ÓõæÑóÉõ ÇáúÞóáóãö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ÇËúäóÊóÇäö æóÎóãúÓõæäó ÂíóÉð سورة القلم وهي مكية كلها بإجماعهم إلا ما حكي عن ابن عباس وقتادة أن فيها من المدني قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَـٰهُمْ} إلى قوله تعالى: {لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}. بسم اللّه الرحم الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٧ ٢ انظر تفسير الآية:٧ ٣ انظر تفسير الآية:٧ ٤ انظر تفسير الآية:٧ ٥ انظر تفسير الآية:٧ ٦ انظر تفسير الآية:٧ ٧ قوله تعالى: {ن} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، وحفص: {ن وَٱلْقَلَمِ} النون في آخر الهجاء من نون ظاهرة عندالواو، وهذا اختيار الفراء. وروى أبو بكر عن عاصم أنه كان لا يبين النون من {نون} وبها قرأ الكسائي، وخلف، ويعقوب، وهو اختيار الزجاج. وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وقتادة، والأعمش: «نون والقلم» بكسر النون. وقرأ الحسن، وأبو عمران، وأبو نهيك: «ن والقلم» برفع النون. وفي معنى نون سبعة أقوال: أحدها: أنها الدواة. روى أبو هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: أول ما خلق اللّه القلم، ثم خلق النون، وهي «الدواة» وهذا قول ابن عباس في رواية سعيد بن جبير، وبه قال الحسن وقتادة. والثاني: أنه آخر حروف الرحمن، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثالث: أنه الحوت الذي على ظهر الأرض، وهذا المعنى في رواية أبي ظبيان عن ابن عباس، وهو مذهب مجاهد، والسدي، وابن السائب، ومقاتل. والرابع: أنه لوح من نور، قاله معاوية بن قرة. والخامس: أنه افتتاح اسمه «نصير» و«ناصر» قاله عطاء. والسادس: أنه قسم بنصرة اللّه للمؤمنين، قاله القرظي. والسابع: أنه نهر في الجنة، قاله جعفر الصادق. وفي القلم قولان: احدهما: أنه الذي كتب به في اللوح المحفوظ. والثاني: أنه الذي يكتب به الناس. وإنما أقسم به، الأن كتبه إنما تكتب و{يَسْطُرُونَ} بمعنى: يكتبون. وفي المشار إليهم قولان: احدهما: أنهم الملائكة. وفيما أرادوا بما يكتبونه قولان: احدهما: أنه الذكر، قاله مجاهد، والسدي. والثاني: أعمال بني آدم، قاله مقاتل. والقول الثاني: أنهم جميع الكتبة، حكاه الثعلبي {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ بِمَجْنُونٍ} أي: ما أنت بإنعام ربك عليك بالإيمان والنبوة بمجنون. قال الزجاج: هذا جواب قولهم: إنك لمجنون. وتأويله: فارقك الجنون بنعمة اللّه. قوله تعالى:{وَإِنَّ لَكَ} بصبرك على افترائهم عليك، ونسبتهم إياك إلى الجنون {لاَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ} أي: غير مقطوع ولا منقوص، {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: دين الإسلام، قاله ابن عباس. والثاني: أدب القرآن، قاله الحسن. والثالث: الطبع الكريم. وحقيقة «الخلق»: ما يأخذ به الإنسان نفسه من الآداب، فسمي خلقا، لأنه يصير كالخلقة في صاحبه. فأما ما طبع عليه فيسمى: «الخيم» فيكون الخيم الطبع الغريزي، والخلق: الطبع المتكلف. هذا قول الماوردي. وقد سئلت عائشة رضي اللّه عنها عن خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت: كان خلقه القرآن. تعني: كان على ما أمره اللّه به في القرآن. قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ} يعني: أهل مكة. وهذا وعيد لهم بالعذاب. والمعنى: سترى ويرون إذا نزل بهم العذاب ببدر {بِأَيّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ} وفيه أربعة أقوال: أحدها: الضال، قاله الحسن. والثاني: الشيطان، قاله مجاهد. والثالث: المجنون، قاله الضحاك. والمعنى: الذي قد فتن بالجنون. والرابع: المعذب، حكاه الماوردي.