٩٣ثم قال تعالى: {الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين} وإنما كرر قوله: {الذين كذبوا شعيبا} لتعظيم المذلة لهم وتفظيع ما يستحقون من الجزاء على جهلهم والعرب تكرر مثل هذا في التفخيم والتعظيم، فيقول الرجل لغيره: أخوك الذي ظلمنا، أخوك الذي أخذ أموالنا، أخوك الذي هتك أعراضنا، وأيضا أن القوم لما قالوا: {لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون} بين تعالى أن الذين لم يتبعوه وخالفوه هم الخاسرون. ثم قال تعالى: {فتولى عنهم} واختلفوا في أنه تولى بعد نزول العذاب بهم أو قبل ذلك، وقد سبق ذكر هذه المسألة. قال الكلبي: خرج من بين أظهرهم، ولم يعذب قوم نبي حتى أخرج من بينهم. ثم قال: {فكيف ءاسى على قوم كافرين} الأسى شدة الحزن. قال العجاج: ( وانحلبت عيناه من فرط الأسى) إذا عرفت هذا فنقول: في الآية قولان: القول الأول: أنه اشتد حزنه على قومه، لأنهم كانوا كثيرين، وكان يتوقع منهم الاستجابة للإيمان، فلما أن نزل بهم ذلك الهلاك العظيم، حصل في قلبه من جهة الوصلة والقرابة والمجاورة وطول الألفة. ثم عزى نفسه وقال: {فكيف ءاسى على قوم كافرين} لأنهم هم الذين أهلكوا أنفسهم بسبب إصرارهم على الكفر. والقول الثاني: أن المراد لقد أعذرت إليكم في الإبلاغ والنصيحة والتحذير مما حل بكم، فلم تسمعوا قولي، ولم تقبلوا نصيحتي {فكيف ءاسى * عليكم} يعني أنهم ليسوا مستحقين بأن يأسى الإنسان عليهم. قال صاحب "الكشاف": وقرأ يحيى بن وثاب {فكيف} بكسر الهمزة. |
﴿ ٩٣ ﴾