٦٧

{وإذا لاتيناهم من لدنا أجرا عظيما}.

واعلم أنه تعالى لما بين أن هذا الاخلاص في الايمان خير مما يريدونه من النفاق وأكثر ثباتا وبقاء، بين أنه كما أنه في نفسه خير فهو أيضا مستعقب الخيرات العظيمة وهو الأجر العظيم والثواب العظيم.

قال صاحب "الكشاف": و"إذا" جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل: ماذا يكون من هذا الخير والتثبيت.

فقيل: هو أن نؤتيهم من لدنا أجرا عظيما، كقوله: {ويؤت من لدنه أجرا عظيما} (النساء: ٤).

وأقول: إنه تعالى جمع في هذه الآية قرائن كثيرة، كل واحدة منها تدل على عظم هذا الأجر.

أحدها: أنه ذكر نفسه بصيغة العظمة وهي قوله: {ءاتيناه} وقوله: {من لدنا} والمعطي الحكيم إذا ذكر نفسه باللفظ الدال على عظمة عند الوعد بالعطية دل ذلك على عظمة تلك العطية

وثانيها: قوله: {من لدنا} وهذا التخصيص يدل على المبالغة، كما في قوله: {وعلمناه من لدنا علما} (الكهف: ٦٥)

وثالثها: أن اللّه تعالى وصف هذا الأجر بالعظيم، والشيء الذي وصفه أعظم العظماء بالعظمة لا بد وأن يكون في نهاية الجلالة، وكيف لا يكون عظيما، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".

النوع الرابع: قوله:

﴿ ٦٧