وفي الباء قولان: احدهما: أنها زائدة، قاله أبو عبيدة، وابن قتيبة، وانشدوا: نحن بنو جعدة أصحاب الفلج نضرب بالسيف ونرجو بالفرج والثاني: أنها أصلية، وهذا قول الفراء، والزجاج. قال الزجاج: ليس كونها لغوا بجائز في العربية في قول أحد من أهلها. وفي الكلام قولان للنحويين. احدهما: أن «المفتون» ها هنا: الفتون. والمصادر تجيىء على المفعول. تقول العرب: ليس هذا معقود رأي، أي: عقد رأي، وتقول: دعه إلى ميسوره، أي: يسره. والمعنى: بأيكم الجنون. والثاني: بأيكم المفتون بالفرقة التي أنت فيها، أم بفرقة الكفار؟ فيكون المعنى: في أي الفرقتين المجنون. وقد ذكر الفراء نحو ما شرحه الزجاج. وقد قرأ أبي بن كعب، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: «في أي المفتون». ثم أخبر أنه عالم بالفريقين بما بعد هذا. ٨ انظر تفسير الآية:١٦ ٩ انظر تفسير الآية:١٦ ١٠ انظر تفسير الآية:١٦ ١١ انظر تفسير الآية:١٦ ١٢ انظر تفسير الآية:١٦ ١٣ انظر تفسير الآية:١٦ ١٤ انظر تفسير الآية:١٦ ١٥ انظر تفسير الآية:١٦ ١٦ قوله تعالى: {فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذّبِينَ} وذلك أن رؤساء أهل مكة دعوه إلى دين آبائه، فنهاه اللّه أن يطيعهم {وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} فيه سبعة أقوال: أحدها: لو ترخص فيرخصون، قاله ابن عباس. والثاني: لو تصانعهم في دينك فيصانعون في دينهم، قاله الحسن. والثالث: لو تكفر فيكفرون، قاله عطية، والضحاك، ومقاتل. والرابع: لو تلين فيلينون لك، قاله ابن السائب. والخامس: لو تنافق وترائي فينافقون ويراؤون، قاله زيد بن أسلم. والسادس: ودوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم. وكانوا أرادوه على أن يعبد آلهتهم مدة، ويعبدوا اللّه مدة، قاله ابن قتيبة. وقال أبو عبيدة: هو من المداهنة. والسابع: لو تقاربهم فيقاربونك قاله ابن كيسان. قوله تعالى: {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ} وهو كثير الحلف بالباطل {مُّهِينٌ} وهو الحقير الدنيء. وروى العوفي عن ابن عباس قال: المهين: الكذاب. واختلفوا فيمن نزل هذا على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الوليد بن المغيرة، قاله ابن عباس، ومقاتل. والثاني: الأخنس بن شريق، قاله عطاء، والسدي. والثالث: الأسود بن عبد يغوث، قاله مجاهد. قوله تعالى: {هَمَّازٍ} قال ابن عباس: هو المغتاب. وقال ابن قتيبة: هو العياب. قوله تعالى: {مَّشَّاء بِنَمِيمٍ} أي: يمشي بين الناس بالنميمة، وهو نقل الكلام السيء من بعضهم إلى بعض ليفسد بينهم {مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ} فيه قولان: احدهما: أنه منع ولده وعشيرته الإسلام قاله ابن عباس. والثاني: مناع للحقوق في ماله ذكره الماوردي. قوله تعالى: {مُعْتَدٍ} أي: ظلوم {أَثِيمٍ} فاجر {عُتُلٍ بَعْدَ ذَلِكَ} أي: مع ما وصفناه به. وفي «العُتُلِّ» سبعة أقوال: أحدها: أنه العاتي الشديد المنافق، قاله ابن عباس. والثاني: أنه المتوفر الجسم، قاله الحسن. والثالث: الشديد الأشر، قاله مجاهد. والرابع: القوي في كفره، قاله عكرمة. والخامس: الأكول الشروب القوي الشديد، قاله عبيد بن عمير. والسادس: الشديد الخصومة بالباطل، قاله