سُورَةُ التَّكَاثُرِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ ثَمَانِي آياَتٍ

سورة التكاثر

وفي سبب نزولها قولان:

احدهما: أن اليهود قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، فألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا، فنزلت هذه فيهم، قاله قتادة.

والثاني: أن حيين من قريش: وبني سهم كان بينهما لحاء، فقال هؤلاء: نحن أكثر سيدا، وأعز نفرا. وقال أولئك مثل هذا، فتعادوا السادة والأشراف أيهم أكثر، فكثرهم بنو عبد مناف، ثم قالوا: نعد موتانا، فزاروا القبور، فعدوا موتاهم، فكثرهم بنو سهم، لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية، فنزلت هذه فيهم قاله ابن السائب، ومقاتل.

_________________________________

١

انظر تفسير الآية:٨

٢

انظر تفسير الآية:٨

٣

انظر تفسير الآية:٨

٤

انظر تفسير الآية:٨

٥

انظر تفسير الآية:٨

٦

انظر تفسير الآية:٨

٧

انظر تفسير الآية:٨

٨

قوله [تعالى]: {أَلْهَـٰكُمُ} وقرأ أبو بكر الصديق، وابن عباس، والشعبي، وأبو العالية، وابن عمران، وابن أبي عبلة: «أألهاكم» بهمزتين مقصورتين على الاستفهام. وقرأ معاوية، وعائشة «ألهاكم» بهمزة واحدة ممدودة استفهاماً أيضاً.

ومعنى ألهاكم: شغلكم عن طاعة اللّه وعبادته. وفي المراد بالتكاثر ثلاثة أقوال.

أحدها: التكاثر بالأموال والأولاد، قاله الحسن.

الثاني: التفاخر بالقبائل والعشائر، قاله قتادة.

والثالث: التشاغل بالمعاش والتجارة، قاله الضحاك

وفي قوله [عز وجل] {حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ} قولان.

احدهما: حتى أدرككم الموت على تلك الحال، فصرتم في المقابر زُوَّاراً ترجعون منها إلى منازلكم من الجنة أو النار، كرجوع الزائر إلى منزله.

والثاني: حتى زرتم المقابر فعددتم من فيها [من] موتاكم.

وقوله [عز وجل]: {كَلاَّ} قال الزحاج، هي ردع وتنبيه. والمعنى: ليس الأمر الذي ينبغي أن يكونوا عليه التكاثر.

قوله [عز وجل]: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} عذا وعيد والمعنى سوف تعلمون عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نزل بكم الموت.

وقيل: العلم الأول: يقع عند نزول الموت.

والثاني: عند نزول القبر.

قوله [عز وجل]: {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ} المعنى: لو تعلمون الأمر علماً يقيناً لشغلكم ما تعلمون عن التكاثر، والتفاخر. وجواب «لو» محذوف: وهو ما ذكرنا. ثم أوعدهم وعيداً آخر

فقال [عز وجل]: {لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ} قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة «لترون» «ثم لترونها» بفتح التاء. فيها قرأ ابن عامر والكسائي لترون الجحيم بضم التاء ثم لترونها بفتح التاء وقرأ مجاهد، وعكرمة، وحميد، وابن أبي عبلة «لترون» ثم «لترونها» بضم التاء فيهما من غير همز

{ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ} أي: مشاهدة، فكان المراد بـ«عين اليقين» نفسه، لأن عين الشيء: ذاته.

قوله [عز وجل]: {ثُمَّ لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ}

اختلفوا،هل هذا السؤال عام، أم لا؟ على قولين.

احدهما: أنه خاص للكفار، قاله الحسن.

والثاني: عام، قاله قتادة.

وللمفسرين في المراد بالنعيم عشرة أقوال.

أحدها: أنه الأمن والصحة، رواه ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، وتارة يأتي موقوفاً عليه، وبه قال مجاهد والشعبي.

والثاني: أنه الماء البارد، رواه أبو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم.

والثالث: أنه خبز البٌرّ والماءُ العذب، قاله أبو أمامه.

والرابع: أنه ملاذ المأكول والمشروب، قاله جابر بن عبد اللّه.

والخامس: أنه صحة الأبدان، والأسماع، والأبصار، قاله ابن عباس. وقال قتادة: هو العافية.

والسادس: أنه الغداء، والعشاء، قاله الحسن.

والسابع: الصحة والفراغ، قاله عكرمة.

والثامن: كل شيء من لذة الدنيا، قاله مجاهد.

والتاسع: أنه إنعام اللّه على الخلق بإرسال محمد صلى اللّه عليه وسلم، قاله القرظي.

والعاشر: أنه صنوف النعم، قاله مقاتل.

والصحيح أنه عام في كل نعيم، وعام في جميع الخلق، فالكافر يُسأل توبيخاً إذا لم يشكر المنعم، ولم يوحده. والمؤمن يُسأل عن شكرها. وفي الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: يقول اللّه تعالى:

«ثلاث لا أسأل عبدي عن كرهن وأسأله عما سوى ذلك، بيت يُكنه، وما يقيم صلبه من الطعام، وما يواري به عورته من اللباس».

﴿ ٠