١٨٢ثم قال تعالى: {ذالك بما قدمت أيديكم وأن اللّه ليس بظلام للعبيد} وفي الآية مسائل: المسألة الأولى: أنه تعالى لما ذكر الوعيد الشديد ذكر سببه فقال: {ذالك بما قدمت أيديكم} أي هذا العذاب المحرق جزاء فعلكم حيث وصفتم اللّه وأقدمتم على قتل الأنبياء، فيكون هذا العقاب عدلا لا جورا. المسألة الثانية: قال الجبائي: الآية تدل على أن فعل العقاب بهم كان يكون ظلما بتقدير أن لا يقع منهم تلك الذنوب، وفيه بطلان قول المجبرة: ان اللّه يعذب الأطفال بغير جرم، ويجوز أن يعذب البالغين بغير ذنب، ويدل على كون العبد فاعلا، وإلا لكان الظلم حاصلا. والجواب: ان ما ذكرتم معارض بمسألة الداعي ومسألة العلم على ما شرحناه مرارا وأطوارا. المسألة الثالثة: لقائل أن يقول: {وما ربك بظلام للعبيد} (فصلت: ٤٦) يفيد نفي كونه ظلاما، ونفي الصفة يوهم بقاء الأصل، فهذا يقتضي ثبوت أصل الظلم. أجاب القاضي عنه بأن العذاب الذي توعد بأن يفعله بهم لو كان ظلما لكان عظيما، فنفاه على حد عظمه لو كان ثابتا، وهذا يؤكد ما ذكرنا أن إيصال العقاب اليهم يكون ظلما لو لم يكونوا مذنبين. المسألة الرابعة: اعلم أن ذكر الأيدي على سبيل المجاز، لأن الفاعل هو الانسان لا اليد، إلا أن اليد لما كانت آلة الفعل حسن إسناد الفعل اليها على سبيل المجازثم في هذه الآية ذكر اليد بلفظ الجمع فقال: {بما قدمت أيديكم} وفي آية أخرى ذكر بلفظ التثنية فقال: {ذالك بما قدمت يداك} (الحج: ١٠) والكل حسن متعارف في اللغة. |
﴿ ١٨٢ ﴾