٢

{حم * تنزيل من الرحمان الرحيم}.

اعلم أن في أول هذه السورة احتمالات

أحدها: وهو الأقوى أن يقال حام اسم للسورة وهو في موضع المبتدأ وتنزيل خبره،

وثانيها: قال الأخفش: تنزيل رفع بالابتداء وكتاب خبره،

وثالثها: قال الزجاج: تنزيل رفع بالابتداء وخبره كتاب فصلت آياته ووجهه أن قوله {تنزيل} تخصص بالصفة وهو قوله {من الرحمان الرحيم} فجاز وقوعه مبتدأ.

واعلم أنه تعالى حكم على السورة المسماة بحام بأشياء

أولها: كونه تنزيلا والمراد المنزل والتعبير عن المفعول بالمصدر مجاز مشهور، يقال هذا بناء الأمير أي مبنيه، وهذا الدرهم ضرب السلطان أي مضروبه، والمراد من كونها منزلا أن اللّه تعالى كتبها في اللوم المحفوظ وأم جبريل عليه السلام بأن يحفظ تلك الكلمات ثم ينزل بها على محمد صلى اللّه عليه وسلم ويبلغها إليه، فلما حصل تفهيم هذه الكلمات بواسطة نزول جبريل عليه السلام سمي لذلك تنزيلا

وثانيها: كون التنزيل من الرحمان الرحيم، وذلك يدل على كون التنزيل نعمة عظيمة من اللّه تعالى لأن الفعل المقرون بالصفة لا بد وأن يكون مناسبا لتلك الصفة، فكونه تعالى رحمانا رحيما صفتان دالتان على كمال الرحمة، فالتنزيل المضاف إلى هاتين الصفتين لا بد وأن يكون دالا على أعظم وجوه النعمة، والأمر في نفسه كذلك، لأن الخلق في هذا العالم كالمرضى والزمنى والمحتاجين، والقرآن مشتمل على كل ما يحتاج إليه المرضى من الأدوية وعلى كل ما يحتاج إليه الأصحاء من الأغذية، فكان أعظم النعم عند اللّه تعالى على أهل هذا اللعالم إنزال القرآن عليهم

وثالثها: كونه كتابا وقد بينا أن هذا الاسم مشتق من الجمع وإنما سمي كتابا لأنه جمع فيه علوم الأولين والآخرين

﴿ ٢