٢٦

ثم إنه حكى عنهم شبهة أخرى فقال: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهاذا القرءان والغوا فيه لعلكم تغلبون}، قال صاحب "الكشاف" قرىء {والغوا فيه} بفتح الغين وضمها يقال لغى يلغي ويلغو واللغو الساقط من الكلام الذي لا طائل تحته.

واعلم أن القوم علموا أن القرآن كلام كالم في المعنى، وفي اللفظ وأن كل من سمعه وقف على جزالة ألفاظه، وأاط عقله بمعانيه، وقضى عقله بأنه كلام حق واجد القبول، فدبروا تدببيرا في منع الناس عن استماعه، فقال بعضهم لبعض {لا تسمعوا لهاذا القرءان} إذا قرىء وتشاغلوا عند قراءته برفع الأصوات بالخرافات والأشعار الفاسدة والكلمات الباطلة، حتى تخلطوا على القارىء وتشوشوا عليه وتغلبوا على قراءته، كاانت قريش يوصي بذلك بعضهم بعضا، والمراد افعلوا عند تلاوة القرآن ما يكون لغوا وباطلا، لتخرجوا قراءة القرآن عن أن تصير مفهومة للناس، فبهذا الطريق تغلبون محمدا صلى اللّه عليه وسلم ، وهذا جهل منهم لأنهم في الحال أقروا بأنهم مشتغلون بالغو والباطل من العمل واللّه تعالى ينصر محمدا بفضله،

﴿ ٢٦