٢٨{ياأيها النبى قل لازواجك إن كنتن تردن الحيواة الدنيا ...}. وجه التعلق هو أن مكارم الأخلاق منحصرة في شيئين التعظيم لأمر اللّه والشفقة على خلق اللّه، وإلى هذا أشار عليه السلام بقوله: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" ثم إن اللّه تعالى لما أرشد نبيه إلى ما يتعلق بجانب التعظيم للّه بقوله: {منتظرون ياأيها النبى اتق اللّه} (الأحزاب: ١) ذكر ما يتعلق بجانب الشفقة وبدأ بالزوجات فإنهن أولى الناس بالشفقة، ولهذا قدمهن في النفقة، وفي الآية مسائل فقهية منها أن التخيير هل كان واجبا على النبي عليه السلام أم لا؟ فنقول التخيير قولا كان واجبا من غير شك لأنه إبلاغ الرسالة، لأن اللّه تعالى لما قال له قل لهم صار من الرسالة، وأما التخيير معنى فمبني على أن الأمر للوجوب أم لا؟ والظاهر أنه للوجوب، ومنها أن واحدة منهن لو اختارت الفراق هل كان يصير اختيارها فراقا والظاهر أنه لا يصير فراقا وإنما تبين المختارة نفسها بإبانة من جهة النبي صلى اللّه عليه وسلم لقوله تعالى: {فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا} ومنها أن واحدة منهن إن اختارت نفسها وقلنا بأنها لا تبين إلا بإنابة من جهة النبي عليه السلام فهل كان يجب على النبي عليه السلام الطلاق أم لا؟ الظاهر نظرا إلى منصب النبي عليه السلام أنه كان يجب، لأن الخلف في الوعد من النبي غير جائز بخلاف واحد منا، فإنه لا يلزمه شرعا الوفاء بما يعد ومنها أن المختارة بعد البينونة هل كانت تحرم على غيره أم لا، والظاهر أنها لا تحرم، وإلا لا يكون التخيير ممكنا لها من التمتع بزينة الدنيا، ومنها أن من اختارت اللّه ورسوله كان يحرم على النبي عليه الصلاة والسلام طلاقها أم لا؟ الظاهر الحرمة نظرا إلى منصب الرسول عليه الصلاة والسلام على معنى أن النبي عليه السلام لا يباشره أصلا، بمعنى أنه لو أتى به لعوقب أو عوتب، وفيها لطائف لفظية منها تقديم اختيار الدنيا، إشارة إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام غير ملتفت إلى جانبهن غاية الالتفات وكيف وهو مشغول بعبادة ربه، ومنها قوله عليه السلام: {وأسرحكن سراحا جميلا} إشارة إلى ما ذكرنا، فإن السراح الجميل مع التأذي القوي لا يجتمع في العادة، فعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يتأثر من اختيارهن فراقه بدليل أن التسريح الجميل منه، |
﴿ ٢٨ ﴾