٣١

{ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون}

ثم إن اللّه تعالى لما بين حال الأولين قال للحاضرين: {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون} أي الباقون لا يرون ما جرى على من تقدمهم، ويحتمل أن يقال: إن الذين قيل في حقهم: {عليهم حسرة} (يس: ٣٠) هم الذين قال في حقهم: {ألم يروا} ومعناه أن كل مهلك تقدمه قوم كذبوا وأهلكوا إلى قوم نوح وقبله.

وقوله: {أنهم إليهم لا يرجعون} بدل في المعنى عن قوله: {كم أهلكنا} وذلك لأن معنى: {كم أهلكنا} ألم يروا كثرة إهلاكنا، وفي معنى، ألم يروا المهلكين الكثيرين أنهم إليهم لا يرجعون، وحينئذ يكون كبدل الاشتمال، لأن قوله: {أنهم إليهم لا يرجعون} حال من أحوال المهلكين، أي أهلكوا بحيث لا رجوع لهم إليهم فيصير كقولك: ألا ترى زيدا أدبه، وعلى هذا فقوله: {أنهم إليهم لا يرجعون} فيه وجهان

أحدهما: أهلكوا إهلاكا لا رجوع لهم إلى من في الدنيا

وثانيهما: هو أنهم لا يرجعون إليهم، أي الباقون لا يرجعون إلى المهلكين بنسب ولا ولادة، يعني أهلكناهم وقطعنا نسلهم، ولا شك في أن إلهلاك الذي يكون مع قطع النسل أتم وأعم،

والوجه الأول أشهر نقلا،

والثاني أظهر عقلا، ثم قال تعالى:

﴿ ٣١