٢١{ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا ...} اعلم أنه تعالى لما حكم على أولئك المنكرين بالخسران في الآية الأولى بين في هذه الآية سبب ذلك الخسران، وهو أمران: أحدهما: أن يفترى على اللّه كذبا، وهذا الافتراء يحتمل وجوها: الأول: أن كفرا مكة كانوا يقولون هذه الأصنام شركاء اللّه، واللّه سبحانه وتعالى أمرهم بعبادتها والتقرب إليها، وكانوا أيضا يقولون الملائكة بنات اللّه، ثم نسبوا إلى اللّه تحريم البحائر والسوائب. وثانيها: أن اليهود والنصارى كانوا يقولون: حصل في التوراة والإنجيل أن هاتين الشريعتين لا يتطرق إليهما النسخ والتغيير، وأنهما لا يجيء بعدهما نبي، وثالثها: ما ذكره اللّه تعالى في قوله {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها ءاباءنا واللّه أمرنا بها} (الأعراف: ٢٨) ورابعها: أن اليهود كانوا يقولون {نحن أبناء اللّه وأحباؤه} (المائدة: ١٨) وكانوا يقولون {لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} (البقرة: ٨٠) وخامسها: أن بعض الجهال منهم كان يقول: إن اللّه فقير ونحن أغنياء، وأمثال هذه الأباطيل التي كانوا ينسبونها ألى اللّه كثيرة، وكلها افتراء منهم على اللّه. والنوع الثاني: من أسباب خسرانهم تكذيبهم بآيات اللّه، والمراد منه قدحهم في معجزات محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وطعنهم فيها وإنكارهم كون القرآن معجزة قاهرة بينة، ثم إنه تعالى لما حكى عنهم هذين الأمرين قال: {إنه لا يفلح الظالمون} أي لا يظفرون بمطالبهم في الدنيا وفي الآخرة بل يبقون في الحرمان والخذلان. |
﴿ ٢١ ﴾