٢أما قوله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} ففيه سؤالان: السؤال الأول: لفظ التنزيل يشعر بأنه تعالى أنزله عليه نجما على سبيل التدريج ولفظ الإنزال يشعر بأنه تعالى أنزله عليه دفعة واحدة فكيف الجمع بينهما والجواب: إن صح الفرق بين التنزيل وبين الإنزال من الوجه الذي ذكرتم فطريق الجمع أن يقال المعنى إنا حكمنا حكما كليا جزما بأن يوصل إليك هذا الكتاب، وهذا هو الإنزال، ثم أوصلناه نجما إليك على وفق المصالح وهذا هو التنزيل. السؤال الثاني: ما المراد من قوله: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق}؟ والجواب: فيه وجهان الأول: المراد أنزلنا الكتاب إليك ملتبسا بالحق والصدق والصواب على معنى كل ما أودعناه فيه من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد، وأنواع التكاليف فهو حق وصدق يجب العمل به والمصير إليه الثاني: أن يكون المراد إنا أنزلنا إليك الكتاب بناء على دليل حق دل على أن التاب نازل من عند اللّه، وذلك الدليل هو أن الفصحاء عجزوا عن معارضته، ولو لم يكن معجزا لما عجزوا عن معارضته. ثم قال: {فاعبد اللّه مخلصا له الدين} وفيه مسائل: المسألة الأولى: أنه تعالى لما بين في قوله: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} أن هذا الكتاب مشتمل على الحق والصدق والصواب أردف ها بعض ما فيه من الحق والصدق وهو أن يشتغل الإنسان بعبادة اللّه تعالى على سبيل الإخلاص ويتبرأ عن عبادة غير اللّه تعالى بالكلية، فأما اشتغاله بعبادة اللّه تعالى على سبيل الإخلاص فهو المراد من قوله تعالى: {فاعبد اللّه مخلصا}، |
﴿ ٢ ﴾