سُورَةُ الضُّحٰي مَكِّيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى عَشَرَةَ آيَةً سورة الضحى وهي مكية كلها بإجماعهم اتفق المفسرون: على أن هذه السورة نزلت بعد انقطاع الوحي مدة. ثم اختلفوا في سبب انقطاعه على ثلاثة أقوال: أحدها: أن اليهود سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ذي القرنين، وعن أصحاب الكهف، وعن الروح، فقال: سأخبركم غدا، ولم يقل: إن شاء اللّه، فأحتبس عنه الوحي. والثاني: لقلة النظافة في بعض أصحابه. وقد ذكرنا هذين القولين في سورة [مريم: ٦٥]. والثالث: لأجل جرو كان في بيته، قاله زيد بن أسلم. وفي مدة احتباسه عنه أقوال قد ذكرناها في [مريم: ٦٦]. وروى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث جندب قال: قالت امرأة من قريش للنبي صلى اللّه عليه وسلم: ما أرى شيطانك إلا قد ودعك، فنزلت {وَٱلضُّحَىٰ * وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} جندب هو ابن سفيان، والمرأة يقال لها: أم جميل، امرأة أبي لهب. بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية: ١١ ٢ انظر تفسير الآية: ١١ ٣ انظر تفسير الآية: ١١ ٤ انظر تفسير الآية: ١١ ٥ انظر تفسير الآية: ١١ ٦ انظر تفسير الآية: ١١ ٧ انظر تفسير الآية: ١١ ٨ انظر تفسير الآية: ١١ ٩ انظر تفسير الآية: ١١ ١٠ انظر تفسير الآية:١١ ١١ وفي المراد بالضحى أربعة أقوال: أحدها: ضوء النهار، قاله مجاهد. والثاني: صدر النهار، قاله قتادة. والثالث: أول ساعة من النهار إذا ترحلت الشمس، قاله السدي، ومقاتل. والرابع: النهار كله، قاله الفراء. وفي معنى سجى خمسة أقوال: أحدها: أظلم. والثاني: ذهب، رويا عن ابن عباس. والثالث: أقبل، قاله سعيد بن جبير. والرابع: سكن، قاله عطاء، وعكرمة، وابن زيد. فعلى هذا: في معنى «سكن» قولان: احدهما: استقر ظلامه. قال الفراء: «سجى» بمعنى أظلم وركد في طوله. كما يقال: بحر ساج، وليل ساج إذا ركد وأظلم. ومعنى ركد: سكن. قال أبو عبيدة: يقال ليلة ساجية، وساكنة، وشاكرة. قال الحادي: يا حبذا القمراء والليل الساج وطرق مثل ملاء النساج قال ابن قتيبة: «سجى» بمعنى سكن، وذلك عند تناهي ظلامه وركوده. والثاني: سكن الخلق فيه، ذكره الماوردي. والخامس: امتد ظلامه، قاله ابن الأعرابي. قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} وقرأ عمر بن الخطاب، وأنس، وعروة، وأبو العالية، وابن يعمر، وابن أبي عبلة، وأبو حاتم عن يعقوب «مَا وَدَعَكَ» بتخفيف الدال. وهذا جواب القسم. قال أبو عبيدة: ما ودعك من التوديع كما يودع المفارق و «ما ودَعَكَ» مخففة من ودعه يدعه {وَمَا قَلَىٰ} أي: أبغض. قوله تعالى: {وَلَلاْخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلاْولَىٰ} قال عطاء: خير لك من الدنيا. وقال غيره: الذي لك في الآخرة أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا. قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ} في الآخرة من الخير {فَتَرْضَىٰ} بما تعطى. قال علي والحسن: هو الشفاعة في أمته حتى يرضى. قال ابن عباس: عرض على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم،ما يفتح على أمته من بعده كفرا كفرا، فسر بذلك، فأنزل اللّه عز وجل: «وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى». قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَاوَىٰ} فيه قولان: احدهما: جعل لك مأوى، إذا ضمك إلى عمك أبي طالب فكفاك المؤونة، قاله مقاتل. والثاني: جعل لك مأوى لنفسك أغناك عن كفالة أبي طالب، قاله ابن السائب. قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ} فيه ستة أقوال: أحدها: ضالا عن معالم النبوة، وأحكام الشريعة، فهداك إليها، قاله الجمهور، منهم الحسن، والضحاك. والثاني: أنه ضل وهو صبي صغير في شعاب مكة، فرده اللّه الى جده عبد المطلب، رواه أبو الضحى عن ابن عباس. والثالث: أنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة وقع منها الى الحبشة، ورده إلى القافلة، فمن اللّه عليه بذلك، قاله سعيد بن المسيب. والرابع: أن المعنى: ووجدك في قوم ضلال، فهداك للتوحيد والنبوة، قاله ابن السائب. والخامس: ووجدك نسيا، فهداك إلى الذكر ومثله: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلاْخْرَىٰ} [البقرة: ٢٨٢] قاله ثعلب. والسادس: ووجدك خاملا لاتذكر ولا تعرف، فهدى الناس إليك حتى عرفوك، قاله عبد العزيز بن يحيى، ومحمد بن علي الترمذي. قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً} قال أبو عبيدة: أي: ذا فقر وأنشد: وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل أي: يفتقر قال ابن قتيبة: العائل: الفقير، كان له عيال، أو لم يكن. يقال: عال الرجل، إذا افتقر وأعال: إذا كثر عياله. قوله تعالى {فَأَغْنَىٰ} قولان. احدهما: رضاك بما أعطاك من الرزق، قاله ابن السائب، واختاره الفراء. وقال: لم يكن غناه عن كثرة المال، ولكن اللّه رضاه بما آتاه. والثاني: فأغناك بمال خديجة عن أبي طالب، قاله جماعة من المفسرين. قوله تعالى: {فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ} فيه قولان: احدهما: لاتحقر، قاله مجاهد. والثاني: لاتقهره على ماله، قاله الزجاج. {وَأَمَّا ٱلسَّائِلَ} ففيه قولان: احدهما: سائل البر قاله الجمهور، والمعنى: إذا جاءك السائل، فإما أن تعطيه، وإما أن ترده ردا لينا، ومعنى {فَلاَ تَنْهَرْ} لا تنهره يقال:نهره وانتهره: إذا استقبله بكلام يزجره. والثاني: أنه طالب العلم، قاله يحيى بن آدم في آخرين. قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ} في النعمة ثلاثة أقوال: احدهما: النبوة. والثاني: القرآن، رويا عن مجاهد. والثالث: أنها عامة، في جميع الخيرات، وهذا قول مقاتل. وقد روي عن مجاهد قال: قرأت على ابن عباس. فلما بلغت و«الضحى» قال: كبر إذا ختمت كل سورة حتى تختم، وقد قرأت على أبي بن كعب فأمرني بذلك. قال علي بن أحمد النيسابوري: ويقال: إن الأصل في ذلك أن الوحي لما فتر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقال المشركون: قد هجره شيطانه وودعه، اغتم لذلك، فلما نزل و«الضحى» كبر عند ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرحا بنزول الوحي، فاتخذه الناس سنة. |
﴿ ٠ ﴾