|
٤٤ قوله تعالى: {إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ خُلِقَ هَلُوعاً} قال مقاتل: عنى به أمية بن خلف الجمحي. وفي الهلوع سبعة أقوال: أحدها: أنه الموصوف بما يلي هذه الآية، رواه عطية عن ابن عباس. وبه قال أبو عبيدة، والزجاج. والثاني: أنه الحريص على ما لا يحل له، رواه أبو صالح، عن ابن عباس. والثالث: البخيل، قاله الحسن، والضحاك. والرابع: الشحيح، قاله ابن جبير. والخامس: الشره، قاله مجاهد. والسادس: الضجور، قاله عكرمه، وقتادة، ومقاتل، والفراء. والسابع: الشديد الجزع، قاله ابن قتيبة. قوله تعالى: {إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ} أي: أصابه الفقر {جَزُوعاً} لا يصبر. ولا يحتسب {وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ} أصابه المال {مَنُوعاً} بمنعه من حق اللّه عز وجل {إِلاَّ ٱلْمُصَلّينَ} وهم أهل الإيمان باللّه. وإنما استثنى الجمع من الإنسان، لأنه اسم جنس {ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ} وفيهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم الذين يحافظون على المكتوبات، وهو معنى قول ابن مسعود. والثاني: أنهم لا يلتفتون عن أيمانهم وشمائلهم في الصلاة، قاله عقبة بن عامر. واختاره الزجاج قال: ويكون اشتقاقه من الدائم، وهو الساكن، كما جاء في الحديث أنه نهى عن البول في الماء الدائم. والثالث: أنهم الذين يكثرون فعل التطوع، قاله ابن جريج. {وَٱلَّذِينَ فِى أَمْوٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ} قد سبق شرح هذه الآية والتي بعدها في {الذاريات ١٩} وبينا معنى يوم الدين في «الفاتحة» وما بعد هذا قد شرحناه في {وَبَشّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ} إلى قوله تعالى «لأماناتهم» قرأ ابن كثير وحده «لأمانتهم» {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَـٰدٰتِهِم} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «بشهادتهم» على التوحيد. وقرأ حفص عن عاصم «بشهاداتهم» جمعا {قَائِمُونَ} أي: يقومون فيها بالحق، ولا يكتمونها {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ} نزلت في جماعة من الكفار جلسوا حول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يستهزؤون بالقرآن، ويكذبون به. قال الزجاج: والمهطع المقبل ببصره على الشيء لا يزايله، وكانوا ينظرون إلى النبي نظر عداوة. وقد سبق الخلاف في قوله تعالى {مُهْطِعِينَ} {إِبْرَاهِيمَ وَٱلْقَمَرِ}. قوله: {عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشّمَالِ عِزِينَ} قال الفراء: العزون: الحلق، الجماعات، واحدتها: عزة، وكانوا يجتمعون حول النبي صلى اللّه عليه وسلم فيقولون: إن دخل هؤلاء الجنة، كما يقول محمد صلى اللّه عليه وسلم فلندخلنها قبلهم، فنزل قوله تعالى {أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىء مّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ} وقرأ ابن مسعود، والحسن، وطلحة بن مصرف، والأعمش، والمفضل عن عاصم: «أن يَدْخُلَ» بفتح الياء، وضم الخاء. وقال أبو عبيدة: عزين: جمع عزة، مثل ثبة، وثبين، فهي جماعات في تفرقة. قوله تعالى: {كَلاَّ} أي: لا يكون ذلك {إِنَّا خَلَقْنَـٰهُم مّمَّا يَعْلَمُونَ} فيه قولان: احدهما: من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، فالمعنى: لا يستوجب الجنة أحد بما يدعيه من الشرف على غيره، إذ الأصل واحد، وإنما يستوجبها بالطاعة. والثاني: إنا خلقناهم من أقذار. فبماذا يستحقون الجنة ولم يؤمنوا؟ وقد روى بشر بن جحاش عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه تلا هذه الآية {إِنَّا خَلَقْنَـٰهُم * مَا * يَعْلَمُونَ} ثم بزق قال: يقول اللّه عز وجل: أنى تعجزني، وقد خلقتك من مثل هذه؟ٰ حتى إذا سويتك، وعدلتك، مشيت بين بردين، وللأرض منك وئيد، فجمعت، ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي قلت: أتصدق، وأنى أوان الصدقة؟ٰ. قوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ} قد تكلمنا عليه في {ٱلْحَاقَّةُ} والمراد بالمشارق، والمغارب: شرق كل يوم ومغربه {إِنَّا لَقَـٰدِرُونَ * عَلَىٰ أَن نُّبَدّلَ خَيْراً مّنْهُمْ} أي: نخلق أمثل منهم وأطوع للّه حين عصوا {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} مفسر في {ٱلْوَاقِعَةُ} {فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ} في باطلهم {وَيَلْعَبُواْ} أي: يلهوا في دنياهم حتى يلاقوا وقرأ ابن محيصن «يلقوا يومهم الذي يوعدون» وهو يوم القيامة. وهذا لفظ أمر معناه: الوعيد. وذكر المفسرون أنه منسوخ بآية السيف. وإذا قلنا إنه وعيد بلقاء يوم القيامة، فلا وجه للنسخ {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلاْجْدَاثِ سِرَاعاً} أي: يخرجون بسرعة كأنهم يستبقون. قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ} قرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم. بضم النون والصاد. وقال ابن جرير: وهو واحد الأنصاب، وهي آلهتهم التي كانوا يعبدونها، فعلى هذا يكون المعنى: كأنهم إلى آلهتهم التي كانوا يعبدونها يسرعون. وقرأ ابن كثير، وعاصم، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: بفتح النون وسكون الصاد. وهي في معنى القراءة الأولى، إلا أنه مصدر. كقول القائل: نصبت الشيء أنصبه نصبا. قال قتادة: معناه: كأنهم إلى شيء منصوب يسرعون. وقال ابن جرير: تأويله، كأنهم إلى لا صنم منصوب يسرعون. وقرأ ابن عباس، وأبو مجلز، والنخعي «نُصْب» برفع النون وإسكان الصاد، وقرأ الحسن، وأبو عثمان، النهدي وعاصم الجحدري «إلى نَصَبٍ» بفتح النون والصاد جميعا. قال ابن قتيبة: النصب: حجر ينصب أو صنم، يقال: نَصْب، ونُصْب، ونُصْب، وقال الفراء: النَّصب والنُّصب واحد، وهو مصدر، والجمع: الأنصاب. وقال الزجاج: النَّصْب، والنُّصْب العلم المنصوب. قال الفراء: والإيفاض: الإسراع. قوله تعالى: {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} قرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وعمرو ابن دينار «ذلة ذلك اليوم» بغير تنوين، وبخفض الميم. وباقي السورة قد تقدم بيانه {ٱلْمَعَارِجِ}. |
﴿ ٤٤ ﴾