الفراء. والسابع: أنه الغليظ الجافي، قاله ابن قتيبة. وفي «الزنيم» أربعة أقوال: أحدها: أنه الدعي في قريش وليس منهم، رواه عطاء عن ابن عباس، وهذا معروف في اللغة أن الزنيم: هوالملتصق في القوم وليس منهم، وبه قال الفراء، وأبو عبيدة، وابن قتيبة. قال حسان: وأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد والثاني: أنه الذي يعرف بالشر، كما تعرف الشاة بزنمتها، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثالث: أنه الذي له زنمة مثل زنمة الشاة. وقال ابن عباس: نعت فلم يعرف حتى قيل: زنيم، فعرف، وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها. ولا نعلم أن اللّه تعالى بلغ من ذكر عيوب أحد ما بلغه من ذكر عيوب الوليد، لأنه وصفه بالحلف، والمهانة، والعيب للناس، والمشي بالنميمة، والبخل، والظلم، والإثم، والجفاء، والدعوة، فألحق به عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة. والزنمتان: المعلقتان عند حلوق المعزى. وقال ابن فارس: يعني التي تتعلق من أذنها. والرابع: أنه الظلوم، رواه الوالبي عن ابن عباس. قوله تعالى: {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والكسائي، وحفص عن عاصم: «أن كان» على الخبر، أي: لأن كان. والمعنى: لا تطعه لماله وبنيه. وقرأ ابن عباس بهمزتين، الأولى: مخففة. والثانية: ملينة، وفصل بينهما بألف أبو جعفر. وقرأ حمزة: «أأن كان» بهمزتين مخففتين على الاستفهام، وله وجهان. احدهما: لأن كان ذا مال تطيعه؟ٰ. والثاني: ألأن كان ذا مال وبنين، {إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءايَـٰتُنَا} يكفر بها؟ فيقول: {أَسَـٰطِيرُ ٱلاْوَّلِينَ} ذكر القولين الفراء. وقرأ ابن مسعود: «أن كان» بهمزة واحدة مقصورة. ثم أوعده فقال تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ} الخرطوم: الأنف. وفي هذه السمة ثلاثة أقوال: أحدها: سنسمه بالسيف، فنجعل ذلك علامة على أنفه ما عاش، فقاتل يوم بدر فخطم بالسيف، قاله ابن عباس. والثاني: سنلحق به شيئا لا يفارقه، قاله قتادة، واختاره ابن قتيبة. والثالث: أن المعنى: سنسود وجهه.قال الفراء: و«الخرطوم» وإن كان قد خص بالسمة، فإنه في مذهب الوجه، لأن بعض الوجه يؤدي عن البعض. وقال الزجاج: سنجعل له في الآخرة العلم الذي يعرف به أهل النار من اسوداد وجوههم. وجائزـ واللّه أعلم أن يفرد بسمة لمبالغته في عداوته لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتبين بها عن غيره. ١٧ انظر تفسير الآية:٤١ ١٨ انظر تفسير الآية:٤١ ١٩ انظر تفسير الآية:٤١ ٢٠ انظر تفسير الآية:٤١ ٢١ انظر تفسير الآية:٤١ ٢٢ انظر تفسير الآية:٤١ ٢٣ انظر تفسير الآية:٤١ ٢٤ انظر تفسير الآية:٤١ ٢٥ انظر تفسير الآية:٤١ ٢٦ انظر تفسير الآية:٤١ ٢٧ انظر تفسير الآية:٤١ ٢٨ انظر تفسير الآية:٤١ ٢٩ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٠ انظر تفسير الآية:٤١ ٣١ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٢ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٣ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٤ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٥ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٦ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٧ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٨ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٩ انظر تفسير الآية:٤١ ٤٠ انظر