٣٩

{وقالت أولاهم لاخراهم فما كان لكم علينا من فضل}

أي في ترك الكفر والضلال، وإنا متشاركون في استحقاق العذاب.

ولقائل أن يقول: هذا منهم كذب، لأنهم لكونهم رؤساء وسادة وقادة، قد دعوا إلى الكفر وبالغوا في الترغيب فيه، فكانوا ضالين ومضلين،

وأما الأتباع والسفلة، فهم وإن كانوا ضالين، إلا أنهم ما كانوا مضلين، فبطل قولهم أنه لا فضل للأتباع على الرؤساء في ترك الضلال والكفر.

وجوابه: أن أقصى ما في الباب أن الكفار كذبوا في هذا القول يوم القيامة، وعندنا أن ذلك جائز، وقد قررناه في سورة الأنعام في قوله: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين} (الأنعام: ٢٣).

أما قوله: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون} فهذا يحتمل أن يكون من كلام القادة، وإن يكون من قول اللّه تعالى لهم جميعا.

واعلم أن المقصود من هذا الكلام التخويف والزجر، لأنه تعالى لما أخبر عن الرؤساء والأتباع أن بعضهم يتبرأ عن بعض، ويلعن بعضهم بعضا، كان ذلك سببا لوقوع الخوف الشديد في القلب.

﴿ ٣٩