٣

ثم إنه تعالى لما وصفهم بالعزة والشقاق خوفهم فقال: {كما * أهلكنا * قبلهم من قرن فنادوا} والمعنى أنهم نادوا عند نزول العذاب في الدنياعند نزول العذاب في الدنيا ولم يذكر بأي شيء نادوا، وفيه وجوه

الأول: وهو الأظهر أنهم نادوا بالاستغاثة لأن نداء من نزل به العذاب ليس إلا بالاستغاثة

الثاني: نادوا بالإيمان والتوبة عند معاينة العذاب

الثالث: نادوا أي رفعوا أصواتهم، يقال فلان أندى صوتا من فلان أي ارفع صوتا، ثم قال: {ولات حين مناص} يعنيولم يكن ذلك الوقت وقت فرار من العذاب وهو كقوله: {فلما رأوا بأسنا * قالا * من} (غافر: ٨٤)

وقال: {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجئرون} (المؤمنون: ٦٤)

والجؤار رفع الصوت بالتضرع والاستغاثة وكقوله: {ءالئن وقد عصيت قبل} (يونس: ٩١)

وقوله: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} (غافر: ٨٥)

بقي ههنا أبحاث:

البحث الأول: في تحقيق الكلام في لفظ {لأت} الخليل وسيبويه أن لات هي لا المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث كما زيدت على رب وثم للتأكيد، وبسب هذه الزيادة حدثت لها أحكام جديدة، منها أنها لا تدخل إلا على الأحيان، ومنها أن لا يبرز إلا أحد جزءيها،

أما الاسم

وأما الخبر ويمتنع بروزهما جميعا، وقال الأخفش إنها لا النافية للجنس زيدت عليها التاء، وخصت بنفي الأحيان {وحين * مناص} منصوب بها كأنك قلت ولات حين مناص لهم ويرتفع بالإبتداء أي ولات حين مناص كائن لهم.

البحث الثاني: الجمهور يقفون على التاء من قوله: {ولات} والكسائي يقف عليها بالهاء كما يفق على الأسماء المؤنثة، قال صاحب "الكشاف":

وأما قول أب يعبيدة التاء داخلة على الحين فلا وجه له، واستشهاده بأن التاء ملتزقة بحين في مصحف عثمان فضعيف فكم وقعت في المصحف أشياء خارجة عن قياس الخط.

البحث الثالث: المناص المنجا والغوث، يثال ناصه إذا أغاثه، واستناص طلب المناص، واللّه أعلم.

﴿ ٣