآية قولان:

أحدهما: أن فيها تقديما، وتأخيرا. والمعنى: عذبناها عذاب نكرا في الدنيا بالجوع، والسيف، والبلايا، وحسبناها حسابا شديدا في الآخرة، قاله ابن عباس، والفراء في آخرين.

والثاني: أنها على نظمها، والمعنى: حاسبناها بعملها في الدنيا، فجازيناها بالعذاب على مقدار عملها؛

فذلك قوله تعالى: «وعذبناها» فجعل المجازاة بالعذاب محاسبة. والحساب الشديد: الذي لا عفو فيه، والنكر: المنكر {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} أي: جزاء ذنبها {وَكَانَ عَـٰقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً} في الدنيا، والآخرة، وقال ابن قتيبة: الخسر: الهلكة.

قوله تعالى: {قَدْ أَنزَلَ ٱللّه إِلَيْكُمْ ذِكْراً} أي: قرآنا {رَسُولاً} أي: وبعثه رسولا، قاله مقاتل. وإلى نحوه ذهب السدي. وقال ابن السائب: الرسول ها هنا: جبرائيل، فعلى هذا: يكون الذكر والرسول جميعا منزلين. وقال ثعلب: الرسول: هو الذكر.

وقال غيره: معنى الذكر ها هنا: الشرف. بعده قد تقدم {البقرة: ٢٥٧} {وَٱلاْحْزَابُ} إلى قوله تعالى: {أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ ٱللّه لَهُ رِزْقاً} يعني: الجنة التي لا ينقطع نعيمها.

﴿ ١١