٥١

ولما حكى اللّه تعالى أقوال الذي أنعم عليه بعد ووقعه في الآفات حكى أفعاله أيضا فقال: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض} عن التعظيم لأمر اللّه والشفقة على خلق اللّه {ونأى بجانبه} أي ذهب بنفسه وتكبر وتعظم، ثم إن مسه الضر والفقر أقبل على دوام الدعاء وأخذ في الاتبهال والتضرع، وقد استعير العرض لكثرة الدماء ودوامه وهو من صفات الأجرام ويستعار به الطول أيضا كما استعير الغلظ لشدة العذاب.

واعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد العظيم على الشرك وبين أن المشركين يرجعون عن القول بالشرك في يوم القيامة، ويظهرون من أنفسهم الذلة والخضوع بسبب استيلاء الخوف عليهم، وبين أن الإنسان جبل على التبدل، فإن وجد لنفسه قوة بالغ في التكبر والتعظم، وإن أحس بالفتور والضعف بالغ في إظهار الذلة والمسكنة ذكر عقيبة كلاما آخر يوجب على هؤلاء الكفار أن لا يبالغوا في إظهار النفرة من قبول التوحيد،

﴿ ٥١