٥٢

 وثالثها: قول يوسف عليه السلام: {ذالك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب} والحشوية يذكرون أنه لما قال يوسف هذا الكلام قال جبريل عليه السلام، ولا حين هممت، وهذا من رواياتهم الخبيثة وما صحت هذه الرواية في كتاب معتمد، بل هم يلحقونها بهذا الموضع سعيا منهم في تحريف ظاهر القرآن.

ورابعها: قوله: {وأن اللّه لا يهدى كيد الخائنين} يعني أن صاحب الخيانة لا بد وأن يفتضح، فلو كنت خائنا لوجب أن افتضح وحيث لم افتضح وخلصني اللّه تعالى من هذه الورطة، فكل ذلك يدل على أني ما كنت من الخائنين، وههنا وجه آخر وهو أقوى من الكل، وهو أن في هذا الوقت تلك الواقعة صارت مندرسة، وتلك المحنة صارت منتهية، فإقدامه على قوله: {ذالك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب} مع أنه خانه بأعظم وجوه الخيانة إقدام على وقاحة عظيمة، وعلى كذب عظيم من غير أن يتعلق به مصلحة بوجه ما، والإقدام على مثل هذه الوقاحة من غير فائدة أصلا لا يليق بأحد من العقلاء، فكيف يليق إسناده إلى سيد العقلاء، وقدوة الأصفياء؟ فثبت أن هذه الآية تدل دلالة قاطعة على براءته مما يقوله الجهال والحشوية.

﴿ ٥٢