تفسير الآية:٤١ ٤١ قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَـٰهُمْ} يعني: أهل مكة، أي: ابتليناهم بالجوع، والقحط {كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ} حين هلكت جنتهم. وهذه الإشارة إلى قصتهم ذكر أهل التفسر أن رجلا كان بناحية اليمن له بستان، وكان مؤمنا. وذلك بعد عيسى بن مريم عليهما السلام، وكان يأخذ منه قدر قوته، وكان يتصدق بالباقي. وقيل: كان يترك للمساكين ما تعداه المنجل، وما يسقط من رؤوس النخل، وما ينتثر عند الدِّراس، فكان يجتمع من هذا شيء كثير، فمات الرجل عن ثلاث بنين، فقالوا: واللّه إن المال لقليل، وإن العيال لكثير، وإنما كان أبونا يفعل هذا إذ كان المال كثيرا،والعيال قليلا، وأما الآن فلا نستطيع أن نفعل هذا. فعزموا على حرمان المساكين، وتحالفوا بينهم ليغدن قبل خروج الناس، فليصرمن نخلهم، فذلك قوله تعالى: {إِذْ أَقْسَمُواْ} أي: حلفوا {لَيَصْرِمُنَّهَا} أي: ليقطعن نخلهم {مُّصْبِحِينَ} أي: في أول الصباح. وقد بقيت من الليل ظلمة لئلا يبقى للمساكين شيء. وفي قوله تعالى: {وَلاَ يَسْتَثْنُونَ} قولان: احدهما: لا يقولون: إن شاء اللّه قاله الأكثرون. والثاني: لا يستثنون حق المساكين، قاله عكرمة {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبّكَ} أي: من أمر ربك. قال الفراء: الطائف لا يكون إلا بالليل. قال المفسرون: بعث اللّه عليها نارا بالليل، فاحترقت، فصارت سوداء، فذلك قوله تعالى: {فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ} وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: كالرماد الأسود، قاله ابن عباس. والثاني: كالليل المسود، قاله الفراء. وكذلك قال ابن قتيبة: أصبحت سوداء كالليل محترقة. والليل: هو الصريم، والصبح أيضا: صريم، لأن كل واحد منهما ينصرم عن صاحبه. والثالث: أصبحت وقد ذهب ما فيها من الثمر، فكأنه قد صرم، أي: قطع، وجذ حكاه ابن قتيبة أيضا. قوله تعالى: {فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ} أي: نادى بعضهم بعضا لما أصبحوا {أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ} يعني: الثمار والزروع والأعناب {إِن كُنتُمْ صَـٰرِمِينَ} أي: قاطعين للنخل، {فَٱنطَلَقُواْ} أي: ذهبوا إلى جنتهم {وَهُمْ يَتَخَـٰفَتُونَ} قال ابن قتيبة: يتساررون ب {أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد} فيه ثمانية أقوال: احدهما: على قدرة، قاله ابن عباس. والثاني: على فاقة، قاله الحسن في رواية. والثالث: على جد، قاله الحسن في رواية، وقتادة، وأبو العالية، والفراء، ومقاتل. والرابع: على أمر مجمع قد أسسوه بينهم، قاله مجاهد، وعكرمة. والخامس: أن الحرد: اسم الجنة، قاله السدي. والسادس: أنه الحنق والغضب على المساكين، قاله الشعبي، وسفيان. وأنشد أبو عبيدة: أسود شرى لاقت أسود خفية تساقوا على حرد دماء الأساود والسابع: أنه المنع مأخوذ من حاردت السنة فليس فيها مطر، وحاردت الناقة فليس لها لبن، قاله أبو عبيدة، وابن قتيبة. والثامن: أنه القصد. يقال: حَرَدْتُ حَرْدَكَ، أي: قَصَدْتُ قَصْدَكَ، حكاه الفراء، وأبو عبيدة، وابن قتيبة. وانشدوا: قد جاء سيل كان من أمر اللّه يحرد حرد الجنة المغلةأي: يقصد قصدها. قال ابن قتيبة: وفيها لغتان: حَرَدُّ، وحَرْدُّ، كما يقال: الدَّرَك، والدَّرْك. وفي قوله تعالى: {قَـٰدِرِينَ} ثلاثة أقوال: أحدها: قادرين على جنتهم عند أنفسهم، قاله قتادة. والثاني: قادرين على المساكين، قاله