٥٩

{قل الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى ءآللّه خير أما يشركون}.

في هذه الآية قولان:

الأول: أنه متعلق بما قبله من القصص والمعنى الحمد للّه على إهلاكهم وسلام على عباده الذين اصطفى بأن أرسلهم ونجاهم

الثاني: أنه مبتدأ فإنه تعالى لما ذكر أحوال الأنبياء عليهم السلام وكان محمد صلى اللّه عليه وسلم كالمخالف لمن قبله في أمر العذاب لأن عذاب الاستئصال مرتفع عن قومه، أمره تعالى بأن يشكر ربه على ما خصه بهذه النعم، وبأن يسلم على الأنبياء عليهم السلام الذين صبروا على مشاق الرسالة.

فأما قوله: {اللّه خير أما يشركون} فهو تبكيت للمشركين وتهكم بحالهم، وذلك أنهم آثروا عبادة الأصنام على عبادة اللّه تعالى، ولا يؤثر عاقل شيئا على شيء إلا لزيادة خير ومنفعة، فقيل لهم هذا الكلام تنبيها على نهاية ضلالهم وجهلهم وقرىء {يشركون} بالياء والتاء، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان إذا قرأها قال: "بل اللّه خير وأبقى وأجل وأكرم".

ثم اعلم أنه سبحانه وتعالى تكلم بعد ذلك في عدة فصول:

الفصل الأول: في الرد على عبدة الأوثان، ومدار هذا الفصل على بيان أنه سبحانه وتعالى هو الخالق لأصول النعم وفروعها، فكيف تحسن عبادة ما لا منفعة منه ألبتة،

ثم إنه سبحانه وتعالى ذكر أنواعا: النوع الأول ـ ما يتعلق بالسموات

﴿ ٥٩