سُورَةُ الْفِيلِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ سورة الفيل مكية بإجماعهم بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٥ ٢ انظر تفسير الآية:٥ ٣ انظر تفسير الآية:٥ ٤ انظر تفسير الآية:٥ ٥ قوله تعالى: «ألم تر» فيه قولان. احدهما: ألم تخبر، قاله الفراء. والثاني: ألم تعلم، قاله الزجاج. ومعنى الكلام معنى التعجب. وأصحاب الفيل هم الذين قصدوا تخريب الكعبة. وفي سبب قصدهم لذلك قولان: احدهما: أن أبرهة بني بيعة وقال: لست منتهيا حتى أضيف إليها حج العرب، فسمع بذلك رجل من بني كنانة، فخرج فدخلها ليلا، فأحدث فيها فبلغ ذلك أبرهة، فحلف ليسيرن الى الكعبة فيهدمها، قاله ابن عباس. والثاني: أن قوما من قريش خرجوا في تجارة الى أرض النجاشي فنزلوا في جنب بيعة، فأوقدوا نارا، وشووا لحما، فلما رحلوا هبت الريح فاضطرم المكان نارا فغضب النجاشي لأجل البيعة، فقال له كبراء أصحابه منهم حجر بن شراحيل، وأبو يكسوم ـ: لا تحزن، فنحن نهدم الكعبة، قاله مقاتل. وقال ابن اسحاق: أبو يكسوم اسمه أبرهة بن الأشرم. وقيل: وزيره وحجر من قواده.ذكر الإشارة الى القصةذكر أهل التفسير أن أبرهة لما سار بجنوده الى الكعبة ليهدمها خرج معه بالفيل، فلما دنا من مكة أمر أصحابه بالغارة على نعم الناس، فأصابوا إبلا لعبد المطلب، وبعث بعض جنوده فقال: سل عن شريف مكة، وأخبره أني لم آت لقتال، وإنما جئت لأهدم هذا البيت، فانطلق حتى دخل مكة، فلقي عبد المطلب بن هاشم، فقال إن الملك أرسلني إليك لأخبرك أنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه، إنما جاء لهدم هذا البيت، ثم ينصرف عنكم، فقال عبد المطلب: ما له عندنا قتال، وما لنا به يد، إنا سنخلي بينه وبين ما جاء له، فإن هذا بيت اللّه الحرام، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام، فإن يمنعه فهو بيته وحرمه، وإن يخل بينه وبين ذلك، فواللّه ما لنا به قوة. قال: فانطلق معي إلى الملك فلما دخل عبد المطلب على أبرهة أعظمه، وكرمه، ثم قال لترجمانه قل له ما حاجتك إلى الملك؟ فقال له الترجمان، فقال: حاجتي أن يرد علي مائتي بعير أصابها. فقال أبرهة لترجمانه قل له: لقد كنت أعجبتني حين رأيتك، ولقد زهدت الآن فيك، جئت إلى بيت هو دينك لأهدمه، فلم تكلمني فيه، وكلمتني لإبل أصبتها.فقال عبد المطلب: أنا رب هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه. فأمر بإبله فردت عليه، فخرج فأخبر قريشا، وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ورؤوس الجبال خوفا من معرة الجيش إذا دخل، ففعلوا، فأتى عبد المطلب الكعبة، فأخذ بحلقه الباب وجعل يقول: يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهم حماكا إن عدو البيت من عاداكا إمنعهم أن يخربوا قراكا وقال أيضا: لا هم إن المرء يم نع رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك جروا جميع بلادهم والفيل كي يسبوا عيالك عمدوا حماك بكيدهم جهلا وما رقبوا جلالك إن كنت تاركهم وكع تنا فأمر ما بدالك ثم إن أبرهة أبح متهيئا للدخول، فبرك الفيل، فبعثوه فأبى، فضربوه فأبى، فوجهوه إلى اليمن راجعا فقام يهرول، ووجهوه الى الشام ففعل مثل ذلك، والى المشرق ففعل مثل ذلك، فوجهوه إلى الحرم فأبى فأرسل اللّه طيرا من البحر. واختلفوا في صفتها فقال