٣

{إذ نادى ربه ندآء خفيا}

قوله تعالى: {إذ نادى ربه نداء خفيا} راعى سنة اللّه في إخفاء دعوته لأن الجهر والإخفاء عند اللّه سيان فكان الإخفاء أولى لأنه أبعد عن الرياء وأدخل في الإخلاص.

وثانيها: أخفاه لئلا يلام على طلب الولد في زمان الشيخوخة.

وثالثها: أسره من مواليه الذين خافهم.

ورابعها: خفي صوته لضعفه وهرمه كما جاء في صفة الشيخ صوته خفات وسمعه تارات، فإن قيل من شرط النداء الجهر فكيف الجمع بين كونه نداء وخفيا،

والجواب من وجهين:

الأول: أنه أتى بأقصى ما قدر عليه من رفع الصوت إلا أن الصوت كان ضعيفا لنهاية الضعف بسبب الكبر فكان نداء نظرا إلى قصده وخفيا نظرا إلى الواقع.

الثاني: أنه دعا في الصلاة لأن اللّه تعالى أجابه في الصلاة لقوله تعالى:

{فنادته الملئكة وهو قائم يصلى فى المحراب أن اللّه يبشرك بيحيى} (آل عمران: ٣٩) فكون الإجابة في الصلاة يدل على كون الدعاء في الصلاة فوجب أن يكون النداء فيها خفيا.

﴿ ٣