سُورَةُ تَبَّتْ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ سورة تبت وهي مكية بإجماعهم بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٥ ٢ انظر تفسير الآية:٥ ٣ انظر تفسير الآية:٥ ٤ انظر تفسير الآية:٥ ٥ وسبب نزولها ما روى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث سعيد ابن جبير، عن ابن عباس قال لما نزل {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلاْقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] صعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الصفا فقال: «يا صباحاه». فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: ما لك؟ فقال: أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم، أو ممسيكم، أما كنتم تصدقوني؟ قالوا: بلى. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. قال أبو لهب: تبا لك ألهذا دعوتنا؟ فأنزل اللّه تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ} ومعنى تبت: خسرت يدا أبي لهب {وَتَبَّ} أي: وخسر هو. قال الفراء: الأول: دعاء، والثاني: خبر، كما يقول الرجل: أهلكك اللّه وقد أهلكك، وجعلك اللّه صالحا وقد جعلك. وقيل ذكر يديه، والمراد نفسه، ولكن هذا عادة العرب يعبرون ببعض الشيء عن جميعه، كقوله تعالى: {ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: ١٠] وقال مجاهد: «تبت يدا أبي لهب وتب» ولد أبي لهب. فأما أبو لهب فهو عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقيل: إن اسمه عبد العزى وقرأ ابن كثير وحده «أبي لَهْبٍ» بإسكان الهاء. قال أبو علي: يشبه أن يكون لغة كالشمع، والشمع، والنهر، والنهر. فإن قيل: كيف كناه اللّه عز وجل، وفي الكنية نوع تعظيم؟ فعنه جوابان: احدهما: أنه إن صح أن اسمه عبد العزى، فكيف يذكره اللّه بهذا الأسم وفيه معنى الشرك؟ٰ والثاني: أن كثيرا من الناس اشتهروا بكناهم، ولم يعرف لهم أسماء. قال ابن قتيبة: خبرني غير واحد عن الأصمعي أن أبا عمرو بن العلاء، وأبا سفيان ابن العلاء أسماؤهما كناهما، فإن كان اسم أبي لهب كنيته، فإنما ذكره بما لايعرف إلا به. قوله تعالى: {مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ} قال ابن مسعود: لما دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أقربيه إلى اللّه عز وجل. قال أبو لهب: إن كان ما يقول ابن أخي حقا، فإني أفتدي بمالي، وولدي، فقال اللّه عز وجل: {مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} قال الزجاج: و «ما» في موضع رفع، المعنى: ما أغنى عنه ماله و كسبه أي: ولده. وكذلك قال المفسرون: المراد بكسبه هاهنا، ولده و «أغنى» بمعنى يغني {سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} أي: تلتهب عليه من غير دخان {وَٱمْرَأَتُهُ} أي: ستصلى امرأته، وهي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان. وفي هذا دلالة على صحة نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام، لأنه أخبر بهذا المعنى أنه وزوجته يموتان على الكفر، فكان كذلك. إذ لو قالا بألسنتهما: قد أسلمنا، لوجد الكفار متعلقا في الرد على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غير أن اللّه علم أنهما لا يسلمان باطنا، ولا ظاهرا، فأخبره بذلك. قوله تعالى: {حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ} فيه أربعة أقوال: احدهما: أنها كانت تمشي، بالنميمة قاله ابن عباس، ومجاهد، والسدي، والفراء، وقال ابن قتيبة: فشبهوا النميمة بالحطب، والعداوة: والشحناء بالنار، لأنهما يقعان بالنميمة، كما تلتهب النار بالحطب. والثاني: أنها كانت تحتطب الشوك، فتلقيه في طريق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلا رواه عطية عن ابن عباس وبه قال الضحاك، وابن زيد. والثالث: أن المراد بالحطب الخطايا، قاله سعيد بن جبير. والرابع: أنها كانت تعير رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالفقر، وكانت تحتطب فعيرت بذلك، قاله قتادة. وليس بالقوي، لأن اللّه تعالى وصفه بالمال. وقرأ عاصم وحده {حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ} بالنصب.قال الزجاج: من نصب «حمالة» فعلى الذم. والمعنى: أعني: حمالة الحطب. والجيد: العنق. والمسد في لغة العرب: الحبل إذا كان من ليف المقل. وقد يقال لما كان من أوبار الإبل من الحبال: المسد قال الشاعر: ومسد أمر من أيانق صهب عتاق ذات مخ زاهق وقال ابن قتيبة: المسد عند كثير من الناس الليف: دون غيره، وليس كذلك، إنما المسد: كل ما ضفر وقتل من الليف وغيره. واختلف المفسرون في المراد بهذا الحبل على ثلاثة أقوال. أحدها: أنها حبال كانت تكون بمكة، رواه العوفي عن ابن عباس. وقال الضحاك: حبل من شجر كانت تحتطب به. والثاني: أنه قلادة من ودع، قاله قتادة. والثالث: أنه سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعا، قاله عروة بن الزبير. وقال غيره: المراد بهذا الحبل: السلسلة التي ذكرها اللّه تعالى في النار طولها سبعون ذراعا، والمعنى: أن تلك السلسلة قد فتلت فتلا محكما، فهي في عنقها تعذب بها في النار. |
﴿ ٠ ﴾