١٥٠ثم قال تعالى: {بل اللّه مولاكم وهو خير الناصرين} والمعنى أنكم إنما تطيعون الكفار لينصروكم ويعينوكم على مطالبكم وهذا جهل، لأنهم عاجزون متحيرون، والعاقل يطلب النصرة من اللّه تعالى، لأنه هو الذي ينصركم على العدو ويدفع عنكم كيده، ثم بين أنه خير الناصرين، ولو لم يكن المراد بقوله: {مولاكم وهو خير الناصرين} النصرة، لم يصح أن يتبعه بهذا القول، وإنما كان تعالى خير الناصرين لوجوه: الأول: أنه تعالى هو القادر على نصرتك في كل ما تريد، والعالم الذي لا يخفى عليه دعاؤك وتضرعك، والكريم الذي لا يبخل في جوده، ونصرة العبيد بعضهم لبعض بخلاف ذلك في كل هذه الوجوه، والثاني: أنه ينصرك في الدنيا والآخرة، وغيره ليس كذلك، والثالث: أنه ينصرك قبل سؤالك ومعرفتك بالحاجة، كما قال: {قل من يكلؤكم باليل والنهار} (الأنبياء: ٤٢) وغيره ليس كذلك. واعلم أن قوله: {وهو خير الناصرين} ظاهره يقتضي أن يكون من جنس سائر الناصرين وهو منزه عن ذلك، لكنه ورد الكلام على حسب تعارفهم كقوله: {وهو أهون عليه} (الروم: ٢٧). |
﴿ ١٥٠ ﴾