٣٥

فقال: {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} قال الزجاج: أي وما يلقى هذه الفعلة إلا الذين صبروا على تحمل المكاره وتجرع الشدائد وكظم الغيظ وترك الانتقام.

ثم قال: {وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} من الفضائل النفسانية والدرجة العالية في القوة الروحانية، فإن الاشتغال بالانتقام والدفع

لا يحصل إلا بعد تأثر النفس، وتأثر النفس من الواردات الخارجية لا يحصل إلا عند ضعف النفس فأما إذا كانت النفس قوية الجوهر لم تتأثر من الواردات الخارجية

وإذا لم تتأثر منها لم تضعف ولم تتأذ ولم تشتغل بالانتقام، فثبت أن هذه السيرة التي شرحناها لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم من قوة النفس وصفاء الجوهر وطهارة الذات، ويحتمل أن يكون المراد: وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم من ثواب الآخرة، فعلى هذا الوجه قوله {وما يلقاها إلا الذين صبروا} مدح بفعل الصبر، وقوله {وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} وعد بأعظم الحظ من الثواب.

﴿ ٣٥