ابن عباس: كانت لهم خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب. وقال عكرمة: كانت لها رؤوس كرؤوس السباع. وقال ابن إسحاق: كانت أمثال الخطاطيف. واختلفوا في ألوانها على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها كانت خضراء قاله عكرمة، وسعيد بن جبير. الثاني: سوداء، قاله عبيد بن عمير. والثالث: بيضاء، قاله قتادة. قال وكان مع كل طير ثلاثة أحجار حجران في رجليه، وحجر في منقاره. واختلفوا في صفة الحجارة فقال بعضهم: كانت كأمثال الحمص والعدس. وقال عبيد بن عمير: بل كان الحجر كرأس الرجل والجمل، فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم، فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك. وكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره. وقيل: كان على كل حجر اسم الذي وقع عليه، فهلكوا ولم يدخلوا الحرم، وبعث اللّه على أبرهة داء في جسده، فتساقطت أنامله، وانصدع صدره قطعتين عن قلبه فهلك. ورأى أهل مكة الطير وقد أقبلت من ناحية البحر، فقال عبد المطلب: إن هذه الطير غريبة ثم إن عبد المطلب بعث ابنه عبد اللّه على فرس ينظر إلى القوم، فرجع يركض ويقول هلك القوم جميعا، فخرج عبد المطلب وأصحابه فغنموا أموالهم. وقيل: لم ينج من القوم إلا أبو يكسوم فسار، وطائر يطير من فوقه، ولا يشعر به حتى دخل على النجاشي فأخبره بما أصاب القوم، فلما أتم كلامه رماه الطائر فمات، فأرى اللّه تعالى النجاشي كيف كان هلاك أصحابه. واختلفوا كم كان بين مولد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبين هذه القصة على ثلاثة أقوال: أحدها: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولد عام الفيل، وهو الأصح. والثاني: كان بينهما ثلاث وعشرون سنة، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: أربعون سنة، حكاه مقاتل. قوله تعالى: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ} وهو ما أرادوا من تخريب الكعبة {فِى تَضْلِيلٍ} أي: في ذهاب والمعنى: أن كيدهم ضل عما قصدوا له، فلم يصلوا إلى مرادهم {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ}. وفي «الأبابيل» خمسة أقوال: احدهما: أنها المتفرقة من هاهنا وهاهنا، قاله ابن مسعود، والأخفش. والثاني: أنها المتتابعة التي يتبع بعضها بعضا، قاله ابن عباس، ومجاهد، ومقاتل. والثالث: الكثيرة، قاله الحسن، وطاووس. والرابع: أنها الجمع بعد الجمع، قاله عطاء، وأبو صالح، وكذلك قال أبو عبيدة، وابن قتيبة، والزجاج، الأبابيل: جماعات في تفرقة. والخامس: المختلفة الألوان، قاله زيد بن أسلم، قال الفراء، وأبو عبيدة؛ الأبابيل: لا واحد لها. قوله تعالى: {تَرْمِيهِم} قرأ أبو عبد الرحمن السلمي «يرميهم» بالياء وقد بينا معنى سجيل في [هود: ٨٢] ومعنى العصف في سورة [الرحمن: ١٢] عز وجل. وفي معنى مأكول ثلاثة أقوال: احدهما: أن يكون أراد أنه أخذ ما فيه من الحب فأكل، وبقي هو لا حب فيه. والثاني: أن يكون أراد أن العصف مأكول البهائم، كما يقال للحنطة: هذا المأكول ولما يؤكل، وللماء هذا المشروب، ولما يشرب. يريد أنهما مما يؤكل ويشرب، ذكرهما ابن قتيبة. والثالث: أن المأكول هاهنا: الذي وقع فيه الأكال. فالمعنى: جعلهم كورق الزرع الذي جف وأكل: أي: وقع فيه الأكال قاله الزجاج. |
﴿ ٠ ﴾