الشعبي. والثالث: أن المعنى: منعوا وهم قادرون، أي: واجدون، قاله ابن قتيبة. قالوا: {فَلَمَّا رَأَوْهَا} محترقة {قَالُواْ إِنَّا لَضَالُّونَ} أي: قد ضللنا طريق جنتنا، فليست هذه. ثم علموا أنها عقوبة، فقالوا: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} أي: حرمنا ثمر جنتنا بمنعنا المسكين {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} أي: أعدلهم، وأفضلهم {لَوْلاَ} أي: هلا {تُسَبّحُونَ} وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: هلا تستثنون عند قولكم: «ليصرمنها مصبحين» قاله ابن جريج والجمهور. والمعنى: هلا قلتم: إن شاء اللّه. قال الزجاج: وإنما قيل للاستثناء: تسبيح، لأن التسبيح في اللغة: تنزيه اللّه عز وجل عن السوء. والاستثناء تعظيم للّه، وإقرار بأنه لا يقدر أحد أن يفعل فعلا إلا بمشيئة اللّه. والثاني: أنه كان استثناؤهم قول: «سبحان اللّه»، قاله أبو صالح. والثالث: هلا تسبحون اللّه وتشكرونه على ما أعطاكم، حكاه الثعلبي. وقوله تعالى: {قَالُواْ سُبْحَـٰنَ رَبّنَا} فنزهوه أن يكون ظالما فيما صنع، وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا: {إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ} بمنعنا المساكين {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَـٰوَمُونَ} أي: يلوم بعضهم بعضا في منع المساكين حقوقهم. يقول هذا لهذا: أنت أشرت علينا، ويقول الآخر: أنت فعلت، ثم نادوا على أنفسهم بالويل فقالوا: {قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَـٰغِينَ} حين لم نصنع ما صنع آباؤنا، ثم رجعوا إلى اللّه تعالى فسألوه أن يبدلهم خيرا منها، فذلك قوله: {عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مّنْهَا}. وقرأ قوم: «يبدلنا» بالتخفيف، وهما لغتان. وفرق قوم بينهما فقالوا: التبديل: تغيير حال الشيء وصفته والعين باقية. والإبدال: إزالة الشيء ووضع غيره مكانه. ونقل أن القوم أخلصوا، فبدلهم اللّه جنة العنقود منها وقر بغل. قوله تعالى: {كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ} ما فعلنا بهم نفعل بمن تعدى حدودنا.وها هنا انتهت قصة أهل الجنة. ثم قال تعالى: {وَلَعَذَابُ ٱلاْخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} يعني: المشركين. ثم ذكر ما للمتقين عنده بما بعد هذا، فقال المشركون: إنا لنعطى في الآخرة أفضل مما تعطون، فقال تعالى مكذبا لهم {أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ} قال الزجاج: هذه ألف الاستفهام مجازها ها هنا مجاز التوبيخ، والتقرير. قوله تعالى: {كَيْفَ تَحْكُمُونَ} أي: كيف تقضون بالجور {أَمْ لَكُمْ كِتَـٰبٌ} أنزل من عند اللّه {فِيهِ} هذا {تَدْرُسُونَ} أي: تقرؤون ما فيه {إِنَّ لَكُمْ} في ذلك الكتاب {لَمَا تَخَيَّرُونَ} أي: ما تختارون وتشتهون. وقرأ أبو الجوزاء، وعاصم الجحدري، وأبو عمران: «أن لكم» بفتح الهمزة. وهذا تقريع لهم، وتوبيخ على ما يتمنون من الباطل «سلهم أيهم بذلك زعيم» {أَمْ لَكُمْ أَيْمَـٰنٌ عَلَيْنَا بَـٰلِغَةٌ} أي: ألكم عهود على اللّه تعالى حلف لك على ما تدعون بأيمان بالغة، أي: مؤكدة. وكل شيء متناه في الجودة والصحة فهو بالغ. ويجوز أن يكون المعنى: بالغة إلى يوم القيامة، أي: تبلغ تلك الأيمان إلى يوم القيامة في لزومها وتوكيدها {إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} لأنفسكم به من الخير والكرامة عند اللّه تعالى. قال الفراء: والقراء على رفع «بالغة» إلا الحسن فإنه نصبها على مذهب المصدر، كقوله تعالى: {حَقّاً} [الروم:٤٧] ومعنى الآية: هل لكم أيمان علينا بالغة بأن لكم ما تحكمون؟