٢٩{إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون} ثم بين اللّه تعالى ما كان بقوله: {إن كانت} الواقعة {إلا صيحة} وقال الزمخشري أصله إن كان شيء إلا صيحة فكان الأصل أن يذكر، لكنه تعالى أنث لما بعده من المفسر وهو الصيحة. وقوله تعالى: {واحدة} تأكيد لكون الأمر هينا عند اللّه. وقوله تعالى: {فإذا هم خامدون} فيه إشارة إلى سرعة الهلاك فإن خمودهم كان من الصيحة وفي وقتها لم يتأخر، ووصفهم بالخمود في غاية الحسن وذلك لأن الحي فيه الحرارة الغزيرية وكلما كانت الحرارة أوفر كانت القوة الغضبية والشهوانية أتم وهم كانوا كذلك، أما الغضب فإنهم قتلوا مؤمنا كان ينصحهم، وأما الشهوة فلأنهم احتملوا العذاب الدائم بسبب استيفاء اللذات الحالية فإذن كانوا كالنار الموقدة، ولأنهم كانوا جبارين مستكبرين كالنار ومن خلق منها فقال: {فإذا هم خامدون} وفيه وجه آخر: وهو أن العناصر الأربعة يخرج بعضها عن طبيعته التي خلقه اللّه عليها ويصير العنصر الآخر بإرادة اللّه فالأحجار تصير مياها، والمياه تصير أحجارا وكذلك الماء يصير هواء عند الغليان والسخونة والهواء يصير ماء للبرد ولكن ذلك في العادة بزمان، وأما الهواء فيصير نارا والنار تصير هواء بالاشتعال والخمود في أسرع زمان، فقال خامدين بسببها فخمود النار في السرعة كإطفاء سراج أو شعلة. |
﴿ ٢٩ ﴾