٢١

ثم قال تعالى: {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين} أي وأقسم لهما إني لكما لمن الناصحين.

فإن قيل: المقاسمة أن تقسم لصاحبك ويقسم لك. تقول: قاسمت فلانا أي حالفته، وتقاسما تحالفا ومنه قوله تعالى: {تقاسموا باللّه لنبيتنه وأهله} (النمل: ٤٩).

قلنا: فيه وجوه:

الأول: التقدير أنه قال: أقسم لكما إني لكما لمن الناصحين. وقالا له: أتقسم باللّه إنك لمن الناصحين؟ فجعل ذلك مقاسمة بينهم.

والثاني: أقسم لهما بالنصيحة، وأقسما له بقبولها.

الثالث: أنه أخرج قسم إبليس على زنة المفاعلة، لأنه اجتهد فيه اجتهاد المقاسم.

إذا عرفت هذا فنقول: قال قتادة: حلف لهما باللّه حتى خدعهما، وقد يخدع المؤمن باللّه،

وقوله: {إني لكما لمن الناصحين} أي قال إبليس: إني خلقت قبلكما، وأنا أعلم أحوالا كثيرة من المصالح والمفاسد لا تعرفانها فامتثلا قولي أرشدكما.

﴿ ٢١