٧٨

واعلم أن موسى عليه السلام لما ذكر هذا الكلام {قال} العالم: {هذا فراق بينى وبينك} وههنا سؤالات.

السؤال الأول: قوله: هذه إشارة إلى ماذا؟

 والجواب من وجهين:

 الأول: أن موسى عليه السلام قد شرط أنه إن سأله بعد ذلك سؤالا آخر يحصل الفراق حيث قال: {إن سألتك عن شىء بعدها فلا تصاحبنى} فلما ذكر هذا السؤال فارقه ذلك العالم وقال: {هذا  فراق بينى وبينك} أي هذا الفراق الموعود.

الثاني: أن يكون قوله هذا إشارة إلى السؤال الثالث أي هذا الاعتراض هو سبب الفراق.

السؤال الثاني: ما معنى قوله: {هذا  فراق بينى وبينك}؟

الجواب: معناه هذا فراق حصل بيني وبينك، فأضيف المصدر إلى الظرف، حكى القفال عن بعض أهل العربية أن البين هو الوصل لقوله تعالى: {لقد تقطع بينكم} فكان المعنى هذا فراق بيننا، أي اتصالنا، كقول القائل: أخزى اللّه الكاذب مني ومنك، أي أحدنا هكذا قاله الزجاج، ثم قال العالم لموسى عليه السلام: {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} أي سأخبرك بحكمة هذه المسائل الثلاثة، وأصل التأويل راجع إلى قولهم آل الأمر إلى كذا أي صار إليه، فإذا قيل: ما تأويله فالمعنى ما مصيره.

﴿ ٧٨