ٰ فلما كانت اللام في جواب «إن» كسرتها. قوله تعالى: {سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذٰلِكَ زَعِيمٌ} فيه قولان: احدهما: أنه الكفيل، قاله ابن عباس، وقتادة. والمعنى: أيهم كفل بأن لهم في الآخرة ما للمسلمين من الخير. والثاني: أنه الرسول، قاله الحسن. قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء} يعني: الأصنام التي جعلوها شركاء للّه تعالى، والمعنى: ألهم أرباب يفعلون بهم هذا الذي زعموا. وقيل: يشهدون لهم بصدق ما ادعوا {فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُواْ صَـٰدِقِينَ} في أنها شركاء اللّه وإنما أضيف الشركاء إليهم لادعائهم أنهم شركاء اللّه. ٤٣ انظر تفسير الآية:٤٧ ٤٤ انظر تفسير الآية:٤٧ ٤٥ انظر تفسير الآية:٤٧ ٤٦ انظر تفسير الآية:٤٧ ٤٧ {يَوْمَ يُكْشَفُ} المعنى: فليأتوا بها يوم يكشف عن ساق. قرأ الجمهور: «يكشف» بضم الياء، وفتح الشين. وقرأ ابن أبي عبلة، وعاصم الجحدري، وأبو الجوزاء، بفتح الياء، وبكسر الشين. وقرأ أبي بن كعب، وابن عباس: «تكشف» بتاء مفتوحة، وكسر الشين. وقرأ ابن مسعود، وأبو مجلز، وابن يعمر، والضحاك: «نكشف» بنون مفتوحة مع كسر الشين. وهذا اليوم هو يوم القيامة. وقد روى عكرمة عن ابن عباس: «يوم يكشف عن ساق» قال: يكشف عن شدة، وأنشد: وقامت الحرب بنا على ساق وهذا قول مجاهد، وقتادة. قال ابن قتيبة: وأصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجد فيه، شمر عن ساقه، فاستعيرت الساق في موضع الشدة، هذا قول الفراء، وأبي عبيدة، واللغويين. وقد أضيف هذا الأمر إلى اللّه تعالى. فروي في «الصحيحين» من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه «يكشف عن ساقه» وهذا إضافة إليه، لأن الكل له وفعله. وقال أبو عمر الزاهد: يراد بها النفس، ومنه قول علي رضي اللّه عنه: أقاتلهم ولو تلفت ساقي، أي: نفسي. فعلى هذا يكون المعنى: يتجلى لهم. قوله تعالى: {وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ} يعني: المنافقين {فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} كأن في ظهورهم سفافيد الحديد. قال النقاش: وليس ذلك بتكليف لهم أن يسجدوا، وهم عجزة، ولكنه توبيخ لهم بتركهم السجود {خَـٰشِعَةً أَبْصَـٰرُهُمْ} أي: خاضعة {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} أي: تغشاهم {وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ} يعني: بالأذان في دار الدنيا، ويؤمرون بالصلاة المكتوبة {وَهُمْ سَـٰلِمُونَ} أي: معافون ليس في أصلابهم مثل سفافيد الحديد. وفي هذا وعيد لمن ترك صلاة الجماعة. وكان كعب يقول: واللّه ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعات {فَذَرْنِى وَمَن يُكَذّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ} يعني:القرآن. والمعنى: خل بيني وبينه. قال الزجاج: أي: لا تشغل قلبك به، كله إلي فأنا أكفيك أمره. وذكر بعض المفسرين أن هذا القدر من الآية إلى قوله: «الحديث» منسوخ بآية السيف. وما بعد هذا مفسر في [الأعراف: ١٨٢،١٨٣] إلى قوله تعالى: {أَمْ تَسْـئَلُهُمْ أَجْراً} فإنها مفسرة والتي قبلها في [الطور:٣٩/٤٠]. ٤٨ انظر تفسير الآية:٥١ ٤٩ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥٠ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥١ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥٢ قوله تعالى: {فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ} أي: اصبر على أذاهم لقضاء ربك الذي هو آت. وقيل: معنى الأمر بالصبر منسوخ بآية السيف. قوله تعالى: {وَلاَ تَكُن كَصَـٰحِبِ ٱلْحُوتِ} وهو يونس. وفيماذا نهي أن يكون مثله قولان: احدهما: أنه العجلة، والغضب، قاله قتادة. والثاني: الضعف عن تبليغ الرسالة، قاله ابن جرير. قال ابن الأنباري: وهذا لا يخرج يونس من أولي العزم، لأنها خطيئة. ولو قلنا: إن كل مخطىء من النبياء ليس من أولي العزم، خرجوا كلهم إلا يحيى. ثم أخبر عن عقوبته إذ لم يصبر، فقال تعالى: {إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ} قال الزجاج: مملوء غما وكربا. قوله تعالى: {لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ} وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وابن أبي عبلة: «لولا أن تداركته» بتاء خفيفة، وبتاء ساكنة بعد الكاف مع تخفيف الدال. وقرأ أبو هريرة، وأبو المتوكل: «تداركه» بتاء واحدة خفيفة مع تشديد الدال. وقرأ أبي بن كعب: «تتداركه» بتاءين خفيفتين {نِعْمَةٌ مّن رَّبّهِ} فرحمه بها، وتاب عليه من معاصيه {لَنُبِذَ بِٱلْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ} وقد بينا معنى «العراء» في [الصافات:١٤٥] ومعنى الآية: أنه نبذ غير مذموم لنعمة اللّه عليه بالتوبة والرحمة. وقال ابن جريج: نبذ بالعراء، وهي: أرض المحشر، فالمعنى: أنه كان يبقى مكانه إلى يوم القيامة {فَٱجْتَبَـٰهُ رَبُّهُ} أي: استخلصه واصطفاه، وخلصه من الذم {فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} فرد عليه الوحي، وشفعه في قومه ونفسه {وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَـٰرِهِمْ} قرأ الأكثرون بضم الياء من أزلقته، وقرأ أهل المدينة، وأبان بفتحها من زَلَقْتُه أزْلِقُهُ، وهما لغتان مشهورتان في العرب. قال الزجاج: يقال: زلق الرجل رأسه وأزلقه: إذا حلقه. وفي معنى الآية للمفسرين قولان: احدهما: أن الكفار قصدوا أن يصيبوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالعين، وكان فيهم رجل يمكث اليومين والثلاثة لا يأكل شيئا، ثم يرفع جانب خبائه، فتمر به النعم، فيقول: لم أر كاليوم إبلا ولا غنما أحسن من هذه، فما تذهب إلا قليلا حتى يسقط منها عدة، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالعين، فعصم اللّه نبيه، وأنزل هذه الآية، هذا قول الكلبي، وتابعه قوم من المفسرين تلقفوا ذلك من تفسيره، منهم الفراء. والثاني: أنهم كانوا ينظرون إليه بالعداوة نظرا شديدا يكاد يزلقه من شدته، أي: يلقيه إلى الأرض. وهذا مستعمل في كلام العرب. يقول القائل: نظر إلي فلان نظرا كاد يصرعني. وانشدوا: يتقارضون إذا التقوا في موطن نظرا يزيل مواطن الأقدام أي: ينظر بعضهم إلى بعض نظرا شديدا بالعداوة يكاد يزيل الأقدام، وإلى هذا ذهب المحققون، منهم ابن قتيبة، والزجاج. ويدل على صحته أن اللّه تعالى قرن هذا النظر بسماع القرآن، وهو قوله تعالى: {لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِكْرَ} والقوم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهة، فيحدون النظر إليه بالبغضاء، وإصابة العين، إنما تكون مع الإعجاب والاستحسان، لا مع البغض، فلا يظن بالكلبي أنه فهم معنى الآية {وَمَا هُوَ} يعني: القرآن {إِلاَّ ذِكْرٌ} أي: موعظة. |
﴿ ٠ ﴾