٢ثم قال: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} وفيه مسائل: المسألة الأولى: روي أن علماء اليهود قالوا لكبراء المشركين، سلوا محمدا لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر، وعن كيفية قصة يوسف، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية، وذكر فيها أنه تعالى عبر عن هذه القصة بألفاظ عربية، ليتمكنوا من فهمها ويقدروا على تحصيل المعرفة بها. والتقدير: إنا أنزلنا هذا الكتاب الذي فيه قصة يوسف في حال كونه قرآنا عربيا، وسمى بعض القرآن قرآنا، لأن القرآن اسم جنس يقع على الكل والبعض. المسألة الثانية: احتج الجبائي بهذه الآية على كون القرآن مخلوقا من ثلاثة أوجه: الأول: أن قوله: {إنا أنزلناه} يدل عليه، فإن القديم لا يجوز تنزيله وإنزاله وتحويله من حال إلى حال، الثاني: أنه تعالى وصفه بكونه عربيا والقديم لا يكون عربيا ولا فارسيا. الثالث: أنه لما قال: {إنا أنزلناه قرانا عربيا} دل على أنه تعالى كان قادرا على أن ينزله لا عربيا، وذلك يدل على حدوثه. الرابع: أن قوله: {تلك ءايات الكتاب} يدل على أنه مركب من الآيات والكلمات، وكل ما كان مركبا كان محدثا. والجواب عن هذه الوجوه بأسرها أن نقول: إنها تدل على أن المركب من الحروف والكلمات والألفاظ والعبارات محدث وذلك لا نزاع فيه، إنما الذي ندعي قدمه شيء آخر فسقط هذا الاستدلال. المسأل الثالثة: احتج الجبائي بقوله: {لعلكم تعقلون} فقال: كلمة "لعل" يجب حملها على الجزم والتقدير: إنا أنزلناه قرآنا عربيا لتعقلوا معانيه في أمر الدين، إذ لا يجوز أن يراد بلعلكم تعقلون؟ الشك لأنه على اللّه محال، فثبت أن المراد أنه أنزله لإرادة أن يعرفوا دلائله، وذلك يدل على أنه تعالى أراد من كل العباد أن يعقلوا توحيده وأمر دينه، من عرف منهم، ومن لم يعرف، بخلاف قول المجبرة. والجواب: هب أن الأمر ما ذكرتم إلا أنه يدل على أنه تعالى أنزل هذه السورة، وأراد منهم معرفة كيفية هذه القصة ولكن لم قلتم إنها تدل على أنه تعالى أراد من الكل الإيمان والعمل الصالح. |
﴿ ٢ ﴾