٦

قوله تعالى: {للّه وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ} قال ابن عباس: لما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا، فأنزل اللّه تعالى {وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ} فأحسنوا الكيل بعد ذلك. وقال السدي: قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة، وبها رجل يقال له أبو جهينة، ومعه صاعان يكيل باحدهما، ويكتال بالآخر، فأنزل اللّه هذه الآية وقد شرحنا معنى «الويل» في {البقرة: ٧٩} وقال ابن قتيبة: المطفف الذي لا يوفي الكيل، يقال: إناء طفان: إذا لم يكن مملوءا. وقال الزجاج: إنما قيل مطفف، لأنه لا يكاد يسرق في الميزان والمكيال إلا الشيء الطفيف، وإنما أخذ من طف الشيء وهو جانبه.

قوله تعالى: {ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ} أي: من الناس. ف «على» بمعنى من في قول المفسرين واللغويين. قال الفراء: «على» و «من» يعتقبان في هذا الموضع، لأنك إذا قلت: اكتلت عليك، فكأنك قلت: أخذت ما عليك، وإذا قلت: اكتلت منك، فهو كقولك استوفيت منك. قال الزجاج: المعنى: إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم الكيل، وكذلك «إذا اتزنوا» ولم يذكر إذا اتزنوا لأن الكيل والوزن بهما الشراء والبيع فيما يكال ويوزن، فاحدهما يدل على الآخر {وَإِذَا كَالُوهُمْ} أي: كالوا لهم {أَوْ وَّزَنُوهُمْ} أي: وزنوا لهم {يُخْسِرُونَ} أي: ينقصون في الكيل، والوزن. فعلى هذا لا يجوز أن يقف على «كالوا» ومن الناس من يجعل «هم» توكيدا لما كالوا ويجوز أن يقف على «كالوا» والاختيار الأول. قال الفراء: سمعت أعرابية تقول: إذا صدر الناس أتينا التاجر، فيكليلنا المد والمدين الى الموسم المقبل.

قوله تعالى: {أَلا يَظُنُّ أُوْلَـئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ} قال الزجاج: المعنى: لو ظنوا أنهم يبعثون ما نقصوا في الكيل والوزن {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} يعني: به يوم القيامة

{يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ} منصوب بقوله تعالى «مبعوثون»

قال المفسرون: والظن هاهنا بمعنى العلم واليقين. ومعنى:يقوم الناس، أي: من قبورهم

{لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} أي: لأمره، أو لجزائه وحسابه،

وقيل: يقومون بين يديه لفصل القضاء. وفي «الصحيحين» من حديث ابن عمر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: في هذه الآية يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه وقال كعب: يقفون ثلاثمائة عام. قال مقاتل: وذلك إذا خرجوا من قبورهم.

﴿ ٦