٩٥{سيحلفون باللّه لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ...}. اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم في الآية الأولى أنهم يعتذرون، ذكر في هذه الآية أنهم كانوا يؤكدون تلك الأعذار بالإيمان الكاذبة. أما قوله: {سيحلفون باللّه لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم} فاعلم أن هذا الكلام يدل على أنهم حلفوا باللّه، ولم يدل على أنهم على أي شيء حلفوا؟ فقيل: إنهم حلفوا على أنهم ما قدروا على الخروج، وإنما حلفوا على ذلك لتعرضوا عنهم أي لتصفحوا عنهم، ولتعرضوا عن ذمهم. ثم قال تعالى: {فأعرضوا عنهم} قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: يريد ترك الكلام والسلام. قال مقاتل: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم حين قدم المدينة: "لا تجالسوهم ولا تكلموهم" قال أهل المعاني: هؤلاء طلبوا إعراض الصفح، فأعطوا إعراض المقت، ثم ذكر العلة في وجوب الإعراض عنهم، فقال: {إنهم رجس} والمعنى: أن خبث باطنهم رجس روحاني، فكما يجب الاحتراز عن الأرجاس الجسمانية، فوجوب الاحتراز عن الأرجاس الروحانية أولى، خوفا من سريانها إلى الإنسان، وحذرا من أن يميل طبع الإنسان إلى تلك الأعمال. ثم قال تعالى: {ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون} ومعناه ظاهر، ولما بين في الآية أنهم يحلفون باللّه ليعرض المسلمون عن إيذائهم، بين أيضا أنهم يحلفون ليرضى المسلمون عنهم، ثم إنه تعالى نهى المسلمين عن أن يرضوا عنهم، |
﴿ ٩٥ ﴾