٨٨{قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب ...} اعلم أن شعيبا لما قرر تلك الكلمات قال: {الذين استكبروا} وأنفوا من تصديقه وقبول قوله لا بد من أحد أمرين: أما أن ونخرجك ونخرج أتباعك من هذه القرية. وأما أن تعود إلى ملتنا، والإشكال فيه أن يقال: إن قولهم: {أو لتعودن فى ملتنا} يدل على أنه عليه السلام كان على ملتهم التي هي الكفر، فهذا يقتضي أنه عليه السلام كان كافرا قبل ذلك، وذلك في غاية الفساد، وقوله: {قد افترينا على اللّه كذبا إن عدنا فى ملتكم} يدل أيضا على هذا المعنى. والجواب من وجوه: الأول: أن أتباع شعيب كانوا قبل دخولهم في دينه كفارا فخاطبوا شعيبا بخطاب أتباعه وأجروا عليه أحكامهم. الثاني: أن رؤساءهم قالوا ذلك على وجه التلبيس على العوام يوهمون أنه كان منهم، وأن شعيبا ذكر جوابه على وفق ذلك الإيهام. الثالث: أن شعيبا في أول أمره كان يخفي دينه ومذهبه، فتوهموا أنه كان على دين قومه. الرابع: لا يبعد أن يقال: إن شعيبا كان على شريعتهم، ثم إنه تعالى نسخ تلك الشريعة بالوحي الذي أوحاه إليه. الخامس: المراد من قوله: {أو لتعودن فى ملتنا} أي لتصيرن إلى ملتنا فوقع العود بمعنى الابتداء. تقول العرب: قد عاد إلي من فلان مكروه، يريدون قد صار إلي منه المكروه ابتداء. قال الشاعر: ( فإن تكن الأيام أحسن مدة إلى فقد عادت لهن ذنوب ) أراد فقد صارت لهن ذنوب، ولم يرد أن ذنوبا كانت لهن قبل الإحسان، ثم إنه تعالى بين أن القوم لما قالوا ذلك. أجاب شعيب عليه السلام عن كلامهم بوجهين: الأول: قوله: {ولو كنا * كارهين} الهمزة للاستفهام، والواو واو الحال. تقديره: أتعيدوننا في ملتكم في حال كراهتنا، ومع كوننا كارهين: |
﴿ ٨٨ ﴾