١٦٦

{ومآ أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين }.

اعلم أن هذا متعلق بما تقدم من قوله: {أو لما أصابتكم مصيبة} (آل عمران: ١٦٥) فذكر في هذه الآية الأولى أنها أصابتهم بذنبهم ومن عند أنفسهم، وذكر في هذه الآية أنها أصابتهم لوجه آخر، وهو أن يتميز المؤمن عن المنافق، وفي الآية مسائل:

المسألة الأولى: قوله: {يوم التقى الجمعان} (الفرقان: ٤١) المراد يوم أحد، والجمعان:

أحدهما جمع المسلمين أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم ،

والثاني: جمع المشركين الذين كانوا مع أبي سفيان.

المسألة الثانية: في قوله: {فبإذن اللّه} وجوه:

الأول: أن اذن اللّه عبارة عن التخلية وترك المدافعة، استعار الاذن لتخلية الكفار فانه لم يمنعهم منهم ليبتليهم، لأن الاذن في الشيء لا يدفع المأذون عن مراده، فلما كان ترك المدافعة من لوازم الاذن أطلق لفظ الاذن على ترك المدافعة على سبيل المجاز.

الوجه الثاني: فباذن اللّه: أي بعلمه كقوله: {وأذان من اللّه} (التوبرة: ٣) أي إعلام، وكقوله: {ما منا من شهيد وضل} (فصلت: ٤٧) وقوله: {فأذنوا بحرب من اللّه} (البقرة: ٢٧٩) وكل ذلك بمعنى العلم.

طعن الواحدي فيه فقال: الآية تسلية للمؤمنين مما أصابهم ولا تقع التسلية إلا إذا كان واقعا بعلمه، لأن علمه عام في جميع المعلومات بدليل قوله تعالى: {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} (فاطر: ١١).

الوجه الثالث: أن المراد من الاذن الأمر، بدليل قوله: {ثم صرفكم عنهم ليبتليكم} (آل عمران: ١٥٢) والمعنى أنه

تعالى لما أمر بالمحاربة، ثم صارت تلك المحاربة مؤدية إلى ذلك الانهزام، صح على سبيل المجاز أن يقال حصل ذلك بأمره.

الوجه الرابع: وهو المنقول عن ابن عباس: أن المراد من الاذن قضاء اللّه بذلك وحكمه به وهذا أولى لأن الآية تسلية للمؤمنين مما أصابهم، والتسلية إنما تحصل إذا قيل ان ذلك وقع بقضاء اللّه وقدره، فحينئذ يرضون بما قضى اللّه.

﴿ ١٦٦