٤{أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا سآء ما يحكمون}. لما بين حسن التكليف بقوله: {أحسب الناس أن يتركوا} بين أن من كلف بشيء ولم يأت به يعذب وإن لم يعذب في الحال فسيعذب في الإستقبال ولا يفوت اللّه شيء في الحال ولا في المآل، وهذا إبطال مذهب من يقول التكاليف إرشادات والإيعاد عليه ترغيب وترهيب ولا يوجد من اللّه تعذيب ولو كان يعذب ما كان عاجزا عن العذاب عاجلا فلم كان يؤخر العقاب فقال تعالى: {أم حسب الذين * يعلمون * السيئات أن يسبقونا} يعني ليس كما قالوا بل يعذب من يعذب ويثيب من يثيب بحكم الوعد والإيعاد واللّه لا يخلف الميعاد، وأما الإمهال فلا يفضي إلى إلهمال والتعجيل في جزاء الأعمال شغل من يخاف الفوت لولا الإستعجال. ثم قال تعالى: {ساء ما يحكمون} يعني حكمهم بأنهم يعصون ويخالفون أمر اللّه ولا يعاقبون حكم سيء فإن الحكم الحسن لا يكون إلا حكم العقل أو حكم الشرع والعقل لا يحكم على اللّه بذلك فإن اللّه له أن يفعل ما يريد والشرع حكمه بخلاف ما قالوه، فحكمهم حكم في غاية السوء والرداءة. |
﴿ ٤ ﴾